الخوارزميات تجانب الحياد عند التوظيف

3 دقائق
الخوارزميات والحياد

ما العلاقة بين الخوارزميات والحياد تحديداً؟ يزداد اعتماد مدراء الموارد البشرية على الخوارزميات المعالجة للبيانات للمساعدة في اتخاذ قرارات التوظيف، وتصفّح مجموعة واسعة من بيانات المرشحين المحتملين للوظائف. يمكن أن تكون أنظمة البرمجيات هذه فعالة في بعض الأحيان في فحص السير الذاتية وتقييم اختبارات الشخصية بحيث يتم استبعاد 72% من السير الذاتية قبل أن يراها إنسان. ولكن هذا المستوى من الكفاءة لا يخلو من عيوب. الخوارزميات التي يطورها الإنسان غير معصومة عن الخطأ ويمكن أن تعزز التمييز عن غير قصد في ممارسات التوظيف. وعلى مدير الموارد البشرية الذي يستعين بمثل هذا النظام أن يدرك حدوده وأن تكون لديه خطة للتعامل معها.

تبنى الخوارزميات جزئياً على أساس آرائنا التي تتضمنها على شكل شيفرة. إنها تعكس التحيزات البشرية والأفكار المسبقة التي تؤدي إلى أخطاء في التعلم الآلي وسوء التفسير. يظهر هذا التحيز في العديد من جوانب حياتنا، بما في ذلك الخوارزميات المستخدمة في الاكتشافات الإلكترونية وتقييمات المعلمين وتأمين السيارات وتصنيف درجات الائتمان والقبول بالجامعات.

قد تعمل الخوارزميات التي يُستعان بها في الخط الأمامي لاتخاذ قرارات متعلقة بالموارد البشرية على خفض التكاليف وتبسيط عملية التدقيق في الأقسام المزدحمة أو الشركات التي لديها احتياجات توظيف كبيرة، إلا أنّ المخاطرة تكمن في أن ينتهي بها الأمر إلى استثناء مقدمي الطلبات على أساس الجنس أو العمر أو الإعاقة أو الخدمة العسكرية، وهي كلها فئات يحميها قانون العمل.

في جوهرها، تحاكي الخوارزميات عملية صنع القرار لدى البشر. وتُدرب عادة على التعلم من النجاحات السابقة التي قد تتضمن تحيزاً في الأصل. على سبيل المثال، في تجربة شهيرة، استعرض القائمون على التوظيف السير الذاتية المتماثلة واختاروا عدداً أكبر من المتقدمين الذين يحملون أسماء هي أقرب أن تكون لمتقدمين بيض البشرة أكثر من أسماء أقرب لأن يكون أصحابها من أصحاب البشرة السمراء. إذا تعلمت الخوارزمية كيف يبدو التوظيف “الجيد” استناداً إلى هذا النوع من البيانات المتحيزة، فستتخذ قرارات توظيف متحيزة. والنتيجة هي أن برمجية فحص السيرة الذاتية التلقائي غالباً ما تقيّم المتقدمين للوظيفة بناء على معايير ذاتية، مثل اسم الشخص. من خلال التمسك بالميزات الخاطئة، يغفل هذا النهج الإمكانيات الحقيقية للمرشح.

بمعنى آخر، الخوارزميات ليست محايدة. عندما يطور البشر برنامجاً خوارزمياً مهمته فحص الطلبات، فقد يحددون عن غير قصد مَن من المتقدمين سيتم اختيارهم أو رفضهم استناداً إلى معلومات قديمة، تعود على سبيل المثال، إلى وقت كانت فيه نسبة النساء العاملات أقل مما هي عليه الآن، ما يؤدي إلى نتيجة غير مقبولة من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

تتمثل إحدى طرق تجنب تحيز الخوارزميات في التوقف عن الاعتماد على الخوارزمية لوحدها في اتخاذ قرارات صعبة تتعلق بفحص السير الذاتية للمتقدمين. بدلاً من ذلك، من المستحسن تشجيع المراجعة الإنسانية التي ستطلب من ذوي الخبرة الذين تدربوا على تجنب التحيز الإشراف على الاختيار والتقييم. من الأفضل أن تسترشد القرارات بفرد مطلع على الخوارزمية، بدلاً من الخوارزمية بمفردها.

إذا كان من غير الممكن أن يتولى البشر مراجعة كل قرار يتعلق بالموارد البشرية، ينبغي أن تكون خطوتكم الأولى هي القبول أن الخوارزميات غير كاملة. فعلى الرغم من وجود خوارزميات جيدة تمت معايرتها بشكل صحيح لقياس النتائج بدقة وكفاءة، لا يتحقق هذا النجاح عن طريق الصدفة. نحتاج إلى مراجعة الخوارزميات وتعديلها حتى لا تتسبب بإدامة عدم المساواة في الشركات والمجتمع. فكروا في تعيين فريق أو الاستعانة بخبراء خارجيين لمراجعة الخوارزميات الرئيسة. استخدام خوارزميات متعددة قد يساعد أيضاً في الحد من النقاط التي تصعب رؤيتها في هذه البرمجيات. وبهذه الطريقة، لن يُؤدي أي مقياس بمفرده، مثل درجة اختبار الالتحاق بالجامعة “سات” (SAT)، إلى استبعاد مرشح مؤهل.

علاوة على ذلك، يمكنكم التوجيه لاعتماد نظام مراقبة وتحكم أكثر صرامة. بشكل دوري، دققوا بصورة مفاجئة وعشوائية قرارات الآلة بشأن السير الذاتية وأخضعوها لمراجعة إنسانية واسعة لمعرفة من هم المرشحون الذين دأبت الخوارزمية على اختيارهم ولماذا، مع التركيز بشدة على الكشف عن حالات التحيز المحتملة.

أخيراً، قوموا بمراجعات يدوية للعلاقات المتبادلة التي تتعلمها الآلة وأزيلوا بشكل انتقائي ما قد يبدو منحازاً. يجب ألا تبنوا قرارات التوظيف على أساس الارتباطات المتصلة باسم الشخص أو الأنشطة اللامنهجية التي يقوم بها على سبيل المثال، لأن ذلك قد يكون مؤشراً على عمر المرشح أو صفّه وليس مؤهلاته.

يجب على مدراء الموارد البشرية أيضاً أن يطلعوا على الخوارزميات التي يمكن أن تساعد في تخفيف تحيزاتهم البشرية. على سبيل المثال، يبدأ التحيز أحياناً بقائمة الوظائف. دون أن يعوا الأمر، يضيف الكتاب كلمات رئيسة أو عبارات تبدو طنانة، لكن تحتوي على إشارات تثني بعض المرشحين عن التقدم للوظيفة. لدى التوظيف في شركات التكنولوجيا، قد تثني عبارات مثل “مطلوب مشفرين نينجا” بمعنى أنهم بارعون في عدة لغات برمجة، المرشحين الأكبر سناً والنساء. تشعر الكثير من الشركات بقلق شديد إزاء الإعلانات ذات الدلائل الخفية إلى حد أنها تستخدم منصات التعلم الآلي مثل تكستيو (Textio) (إحدى شركات محفظة بلومبرغ بيتا Bloomberg Beta) لتمييز الكلمات التي يحتمل أن تطرح إشكالية واقتراح بدائل ستفي بالغرض على نحو أفضل. توفر برامج مثل يونيتيف (Unitive) برمجيات تساعد أصحاب العمل على كتابة وصف وظيفي شامل وتحمل مدراء التوظيف المسؤولية خلال عملية المقابلة إذا تجاهلوا معايير قالوا إنها مهمة.

هل يمكن القضاء على التحيز والتحامل تماماً في عملية التوظيف؟ قد تكون الإجابة “على الأرجح لا” بالنسبة لكل من الطرق الخوارزمية والبشرية. ولكن مع إيكال دور أكبر للبيانات الضخمة وخوارزميات التعلم الآلي وتحليلات الأفراد وتنامي نفوذها في التوظيف، يجب على مسؤولي الموارد البشرية النظر في عواقب هذه الأنظمة وضمان أنها تعبر على الدوام عن خير النوايا لدى البشر.

اقرأ أيضاً:

 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .