التعامل مع مديرك حين يكون عديم الكفاءة

7 دقائق
التعامل مع المدير الضعيف

في بعض الأوقات يشتكي الموظفون من مدرائهم، إذ يعتبر البعض هذا الأمر التسلية المتعارف عليها في أماكن العمل. ولكن هناك فرقاً بين الشكوى اليومية والسّخط المرهق، تماماً كالفرق الواضح بين مدير لديه بعض الهفوات وآخر عديم الكفاءة، فالتعامل مع الأخير يمكن أن يسبب المعاناة والإرهاق. إلا أنه باستخدام العقلية المناسبة وبعض الأدوات العملية ستتمكن من تجاوز عدم كفاءة مديرك، وستتمكن من الازدهار أيضاً، وستعلم كيفية التعامل مع المدير الضعيف.

ما يقوله الخبراء عن كيفية التعامل مع المدير الضعيف

تقول آني ماكي، مؤسسة معهد تيليوس للقيادة (Teleos Leadership Institute) ومؤلفة مساعدة لكتاب “كيف تصبح قائداً مؤثراً: طور ذكاءك العاطفي وجدد علاقاتك وعزز كفاءتك” (Becoming a Resonant Leader: Develop Your Emotional Intelligence, Renew Your Relationships, Sustain Your Effectiveness): “لقد مرّ معظم الناس بتجارب مع أشخاص عديمي الكفاءة أو على الأقل مع من هم بلا فائدة”.

اقرأ أيضاً: احترس من المدير المنهمك (بحاجة لاشتراك)

للأسف، تعتبر عدم كفاءة المدراء أمراً شائعاً. تقول ماكي: “ذلك يعود إلى أنّ الكثير من الشركات تقوم بترقية الموظفين للأسباب غير المناسبة”. فهناك أشخاص يحصلون على ترقية بسبب ما يحرزونه من نتائج أو لامتلاكهم التقنيات والإمكانات المناسبة، ولكنهم غالباً ما يفتقرون إلى المهارات اللازمة للتعامل مع أعضاء فريقهم. يقول مايكل أوسيم أستاذ الإدارة في قسم وليام وجاكلين إيغان ضمن كلية وارتون، ومؤلف كتاب “القيادة إلى النجاح: كيف تقود مديرك لينجح كلاكما” (Leading Up: How to Lead Your Boss So You Both Win): “إنّ افتقار مديرك للإمكانات التقنية أو الإدارية يؤدي إلى نتيجة واحدة. فالمدير الرديء يجعل الحماسة تفتر، ويقتل الإنتاجية ويجعلك تشعر بغضب شديد حدّ الجنون”.

صحيح أنّ الرحيل عن الشركة يمكن اعتباره أحد الخيارات المتاحة، ولكنه ليس الخيار الوحيد للتغلب على المدير السيئ. إليك هذه الخطط لتأخذها بعين الاعتبار قبل التفكير بترك وظيفتك.

تفهم قلة كفاءته

قبل القول صراحة أنّ مديرك عديم الفائدة، لاحظ مدى انحيازك، وحاول تفهم ما تراه بصورة أفضل. تقول ماكي: “عندما تنظر إلى مديرك، حاول النظر إلى نفسك قبل أن تحكم عليه”. هناك الكثير من النقاط التي يعجز الناس عن رؤيتها في مدرائهم. اسأل نفسك، هل تشعر بالغيرة من منصب مديرك في المؤسسة؟ أو هل تميل بطبيعتك إلى مقاومة السلطة؟ ربما كانت هذه الأمور سبباً لتقييم واهم له بعدم الكفاءة.

كما يجب عليك أيضاً التفكير فيما إذا كانت لديك جميع المعلومات اللازمة لهذا التقييم. يقول أوسيم: “عليك أن تكون حذراً وتتأنّى في تقييمك إلى أن تجمع كافة الأدلة”. تذكر: يمكن أن يكون لدى مديرك ضغوطاً لا تراها أنت أو لا تتفهمها بصورة جيدة. تقول ماكي: “من الشائع ألّا ينتبه الناس نهائياً إلى الضغوط التي يتعرض لها مدرائهم. ويعود ذلك بصورة جزئية إلى أنّ المدير الجيد يحرص على إخفاء الضغوط التي يعيشها عن موظفيه”. ربما يدفعك معرفة المزيد عن مديرك وتعاطفك معه من أجل إعادة تقييم كفاءته. وتذكر أنه إنسان وعليك ألّا تُسيء إليه حتى في حال استنتاجك أنه فعلاً عديم الكفاءة.

اطلب المساعدة من الآخرين

ابحث عن زملاء لك أو أشخاص من خارج المؤسسة تطلب منهم النصح، وجد مكاناً تروّح فيه عن نفسك وتنفّس فيه عن غضبك. بالطبع هذا لا يعني أن تشتكي من مديرك بصورة عشوائية. تقول ماكّي: “لن تساعد أحداً بالمشاركة في الشكوى من المدير”. عوضاً عن ذلك، عليك إيجاد مستشارين لمساعدتك، كزميل موثوق أو زوجة (زوج) أو معلّم أو مشرف. اشرح له ما تراه وكيف يؤثر عليك وعلى عملك، واطلب النصح منهم. يقول أوسيم: “لن تقوم بطلب النصح من أجل التآمر على مديرك بل لتتأكد من وجهة نظرك”. فمن يكون خارج المسألة يستطيع إعطاءك وجهة نظر جديدة أو تقديم اقتراح مفيد عن كيفية التعاطي مع الأمر.

اجعل الأمر متعلق بك، لا بمديرك

بغضّ النظر عن مستوى كفاءة مديرك، يجب عليك التعامل معه لإنجاز عملك والتقدّم من الناحية المهنية كما هو مفترض. فالتعامل مع مديرك يكون أفضل إذا قمت بوضع طلباتك وتعاملك معه ضمن إطار حاجاتك. تقول ماكي: “إذا كنت تتعامل مع شخص غير قادر علي تقييم ما يريده أو ما تريده منه، فقل له بالتحديد ماذا تريد”. مثل: “أودّ القيام بعمل جيد وتحقيق أهدافي، وأنا أحتاج لمساعدتك في ذلك”. إضافة إلى ذلك، كن محدداً بشأن ما تريده، أتريد رأيه في عملك؟ أم أن يعرّفك على أحد زملائك؟ أم يسمح لك بالتواصل مع أحد الزبائن؟ أم غيرها من الأمور. إذا كان لا يستطيع مساعدتك اقترح له بديلاً، ربما يمكنك الطلب من أحد نظرائه أو مدرائه تقديم رأيه أو يعرفك على أحد زملائك للمساعدة في إيجاد حل للمشكلة.

قم بالقيادة بنفسك

بدل التخلي عن مدير ضعيف، ركّز على ما تستطيع فعله لسدّ الثغرات. يقول أوسيم: “من واجبات القيادة أن تتفهم احتياجات المكتب أو المؤسسة، وما يستحقه الزبون، ثم مساعدتهم في الحصول عليه. وإذا أدركت أنّ مديرك لا يؤدي رسالة المؤسسة بصورة جيدة، سيمنحك ذلك قوة أكثر عندما تبذل مجهوداً أكبر لتجاوزه”. ليس عليك أن تتستر على أخطاء مديرك بل فعل ما هو أفضل للمؤسسة. يقول أوسيم: “مستوى القيادة يتقلّب دائماً، فينخفض بقدر ما يرتفع. لذلك عليك فعل ذلك دون ضغينة، ولأنك تعلم أنه ضروري لصالح الفريق”.

فكّر ملياً قبل أن تتحدث عن مديرك بسوء

عندما تعمل لدى شخص لا يجيد عمله، تشعر برغبة في اللجوء لرئيسه أو لقائد آخر ضمن المؤسسة. ولكن فكر بالعواقب أولاً. تقول ماكّي محذرة: “إن التسلسل الوظيفي موجود وله قيمة، وهذا الشخص لديه سلطة أكثر منك. فإن كنت تريد كشف عيوبه عليك تفهم التيار السياسي في مؤسستك”.

ربما يشعر الأشخاص في المناصب العليا ضمن المؤسسة بالتهديد إذا وجدوا أنّ أحداً ما يحاول إسقاط نظير لهم ولا ينوي المساعدة. يوافق أوسيم على ذلك ويقول: “التحدث عن مديرك بصراحة في العلن، هو أمر محفوف المخاطر ويجب التعامل معه بحذر، فإن عُرف أنك أنت من تحدث بسوء عن المدير تخيل من الذي سيرحل أولاً؟”، لذلك، ينصحك أوسيم بالحذر إذا اتخذت قراراً بتقديم شكوى رسمية. اختبر الأجواء أولاً مع شخص تثق به قبل التوجه إلى الموارد البشرية أو إلى أحد الرؤساء.

يؤكد كلّ من ماكّي وأوسيم على أنّ هناك أوقات تكون مجبراً فيها على التكلم. يقول أوسيم: “في الحالات القصوى، إن كان المدير متورطاً في عمل مناف للقانون فمن واجبك التصرف حيال ذلك”. في هذه الحالات عليك التوجه إلى قسم الموارد البشرية وتقديم تقرير بما لاحظته. وكن مستعداً لتقديم أدلة على ذلك.

اقرأ أيضاً: أفضل طريقة لطلب ما تريده من مديرك (مفتوح للجميع)

اعتن بنفسك

يمكن أن يسبب العمل لدى مدير عديم الكفاءة ضرراً لصحتك. تقول ماكّي: “هناك الكثير من البحوث التي أقيمت على الآثار النفسية السلبية المتعلقة بالتعامل مع مدير عديم الكفاءة”. وتقترح أن تُنشئ حدوداً نفسية تحميك من الأذى العاطفي، حيث يميل الإنسان إلى توجيه الاتهام للمدير السيء وقول: “إنه يدمر حياتي”. ولكن هذا الأمر يتجاهل حقيقة امتلاكك صلاحية في هذا الموقف، فأنت من يقرر البقاء أو الرحيل.

تقول ماكّي: “بمجرد أن تُصبح ضحيّة لن تستطيع أن تُصبح قائداً. ركز على ما يجعلك سعيداً في وظيفتك، لا على ما يجعلك تعيساً. يمكننا الذهاب كل يوم إلى العمل والانتباه إلى هذا المدير السيء جداً أو يمكننا أن نختار الانتباه إلى الأشخاص الذين تسعدنا رؤيتهم كل يوم أو إلى العمل الذي نستمتع به. فنحن من يقرر المشاعر التي نستسلم لها”. بالطبع، ليس عليك أن تستمر في معاناتك إذا لم تكن قادراً على فعل ذلك. إذ يمكنك التفكير بالانتقال إلى مدير جديد أو عمل جديد.

مبادئ عليك تذكرها:

ما يجب عليك فعله:

  • تعاطف مع مديرك ومع الضغوط التي قد يعاني منها.
  • أقم حدوداً نفسية في العمل بحيث لا تؤثر قلة كفاءة مديرك سلباً على صحتك أو راحتك.
  • ركز على الصالح العام للمؤسسة وما يمكنك فعله للمساهمة فيه.

ما يجب عليك عدم فعله:

  • محاولة اتهام مديرك بعدم الكفاءة دائماً.
  • التوجه إلى رئيس مديرك دون إدراك العواقب المحتملة.
  • البقاء في العمل برغم عدم نجاح أي من خطط التأقلم. بل عليك معرفة متى تجب عليك المغادرة.

دراسة حالة رقم 1: ركز على ما تحتاج إليه

انتقلت هيلاري باركر مؤخراً إلى مدينة بالتيمور، وكانت تشعر بالحماسة لتسلّمها وظيفة جديدة في هيئة حكومية. وكان مديرها الجديد جيريمي هو من قام بتعيينها من أجل إنشاء اتفاق جديد على نطاق الولاية بشأن القضايا البيئية. عمل جيريمي مع الهيئة لعدة أعوام وكان محبوباً في جميع أرجاء المؤسسة. بعد ثلاثة أشهر من بدء هيلاري عملها بدأت تلاحظ أنّ جيريمي لم يقم بتعريفها على الموظفين ولم يقم بالاجتماعات التي وعد إقامتها، حيث أنّ هذه العلاقات كانت أساسية لأن مشروع هيلاري يعتمد على بناء العلاقات. تقول: “شعرت أنه كان يُعيقني قليلاً”.

اقرأ أيضاً: أسئلة القراء: كيف أتصرف مع مديري الذي يمارس التمييز ضدي؟ (بحاجة لاشتراك)

وعلى مدى الأشهر القليلة التالية، بدأت الأمور تسوء أكثر. فلم يقم بتعريفها على أحد وكان يتأخر كثيراً في إجابتها بشأن الأمور المستعجلة، كما أنه كان يلغي بعض أعمالها دون شرح للأسباب. تقول: “لقد لاحظت أنه كان ممتازاً في أداء بعض جوانب عمله ولكنه كان سيئاً جداً في دعم البرنامج الجديد الذي كنت مسؤولة عن تطويره”.

شعرت هيلاري بالاستياء الشديد ولكنها كانت مصرّة على إنجاز عملها. لذلك قامت بإنشاء جدول تفصيلي للمشاريع التي كانت تعمل عليها، إذ تضمّن هذا الجدول معلومات عن وضع المشاريع وجهات الاتصال والدعم التي كانت تحتاج إليهم. ثمّ قدّمت الجدول لجيريمي.

لقد ساعدها ما قامت به على تنظيم أفكارها وضمان أن تكون عند حسن ظنّ مديرها. بالإضافة إلى أنه كان أيضاً وسيلة للحصول على إذنه بطلب المساعدة من أماكن أُخرى. وطلبت بالتحديد أن تتصل برئيس جيريمي، مايكل، الذي يُعتبر رئيس الهيئة والذي قام بمساعدتها في نهاية الأمر على التقدم ببعض المشاريع. شعر مايكل أيضاً باستياء هيلاري وشجعها على التكلم بصراحة بشأنه. تقول هيلاري: “لقد دعمني بقوة وقدم لي تقييمات كنت أرجو الحصول عليها من جيريمي”. وفي نهاية الأمر وبدعم من مايكل، قررت هيلاري مغادرة وظيفتها. وبعد عدة أشهر قام بتعيينها للعمل على مشروع استشاري في هيئة أُخرى.

دراسة حالة رقم 2: احم نفسك

عملت ستيفاني فادن في قسم التسويق وصناعة الاتصالات لما يزيد عن 16 عاماً. ومنذ عام مضى استلمت وظيفة في واحدة من أفضل 100 شركة بحسب تصنيف مجلة فورتشن (Fortune 100). كان لدى مديرتها الجديدة ميشيل خلفية مماثلة، ولكن لم يسبق لها إدارة موظفين من قبل.

في بداية علاقتهما الوظيفية، بدأت ستيفاني بملاحظة أنّ ميشيل لم تكن واضحة في تواصلها مع الآخرين، ولم يكن باستطاعتها تحديد الأولويات وكان يصعب عليها اتخاذ القرارات. كانت ستيفاني مستاءة تحديداً عندما أعادت ميشيل تكليفها بالعمل على تعديلات خط الإنتاج وهو عمل لا علاقة له بالمحتوى، بل كان يتعلق أكثر باختلافات الأساليب. فشعرت أنه لم يكن لدى مديرتها الكثير لتعلمها إياه.

اقرأ أيضاً: كيف تلفت انتباه مدير مديرك؟ (بحاجة لاشتراك)

لحسن حظ ستيفاني، كان لديها تواصل مباشر مع مدير ميشيل لأنه هو من قام بتعيينها في المؤسسة. فشرحت لكل من المدير وميشيل أنها ترى هذا العمل غير مناسب لها، واقترحت الانتقال إلى وظيفة جديدة مع مدير آخر. ووضعت هذا الاقتراح ضمن إطار احتياجاتها وأحجمت عن الشكوى من سوء إدارة ميشيل. لم تتمكن ستيفاني من الانتقال إلى وظيفة أُخرى ولكنها استطاعت منع ميشيل عن إحباطها. واتبعت أساليب للتأقلم. تقول: “أطلب منها ما أحتاجه بالتحديد. وإن لم تكن قادرة على تقديمه أقترح عليها الحلول لذلك”. كما قامت ستيفاني بتغيير طريقة تفكيرها. تقول: “توقفت عن محاولة تغييرها، وأحاول النظر إليها بتعاطف. كان واضحاً جداً بالنسبة لي أنها لا تشعر بالراحة في منصبها. وربما لا تكون مدركة لنقص كفاءتها، ولكن لا بدّ أنها تدرك أداءها الضعيف. وتحاول القيام بما يفترض بالمدير الجيد فعله”.

وتصالحت ستيفان مع وضعها. إذ تقول: “لقد تقبلت خياري بالبقاء هنا، حيث ساعدني على ذلك بصورة كبيرة إدراك أنّ هذا الأمر يعود لي وأنني لست ضحية”. تمرّ على ستيفاني أيام تتمنى فيها أن تتمكن من المغادرة ولكنها تذكّر نفسها دوماً أنها هي من اختارت البقاء. تقول: “إذا ركزت على الأشياء التي أستطيع التحكم بها أتمكن من قضاء يوم منتج أكثر بسبب معرفة كيفية التعامل مع المدير الضعيف”.

اقرأ أيضاً: كيف تكسب مديرك الذي لا يحبك؟ (بحاجة لاشتراك)

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .