الرئيسة التنفيذية لشركة ماتش غروب تكتب عن الابتكار في قطاع يتّسم بسرعة التغيّر

11 دقيقة
الرئيسة التنفيذية لشركة ماتش غروب
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إليك هذه القصة من الرئيسة التنفيذية لشركة ماتش غروب تحديداً. من المذهل التفكير في التحول الذي طرأ على شركة ماتش غروب (Match Group) منذ أن بدأتُ العمل فيها أول مرة قبل 12 عاماً. إذ كان استخدام مواقع التعارف آنذاك متاحاً فحسب على أجهزة الكمبيوتر المكتبية والمحمولة. وغالباً ما كان الاشتراك في هذه المواقع يتطلب دفع رسوم شهرية عالية والتحلي بقدر كبير من الصبر من جانب المستخدمين الذين كانوا يتصفحون الملفات الشخصية للمشتركين وينتظرون الردود على طلبات التواصل التي يرسلونها. ومن المؤكد أن التعارف عبر الإنترنت كان ينطوي على وصمة. لذا، في حال تقابل زوجان على موقع ماتش، فإنهما غالباً ما يكذبان ويقولان إنهما تقابلا من خلال أصدقاء مشتركين. وعلى الرغم من أن مواقع التعارف كانت تحتوي على خوارزميات مطابَقة بسيطة في أيامها الأولى، إلا أن معظم المستخدمين كانوا يعتمدون على “البحث المفتوح”، وذلك بالاطلاع على العديد من الملفات الشخصية التي يمكن ألا تكون متوافقة معهم إلا بنحو ضئيل على أمل العثور على شخص يودون مقابلته بالفعل.

وإذا شرحت هذه العملية اليوم لشخص يبلغ من العمر 25 عاماً ويستخدم تطبيق تيندر (Tinder) أو تطبيق هينج (Hinge)، فستبدو شيئاً عفا عليه الزمن مثل أجهزة الفاكس. إذ حدثت، على مدى العقد الماضي، تحولات كبيرة على مستوى كافة القطاعات في التقنية ونماذج الأعمال، وكان أكبر هذه التحولات هو ظهور الهاتف المحمول. وقد غيّرت هذه التحولات تماماً الطريقة التي يستخدم بها الأشخاص خدماتنا، التي أصبحت تعمل بالكامل تقريباً عبر التطبيقات والهواتف الذكية.

وقد صاحب هذه التغييرات في تطبيقات التعارف تحولاً في الموقف إزاءها؛ ففي الصفحة الخاصة بالأعراس (حفلات الزفاف) في صحيفة نيويورك تايمز، التي تُنشر يوم الأحد من كل أسبوع، يذكر الأشخاص الآن، بصورة اعتيادية، تطبيق التعارف الذي تقابلوا عبره. وتظهر الأبحاث أن 35% من الزيجات في الوقت الحالي تبدأ عبر الإنترنت مقارنة بحوالي 3% عندما بدأت العمل في شركة ماتش غروب.

وأحد الأشياء التي أحبها في هذا القطاع هو سرعة وتيرة التغيّر. إذ من شأن كل تحول يطرأ أن يجعلنا نعيد التفكير في نهجنا الذي نتبعه، حيث صنعت مسيرتي المهنية وأنا أحاول تطوير أفكار المستهلكين واستخدامها لاستحداث منتجات جديدة جذابة. وتعد شركة ماتش غروب مكاناً رائعاً للقيام بذلك. وربما يكون الدرس الأكبر الذي استخلصته من هذه التجربة هو أن الشركات يلزمها الابتكار باستمرار – من خلال التقنية والتسعير ومزايا المنتجات ونماذج الأعمال – للتفوق على المنافسين والاستمرار في النمو.

ثلاثة عوامل كبرى مؤثرة

لا يوجد عدد كبير من الشركات الكبرى التي تتولى فيها منصب الرئيس التنفيذي سيدة، وهو ما جعلني أفكر ملياً في الأسباب التي جعلتْ تنشئتي تجبرني على انتهاج مسار مهني من هذا النوع. وأجد أن ثلاثة عوامل كبرى مؤثرة قد دفعتني إلى الاضطلاع بدوري الحالي.

العامل الأول هو أنني ترعرعت في بيئة أمومية. إذ إنني ثمرة لأم قوية للغاية، وأنا واحدة من ثلاثة بنات، وقد التحقت بمدرسة للفتيات أثناء نشأتي في مدينة دالاس. وكانت كل قدواتي في وقت مبكر من النساء، وكانت التوقعات كبيرة بالنسبة إلىّ وإلى أخواتي بشأن خوض مسارات مهنية.

والعامل الثاني هو أنني لعبت كرة قدم في بيئة تنافسية وأختِرتُ للّعب مع جامعة بيركلي، التي كان لديها أحد أقوى الفِرق في البلاد. ورغم أنني لم أكن اللاعبة الأفضل أو الأسرع، بيد أنني فهمت ديناميات الفريق وكان بوسعي التعرف على نقاط القوة والضعف لدى الأشخاص والمساعدة في إيجاد سبل لنا للعب بشكل أفضل. ولم أدرك إلا في وقت لاحق مدى فائدة تلك المهارة عندما يقود المرء الأشخاص والفِرق في عالم الأعمال.

وأخيراً، فالعامل الثالث هو أنني نشأت في بيئة ريادية للغاية. إذ كان والدي وجدي يمتلكان شركاتهما الخاصة. وإذا ما ألقينا نظرة إلى الوراء، فأنا لا أذكر أن أي فرد من أفراد الأسرة كان لديه وظيفة تقليدية بدوام يومي اعتيادي. وقد علمتني هذه البيئة مزايا التفكير كرائد أعمال والإقدام على المخاطر.

وبعد إكمال دراستي الجامعية، انتقلت إلى بلد آخر وعملت لبضع سنوات في شركة تقنية. وهناك قابلت زوجي الأول. وفي عام 1994 انتقلنا إلى مدينة سان فرانسيسكو، حيث انضممت إلى شركة إيدلمان (Edelman)، وهي شركة كبرى تعمل في مجال العلاقات العامة. وقضيت حوالي خمس سنوات من العمل مع شركات التقنية في منطقة سيليكون ڤالي. وقد كانت الفترة التي قضيتها في منطقة خليج سان فرانسيسكو ممتعة للغاية، إذ راق لي العمل في خطط التسويق الاستراتيجية لشركات التقنية الفائقة، لكنني كنت أعلم أنني لطالما وددت إدارة إحدى الشركات وليس البقاء في مجال التسويق إلى الأبد. وأدركت أن الوقت قد حان للمضي قدماً والتحقتُ ببرنامج ماجستير إدارة الأعمال في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، لننتقل أنا وزوجي وابنتنا الرضيعة إلى مدينة فيلادلفيا.

وبعد أسبوع من توقيعي على منحة دراسية، أخبرني زوجي أنه سيغادرني ويريد الطلاق. ليتغير عالمي كله في غمضة عين. إذ إنني أصبحت وحيدة، يعوزني نظام الدعم الذي كنت أتوقعه، وفي خضم برنامج ماجستير إدارة الأعمال الشاق، وما تتطلبه رعاية طفلة تبلغ من العمر عاماً واحداً. لقد كانت تجربة غيرت مجرى حياتي، لكنني تخرجت من كلية وارتون أقوى من ذي قبل، وكونت صداقات وعلاقات دائمة في هذه الفترة.

وبعد الانتهاء من دراستي في كلية وارتون، أظهر التشخيص إصابة والدتي بمرض السرطان. وقررت العودة إلى مدينة دالاس لأكون معها ومع عائلتي. وبينما كانت والدتي تكابد ويلات المرض، أصبحت رئيسة قسم التسويق في شركة تقنية تعمل في قطاع التجارة بين مؤسسات الأعمال وكانت تنتج برنامجاً لإدارة سلسلة التوريد. ولم يكن العمل في هذه الشركة هو الاختيار الأمثل بالنسبة إليّ، بيد أنه كان من المهم أن أكون قريبة خلال ما تبيّن أنه آخر عامين في حياة والدتي. كما أنني قابلت زوجي الحالي أيضاً في تلك الشركة.

وبعد وقت قصير من وفاة والدتي، تلقيت مكالمة توظيف من شركة ماتش. وكانت الشركة تبحث عن شخص على دراية بالتسويق لإدارة الموقع الإلكتروني Chemistry.com، الذي كان شركة ناشئة أسستها الشركة لمنافسة موقع إي هارموني (eHarmony)، الذي كان قد أُسس قبل ذلك ببضع سنوات. حيث كان يتعين على المستخدمين، للانضمام إلى موقع إي هارموني، تعبئة نبذة نفسية مطولة، ولم تكن غاية الموقع المعلنة هي مساعدة الأشخاص على التعارف بل مساعدتهم على الزواج.

ونظراً لأن الموقع الإلكتروني لشركة ماتش لم يؤسَّس بشكل واضح للعثور على زوج أو زوجة فقط، غيّرت شركة إي هارموني الانطباع عنها، ليصبح موقع ماتش يُنظر إليه بصفته موقعاً للتعارف غير الرسمي، بينما كان موقع إي هارموني مخصصاً للتعارف “الجاد”.

وقد توليت إدارة موقع Chemistry.com طوال الفترة من عام 2006 إلى عام 2008. وكان ذلك أول منصب أتقلده في الإدارة العامة، وكم أحببت بناء الفِرق. إذ تطور الموقع على أيدينا بسرعة.

بيد أنه حتى مع انتشار موقع Chemistry.com، بدا أن الموقع الرئيس لشركة ماتش، وهو Match.com، قد تباطأت وتيرة انتشاره. لتطلب مني إدارة الشركة في عام 2008 الانتقال إلى إدارة موقع Match.com ومحاولة إعادة الحيوية إلى هذه العلامة التجارية.

حيث تضرر موقع Match.com بفعل تحوليْن مهمين كانا يحدثان. أولاً، كان لشركتَي أوكيه كيوبيد (OkCupid) وبلينتي أوف فيش (Plenty of Fish)، وهما شركتان انضمتا حديثاً إلى المجال، قصب السبق في انتهاج نموذج أعمال جديد، إذ كانتا تعتمدان على الإعلانات في تحقيق الإيرادات بدلاً من فرض رسوم شهرية على المستخدمين. وقد اجتذب هذا النهج الأشخاص المهتمين بالتعارف عبر الإنترنت ولكنهم كانوا يحجمون عن الدفع مقابل ذلك، وكان ذلك بمثابة بداية حقبة أعادت فيها الشركات التفكير بشأن كيفية تسعير مناهج عملها وتقدير القيمة النقدية لها.

وانطوى التحول الثاني على الخوارزميات. حيث إن جميع مواقع التعارف الأولى كانت لديها خاصية البحث، وكانت جميعها تطلب من المستخدمين تحديد نوعية الأشخاص الذين يأملون في مقابلتهم. بيد أنه بحلول عام 2008، كانت الشركات أكثر تطوراً بشأن تحليل تفضيلات المستخدمين وسلوكهم وفهمهما. إذ طرحنا في موقعنا ميزة كان يتم بموجبها إرسال خمس مطابقات على نحو يومي لجميع مستخدمي موقع Match.com، وكنا نرصد ما إذا كانت هذه المطابقات تنال إعجاب الأشخاص أم لا.

وبدأنا في توظيف المزيد من علماء البيانات وتغيير خوارزمياتنا لتتبّع السلوك الفعلي للمستخدمين على نحو أوثق بدلاً من تفضيلاتهم المعلنة. على سبيل المثال، إذا قال أحد الأشخاص إنه يفضل التعرف على فتيات شقراوات طويلات القامة، ولكنه يرسل رسائل إلى فتيات سمراوات قصيرات القامة، ينبغي أن تتعرف الخوارزمية على ذلك وترسل له مطابقات تعكس أنماط النشاط الفعلية. ونظراً لأن بياناتنا تخبرنا بأنواع الملفات الشخصية التي يحبها المستخدمون، تقول الرئيسة التنفيذية لشركة ماتش غروب بالفعل، فقد بدأنا أيضاً في تشجيعهم على إرسال الرسائل أو الإعجابات أو الغمزات، بدلاً من مجرد الاطلاع على الملفات الشخصية؛ ففي نهاية المطاف، لا يمكن أن يحدث أي تعارف في الواقع ما لم يُقدِم أحد الأشخاص على التواصل أولاً. 

وبدأنا الإعلان على القنوات التلفزيونية، وقد كان الأمر ناجحاً للغاية لأنه جعل التعارف عبر الإنترنت يبدو اتجاهاً سائداً.

وبعد حدوث هذين التحولين، بدأنا تحولاً ثالثا أصبح إحدى القوى المحركة المهمة للنمو الذي حققناه. إذ قامت شركة ماتش، في عام 2009، بأول عملية استحواذ كبيرة لها، وهي الاستحواذ على شركة تسمى بيبول ميديا (People Media). وكانت لدى شركة بيبول ميديا، على عكس شركة ماتش التي تدير موقعين إلكترونيين فحسب، مجموعة متنوعة من المواقع الإلكترونية الأصغر التي تستهدف مجموعات سكانية محددة؛ على سبيل المثال، موقع BlackPeopleMeet.com وموقع SeniorPeopleMeet.com (الذي يسمى الآن OurTime.com).

ويعتمد التعارف عبر الإنترنت على الآثار المترتبة على وجود الشبكات، لذا من الناحية النظرية ينبغي أن يكون الموقع الضخم للغاية أكثر نجاحاً؛ لأنه يحتوي على مجموعة أكبر من الأشخاص للتعارف.

بيد أننا سبق أن رأينا مزايا وجود مجموعة متنوعة من العلامات التجارية الموجهة عند تقسيم السوق إلى تعارف “جاد” وتعارف “غير رسمي”.

ويجتذب موقعا فيسبوك وتويتر الآن المزيد من الأشخاص إلى وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أثار اهتماماً أكبر بالتعارف عبر الإنترنت، وخاصة من كبار السن. فإنْ أضحى، على حين غرة، من المقبول اجتماعياً مقابلة الأصدقاء عبر الإنترنت، فما المانع أن يكون التعارف عبر الإنترنت أيضاً مقبولاً اجتماعياً؟ ونظراً لأن الفئة العمرية لمستخدمي موقعنا أخذت في التوسع، أصبح توفير المواقع الإلكترونية التي اجتذبت مختلف المجموعات السكانية أكثر أهمية. إذ لا أحد يرغب في أن يكون مشتركاً، مع ابنه أو حفيده، في موقع التعارف نفسه. وبمرور الوقت، استحوذت شركة ماتش على علامات تجارية أخرى، بما في ذلك شركتَي أوكيه كيوبيد وبلينتي أوف فيش. واليوم لدينا العشرات من مواقع التعارف التي تعمل في جميع أنحاء العالم. وعندما نستحوذ على علامة تجارية جديدة، فإنّنا نتحلى بالكثير من الخبرة لمساعدتها على النمو.

لكن التحول الأكبر في التقنية حدث، تقول الرئيسة التنفيذية لشركة ماتش غروب دون شك، بعد عام 2008. وذلك عندما طرحت شركة أبل متجر التطبيقات. إذ انتشرت الهواتف الذكية في كل مكان، وبدأت معظم منصات التعارف في الانتقال من أجهزة الكمبيوتر إلى التطبيقات. وانطوى هذا التحول على تغيير القطاع الذي نعمل فيه بشكل كامل في غضون بضع سنوات، وهو تغيير كان لتطبيق تيندر – إلى حد كبير- الدور الأكبر في إحداثه.

الابتكار الذي أحدثه تطبيق تيندر

خرج تطبيق تيندر في عام 2012 من مؤسسة حاضنة أنشأتها شركة آي أيه سي (IAC)، وهي الشركة الأم لشركة ماتش، وهو الآن جزء من محفظتنا الاستثمارية. وكان التطبيق مختلفاً للغاية عن مواقع التعارف القائمة. إذ إنه صُمم، منذ إطلاقه، للهواتف الذكية وكان متاحاً بصفته تطبيقاً فحسب. وكان تطبيق تيندر يستند إلى الموقع، حتى يتمكن المستخدمون من معرفة الأشخاص الذين يقطنون بالقرب منهم، وهو الأمر الذي أضفى العفوية على هذه الصناعة. واعتمد التطبيق على الصور والسيرة الذاتية القصيرة للغاية بدلاً من الملفات الشخصية الطويلة، التي يصعب قراءتها على هاتف محمول. وكان أكبر ابتكارات التطبيق هو التحريك؛ وذلك بالتحريك يميناً إذا وجدت شخصاً ما، تتصفح حسابه، جذاباً أو التحريك يساراً إن لم تجده كذلك. وعندما يُحرّك شخصان يميناً على بعضهما البعض، يُخطر تطبيق تيندر كليهما بالانجذاب المتبادل. وعندما يعرف الشخصان أن الانجذاب متبادل بينهما، سيكونان أكثر شعوراً بالراحة لبدء التواصل. وكان هذا الابتكار رائعاً بالنسبة إلى النساء؛ إذ كانت تلك هي المرة الأولى التي يمكنهن فيها تصفية المطابقات المحتملة واختيار من يتحدثن معهم، بدلاً من تلقي رسائل غير مرغوب فيها. 

وطرح تطبيق تيندر خدمته في عدد من الجامعات. وانتشر على نطاق واسع بين طلاب الجامعات، ولم نتخيل أبداً مدى السرعة التي توسّع بها. حيث كان عدد قليل نسبياً من الأشخاص في الفئة العمرية أقل من 30 عاماً يستخدمون تطبيقات التعارف عبر الإنترنت قبل ظهور تطبيق تيندر. واليوم يضم تطبيق تيندر عشرات الملايين من المستخدمين، وأغلبهم تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً. ويميل الشباب الذين يستخدمون تطبيق تيندر أيضاً إلى استخدام تطبيقين أو ثلاثة من تطبيقات التعارف الأخرى، وهو ما يجعل استراتيجيتنا -المتمثلة في امتلاك مجموعة علامات تجارية- أقوى من ذي قبل.

وتحولت معظم تطبيقات التعارف، بما في ذلك تطبيق تيندر، إلى استراتيجية توفير معظم الميزات مجاناً للمستخدمين على أن يدفعوا مقابل الميزات المتميزة أو استراتيجية المحتوى المتاح بموجب اشتراك مدفوع. حيث يكون الاشتراك متاحاً بصورة مجانية، ويحصل المستخدمون أيضاً على الخصائص الأساسية. بينما يمكنهم اختيار الدفع مقابل الخصائص المتميزة مثل رؤية من يُبدي إعجابه بك والانتقال إلى مدينة أخرى. وبلغت إيرادات تطبيق تيندر في العام الماضي 800 مليون دولار، ما يدل على أن العديد من الأشخاص مستعدون للدفع مقابل الحصول على هذه الميزات. وعندما ننشئ ميزة تعمل بنجاح على أحد تطبيقاتنا، فإننا نعممها على علاماتنا التجارية الأخرى. ونظراً لأنه يوجد الكثير من التقليد بين منافسينا أيضاً، فهذا يمكن أن يجعل من الصعب الحفاظ على الميزة التنافسية الناجمة عن الابتكارات. لذا، فإننا نتخذ خطوات لحماية ملكيتنا الفكرية، عندما يكون ذلك ممكناً. ففي عام 2017، حصلنا على براءة اختراع لبعض الخصائص الرئيسة في تطبيق تيندر، ومنذ ذلك الحين اتخذنا خطوات للدفاع عن هذه الملكية الفكرية. [ملاحظة من المحرر: رفعت شركة ماتش غروب دعوى قضائية ضد تطبيق بامبل (Bumble)، وهو تطبيق للتعارف أنشأه أحد موظفي تطبيق تيندر السابقين، بدعوى انتهاك براءة الاختراع. كما توصلت شركة ماتش غروب أيضاً إلى اتفاقيات تسوية مع شركات أخرى استخدمت ميزة التحريك]. 

الرئيسة التنفيذية لشركة ماتش غروب والمرحلة التالية من النمو

وبحلول عام 2017، كنت أدير بعضاً من أكبر العلامات التجارية المملوكة لشركة ماتش، واختارني مجلس إدارة الشركة لأكون الرئيسة التنفيذية لها. واليوم أقضي معظم وقتي في محاولة فهم ما يريده الزبائن وما يحتاجونه من منتجاتنا وكيف يمكننا الابتكار للمساعدة في تلبية تلك الاحتياجات بشكل أفضل. 

ونعكف في الوقت الراهن على وضع العديد من الاستراتيجيات الجديدة التي نتوقع أن تقود المرحلة التالية من نمونا. ولطالما اعتقدت أنه من المفارقات أن يشير الأشخاص إلى صناعتنا بوصفها “التعارف عبر الإنترنت” في حين أنه لا يوجد أحد على الإطلاق يقابل شخص آخر عبر الإنترنت؛ ففي مرحلة معينة يتقابل الشخصان وجهاً لوجه. وفي كثير من الأحيان، تخبو الجذوة التي اشتعلت عبر الإنترنت عندما يتقابل الشخصان على أرض الواقع. فأعظم إنجاز في صناعتنا هو إيجاد سبل لاستخدام التقنية للتوقع بشكل أفضل بما إذا كان هذا الانجذاب سيستمر في عالم الواقع. وفي حال تمكنت الشركة من تقليل عدد حالات التعارف غير الناجحة، فسيكون العملاء أكثر شعوراً بالرضا. ويُعد الفيديو أحد أفضل الوسائل لتحقيق ذلك. ويمكن أن يكون الأمر محرجاً إنْ لم تكن معتاداً على التحدث مع الأشخاص عبر الفيديو، لكنك ستعتاد عليه. وتستخدم شركتنا المكالمات عبر الفيديو على نطاق واسع؛ وأستطيع القول إن 90٪ من مكالماتي الخاصة بالعمل أجريها في الوقت الحالي عبر الفيديو. حيث يمكنك تعلّم الكثير عن الأشخاص عندما يكون بوسعك رؤيتهم، من الطريقة التي يتصرفون بها وروح الدعابة لديهم إلى الثقة التي يتمتعون بها. 

ولا يعد استخدام الفيديو للتعارف عبر الإنترنت فكرة جديدة. إذ كانت لدينا منذ سنوات منصة للتعارف تتيح للمستخدمين نشر مقاطع الفيديو. ولم يكن الأشخاص يعرفون ماذا يقولون، حيث شاهدنا الكثير من مقاطع الفيديو التي تستغرق عشر دقائق لشخص يقرأ بصوت عال من كتاب. ولا فائدة تُرجى من استخدام الفيديو على هذا النحو. 

بيد أن السوق أضحى أكثر قدرة على استخدام الفيديو الآن. إذ ينشر جيل الألفية مقاطع فيديو خاصة بهم على مواقع إنستغرام وسناب شات، لذا يكونون على سجيتهم عند استخدام هذا النسق. وقد بدأنا نتيح للمستخدمين نشر قصاصات الفيديو على تطبيق تيندر، حيث يكون المستخدمون في الغالب أصغر سناً. وبالنسبة إلى العلامات التجارية التي يكون فيها المستخدمون أكبر سناً ويجدون صعوبة أكبر في نشر مقاطع فيديو لأنفسهم، فإننا نعمل على إيجاد سبل طبيعية على نحو أكثر للسماح لشخصياتهم بالظهور على الفيديو دون شعورهم بالحرج. وبالنظر إلى مدى سرعة تغيّر هذه الصناعة، لا يسعني إلا أن أتخيل كيف يمكن استخدام الفيديو على هذه التطبيقات في غضون خمس سنوات. 

يتفشى في العالم وباء الوحدة ويلزمنا التصدي له.

ونحن نتوسع أيضاً في الأسواق الدولية التي ما يزال التعارف عبر الإنترنت فيها في مرحلة أقل نضجاً. وغالباً ما تزخر الأسواق في جميع أنحاء آسيا بالكثير من الشباب العازبين الذين يمتلكون الهواتف الذكية مع وجود معايير متطورة للتعارف. وبالنسبة إلى الهنود من جيلي (أنا في الأربعينيات من العمر)، كانت الزيجات التقليدية المرتّبة شائعة. بيد أنّ هذا الحال تغيّر الآن. وفي الواقع، زوجي الثاني من الهند، وقد كان أول شخص في عائلته يتخلى عن الزواج المرتّب. وفي اليابان، وحتى وقت قريب، كانت الوصمة مرتبطة بالتعارف عبر الإنترنت. وقد اشترينا علامة تجارية تدعى بيرز (Pairs)، وهو التطبيق الأفضل للتعارف الجاد في اليابان، وهو ينمو بسرعة. فهذه الأسواق مثيرة للغاية لاهتمامنا، ونحن نتطلع إلى المستقبل. 

يتفشى في العالم وباء الوحدة ويلزمنا التصدي له. وتتميز شركة ماتش غروب بقدر واسع من النطاق والخبرة، ونحاول استخدام هذه المزايا لنكون أكثر ذكاءً وأسرع من منافسينا. ويلزمنا مواصلة الابتكار، لأن ما نقوم به هو عمل ذو جدوى. إذ يتفشى في العالم وباء الوحدة. وقد بدأ الأشخاص في فهم العواقب الصحية المترتبة على هذه الوحدة، ويلزمنا التصدي لها. وحتى في مجتمع قائم على التقنية، يتوق الأشخاص إلى العلاقات الحميمة، سواء أكان ذلك يعني الزواج أو مجرد الجلوس معاً لتناول القهوة. ونحن نساعد الأشخاص على إقامة تلك العلاقات. وقد أثبت البحث عن سبل أكثر فاعلية للقيام بذلك جدواه العظيمة في هذا الشأن.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .