$User->is_logged_in:  bool(false)
$User->user_info:  NULL
$User->check_post:  object(stdClass)#7069 (18) {
  ["is_valid"]=>
  int(1)
  ["global_remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["number_all_post"]=>
  int(0)
  ["number_post_read"]=>
  int(0)
  ["is_from_gifts_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["all_gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_read_articles"]=>
  int(0)
  ["exceeded_daily_limit"]=>
  int(0)
  ["is_watched_before"]=>
  int(0)
  ["sso_id"]=>
  int(8953)
  ["user_agent"]=>
  string(9) "claudebot"
  ["user_ip"]=>
  string(14) "54.165.248.212"
  ["user_header"]=>
  object(stdClass)#7076 (45) {
    ["SERVER_SOFTWARE"]=>
    string(22) "Apache/2.4.57 (Debian)"
    ["REQUEST_URI"]=>
    string(168) "/%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D8%A6%D9%83%D8%A9/"
    ["REDIRECT_HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["REDIRECT_STATUS"]=>
    string(3) "200"
    ["HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["HTTP_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_ACCEPT_ENCODING"]=>
    string(8) "gzip, br"
    ["HTTP_X_FORWARDED_FOR"]=>
    string(14) "54.165.248.212"
    ["HTTP_CF_RAY"]=>
    string(20) "86b7f51b28e420d7-FRA"
    ["HTTP_X_FORWARDED_PROTO"]=>
    string(5) "https"
    ["HTTP_CF_VISITOR"]=>
    string(22) "{\"scheme\":\"https\"}"
    ["HTTP_ACCEPT"]=>
    string(3) "*/*"
    ["HTTP_USER_AGENT"]=>
    string(9) "claudebot"
    ["HTTP_REFERER"]=>
    string(193) "https://www.hbrarabic.com/%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%8a%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%b9%d8%a7%d9%84%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b6%d8%a7%d9%8a%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%a7%d8%a6%d9%83%d8%a9/"
    ["HTTP_CF_CONNECTING_IP"]=>
    string(14) "54.165.248.212"
    ["HTTP_CDN_LOOP"]=>
    string(10) "cloudflare"
    ["HTTP_CF_IPCOUNTRY"]=>
    string(2) "US"
    ["HTTP_X_FORWARDED_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_X_FORWARDED_SERVER"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_CONNECTION"]=>
    string(10) "Keep-Alive"
    ["PATH"]=>
    string(60) "/usr/local/sbin:/usr/local/bin:/usr/sbin:/usr/bin:/sbin:/bin"
    ["SERVER_SIGNATURE"]=>
    string(73) "
Apache/2.4.57 (Debian) Server at hbrarabic.com Port 80
" ["SERVER_NAME"]=> string(13) "hbrarabic.com" ["SERVER_ADDR"]=> string(10) "172.21.0.4" ["SERVER_PORT"]=> string(2) "80" ["REMOTE_ADDR"]=> string(14) "162.158.86.243" ["DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["REQUEST_SCHEME"]=> string(4) "http" ["CONTEXT_PREFIX"]=> NULL ["CONTEXT_DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["SERVER_ADMIN"]=> string(19) "webmaster@localhost" ["SCRIPT_FILENAME"]=> string(23) "/var/www/html/index.php" ["REMOTE_PORT"]=> string(5) "52362" ["REDIRECT_URL"]=> string(60) "/القيادة-في-عالم-القضايا-الشائكة/" ["GATEWAY_INTERFACE"]=> string(7) "CGI/1.1" ["SERVER_PROTOCOL"]=> string(8) "HTTP/1.1" ["REQUEST_METHOD"]=> string(3) "GET" ["QUERY_STRING"]=> NULL ["SCRIPT_NAME"]=> string(10) "/index.php" ["PHP_SELF"]=> string(10) "/index.php" ["REQUEST_TIME_FLOAT"]=> float(1711632444.741068) ["REQUEST_TIME"]=> int(1711632444) ["argv"]=> array(0) { } ["argc"]=> int(0) ["HTTPS"]=> string(2) "on" } ["content_user_category"]=> string(4) "paid" ["content_cookies"]=> object(stdClass)#7077 (3) { ["status"]=> int(0) ["sso"]=> object(stdClass)#7078 (2) { ["content_id"]=> int(8953) ["client_id"]=> string(36) "e2b36148-fa88-11eb-8499-0242ac120007" } ["count_read"]=> NULL } ["is_agent_bot"]=> int(1) }
$User->gift_id:  NULL

أفكار كبيرة: القيادة في عالم القضايا الشائكة

32 دقيقة
القيادة في عالم القضايا الشائكة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إليك هذا المقال الذي يتناول القيادة في عالم القضايا الشائكة تحديداً.

القيادة في ظل الانقسام:

انضمام رؤساء تنفيذيين ناشطين إلى نقاشات قضايا الرأي العام.

من قطاع الأعمال إلى الرياضة إلى التعليم، يشارك القادة في جميع القطاعات في النقاشات العامة السياسية والاجتماعية المثيرة للجدل التي كانوا يتفادون الخوض فيها قبل عدة أعوام فقط. فإبداء الرأي في المواضيع الخلافية قد يكون سبباً في نفور المساهمين، إضافة إلى الزبائن والموظفين والمستثمرين. وشهدنا مؤخراً موجة متنامية من القادة المندفعين للانخراط في العمل الناشط.

خذ مثلاً موجة التحركات في أعقاب حادثة القتل الجماعي بالرصاص في مدرسة باركلاند في فلوريدا بالولايات المتحدة الأميركية. حيث أعلن الرئيس التنفيذي لشركة ديكس سبورتنغ جودز (Dick’s Sporting Goods)، إدوارد ستاك، أن شركته “ستتبنى موقفاً” من هذه الحوادث يتمثل بمجموعة تغييرات في سياستها وأهمها الامتناع عن بيع الأسلحة النارية لمن لم يبلغ 21 عاماً. وانضم قادة شركات آخرون إلى النقاش العام فأثاروا ردود أفعال متنوعة. مثلاً، بعد أن أعلن إد باستيان، الرئيس التنفيذي لشركة طيران دلتا التي يقع مقرها في مدينة أتلانتا، أن شركته ستتوقف عن تقديم الحسومات لأعضاء الاتحاد القومي للأسلحة، جاء الرد انتقامياً من المجلس التشريعي في ولاية جورجيا بإلغاء الإعفاء الضريبي للشركة والذي كان سيوفر عليها ملايين الدولارات.

تشكل مشاركة الرؤساء التنفيذيين في العمل الناشط جزءاً من تحول اجتماعي يسمى “تسييس كل شيء”. فقد أنشأ الاستقطاب الإيديولوجي في نظامنا السياسي بيئة مشحونة بدرجة عالية حيث يجد قادة الشركات أنفسهم مجبرين أكثر فأكثر على إبداء آرائهم حول مواضيع معقدة قد لا تكون لديهم خبرة كبيرة فيها. وفي الحقيقة، كشف تقرير حديث صدر عن المجموعة الاستراتيجية العالمية (Global Strategy Group) أنّ الشركات اليوم مطالبة بالرد على الأحداث الجارية خلال 24 ساعة.

ولمعرفة الاستراتيجيات المتبعة للخوض في هذا المجال، أجرينا مقابلات مع قادة جعلوا العمل الناشط جزءاً من أعمالهم الأساسية. نذكر منهم مارك بينيوف، مؤسس شركة البرمجيات العملاقة سيلز فورس (Salesforce) ورئيسها التنفيذي، الذي كان من أوائل القادة الذين خرجوا وعارضوا علناً قانون استعادة الحريات الدينية في ولاية إنديانا الأميركية، والذي أعطى الشركات حقّ رفض تقديم خدماتها لزبائنها المنتمين لبعض المجموعات التي تأتي أفعالاً مرفوضة اجتماعياً من الغالبية؛ وكاثي كارتر رئيسة شركة سوكر يونايتد ماركتنغ (Soccer United Marketing)، وهي مدافعة جريئة عن المساواة بين الجنسين؛ وروبرت زيمر رئيس جامعة شيكاغو الذي تبنّى موقفاً علنياً ضد منع المتحدثين المثيرين للجدل من زيارة مبنى الجامعة.

لماذا يتحدثون إلى الرأي العام؟ كشفت مقابلاتنا مع هؤلاء القادة أنهم يشعرون بوجوب مناقشة المواضيع الشائكة، وأنّ تحركاتهم يقودها التفكير المتمعن بشأن قيمهم الشخصية وتاريخ مؤسساتهم وثقافاتها. كما أنهم يكملون عملهم الناشط العلني بما يسمونه “لعبة الميدان” بعيداً عن الأضواء.

ضرورة التدخل الجديدة

ينجرف عملاء الشركات وموظفوها وشركاؤها ومستثمروها في التغيير الاجتماعي المتجه نحو استقطاب سياسي أكبر بغضّ النظر عن شعور الرؤساء التنفيذيين أو غيرهم من قادة المؤسسات بمسؤوليتهم عن تبنّي موقف علني بشأن القضايا الشائكة. وهذا يعني ازدياد عدد أصحاب الشأن الرافضين لقرار التزام الصمت بشأن القضايا الشائكة المتزايدة، كبيع الأسلحة الهجومية مثلاً.

وتأتي هذه الضرورة الجديدة التي تدفع القادة لإعادة النظر في أهداف مؤسساتهم كاستجابة للتغيير الكبير في العالم من حولهم. ويقول مركز بيو للأبحاث (Pew Research Center) أن الشعب الأميركي اليوم أصبح مستقطباً أكثر من ذي قبل، وتناقص المعتدلون فيه بدرجة كبيرة، وأصبحت النزعة الليبرالية لدى الديمقراطيين أكبر، في حين ازداد الجمهوريون الذين يحملون وجهات نظر سلبية جداً تجاه خصومهم بما يزيد عن الضعف على مدى العقدين الأخيرين، فوصلوا إلى نسبة تزيد عن 40%. ويعتقد أكثر من ثلث الجمهوريين و27% من الديمقراطيين أن سياسة خصومهم “مضللة لدرجة أنهم يهددون صالح الأمة”. وهناك أعداد كبيرة من المواطنين الذين سيشعرون بالاستياء إذا تزوج أبناؤهم من منتمين إلى الحزب الخصم، حتى أن بعض مستخدمي برنامج “تندر” يرفضون المتقدمين للتعارف منذ البداية لمجرد أنهم صوتوا للرئيس ترامب.

لقد تسببت ثورة الإعلام الاجتماعي وانقسام المشهد الإعلامي في تفاقم هذا الاستقطاب. إذ يتزايد استهلاك الأميركيين للأخبار والآراء من مصادر تدعم وجهات نظرهم فقط، فضلاً عن أن الإعلام الاجتماعي أصبح وسيلة سهلة لتقديم معلومات متحيزة يصعب التحقق منها وتكون في أغلب الأوقات كاذبة تثير الريبة وتشوه وجهات النظر.

المؤلفان:

آرون تشاترجي

ومايكل توفيل

بدأ آرون تشاترجي ومايك توفيل دراسة عمل الرؤساء التنفيذيين الناشطين في عام 2015 عندما طلب الرئيس التنفيذي لشركة ستاربكس، هوارد شولتز، من صانعي القهوة في متاجر ستاربكس كتابة جملة “race together” أو “لنتحد عرقياً” على فناجين القهوة من أجل تشجيع الزبائن على مناقشة القضايا المتعلقة بعلاقات الأعراق. ومنذ ذاك الوقت، أخذ تشاترجي وتوفيل يتمعنان في غموض السياسات ومؤسسات الأعمال في جميع القطاعات، بما فيها الشركات والشركات غير الربحية والرياضة والجامعات والمؤسسات الدينية.

يهتم الكاتبان بما يدفع بعض الرؤساء التنفيذيين دون غيرهم للانخراط في الأعمال الناشطة، وسبب اختيارهم المواضيع التي يعملون عليها وكيف يتبنون مواقفهم. ويركز بحثهم على تفحص الآثار المقصودة وغير المقصودة للعمل الناشط في عالم يتزايد استقطابه يوماً بعد يوم.

تشاترجي هو أستاذ مساعد في كلية ديوك فوكوا للأعمال وكلية ستانفورد للسياسات العامة وهو باحث مشارك في المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية. عمل سابقاً كبيراً للخبراء الاقتصاديين في مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض، حيث عمل على سياسات تتعلق بريادة الأعمال والابتكار والبنية التحتية والنمو الاقتصادي. كما كان عضواً لفترة في مجلس العلاقات الخارجية وعمل كمحلل مالي في شركة غولدمان ساكس وكان أستاذاً مساعداً زائراً في جامعة هارفارد للأعمال. حصل على شهادة دكتوراه في إدارة الأعمال من كلية هاس للأعمال بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، وشهادة بكالوريوس في الاقتصاد من جامعة كورنيل. حاز على عدة جوائز لقاء مساهماته في فهم تقاطع الأعمال والسياسات العامة، ومن ضمنها ميدالية جائزة كوفمان للأبحاث المميزة في ريادة الأعمال عام 2017 وشهادة النجم الصاعد (Rising Star) من معهد آسبن. كما سمي “الباحث الجديد في مجتمع الإدارة الاستراتيجية” بسبب أبحاثه في مجال الاستراتيجية.

يقول تشاترجي: “أريد أن أفهم السبب الذي يدفع مزيداً من الرؤساء التنفيذيين للتحدث علناً وما هو أثر ذلك على شركاتهم وعلى النقاش العام”. وقد نما اهتمام تشاترجي بعمل الرؤساء التنفيذيين الناشط نتيجة لأبحاثه في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات وعمله في الحكومة الأميركية. يقول: “ما عمل الرؤساء التنفيذيين الناشط إلا مثال واحد عن متطلبات القيادة في عالم القضايا الشائكة والقيادة المتغيرة في الأعمال والسياسة والجامعات والمنظمات غير الربحية وغيرها من المؤسسات الهامة في المجتمع”.

أما توفيل فهو أستاذ الإدارة البيئية في كلية هارفارد للأعمال وهو رئيس الهيئة التنفيذية لمبادرة الكلية للأعمال والبيئة. يتمعن بحثه في كيفية إدارة الشركات للقضايا البيئية والأمان الوظيفي وشروط العمل في عملياتها وسلاسل التوريد فيها، وكيفية انخراط الرؤساء التنفيذيين في العمل الناشط من أجل التأثير في السياسات العامة فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية والبيئية. وسابقاً، عمل كمدير قسم البيئة والصحة والسلامة في شركة جيبسن آند جيسن (Jebsen & Jessen) في جنوب شرق آسيا، وهي شركة متعددة الجنسيات مقرها في سنغافورة؛ كما عمل كمستشار للإدارة البيئية في الولايات المتحدة. حصل على شهادة الدكتوراه في إدارة الأعمال من كلية هاس للأعمال بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، وشهادة ماجستير في إدارة الأعمال وماجستير في الإدارة البيئية من جامعة ييل وشهادة بكالوريوس في الأعمال الحكومية من جامعة ليهاي.

يقول توفيل: “يتزايد حديث الرؤساء التنفيذيين العلني في مجموعة من القضايا الاجتماعية والبيئية التي لا ترتبط مباشرة بأرباح شركاتهم الصافية. وهذا تحول جذري عن تقاليد الشركات المتمثلة بتفادي الخلافات السياسة وحصر أعمالها السياسية فقط على الفرص التي تتيح تحسين الأرباح والموقع التنافسي”.

نُشر بحث توفيل وتشاترجي في الدوريات الأكاديمية الرائدة وذكر في المنابر الكبرى بما فيها نيويورك تايمز وصحيفة وول ستريت ومجلة ذي إيكونومستذي إيكونومست وهارفارد بزنس ريفيو وكاليفورنيا مانجمنت ريفيو وإم آي تي سلون مانجمنت ريفيو.

القيادة في عالم القضايا الشائكة

هناك عدة تيارات تساعد على تعميق الانقسامات في المجتمع. ويتعرض المواطنون الأكثر انخراطاً في السياسة إلى الاستقطاب السياسي بدرجة أشد، إذ يصوتون في الانتخابات التمهيدية ويتبرعون للحملات الانتخابية ويحضرون المسيرات وحفلات جمع التبرعات وما إلى ذلك. كما يزداد ميل السياسيين للانخراط في النشاطات التي تهدف إلى تضخيم تأثير ناخبيهم، من خلال دعم حملات التزوير المعقدة والعمل على تحديد الفئات المستهدفة وحتى إجراء حملات لقمع الناخبين. فتكون المحصلة عدم حصول السياسيين على التفويض اللازم للوصول إلى تسويات مع خصومهم أو حصولهم على تصويت كوادرهم الحزبية، وبدلاً من ذلك ازدياد دوافعهم لتحميل خصومهم مسؤولية أي فشل.
إن المزيج المتقلب، المؤلف من الانقسامات السياسية الشديدة والهويات السياسية المستقطبة والوجبات الإعلامية المتحيزة لجانب واحد، يجعل قرار القائد بشأن المشاركة في النقاشات العامة أو تجنبها معقداً للغاية. ووفقاً لإد باستيان، كان اتخاذ قرار إلغاء الحسومات لأعضاء الاتحاد القومي للأسلحة يهدف لتجنب التحيز، وشرح باستيان ذلك في مذكرة موجهة لموظفيه بعد إلغاء المجلس التشريعي لولاية جورجيا إعفاء الشركة الضريبي بقوله: “إن استفادة أعضاء الاتحاد القومي للأسلحة من حسومات شركة دلتا قد يوحي أن الشركة تؤيد الاتحاد ضمنياً. لقد كان هدف شركة دلتا من إلغاء الحسومات أن تبقى على الحياد”. ولكن هذه السياسة لم تسر كما كان مرسوماً لها. وعندما صرح المجلس التشريعي لولاية جورجيا أنه سيلغي الإعفاء الضريبي لشركة دلتا إذا لم ترجع عن قرارها، تحداه باستيان قائلاً لموظفيه: “لم نتخذ القرار من أجل أرباح اقتصادية، وقيمنا ليست للبيع”. ولاقت كلماته ترحيباً واسعاً في الصحافة مما أدى بمارك بينيوف لنشر تغريدة تقول: “وينال إد باستيان جائزة أفضل رئيس تنفيذي هذا العام!”.

ترجمة القيم إلى أفعال

تحدث القادة الذين أجرينا مقابلات معهم بإصرار عن الحاجة إلى مايسمى “النجم الهادي” وأهمية امتلاك فهم واضح لقيمهم الخاصة وقيم موظفيهم وتقاليد مؤسساتهم وثقافاتها من أجل موازنة قراراتهم عند اتخاذ موقف.

دعم الموظفين. على الرغم من اعتبار عمل الرؤساء التنفيذيين الناشط في بعض الأحيان موقفاً شخصياً، إلا أن مارك بينيوف يقول أنّه يشعر بالحماسة للتحرك فيما يخص القضايا الملحة المتعلقة بموظفيه ودعمهم وبالتالي القيادة في عالم القضايا الشائكة تحديداً. كما يرى أن القيام بما يناسب الشركة هو أمر أساسي في منصبه. يقول: “كل من يقول أنّ الرئيس التنفيذي لا يحق له التعبير عما يريده لشركته، هو في الواقع لا يفهم حقيقة القيادة”. وفي الواقع، لا يعتبر بينيوف العمل الناشط خياراً قيادياً، وإنما واجباً عصرياً يتطور باستمرار، ويقول: “يجب على الرؤساء التنفيذيين إدراك أن جيل الألفية سيدخلون المؤسسة، وهم يتوقعون من رئيسها التنفيذي أن يمثل قيمها. ولهذا يجب على كل رئيس تنفيذي التواصل مع هذه القيم”.

مثلاً، في عام 2015 بدأ موظفو شركة سيلز فورس في ولاية إنديانا، وهي أكبر شركة تقنية هناك، بالتواصل مع بينيوف للتعبير عن مخاوفهم بشأن قانون استعادة حقوق الحريات الدينية المعلق في الولاية. فأطلق بينيوف تصريحات علنية تهدد بإيقاف استثمارات الشركة في الولاية إذا تمت الموافقة على القانون، ممهداً الطريق لغيره من الرؤساء التنفيذيين ليتبنوا مواقف مماثلة. وقال أنّ قراره بالوقوف في وجه هذا القانون كان مبنياً على مبدأين هما: أن القيمة الجوهرية في شركة سيلزفورس هي المساواة وأن الموظفين يتوقعون أن يعتني رئيسهم التنفيذي بهم. يقول: “كل ما قلته هو: ‘أنتم تتخطون حدود قيمنا، ونحن نؤمن بالمساواة للجميع، وإذا قمتم بتطبيق هذا القانون فلن تكونوا ضمن فريقنا'”.

وبيّن بينيوف من خلال اتخاذ قرار واضح بدعم موظفيه أنه ليس بالضرورة أن تتدخل معتقداته الشخصية في قرار تبنّي موقف ناشط. وقال لمحطة الإذاعة الوطنية العامة (NPR): “إذا أردت إنشاء شركة عظيمة فمن الأفضل أن تأخذ جانب موظفيك. ومن الأفضل أن تبقى ملتزماً كشريك لهم”. وشدد مجدداً على هذا الالتزام في محادثاته معنا قائلاً: “يجب على كل رئيس تنفيذي أن يدعم موظفيه”.

التصرف وفق القناعات الشخصية. برزت كاثي كارتر، رئيسة شركة سوكر يونايتد ماركتنغ، كمدافعة رائدة عن المساواة في الاحترام والموارد والفرص للاعبات الإناث. ولكن دوافعها تأتي من قناعات شخصية، إذ تقول: “بالنسبة لي، يبدأ الأمر بالحرص على أن تعرف موقفك معنوياً وأخلاقياً كشخص مستقل، ولقد اكتشفت أن حقيقة الإنسان لا تتغير أبداً، وحقيقتك هي جوهرك وما تستند عليه وإذا أخلصت لها ستتمكن من الخوض في أي نقاش”.

كانت قيم كارتر دافعاً لها لإقامة حملة علنية تدعو لتقديم أجور ومعاملة مساويين للفريق الوطني الأميركي للنساء. كما دعت اتحاد كرة القدم الأميركي إلى تحليل أجور كوادره ودراستها من أجل ضمان ألا يكون هناك عدم مساواة بناء على النوع أو العرق. وفي الوقت ذاته، تؤمن كارتر أنه يجب على القادة النظر بعناية بشأن ما إن كان من المناسب أن يتدخل القائد أو الموظفون، أو اللاعبون في حالة كارتر، في القضايا الاجتماعية وما هو المكان المناسب لتدخلهم. على سبيل المثال، بعد أن قررت اللاعبة رابينو أن تجثو أثناء النشيد الوطني عند بداية بعض المباريات، كما اشتهر عن بعض لاعبي الاتحاد الوطني لكرة القدم كطريقة للتعبير عن آرائهم، منع اتحاد كرة القدم الأميركي هذه المظاهر. فدعمت كارتر علناً سياسة الاتحاد لأنها تشعر أنه يجب على المؤسسات الرياضية السيطرة على بعض السلوكيات الناشطة للاعبيها. وتؤمن بوجوب إدارة السلوكيات “ضمن حدود المنافسة”، أي السلوكيات المتبعة على أرض الملعب. بينما يحق للاعبين الاستعانة بشهرتهم ومنابرهم لنشر وجهات نظرهم خارج أرض الملعب.

صون الرسالة. في عام 2014، ورداً على تزايد القرارات التي تتخذها الجامعات بإلغاء دعواتها للمتحدثين بسبب سياساتهم، كلف روبرت زيمر مجموعة من الهيئة التدريسية في جامعة شيكاغو لصياغة بيان جديد يعكس التزام الجامعة بعدة أشكال من حرية التعبير والسماح بها. فجددت المجموعة في بيانها التأكيد على “بيان الجامعة بشأن مبادئ حرية التعبير” الذي أعلن عام 2012، والذي سمي لاحقاً “مبادئ شيكاغو”. وعندما سألنا زيمر عن سبب تبنيه هذا الموقف الصريح، شرح لنا أنّ دور الجامعات الحيوي يتمثل في تعريض الطلاب لجميع وجهات النظر، حتى التي قد تعارضها أو تجدها مسيئة، وأن الحركة التي تهدف لحماية الطلاب من المحتوى غير المرضي أو المثير للجدل تخالف رسالة جامعة شيكاغو وتقليدها العريق.

تباينت الآراء بشأن مبادئ شيكاغو في مبنى الجامعة. إذ عارض أكثر من 100 أستاذ مؤخراً دعوة ستيفن بانون لإلقاء خطاب فيها مدعين أنها بمثابة تأييد لخطاب الكراهية. ولكن كان موقف زيمر متوافقاً مع مواقف أسلافه، بما فيها موقف أحد رؤساء الجامعة في ثلاثينيات القرن الماضي حين أيد دعوة مرشح الحزب الشيوعي للرئاسة لإلقاء خطاب في مبنى الجامعة، مؤكداً على أن “البحث الحرّ أمر لا غنى عنه للحياة الجيدة”. ألهم هذا التاريخ زيمر لمناهضة حركة الجامعات لإلغاء الدعوات الموجهة للمتحدثين المثيرين للجدل.

قال زيمر: “شعرت أن هذا الأمر مناقض تماماً لما تؤمن به جامعة شيكاغو ولتقاليدها الفكرية. فكرت أنه من الضروري توضيح حقيقة قيمنا وما نؤمن به وأنها تتعارض مع إلغاء الدعوة”.

وعندما سألنا القادة عن كيفية صمودهم في وجه ردود الأفعال المحتملة، نبهت كاثي كارتر أنه يجب على القادة اليوم التحلي بقوة التحمل بقولها: “لا يمكنك الرد على كل ما يقوله الجميع، ويجب عليك أن تدرك أن الناس سيستهدفونك لأنهم قادرون على ذلك. وهذا نوع مختلف من القيادة عما عرفناه فيما مضى، وفي عصر ما قبل الإعلام الاجتماعي تحديداً. فلوحة المفاتيح اليوم أصبحت أقوى من القلم سابقاً”.

لعبة الميدان

قدم لنا القادة الذين أجرينا المقابلات معهم رؤى بشأن أسباب انخراطهم في قضايا سياسية صعبة ومعقدة، ولكننا أيضاً أردنا معرفة كيف يقومون بذلك. ما هي الأدوات التي يستخدمونها لحشد الأطراف المعنية بهم وجمهورهم؟ أخبرونا أنه على الرغم من ظهورهم على الإعلام الاجتماعي وإلقائهم خطابات علنية رفيعة المستوى، إلا أنهم يعتبرون أن هذه المعايير غير كافية إطلاقاً، ويعتمدون على “لعبة الميدان”، أي أعمالهم بعيداً عن الأضواء والتي تدعم جهودهم العلنية للتأثير بالتغيير في القضايا الهامة الحالية.

جنّد قادة آخرين. كان أحد العناصر الرئيسة في لعبة بينيوف الميدانية هو إقناع القادة البارزين الآخرين للتعبير عن آرائهم علناً. فأطلق عليه لقب “زعيم الرؤساء التنفيذيين الناشطين”، وأخذ يحثّ المدراء الآخرين على تبنّي مواقف ويدعو الموظفين في الشركات الأخرى لتشجيع رؤسائهم التنفيذيين على التعبير عن آرائهم علناً. يقول: “هدفي الأول هو مساعدة الرؤساء التنفيذيين الآخرين على إدراك أنهم مخولين للقيام بهذا الأمر”. وجعل تجنيد نظرائه جزءاً منتظماً من عمله من خلال حضوره ما لا يقل عن اجتماعين على وجبة العشاء شهرياً مع 20 رئيس تنفيذي أو أكثر للتحدث فقط عن عمل الرئيس التنفيذي الناشط. كما أنه يغتنم الفرص التي تمنحها له مجموعات الرؤساء التنفيذيين الكثيرة التي يشارك فيها لبثّ الحماسة لدى نظرائه كي يتحركوا بناء على قيمهم ويمثلوا شركاتهم ويناضلوا لأجل ما يؤمنون به.

ينوه بينيوف أن الاندفاع للانخراط في العمل الناشط لا يكون تلقائياً لدى معظم الرؤساء التنفيذيين، ويقول: “حتى الذين تخرجوا من جامعات الأعمال منهم لم يتلقوا تدريباً على العمل الناشط. فضلاً عن أن هناك تغيير جذري في واقع الرؤساء التنفيذيين ولذلك فهم يحتاجون للمساعدة والتشجيع والثقة. وأنا أحاول أن أساعدهم كي يدركوا أن هناك منابر عظيمة متاحة لهم”.

القيادة في عالم القضايا الشائكة

ويتبع زيمر أسلوباً مماثلاً، فهو يتواصل مع الرؤساء والإداريين في الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة من أجل مناقشة الحاجة لوجهات النظر المتنوعة ضمن حرم الجامعة بعيداً عن ضغط التغطية الإعلامية. كما يلتقي مع مدراء المدارس الثانوية كي يعرف كيف يفكرون بشأن تهيئة الطلاب لبيئة الحوار المفتوح وحرية التعبير عند انتقالهم إلى المرحلة الجامعية بحسب قوله. بالإضافة إلى أنه يقيم دعوات عشاء غير رسمية يستضيف فيها طلاب الجامعة من أجل مشاركة خبراتهم ومعرفة وجهات نظرهم ومناقشة رسالة الجامعة وسياستها.

أشرك مجلس الإدارة. عندما يعبر القادة عن آرائهم من الطبيعي أن تقف شركاتهم إلى جانبهم. ويسعى بينيوف بجد لتثقيف مجلس إدارة شركته من أجل ضمان إدراكهم لسبب تحدثه علناً بشأن قضايا معينة. وعندما سألناه عن سبب قيامه بذلك، كان جوابه في غاية الوضوح إذ قال: “يجب ألا يكون موقفك مفاجئاً في اجتماع مجلس الإدارة، ويجب عليك أن تشركهم في النقاش”. وأضاف أن إقناع المدراء بفكرة ما سيكون في غاية الصعوبة إذا قيدت تعاملك معهم بغرفة المجلس فقط، وخصوصاً عندما تكون الفكرة مثيرة للجدل، يقول: “أحضر أعضاء مجلس إدارتي إلى اجتماعاتي الخارجية واجتماعات الإدارة الهامة “والمراجعات التي أقوم بها لعمليات التشغيل ودعوات العشاء مع الزبائن وإلى الفعاليات التي تنظم للزبائن”. أنا أعلم أن هذا أمر مخيف بالنسبة لبعض الرؤساء التنفيذيين، ولكن بالنسبة لي فإن أكثر الأمور فعالية هو ضمان أن يكون مجلس الإدارة إلى جانبي”.

قم بتوعية الجمهور. يعمل القادة الذين تحدثنا إليهم بجد لضمان وضع مؤسساتهم بموقع يسمح لها بالتأثير على صناع القرار في واشنطن والرأي العام الذي يمكن ألا يكون متفقاً مع رسالاتها. ويتحدث بينيوف دائماً عن المواضيع الشائكة على التلفاز، وليس فقط ضمن البرامج المختصة بالأعمال وإنما ضمن البرامج العامة كبرنامج “هذا الصباح” من قناة سي بي إس (CBS) وبرنامج جود مورننغ أميركا. لقد تخطى زيمر حدود البرج العاجي كي ينشر رسالته للرأي العام. فكتب مقالة رأي في صحيفة وول ستريت ولاقت ترحيباً واسعاً، وألقى كلمات في فعاليات عامة استضافتها صحيفة واشنطن بوست. أما كارتر فقد خطت خطوة علنية كبيرة عندما قررت ترشيح نفسها لرئاسة إحدى أهم المؤسسات الرياضية وأطلقت حملة أوصلت صوتها إلى المحطات التلفزيونية الكبرى مثل إي إس بي إن ESPN وسي إن إن ويو إس أيه توداي (USA Today)، بالإضافة إلى موقع تويتر. وبذلك كانت توعية الجمهور جزءاً حيوياً من العمل الناشط بالنسبة لكل من هؤلاء القادة.

قصة قيادة جديدة

لا يؤمن جميع المدراء التنفيذيين أن العمل الناشط هو الطريقة الصحيحة للقيادة. ففي فبراير / شباط من عام 2018 وبعد النداءات بإبعاد شركة بيركشاير هاثاواي عن الأعمال المرتبطة بالأسلحة، أخبر وارن بافيت محطة سي إن بي سي (CNBC) التلفزيونية أنه سيرتكب خطأ إذا فرض وجهة نظره على موظفيه البالغ عددهم 370,000 وعلى مساهمي الشركة المليون، وقال: “أنا لست مربيتهم لأفعل ذلك”.

ولكن قلة من الشركات تتمتع برفاهية القدرة على الابتعاد عن المعركة السياسية، وتواجه الشركات التي تسعى بجد للبقاء على الحياد تحديات عديدة. خذ مثلاً ما حصل لشركة فيديكس أثناء فورة الشركات التي أخذت تلغي برامج التقارب مع الاتحاد القومي للأسلحة بعد حادثة إطلاق النار في مدرسة باركلاند. حيث أنّ فيديكس، التي تقدم حسومات للاتحاد القومي للأسلحة، التزمت الصمت لمدة خمسة أيام بعد الحادثة إلى أن أجبرها ضغط الزبائن على إعلان بيان بشأن سياساتها. وأشار البيان إلى أن شركة فيديكس دعمت علناً حظر الأسلحة الهجومية ومخازن المتفجرات الكبيرة، معارضةً بذلك الاتحاد القومي للأسلحة. ثم أعلنت في أعقاب ذلك ثلاثة بيانات أخرى بشأن برنامج الحسومات وسياسات شحن الأسلحة، وعلى الرغم من ذلك استمرت حملات المقاطعة التي شُنت عليها هي وغيرها من المؤسسات التي ترددت مثلها في ردود فعلها على حادثة باركلاند.

يتطلب العالم المستقطب أساليب جديدة في القيادة. إذ قال بينيوف لنا: “إن الأعمال هي أعظم منبر للتغيير، والرؤساء التنفيذيون ملزمون باستخدام قيادتهم لتوليد هذا التغيير في العالم. قد يتعلق الأمر بالمدارس أو بالبيئة، فهذه هي الأمور التي يمكن للرئيس التنفيذي اتخاذ خطوات بسيطة وملموسة فيها، وأنا أشجعهم على القيام بذلك”.

  • تكلفة اتخاذ موقف
يعبر قادة الشركات العامة عن آرائهم علناً. فما الذي يحدث لأسهم شركاتهم؟

ماذا يحدث عندما يتحدث رئيس تنفيذي علناً معبراً عن رأيه في قضايا شائكة أو موبخاً رئيس الولايات المتحدة بصورة مباشرة؟ هل تعاني شركته من رد فعل سلبي دائم أو مقاطعات مدمرة؟ هل يتقبل الزبائن، الحاليون منهم والمستقبليون، موقفه ذلك بحماس؟

تعتبر أسعار الأسهم أحد المقاييس المستخدمة في تقييم الأضرار أو الفوائد المالية الناتجة عن اتخاذ موقف علني. ومن أجل استكشاف العلاقة بين تحركات القادة وأداء الأسهم، تمعنا فيما يزيد عن 10 شركات أميركية قام رؤساؤها التنفيذيون بالإعلان عن مواقف علنية بشأن قضايا تتراوح بين قوانين الولاية التي تقوض “حقوق المنتمين لبعض المجموعات” (مثل قانون ولاية إنديانا لاستعادة الحريات الدينية مثلاً وقانون الأمن والخصوصية للمنشآت العامة في نورث كارولاينا المعروف باسم “قانون دورات المياه”)، وانتهاءً بمواقفهم بشأن الملاحظات غير الملزمة التي صرح بها الرئيس دونالد ترامب بعد الاشتباكات التي وقعت في ولاية فيرجينيا بين بعض العنصريين والمحتجين على مسعي وزارة العدل لإبطال قرار تأجيل ترحيل الواصلين أطفالاً (DACA)، وهو البرنامج الفيدرالي الذي يؤجل إجراءات ترحيل بعض اللاجئين الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة عندما كانوا أطفالاً (أو من يسمون بالحالمين). وقمنا بجمع الأسعار الختامية اليومية للأسهم على مدى أربعة أشهر، بدءاً من شهرين قبل تصريح كل رئيس تنفيذي وحتى نهاية مدة شهرين بعده، ووضعنا مخططاً لنسب التغيرات المئوية في أداء الأسهم. ثم قارنا نتائج كل سهم مع الأسعار الختامية للبورصة التي يتم تداول السهم فيها. وتبين الرسومات البيانية المصورة أدناه ما توصلنا إليه.

لم تشهد غالبية الشركات ارتفاعاً أو هبوطاً دائماً في سعر السهم بعد تصريحات رؤسائها التنفيذيين العلنية. وفي معظم الحالات التي شهدت فيها الشركات ارتفاعاً أو هبوطاً، عادت أسعار أسهمها إلى مستواها السابق خلال شهرين، بالإضافة إلى بعض الاستثناءات الملحوظة. على سبيل المثال، وقف جون شناتر، الرئيس التنفيذي لشركة بابا جونز (Papa Johsn)، ضد الاتحاد الوطني لكرة القدم، مدعياً أن سوء تعامل الاتحاد مع سلوك بعض اللاعبين لمناهضة الظلم العنصري أثناء النشيد الوطني تسبب بنفور الزبائن وتضرر مبيعات الشركة من البيتزا أثناء فترة بث المباريات. فتراجع سعر السهم بدرجة كبيرة بعد تصريح شناتر، الذي استقال بعدها بأسابيع، واستمر سعر السهم بالانخفاض على مدى الشهرين التاليين. وبالمقابل، ارتفع سعر سهم شركة آبل بعد قيام رئيسها التنفيذي تيم كوك باستنكار قوانين الحريات الدينية في إنديانا وآركنساس وبقيت مرتفعة على مدى فترة دراستنا.

تمكنت الأسهم التي درسناها من تتبع حركة السوق عموماً، صعوداً وهبوطاً، وأشارت إلى أن أي اضطراب يلي تصريح رئيس تنفيذي يترافق على الأغلب مع عوامل اقتصادية اعتيادية. ومرة ثانية، توجد بعض الاستثناءات. على سبيل المثال، الموقف الذي تبنته شركة كومكاست (Comcast) لدعم “الحالمين” تبعه انخفاض شديد في سعر أسهمها، رغم أن أسعار ناسداك ارتفعت عموماً.

تمكنت الأسهم التي درسناها من تتبع حركة السوق عموماً، صعوداً وهبوطاً، وأشارت إلى أن أي اضطراب يلي تصريح رئيس تنفيذي يترافق على الأغلب مع عوامل اقتصادية اعتيادية. ومرة ثانية، توجد بعض الاستثناءات. على سبيل المثال، الموقف الذي تبنته شركة كومكاست (Comcast) لدعم “الحالمين” تبعه انخفاض شديد في سعر أسهمها، رغم أن أسعار ناسداك ارتفعت عموماً. ورغم ذلك، لم يترافق تأييد شركة مايكروسوفت للحالمين مع أي انخفاض أو ارتفاع في سعر أسهمها أو أي انحراف عن اتجاهات السوق العامة.

من المؤكد أنّ الرابط ليس سببياً، فالسوق هو آلة معقدة تتأثر الأسعار فيها بسبب كثير من المعطيات. وما تشير إليه البيانات هنا هو احتمال أن يكون تجنب الرئيس التنفيذي للعمل الناشط خشية تأثر أداء الأسهم أمراً خاطئاً.

المؤلفون: سكوت بيريناتو (Scott Berinato): أحد كبار المحررين في هارفارد بزنس ريفيو. غريتشن غافيت (Gretchen Gavett): محرر مساعد في هارفارد بزنس ريفيو. جيمس ويتون (James Wheaton): مصمم في هارفارد بزنس ريفيو.
  • الآثار المتفاوتة للتحزب على شركات العلامات التجارية
تختلف المخاطر والمكاسب على قدر اختلاف وجهات النظر السياسية.

مع تزايد أعداد المدراء التنفيذيين الذين يستخدمون منصاتهم الصغيرة لتأييد قيم غير ذات صلة بالشركات التي يديرونها، يجب عليهم إمعان التفكير بكيفية توافق نشاطهم هذا مع مواقف عملائهم. فالشركات التي تنخرط في العمل المدني الناشط تخاطر بتبنىها مواقف تعكس قيم إدارتها ولكن ذلك يتسبب بنفور قطاعات مهمة من قاعدة الزبائن المنقسمة سياسياً.

والزبائن اليوم منقسمون أكثر من أي وقت مضى. وفقاً لمركز بيو للأبحاث (Pew Research Center). كان 49% من الأميركيين يشكلون مزيجاً من المحافظين والليبراليين في عام 2004، وأصبح هذا المزيج يشكل نسبة 31% فقط في عام 2017. ومن عام 1994 حتى 2017، اتسعت الفجوة الحزبية الوسطية من 15 نقطة إلى 36 نقطة. وتشير الأبحاث، بما فيها بحثنا، إلى أن هذا التحزّب ينتقل إلى شركات العلامات التجارية مع تزايد الزبائن الذين يفضلون إنفاق نقودهم على علامات تجارية تتوافق مع قيمهم السياسية.

ومن أجل الحصول على فهم أفضل لكيفية تأثير الاستقطاب السياسي على شركات العلامات التجارية، أجرينا استبانات لاستطلاع آراء 5,881 زبون تجزئة ممن يتمتعون بتوجه سياسي قوي (ديمقراطيين وجمهوريين) وصنفنا احتمالات انخراطهم في نشر الترويج الشفهي السلبي والإيجابي عن 45 شركة تجزئة. وأطلقنا على الشركات التي حازت على نسب مئوية أعلى من المتوسط في احتمال تفاعل زبائنها في الترويج الشفهي الإيجابي لها اسم “الشركات الآمنة”. وأما الشركات التي حازت على نسب مئوية أعلى من المتوسط في احتمال تفاعل زبائنها في الترويج الشفهي السلبي عنها فأطلقنا عليها “الشركات الضعيفة”. بينما أطلقنا على الشركات التي كان لديها بعض من الزبائن السلبيين وبعض من الإيجابيين اسم “الشركات المتنافرة”، وأما الشركات التي بقي زبائنها صامتين، أي دون أي ترويج شفهي سلبي أو إيجابي، فسميت “الشركات الخاملة”. (راجع مقالة “التوجهات السياسية لشركات العلامات التجارية” لمعرفة المزيد عن تصنيف الشركات).

ثم قمنا بوضع هذه النتائج ضمن مخططات وفقاً لانتماءات المشاركين السياسية، ووجدنا مستوى منخفضاً نسبياً من التوافق بين الديمقراطيين والجمهوريين، الذين توافقت تصنيفاتهم مع 16 علامة تجارية فقط من أصل 45. مثلاً، آبل وستاربكس وأمازون كانت جميعها آمنة بين الديمقراطيين، حيث حصدت نسبة ترويج شفهي إيجابي مرتفعة ونسبة ترويج سلبي منخفضة. وهذا ليس مفاجئاً، بما أن العديد من مواقف هذه الشركات الناشطة متوافق مع مواقف الديمقراطيين. خذ تيم كوك مثلاً، منذ توليه زمام الأمور في آبل أخذ يناهض علناً قوانين الحرية الدينية واصفاً إياها بالعنصرية. وفي عام 2016 اختارت شركة ستاربكس ألا تستخدم رسائل دينية صريحة على فناجين قهوتها في الأعياد، وفي 2017 أعلن رئيسها التنفيذي هوارد شولتز عن عزم الشركة توظيف 10,000 لاجئ. أما الرئيس التنفيذي لشركة أمازون جيف بيزوس فقد تبرع بمبلغ 33 مليون دولار للمنح الجامعية المخصصة لخريجي الثانوية العامة من المهاجرين غير الشرعيين الذين يشملهم قانون تأجيل ترحيل اللاجئين أطفالاً. بينما كانت هذه الشركات الثلاث مستقطبة بين الجمهوريين، إذ حصدت نسب ترويج شفهي مرتفعة، إيجاباً وسلباً على حد سواء. وهذا يشير إلى احتمال ألا ترضي التوجهات السياسية لهذه الشركات هؤلاء الزبائن، إلا أنهم يثمنون المنتجات التي تقدمها لهم.

يتمتع هذا التصنيف بقدر كبير من الأهمية. وعندما تفحصنا البيانات العامة المتوفرة لبعض الشركات، درسنا الارتفاع أو الانخفاض النسبي في مبيعات كل متجر مقارنة بالفترة السابقة، ووجدنا أن أداء بعض الفئات “كان أفضل من أداء الفئات الأخرى”.

التغير الوسطي في مبيعات كل متجر

الشركات الآمنة +2.4%

الشركات الخاملة +1.6%

الشركات المتنافرة +0.5%

الشركات الضعيفة -3.1%

كما أجرينا استبانة لاستطلاع آراء 2,064 زبوناً من المشترين ضمن فئة قطاع الأعمال بين الشركات (B2B)، حيث قاموا بتصنيف 38 شركة توريد. ووجدنا نسبة التوافق في قطاع الأعمال بين الشركات أكبر منها في قطاع التجزئة، حيث توافق الديمقراطيون والجمهوريون على 47% من الشركات قيد الدراسة، ولكننا مع ذلك واجهنا الكثير من وجهات النظر المتباينة.

خذ مثلاً شركة كوكاكولا، فهي تحظى بقيمة كبيرة لدى الجمهوريين ويعتبرها البعض رمزاً للوطنية الأميركية، كما أن مساهماتها السياسية تميل لصالح الجمهوريين أكثر من الديمقراطيين. وبينت الاستبانة التي أجريناها كيف يتجسد ذلك بين الزبائن، حيث كانت الشركة آمنة بين الجمهوريين ولكنها ضعيفة بين الديمقراطيين. أما شركة إكسون من الجهة الأخرى، فقد دعت لفرض ضريبة على الكربون، وهو موقف يميل نحو الليبراليين. ولكن في الوقت ذاته، تعتبر الشركة داعماً مالياً أساسياً لسياسات الحكومة التي تحافظ على أعمال التنقيب عن النفط والغاز وتوسعها، ولا عجب أنها صنفت “متنافرة” بين الزبائن المنتمين للطرفين السياسيين.

وكما هو الحال بالنسبة لشركات التجزئة، وجدنا أن لتصنيف شركات قطاع الأعمال التجارية بين المؤسسات آثاراً واضحة على الأداء المالي. وعندما قمنا بتحليل الأرباح الربعية لكل سهم ومتوسط نمو مبيعات الشركات التي تعمل في قطاع الأعمال التجارية بين المؤسسات وجدنا ما يلي:

متوسط الأرباح الربعية لكل سهم

الشركات الآمنة: 0.66 دولار

الشركات الخاملة: 0.53 دولار

الشركات المتنافرة: 0.25 دولار

الشركات الضعيفة: 0.19 دولار

متوسط نمو المبيعات

الشركات الآمنة: 9.02%

الشركات الخاملة: 7.97%

الشركات المتنافرة: 4.54%

الشركات الضعيفة: 6.61%

إذن، ماذا تعني هذه النتائج بالنسبة للمدراء التنفيذيين الذين يفكرون بتبني موقف ناشط؟ تشير بياناتنا إلى أنه يجب عليهم التفكير بتمعن بشأن التوجهات السياسية للزبائن واحتمالات تفاعلهم في الترويج الشفهي الإيجابي أو السلبي. ومن المحتمل أن تؤدي الخطوات التي توصل الشركات إلى فئة الشركات الضعيفة أو المتنافرة إلى الإضرار بأرباحها ونموها. وبقاء الشركة بعيداً عن المعركة السياسية يساعد الشركات على تفادي نفور زبائنها ولكنه قد يؤدي إلى تواضع أدائها المالي. تحتاج الشركات وقتاً طويلاً من أجل بناء علامات تجارية ناجحة، والعلامات التجارية العملاقة اليوم لديها زبائن من كلا الطرفين، الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة، وسترتكب هذه الشركات خطأً كبيراً إذا لم تتمكن من فهم كيف سيؤثر عملها الناشط على مواقفهم منها.

المؤلفون: فيكاس ميتال (Vikas Mittal): أستاذ مادة التسويق في كلية جونز للأعمال بجامعة رايس. آشفين مالشي (Ashwin Malshe): أستاذ مساعد لمادة التسويق في قسم التسويق بجامعة تكساس في سان أنطونيو. شريهاري سريدار (Shrihari Sridhar): أستاذ في مركز التطوير التنفيذي في كلية مايز للأعمال بجامعة تكساس أيه أند إم.
المشاركون: كيونغ هان (Kyung Han) وجي جونغ (Ji Jung): هما طالبا شهادة دكتوراه في كلية جونز للأعمال بجامعة رايس. إشينغ تشن وبيوونغ إم (Pyeong Em): هما طالبا شهادة الدكتوراه في كلية مايز للأعمال بجامعة تكساس أيه أند إم.
  • نوع مختلف من الأنشطة التي تمارسها الشركات
يمكن للرئيس التنفيذي ممارسة نفوذ اجتماعي وسياسي أكبر عندما يتبنى موظفوه موقفاً مؤيداً له، ولكن عليه السير بحذر.

إنّ مهمة صانعي القهوة في ستاربكس محصورة عادةً بتقديم مختلف أنواع القهوة والأطعمة الخفيفة للزبائن بأسلوب فعال وودود. ولكن في عام 2015، وفي أعقاب عدد من حوادث العنف العنصري الشهيرة التي ارتكبها بعض رجال الشرطة، طُلب من موظفي ستاربكس القيام بعمل آخر، وهو كتابة عبارة (race together) أو “لنتحد عرقياً” على فناجين القهوة لتشجيع زبائن ستاربكس على مناقشة قضية عدم المساواة بين الأعراق في الولايات المتحدة. وكان الرئيس التنفيذي للشركة هوارد شولتز هو من أعطى هذه التوجيهات لصانعي القهوة، وبذلك أصبحوا جزءاً من العدد المتزايد من الموظفين الأميركيين الذين يُطلب منهم الانخراط مع شركاتهم في قضايا الساعة الاجتماعية والسياسية.

إنّ تجنيد الموظفين وانخراطهم في الأعمال السياسية يجعلهم الجمهور المتمم لعمل الرئيس التنفيذي الناشط، وقد أصبح استراتيجية ذات أهمية متزايدة تتبعها الشركات للتأثير في السياسات العامة والانتخابات. وقد أجريتُ استبانة لاستطلاع آراء مدراء الشركات، تم فيها تصنيف “حشد الموظفين” كأداة فاعليتها مساوية لفاعلية “توظيف عضو من الجماعة الضاغطة”، وأكثر فاعلية بكثير من المساهمة في لجنة العمل السياسي أو شراء الإعلانات السياسية. كما أجريت استبانة لاستطلاع آراء الموظفين الأميركيين، وقال ربع المشاركين فيها إن كبار مدرائهم أو مشرفيهم تحدثوا معهم في قضايا سياسية في مرحلة ما.

يتمثل انخراط الموظفين بعدة أشكال على أرض الواقع، فقد يخبر الرئيس التنفيذي موظفيه عن المرشح السياسي الذي يعتقد أنه سيكون الأفضل للشركة، أو يطلب من الموظفين كتابة رسالة لمجلس الشيوخ (الكونغرس) للتعبير عن دعمهم أو معارضتهم لقانون معين، أو يشجعهم على حضور المسيرات أو حفلات جمع التبرعات أو اجتماعات البلدية التي تعقدها شخصيات سياسية تدعمها الإدارة. وتضع معظم الشركات تجنيد موظفيها ضمن إطار الطلبات التي ينبغي أن تلبى، تماماً كما فعلت شركة خدمة نقل الطرود “يو بي إس” (UPS) عندما عقدت اجتماعاً للموظفين في مجلس البلدية مع أعضاء المجلس التشريعي من الجمهوريين من أجل دعم قضية قانون تخفيض الضرائب في أواخر العام الماضي.

ولكن قد يشعر الموظفون في بعض الحالات أنهم مجبرون على المشاركة. مثلاً، قال أكثر من 15 عاملاً في منجم فحم تابع لشركة الطاقة “موراي إنرجي” (Murray Energy) أنهم تعرضوا للضغط من أجل الحضور إلى تظاهرة مؤيدة للمرشح ميت رومني أثناء انتخابات عام 2012 بالولايات المتحدة من دون تقاضي أجر على ذلك. وفي مقابلة إذاعية قال روبرت مور، رئيس إدارة التشغيل في الشركة أن “الحضور… كان إلزامياً ولكن لم يُجبر أحد عليه”. ولكن عمال المنجم قالوا أنهم حضروا بدافع الخوف من انتقام مدرائهم منهم.

ووفقاً لمقابلاتي مع ما يزيد عن أربعين موظف في الشؤون الحكومية والاستبانات التي أجريتُها لاستطلاع آراء المئات من مدراء الشركات، تعكس الأهمية المتزايدة للنشاطات السياسية التي يطلقها أرباب العمل ازدحام الساحة السياسية التي كانت فيما مضى لا تتسع سوى لانضمام شركة ما لرابطة تجارية من أجل ضمان تأثير صوتها في سياسات الولاية والسياسات الوطنية. بينما نجد أن الشركات اليوم، وبالأخص ضمن القطاعات الخاضعة للتنظيم الشديد التي تقع في مقدمة الإصلاح السياسي، أصبحت بحاجة للجان عمل سياسي خاصة بها وفريق عمل خبير في الشؤون الحكومية وبرامج مطورة جداً “لانخراط الموظفين” من أجل امتلاك مقعد على طاولة صنع القرار في واشنطن وعواصم الولايات الأخرى.

شرح أحد القيادات في رابطة تجارية، في كلمة تعريفية عن عمل الرؤساء التنفيذيين الناشط وانخراط الموظفين، وذلك ضمن اجتماع شبكة صناع فرص العمل (Job Creators Network) في مدينة ميامي بولاية فلوريدا الأميركية، هذا الموقف بقوله: “إذا كان لديك ألف موظف، فكل واحد منهم لديه دوائر اتصال تبلغ 20 أو 30 أو 50 شخصاً من عائلته وفي مجتمعه. وإذا تم تثقيف هؤلاء جميعاً بشأن سبل معيشتهم وأرزاقهم، فإنهم سيتخذون القرارات الصائبة…للحفاظ على قوة النظام الحر للشركات”. كما قالت لي واحدة من مسؤولي الشؤون الحكومية في شركة اتصالات أن دفع موظفيها لكتابة رسالة للكونغرس “يولّد لديهم حساً عالياً بأهمية القضية”، وتوجهت لأعضاء الكونغرس بقولها: “لدينا 3,500 عامل في مقاطعتكم وهذه القضية تهمهم”. كانت الاستراتيجية واضحة، وتتمثل بحشد عدد كاف من العمال والموظفين من أجل كتابة رسائل تقنع السياسيين البارزين بالمبادرة للتواصل مع الشركة بشأن القضية.

اليوم أكثر من أي وقت مضى

لماذا أصبح تجنيد الموظفين في السياسة أمراً شائعاً؟ أولاً، لأنه ببساطة أصبح أسهل بكثير من ذي قبل. فقد أصبحت معظم الشركات اليوم تتواصل مع موظفيها عبر الرسائل الإلكترونية أو مواقع الإنترنت الداخلية وتقدم منبراً جاهزاً لتنبيههم إلى القضايا السياسية التي تهم الشركة. بالإضافة إلى أن العديد من المجموعات التجارية، بما في ذلك غرفة التجارة الأميركية واتحاد الصناعات الوطنية ولجنة العمل السياسي لقطاع الأعمال، تقدم برامج يمكنها تكييف الرسائل أو النداءات السياسية للمجموعات الفرعية من الموظفين بناء على مناصبهم أو مواقعهم الجغرافية. واستنتجت الاستبانة التي أجريتها لاستطلاع آراء أهم مدراء الشركات أن أكثر من ثلثي الشركات التي تحشد موظفيها تستخدم مجموعة برامج كهذه. وتعني هذه الأدوات أنه بإمكان الشركات استهداف الموظفين الذي يقطنون في مقاطعات أو ولايات محورية في إصدار التشريعات، لاستقبال معلومات بشأن الانتخابات المهمة أو القوانين قيد النظر. كما يمكن للمدراء أيضاً تتبع من يستجيب من الموظفين للطلبات السياسية واستخدام هذه المعلومات في الحملات التالية.

ثانياً، بما أن نقابات القوى العاملة في القطاع الخاص تكاد تختفي (حيث أن 6% فقط من موظفي القطاع الخاص كانوا ينتمون للنقابات في عام 2017)، أصبح للمدراء حرية أكبر للانخراط سياسياً مع الموظفين. بينما في الجيل السابق كان من الممكن أن تتلقى الشركات خطابات سياسية منافسة من النقابات، ولكن اليوم لن يحدث ذلك في ظل غياب النقابات شبه التام عن الحوار.

ثالثاً، هناك بضعة قيود اتحادية تواجهها الشركات بشأن الطلب من موظفيها الاشتراك في النشاطات السياسية والتأثير في سلوكهم السياسي، ولكنها أصبحت أكثر التباساً على مدى العقود الماضية. مثلاً، في قضية منظمة سيتزن يونايتد ضد الهيئة الفيدرالية للانتخابات عام 2010، منح قرار المحكمة الأميركية العليا أرباب العمل مجالاً أكبر بكثير لتجنيد الموظفين عن طريق السماح للشركات باستخدام أموال الشركة في أغراض انتخابية بالإضافة إلى استخدام وقت موظفيها وجهدهم كأحد موارد الشركة من أجل التأثير في الانتخابات.

ورغم أن تأييد مكان العمل وإطلاق الحملات فيه هو أمر قانوني في معظم الحالات، إلا أنه يجب على الشركات الانتباه إلى أن العلاقة بين المدراء والموظفين ليست متساوية، ولذلك قد تبدو محاولات حشد الموظفين للتصويت لمرشح معين أو دعم قانون معين إجباراً لهم. وهذا هو أحد أسباب اعتبار هذا النوع من التجنيد والحشد غير قانوني بالنسبة للموظفين الاتحاديين. وبالفعل، وجدت في بحثي أن أغلبية الموظفين والعاملين لا يوافقون على دعم مكان العمل الصريح لمرشحين معينين أو حملات انتخابية.

تم تصنيف “حشد الموظفين” كأداة فاعليتها مساوية لفاعلية “توظيف عضو من الجماعة الضاغطة”، وأكثر فاعلية بكثير من المساهمة في لجنة العمل السياسي أو شراء الإعلانات السياسية.

كيف تقوم به على النحو الصحيح؟

من الواضح أنه يجب على الشركات السير بحذر في هذا الميدان الجديد. وقد وجدت في بحثي أنّ قرابة نصف الموظفين الذين تواصل معهم قادتهم شعروا بالارتباك بسبب جهود صاحب عملهم السياسية، ولكن هناك مجموعة فرعية كبيرة، ربما تصل إلى 20% من هؤلاء الموظفين، شعرت أنها خضعت لضغط من أجل المشاركة في العمل الذي لم تتفق معه. فمن الممكن ألا يرحب الموظفون بالرسائل المتعلقة بالموضوعات التي قد تسبب انقساماً بين اهتماماتهم واهتمامات الشركات (كالنقابات والأجور الدنيا) وطلبات العمل السياسي أثناء فترة الانتخابات والرسائل ذات الصبغة الحزبية. كما يمكن لمواقف الشركات استفزاز المستهلكين وإبعادهم عنها كما كان الحال عندما تبرعت شركة تارغت (Target) بمبلغ كبير لمجموعة سياسية تدعم المرشح الجمهوري لمنصب حاكم ولاية مينيسوتا في عام 2010، حيث هدد الزبائن الذين لا يدعمون موقف المرشح من بعض القضايا الاجتماعية بمقاطعة الشركة. واعتذر رئيسها التنفيذي لاحقاً في رسالة وجهها للموظفين قال فيها: “كان القصد من مساهمتنا السياسية…دعم النمو الاقتصادي وزيادة الوظائف…أدرك أن قرارنا أثر على الكثير منكم بطريقة لم أتوقعها، ولذلك أنا أقدم خالص اعتذاري”. وحتى السياسيين أنفسهم، قد يجدون العمل السياسي الناشط ساماً لدرجة أنهم يبتعدون عن شركة ما بسببه، مما يؤدي إلى تقويض السبب عينه الذي تم حشد الموظفين لأجله.

وفي مشهد غير مستقر كهذا، ستستفيد الشركات كثيراً من قوانين اتحادية جديدة تحدد بوضوح كيف ومتى يمكن للرؤساء التنفيذيين تجنيد موظفيهم في العمل السياسي الناشط. وسيكون هذا القانون الذي يملي حقوق كل من المدراء والموظفين مفيداً للطرفين على حدّ سواء. ولكن إلى أن يتم تفعيل قوانين كهذه يجب على المدراء اتخاذ بضع خطوات لضمان ألا تعود جهودهم في حشد الموظفين بمفعول عكسي عليهم.

فليكن العمل تطوعياً. يجب أن تكون الشركات شديدة الوضوح فيما يتعلق بعدم إجبار موظفيها على التواصل مع المسؤولين المنتخبين أو الاشتراك في أي نشاط سياسي آخر، والحرص على عدم تأثير قرار الموظفين بالاشتراك أو الرفض على تقييم أدائهم أو تطورهم المهني. وإحدى الخطوات الجيدة لتحقيق ذلك هي وضع إعلانات مرئية وواضحة، ضمن جميع النقاشات السياسية، تقول للموظفين أن مشاركتهم تطوعية. وهذا تماماً ما فعله أحد مصنعي المستحضرات الدوائية الذين قابلتهم، وسجل مشاركة أكبر بين الموظفين بمجرد توضيح هذه الفكرة.

أوجد أرضاً مشتركة. تتمثل الخطة الذكية الأخرى بحصر انخراط الموظفين في النشاطات التي تصبّ بوضوح في صالح الإدارة والموظفين على حد سواء. خذ مثلاً ستاربكس وماريوت، الشركتان اللتان التزمتا بمساعدة موظفيهما على الاشتراك بمنصة تيربوفوت (TurboVote) واستخدامها للتصويت. كما وقعتا تعهداً طوعياً بإبقاء هذه الجهود حيادية وفصلها عن وظائف الشؤون الحكومية فيها.

تغلغلت السياسة في جميع أوجه الحياة الأميركية تقريباً، ولذلك يجب ألا يتفاجأ أحد بزيادة النشاط السياسي للشركات. ولكن هناك مجازفات ومكاسب للرؤساء التنفيذيين الذين يدفعون موظفيهم للانخراط في السياسة. ويجب أن يتمكن الناشطون الطموحون في الشركات من تحقيق التوازن اللازم بين إعلام الموظفين بمخاطر السياسة والضغط عليهم للتجمع والتأثير لصالح شركاتهم.

المؤلف: ألكساندر هيرتيل فيرنانديز (Alexander Hertel-Fernandez): أستاذ مساعد في كلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا. وهو مؤلف كتاب “السياسة في العمل: كيف تحول الشركات موظفيها إلى جماعة ضغط” (Politics at Work: How Companies Turn Their Workers into Lobbyists)، من منشورات جامعة أوكسفورد عام 2018.
  • إدارة عدم التوافق
لا يتفق جميع موظفيك مع توجهك السياسي أو الاجتماعي أو الديني أو الفكري، لا بأس في ذلك.

عندما يفكر الرئيس التنفيذي بالتعبير عن رأيه في قضية شائكة علناً، غالباً ما يركز على كيفية تأثير كلماته وأفعاله في سمعة العلامة التجارية للشركة وسلوك عملائها. ولكن هناك أمراً على القدر ذاته من الأهمية، وهو كيفية تأثير عمله الناشط هذا على موظفيه. فإذا كان الموقف الذي يتبناه القائد يثير غضب الموظفين الأساسيين أو يتسبب بانفصالهم عن العمل أو يستفزهم ويدفعهم للبحث عن وظيفة أخرى، عندئذ ستكون آثار عمله الناشط على الشركة وخيمة. مثلاً، بعد قيام شركة “دلتا” (Delta) بإلغاء الحسومات لأعضاء الاتحاد القومي للأسلحة عقب حادثة القتل الجماعي بالرصاص في مدرسة باركلاند في ولاية فلوريدا بالولايات المتحدة، اعترف الرئيس التنفيذي إيد باستيان بآثار قراره على موظفيه، فكتب في مذكرة موجهة لجميع العاملين بالشركة شارحاً أن قراره كان بهدف إبعاد شركة دلتا عن القضية، وقال: “لدى موظفينا وعملائنا مجموعة واسعة من وجهات النظر… ونحن لا نتحيز لأي جانب. أعلم أنه شعور مزعج أن نجد أنفسنا عالقين في نقاش مشحون عاطفياً كهذا”.

بدأنا بدراسة التوجه السياسي في مكان العمل في عام 2016، من أجل فهم آثار الانعزال السياسي على الموظفين. إذ تكشف لنا الأبحاث السابقة عن زيادة احتمالات شعور الموظفين المنسجمين مع ثقافة المؤسسة بالرضا في وظائفهم وارتفاع مستوى أدائهم؛ وبالمقابل تكون نتائج عمل الموظفين الذين يشعرون بعدم الانتماء سلبية. ولمعرفة ما إن كانت هذه النتيجة تنطبق على عدم التوافق في التوجهات، قمنا بتحليل بيانات التاريخ المهني لأكثر من 40,000 مهني يعملون في شركات استثمارية للأسهم الخاصة على مدى 10 أعوام. ثم حددنا توجهاتهم السياسية اعتماداً على بيانات لجنة الانتخابات الفيدرالية الأميركية التي تسجل المساهمات الفردية المقدمة للمرشحين والحملات ومجتمعات العمل السياسي والأحزاب السياسية. كما أجرينا مقابلات متعمقة مع 25 موظف يعملون في عدة مستويات.

وكان أحد المواضيع التي برزت لنا على الفور في بحثنا هو أن عمل الرئيس التنفيذي الناشط ما هو إلا جزء من كلّ. وقد أقر من أجرينا معهم مقابلاتنا بإمكانية وجود توجه سياسي مهيمن ضمن الشركات. مثلاً، نوه أحد المشاركين في مقابلاتنا، وهو شريك في شركة أسهم خاصة تعمل في الطاقة البديلة، أن شركته تميل نحو الجانب الليبرالي رغم أنه معروف شخصياً بأنه محافظ. (وبعض الأمثلة الشهيرة خارج قطاع الأسهم الخاصة هما ستاربكس وجوجل وتقفان على الجانب الليبرالي؛ بينما تقف كل من “تشيك فيل أيه” (Chick-fil-A) و”هوبي لوبي” (Hobby Lobby) على الجانب المحافظ). كان المشاركون في مقابلاتنا قادرين فعلاً على تحديد توجهات شركاتهم، وتحدثوا عن النزعات الليبرالية والمحافظة بنسب متساوية، وشرحوا لنا كيف توافقت توجهات شركاتهم، أو لم تتوافق، مع توجهاتهم السياسية الشخصية.

كما وجدنا أن التوجه السياسي يشكل جزءاً بارزاً من التعاملات في العمل. على سبيل المثال، قال لنا أحد المشاركين في المقابلات أن السياسة تبرز “عند مناقشة أفكار استثمارية محتملة كالاستثمار في الرعاية الصحية ذات الارتباط الوثيق بالسياسة”. واستفاض رئيس في شركة استثمارية كبيرة قائلاً:

“يمكن أن تؤثر السياسة في الأعمال التي نستثمر فيها، ولذلك فهي تؤثر في مجموعة الشركات والقطاعات المحتملة التي تهمنا. ولذلك نناقش تبعات القرارات المتعلقة بالسياسات، وكيف ستؤثر في استراتيجيتنا واستثماراتنا”. وقال آخرون أن المسار السياسي يبرز بصورة روتينية في المحادثات اليومية الاعتيادية، وشرح لنا أحد الشركاء في شركة استثمارية قائلاً: “كان جميع الموظفين في الشركة التي عملت فيها سابقاً ينشطون سياسياً أثناء الموسم الانتخابي”.

لم يتحدث أي شخص ممن أجرينا معهم محادثاتنا عن التعرض لإساءة صريحة بسبب وجهة نظره، ولكن بعض الموظفين وصفوا شيئاً من الانعكاسات الدقيقة لذلك عليهم، قال أحدهم: “كنت أنا وزميل لي منعزلين (من ناحية التوجه السياسي)” وقال آخر: “كنا نختبئ في الظل غالباً. ليس هناك تنوع سياسي كبير حيث أعمل، لذلك يبقى من يشعرون باختلافهم صامتين وغير مرتاحين”. كما قال شريك في شركة استثمارية موالية للحزب المحافظ أن زملاءه “ضحكوا عليه” بعد أن أفصح عن المرشح الذي صوت له في الانتخابات الرئاسية عام 2008، إذ قال: “كان الجميع يتحدثون عن الانتخابات، وأخبرتهم عن المرشح الذي حصل على صوتي. لم تحمل ردة فعل زملائي ازدراءً ولا أي تصرف قاس، وإنما انفجروا ضاحكين. فقد افترضوا أن ما قلته عن التصويت للمرشح الليبرالي كان مجرد مزحة، وبدلاً من تصحيح افتراضهم الخاطئ جاريتهم وأكملت الحديث على أنه مزاح فعلاً” وتابع معبراً عن استيائه: “كانت النقاشات السياسية في تلك المؤسسة تستبعد أي حوار أو رأي من الطرف الآخر”.

كما استخدمنا تقنيات إحصائية لدراسة المقياس النهائي للانفصال عن العمل، أي مغادرة الشركة. وكانت فرضيتنا تقول أن احتمالات مغادرة الموظفين غير المنتمين إلى التوجه السياسي المهيمن في شركاتهم أكبر من احتمالات مغادرة المنسجمين معه. وتبين أن ذلك غير صحيح، إذ تتدنى احتمالات مغادرة غير المنتمين في ظل ظروف معينة. ولكن احتمالات مغادرة الموظفين غير المنتمين إلى توجه الشركة السياسي من الليبراليين أقلّ منها بالنسبة للمحافظين. بل كانت احتمالات مغادرة الليبراليين عموماً أقلّ بكثير من احتمالات مغادرة المحافظين بغضّ النظر عن درجة توافقهم مع توجه مؤسساتهم السياسي، ولكننا ننتظر المزيد من الأبحاث لتفسير أسباب ذلك.

تترتب على نتائجنا الكلية عدة آثار بالنسبة للمدراء. فعلى المستوى الأساسي الأهم، يجب أن يكون القادة واعين للتوجه السياسي المهيمن لشركاتهم إن وجد، وأن يكونوا على قدر من الحساسية تجاه حقيقة أن بعض الموظفين قد يشعرون بعدم الانتماء. كما يجب على المدراء والتنفيذيين إنشاء بيئة تحترم وجهات النظر المختلفة. وهذا الأمر تحديداً مهم جداً في ضوء المطالب المتزايدة لتبني الرؤساء التنفيذيين مواقف ناشطة. وفي حين أن التصريحات العلنية للقادة ليست وحدها ما يحدد الثقافة السياسية للشركة، إلا أنها تعكسها وتعززها عموماً. تخيل مثلاً أننا في شهر سبتمبر / أيلول من عام 2017، كان الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات الكبيرة قد أدلى للتوّ بتصريح علني يعارض قرار وزارة العدل الأميركية بإلغاء برنامج تأجيل ترحيل الواصلين أطفالاً الذي يحمي المهاجرين الذين دخلوا إلى الولايات المتحدة على نحو غير شرعي عندما كانوا أطفالاً. من المؤكد أن الموظفين الذين لا يتفقون مع موقف الرئيس التنفيذي سيجدون صعوبة في إعلان تأييدهم قرار وزارة العدل. ويمكن أن يكون هذا الجو المحبط ساماً للموظفين غير المنسجمين، وتقع على عاتق القادة مسؤولية منع ظهوره.

يمكن للقادة بذل جهد إضافي لتشجيع غير المنسجمين على المشاركة في النقاش والاستفادة من التوتر بين وجهة النظر المهيمنة للشركة ووجهات نظرهم. فالمؤسسة القوية تثمن النقاش الحيوي في كل الأحوال. مثلاً، عندما يناقش أحدهم الجدوى التجارية لاستثمار مقترح، يمارس الآخرون حقهم بانتقاد عيوبها. ويجب أن تنطبق هذه التوقعات ذاتها على النقاشات السياسية، فأسلوب النقاش هذا صحيّ ويساعد على حلّ الخلافات ويمنح الموظفين أصحاب وجهات النظر المعارضة دوراً قيماً جداً.

أما بالنسبة للموظفين، فقد كشف بحثنا استراتيجيتين استعان بهما المشاركون في مقابلاتنا لتجاوز الضغط وشعور عدم الراحة الذي يتسبب به عدم الانتماء إلى التوجه السياسي لشركاتهم. حيث أصبح بعضهم “معارضين سريين” يؤيدون القضايا السياسية بطرق لا تجذب الانتباه غير المرغوب فيه، كتقديم التبرعات سراً لمرشح أو حزب ما. أما البعض الآخر فقد أصبحوا “مبشرين في أماكن العمل”، حيث يسعون للتفاعل مع زملائهم الموظفين الآخرين وتثقيفهم وربما جذبهم إلى جانبهم. قال أحد المدراء في شركة أسهم خاصة كبيرة أن العمل في شركته أشبه بدخول شخص محافظ إلى إحدى كليات رابطة اللبلاب (Ivy League) الليبرالية، وشرح ذلك بقوله: “يشكل هذا الجو تحدياً فكرياً، وربما أنه من الجيد أن يتميز المرء وأن يتلقى معاملة مميزة وكأنه المحافظ أو الليبرالي الرمز”.

كما يمكن أن تولّد توترات التوجه السياسي في مكان العمل فرصة فريدة لتقليص الاستقطاب السياسي الكبير الذي نشهده في المجتمع الأميركي. فمكان العمل هو أحد الأماكن القليلة التي يمكن للأشخاص على اختلاف نظراتهم للعالم التواصل من خلاله بصورة منتظمة. وإذا تعلمنا أن نختلف على نحوٍ بنّاء في أماكن العمل، فربما استطعنا فعل ذلك في الأماكن الأخرى.

المؤلفان: سيكو بيرميس (Sekou Bermiss): أستاذ مساعد لمادة الإدارة في جامعة تكساس في كلية أوستن ماكومز للأعمال. روري ماكدونالد (Rory McDonald): أستاذ مساعد لمادة إدارة الأعمال في وحدة إدارة التقنيات والعمليات في كلية هارفارد للأعمال.
  • تجاهُل بعض الخلافات

حوار مع ماكس ستير، رئيس مؤسسة “الشراكة للخدمات العامة”

لا يستطيع جميع القادة الانحياز إلى أحد الأطراف في القضايا الاجتماعية والسياسية، أو لا يرغبون بذلك. وفي الحقيقة، يعتبر العديد منهم البقاء على الحياد عنصر جوهري في استراتيجياتهم. ولكن القيادة في عالم القضايا الشائكة تؤكد أنه من الصعب بقاء القائد دون انتماء حزبي في عالم يزداد الاستقطاب فيه يوماً بعد يوم، لأنه يعني بطريقة ما أنه سيتوجب عليه الانخراط في العمل الناشط في سبيل الحياد. وقد لا نجد من يفهم معنى ذلك أكثر من ماكس ستير، الرئيس التنفيذي لمؤسسة “الشراكة للخدمات العامة” (Partnership for Public Service)، وهي مؤسسة حيادية غير ربحية تعمل مع الإدارات السياسية من أجل توظيف الموظفين السياسيين المعينين وتدريبهم.

أجرينا مقابلة مع ستير من أجل مقالنا “القيادة في ظل الانقسام”. وفيما يلي نسخة مختصرة ومنقحة من حوارنا حول القيادة في عالم القضايا الشائكة تحديداً.

تشاترجي: هل يمكنك إخبارنا كيف تمكنت من تجاوز التحزب والحفاظ على موقفك الحيادي؟

ستير: من المؤكد أن الحفاظ على موقف حيادي هو الأصعب نظراً لتزايد التحزب في مجتمعنا. إلا أننا نمارس دور الوسيط النزيه في قضايا الإدارة، وقد نجحنا في تجاهل بعض الخلافات الحزبية عن طريق الرجوع إلى الأمر الذي يجب أن يتفق الجميع عليه، وهو أنه مهما كان حجم الحكومة الذي نرغب بها، إلا أننا نرغب أن تكون على قدر كاف من الكفاءة والفاعلية في تحقيق أفضل قيمة للشعب الأميركي.

تركز مهمتنا الأساسية على زيادة كفاءة حكومتنا. فالحكومة هي أداتنا الوحيدة للعمل الجماعي من أجل التعامل مع أشد مشاكلنا إلحاحاً. وتنطلق مؤسستنا من فكرة أن وجود حكومة تعمل على نحو سليم هو أمر حيوي لديمقراطيتنا. إذا تمسكنا بهذا المبدأ وجعلناه النجم الهادي لمسارنا، سننجح في اجتياز بحر السياسة المحفوف بالمخاطر بسلام.

توفيل: لطالما كان هدفكم التقليدي الشامل هو زيادة كفاءة الحكومة، ولكن هل هذا ممكن في عالم اليوم الذي يسوده الاستقطاب؟

يزداد تشكيك الناس اليوم في رغبتهم بمساعدة الحكومة على العمل بكفاءة. إذ يخشى الذين يختلفون مع برنامج الإدارة الحالية أن يؤدي تحسين عمل الحكومة إلى المزيد من النتائج التي لا يرغبونها. ولكن يعود تفكيرنا إلى ذاك النجم الهادي، لأن الأمر يتعلق بأصول مشتركة بيننا جميعاً. ولذلك لا يمكننا الابتعاد والسماح للأمور في حكومتنا بالانهيار لنعود بعدها ونجمع القطع المتناثرة ونقول أنّ الأمور ستكون بخير، لأنها لن تكون بخير أبداً. نحن نسعى لمساعدة الشعب وصانعي السياسات على فهم أن هناك حدوداً يحظر على التحزب تجاوزها، وأننا سنجازف بخسارة كل شيء إذا ما زججنا بدعائم مجتمعنا الديمقراطية الجوهرية في ساحة القتال السياسي.

نحن لا نسعى لتحقيق أهداف سياسية من وراء محاولة إصلاح جميع المشاكل، كمشكلة تسليح الإجراءات الحكومية مثلاً، وإنما نركز على تحسين كفاءة حكومتنا وفعاليتها فحسب. إنه لمن المخيف حقاً مشاهدة التحزب وهو يستهدف البنية التحتية للوظائف الحكومية. فنحن نتمتع بقوة عاملة مهنية استثنائية، وهي حيادية وتتمتع بالخبرة وتضع الرسالة نصب عينيها، ولكنها تعاني بسبب خضوعها لقيادة زعماء سياسيين لا يهتمون بإدارة المواهب وزيادة كفاءة عمل الحكومة ولا بجعل ذلك جزءاً من مسؤوليات عملهم الأساسي في الكونغرس والجهاز التنفيذي.

تشاترجي: عادة ما تحاول الشركات الترويج لمصالحها في واشنطن من خلال عملها ضمن رابطات تجارية وحشد التأييد والمساهمة في مجتمعات العمل السياسي. هل ترى دوراً ناشطاً لهذه الشركات في ترويج رسالتك المتمثلة بتعزيز دور حكومي أكثر كفاءة؟

غالباً ما يغفل الرؤساء التنفيذيون عن هذه النقطة. فالمفارقة هنا أن الشركات تتفاعل مع الحكومة حول السياسات التي تفضلها هذه الشركات، ولكنها نادراً ما تنتبه لكيفية تنفيذها من أجل تحقيق نتائج أكثر فاعلية. وخير مثال على ذلك هو إطلاق موقع التأمين الصحي healthcare.gov التابع للحكومة الفيدرالية، حيث اشتعلت حرب طاحنة بشأن السياسات المتعلقة بالمسؤوليات التي يجب على الحكومة تحملها في الرعاية الصحية، ومع ذلك لم يفكر أحد بشأن كيفية تحقيق الوعود التي قطعت في النهاية. ليس هناك أي قائد شركة ممن قابلتهم عازم على تخصيص 99.9% من وقته على الفكرة دون تخصيص أي وقت فعلي على تنفيذها، فجميع القادة يركزون على التنفيذ والقدرة التشغيلية في أعمال شركاتهم فقط، ولكن المعهود أنهم لا يفعلون ذلك في أعمالهم مع الحكومة.

تشاترجي: أعتقد أن موظفيك لديهم توجهاتهم السياسية الخاصة، وبالأخص نظراً لدرجة الاستقطاب الكبيرة التي وصل إليها عالمنا اليوم. كيف تحقق هذا التوازن بين آراء موظفيك ورسالة المؤسسة؟

أنا أفتخر بتنوع مجموعة الرؤى والتوجهات السياسية لدى موظفينا، وأفتخر بالبيئة الداخلية للمؤسسة التي توضح وجوب احترام الجميع لهذه الاختلافات. ونحن نسعى لتواجد ممثلين عن كلا الحزبين بصورة دائمة في مجلس الإدارة وفريقها وضمن مجموعة الشركاء الأوسع. نحن جميعاً، وبغضّ النظر عن توجهاتنا السياسية، نستفيد من الأداء القوي للحكومة ونتعرض جميعنا للأذى بسبب الحكومة ذات الأداء المتدني. والحقيقة أنه مهما كان موقعك من الطيف السياسي، لا بد أن يكون لديك إيمان بقدرة قسم ما من الحكومة. والقيادة بالنسبة لي تتعلق بإبقاء تركيز الموظفين على الهدف الأسمى وكيفية مساهمتنا جميعاً في تحقيقه. وهذا ما يمكنك من القيادة في عالم القضايا الشائكة بالفعل.

المؤلفان: آرون تشاترجي (Aaron K. Chatterji)، ومايكل توفيل (Michael W. Toffel).

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

Content is protected !!