تكييف أسلوبك الخاص في القيادة لإدارة الفرق الكبيرة

6 دقائق
أسلوب القيادة للفرق الكبيرة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

كان انضمام مصمم جديد إلى فريق تصميم الفيسبوك المرح حدثاً بالغ الأهمية في الماضي بسبب أهمية أسلوب القيادة للفرق الكبيرة في الشركات، حين كانت طاولة المؤتمرات تتسع للفريق بأكمله. أحبّ الجميع الجلوس مع المصمم الجديد، وشرح آلية العمل له ومكان احتفاظنا بملفات التصميم والأدوات التي يجب تنزيلها والاجتماعات التي يجب حضورها. وكنا ممتنين لانضمام شخص آخر لمساعدتنا على إنجاز المزيد. وكانت لا تزال وجبتين اثنتين من البيتزا كافية لإطعام الجميع.

ثم انضم شخص آخر بعد بضعة أشهر، وآخر، وآخر، وفي كل مرة كانت تُقدم وجوه جديدة للفريق الحالي وعملياتنا القائمة.

بدا أن كل شيء يسير بسلاسة، إلى أن أدركت فجأة في أحد الأيام أن الطريقة القديمة للقيام بالأعمال لم تعد مناسبة. كانت نقطة التحول هي قيامي بنقد تصميم الشركة وإدراك أن غرفتنا العادية لا تحتوي على مقاعد كافية للجميع. لقد وجدنا ما يكفي من الكراسي، لكن لم يكن لدينا وقت سوى لخمسة أو ستة أشخاص عندما أراد 10 أشخاص مشاركة مشاريعهم.

اقرأ أيضاً: عناصر بناء الثقة بين أعضاء فريق العمل

كنت أتعرض في هذه الأثناء لضغوط. وكان هناك المزيد من المشكلات غير المتوقعة والمزيد من الإعلانات التي يجب مشاركتها والمزيد من القرارات التي يجب تتبعها. وظل هذا النمط يكرر نفسه. وحالما اكتشفت عملية أفضل، انضم عدد قليل من الأشخاص وتعذر عليّ سد الفجوات مرة أخرى. كانت الطريقة الوحيدة لكي أبقى فاعلة هي التغيير والتكيف باستمرار.

شعرت في كل نقطة من هذه النقاط أن لدي وظيفة مختلفة تماماً. وفي حين بقيت المبادئ الأساسية للإدارة على حالها، تغيّرت المهام اليومية بشكل كبير.

5 تناقضات حول أسلوب القيادة للفرق الكبيرة مقابل الفرق الصغيرة

وغالباً ما كان يسألني الأفراد عن الشيء الذي اختلف في وظيفتي الآن عما كانت عليه عندما بدأت العمل. وعند النظر إلى الوراء أجد أنّ هناك خمسة تناقضات بارزة بين إدارة الفرق الصغيرة والكبيرة.

من الإدارة المباشرة إلى الإدارة غير المباشرة

يمكنك تطوير علاقة شخصية مع كل فرد من أفراد فريقك إذا كان الفريق مكون من خمسة أشخاص، إذ أنه بإمكانك فهم تفاصيل عملهم، وما يجيدونه، وربما حتى الهوايات التي يستمتعون بها خارج المكتب.

لكنك لن تتمكن من إدارة فريق مكون من 30 شخصاً بشكل مباشر، أو على الأقل ليس بنفس الدرجة. فإذا كنت تجتمع أسبوعياً بشكل شخصي لمدة 30 دقيقة مع كل عضو، سيستغرق هذا لوحده 15 ساعة، أي ما يقرب من نصف أسبوع العمل. ولن تتمكّن من فعل أي شيء آخر إذا أُضيف لوقتك متابعة أي بنود عمل. وبدأت أشعر بعدم كفاية ساعات اليوم لدعم الجميع بشكل جيد عندما أصبحت أتلقى أكثر من ثمانية تقارير، أضف إلى ذلك التفكير في التوظيف، وضمان أعمال تصاميم عالية الجودة، والمساهمة في استراتيجية المنتج.

وهذا السبب الذي يجعل مدراء الفرق المتنامية في النهاية يقومون بتوظيف مدراء تحت إشرافهم المباشر أو تدريبهم من أجل اتقان أسلوب القيادة للفرق الكبيرة في الشركة. وهذا يعني بُعدك عن الأفراد وعن العمل على أرض الواقع. لا تزال مسؤولاً عن نتائج فريقك، لكن لا يمكنك أن تكون حاضراً في كل التفاصيل. ستُتّخذ القرارات دون إشراكك، وستنفّذ الأمور بطريقة مختلفة عن الطريقة التي تقوم أنت بها شخصياً.

اقرأ أيضاً: طريقة توفير الأمان النفسي الذي تحتاج إليه الفرق عالية الأداء

وقد يشعرك هذا بالارتباك في البداية، مثل فقدان السيطرة. إلا أنّ تمكين موظفيك ضرورة. وأحد أكبر التحديات التي تواجه إدارة الفرق الكبيرة هو إيجاد التوازن الصحيح بين التعمّق في موضوع ما والتراجع والثقة بالآخرين للتعامل معه. ويُعدّ تعلم منح هذه الثقة مع نمو الفريق أمراً ضرورياً.

يعاملك الموظفون بشكل مختلف

منذ بضع سنوات، عندما نما فريقي عن النقطة التي عرفت فيها جميع أعضاء الفريق شخصياً، حضرت عرضاً قدّم فيه ثلاثة مصممين أعمالهم الأخيرة. وأعطيتهم ملاحظاتي. ثم سألتهم قبل أن ننتهي عما إذا كانت هناك أي أفكار أو أسئلة حول ما قلته. هز الجميع رؤوسهم بالنفي. وغادرت ظاناً أنه كان اجتماعاً جيداً ومثمراً.

والتقيت في وقت لاحق من اليوم بأحد المرؤوسين المباشرين الذي بدا مستاء. قال لي: “لقد تقابلت مع الفريق وهم لا يشعرون بالرضا تجاه العرض هذا الصباح”. اعتقدت أنه كان يمزح. “ماذا؟ لماذا؟” فأجاب: “لم يتفقوا مع ملاحظاتك”. ثم سألت بينما تنتابني الشكوك: “لكن لماذا لم يخبروني بذلك؟”. توقّف مرؤوسي لبرهة ثم أضاف: “في الواقع يا جولي أنت شخصية مهمة بالنسبة لهم، لقد شعروا بالخوف”.

كانت هذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها أي شخص يشير إليّ بوصف “شخصية مهمة”. كان من الصعب استيعاب ذلك. متى أصبحت من النوع الذي يُرهب الآخرين؟ لطالما كنت أفتخر بنفسي على امتلاكي ميزة التقارب من الموظفين.

لذلك، ما تعلمته هو أنه لا يهم كيف أرى نفسي، إذ من غير المرجح أن يخبرك الأفراد بالحقيقة المرة وأن يتحدّونك إذا ما كنت مخطئاً عندما لا يعرفونك بشكل جيد ويرون أنك في منصب السلطة، حتى لو كنت تريد منهم فعل ذلك. قد يعتقدون أن من واجبك اتخاذ القرار. لذلك، قد لا يرغبون في إحباطك أو أن تظن سوءاً بهم. أو قد تكون نيّتهم جعل حياتك أسهل من خلال عدم إثقال كاهلك بمشكلات جديدة أو إضاعة وقتك.

كن مدركاً لهذه الديناميكية. هل تُتّخذ اقتراحاتك كأوامر؟ هل تنطلق أسئلتك كأحكام؟ هل تفترض أن الأمور أكثر تفاؤلاً مما هي عليه بالفعل لأنك لا تسمع القصة الكاملة؟

لحسن الحظ، هناك بعض التدابير المضادة التي يمكنك اتخاذها لتسهيل الأمر على الآخرين لإخبارك بالحقيقة. أكّد على ترحيبك بالآراء المعارضة وكافئ من يعبرون عنها. بيّن أخطائك وذكر فريقك أنك إنسان تماماً مثل أي شخص آخر. واستخدم لغة تدعو إلى المناقشة: “قد أكون مخطئاً تماماً هنا، لذا أخبرني إذا كنت لا توافق. رأيي هو…”. يمكنك أيضاً طلب المشورة مباشرة: كيف تتصرف في هذا الموقف لو كنت مكاني؟”

تبديل السياق طوال اليوم وكل يوم عند اتباع أسلوب القيادة للفرق الكبيرة

عندما أدرت الفريق الصغير، قضيت العديد من فترات بعد الظهر مع حفنة من المصممين على السبورة نستكشف أفكاراً جديدة. كنا نغوص في عمق أعمالنا بحيث تمر ساعات دون أن نشعر بها.

لكن قدرتي على قضاء ساعات طويلة ومركزة على موضوع واحد بدأت في التقلص مع نمو فريقي، إذ إنّ المزيد من الأفراد يعني التعامل مع المزيد من المشاريع، ما يعني أن وقتي كان مجزأً. كنت أتلقى 10 رسائل بريد إلكتروني حول 10 مواضيع مختلفة تماماً. وتطلبت مني الاجتماعات المتتالية أن أغلق على المناقشة السابقة على الفور وأن أستعد عقلياً للمناقشة التالية.

وعندما لا أفعل هذا جيداً، سأكون مشتتة ومجهدة لأن ذهني ينتقل باستمرار من موضوع إلى آخر. كنت أفقد التركيز أثناء العروض التقديمية. وكنت أتذمر لأنني أشعر أن كل يوم يمضي وكأنه أسبوع.

وأدركت مع مرور الوقت أن هذا هو الحل الأنسب. كما احتاجت قدرتي على تبديل السياق أيضاً إلى مواكبة تضاعف عدد المشاريع التي كنت مسؤولة عنها إلى ضعفين و ثلاثة أضعاف وأربعة أضعاف. واكتشفت بعض التقنيات لتسهيل ذلك: التحقق من برنامجي اليومي كل صباح والتحضير لكل اجتماع، ووضع نظام فعّال لتدوين الملاحظات وإدارة المهام، وتخصيص وقت للتفكير في نهاية كل أسبوع. ولا زلت أشعر في بعض الأيام بأن ذهني مشتت. لكني توصلت إلى قناعة أنه سيكون هناك دائماً عشرات المشكلات المختلفة التي يجب حلها في أي وقت، كبيرة كانت أم صغيرة، متوقعة أم غير متوقعة، وتستطيع كمدير لفريق كبير أن تتعلم كيفية التعامل معها.

انتقاء واختيار معاركك

 عندما قمت بإدارة الفريق الصغير، كانت تمرّ أيام أسير فيها خارج المكتب دون أي مهام معلقة أو رسائل إلكترونية غير مقروءة، كنت أشطب كل المهام من قائمة مهامي، ولم يكن هناك أي شيء آخر يتطلب اهتمامي به. لكن هذه الأيام أصبحت أندر وأندر حتى نسيتها تماماً عندما نما فريقي.

كلما زادت مهامك، زاد احتمال أن يكون شيء ما تحت إشرافك لا يسير كما ينبغي. قد تكون مشروعات متأخرة عن الموعد المحدد، أو سوء الفهم الذي يجب توضيحه، أو الأشخاص الذين لا يحصلون على ما يحتاجون إليه. ويمكنني في أي لحظة سرد عشرات المجالات التي يمكن أن أعمل على تحسينها.

اقرأ أيضاً: سر الفريق المثالي في شخصيات أفراده وليس في مهاراتهم

ولكن في نهاية اليوم، أنت شخص واحد فقط مع فترة زمنية محدودة. لا يمكنك القيام بكل شيء، لذا يجب عليك تحديد الأولويات. ما هي أهم الموضوعات التي يجب الانتباه إليها، وأين ستقوم بوضع الحدود؟ الكمال ليس خياراً. استغرق الأمر وقتاً طويلاً لأنعم بالراحة في العمل في عالم ألزمني أن أنتقي فيه وأختار ما هو مهم، وألا أدع الكم الهائل من الاحتمالات تطغى علي.

المهارات التي تركز على الأفراد هي الأكثر أهمية

 أتذكر أنني سمعت عن الرئيس التنفيذي الذي جعل المسؤولين التنفيذيين في فريقه يقومون بتغيير الأدوار كل بضعة سنوات، مثل لعبة الكراسي الموسيقية. كنت مشككة في هذه الاستراتيجية. كيف يمكن أن يتوقع من مسؤول تنفيذي في المبيعات أن يعرف كيفية إدارة مؤسسة هندسية، أو أن يصبح الرئيس المالي رئيس قسم التسويق؟
لكن لا أظن أن التبادل التنفيذي في أيامنا هذه بعيد المنال كما اعتقدت من قبل. إذ يقضي المدراء اليوم وقتاً أقل في إنجاز مهمة معينة من تخصصهم مع نمو الفرق. لكن ما يهم أكثر هو إمكانية حصولهم على أفضل النتائج من مجموعة من الأشخاص. على سبيل المثال، لا يوجد رئيس تنفيذي خبير في المبيعات والتصميم والهندسة والاتصالات والتمويل والموارد البشرية. ومع ذلك، فهو مكلف ببناء وقيادة مؤسسة تقوم بكل هذه الأشياء.

تتقارب المهام في المستويات العليا للإدارة بغض النظر عن الخلفية. ويصبح النجاح مركزاً أكثر حول إتقان بعض المهارات الأساسية: توظيف قادة استثنائيين، وبناء فرق تعتمد على الذات، وإنشاء رؤية واضحة، والتواصل الجيد.

وسيكون الأشخاص الذين يتقنون هذه المهارات المتعلقة بموضوع أسلوب القيادة للفرق الكبيرة مجهزين تجهيزاً جيداً لقيادة الفرق من أي حجم.

اقرأ أيضاً: حل المشكلات المستعصية: دروس من الفرق العابرة للصناعة

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .