كيف توسعت شركة موجي اليابانية عالمياً بفكرتها “بضاعة جيدة دون ماركة”

10 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عندما أطلق المدراء التنفيذيون في شركة سايو (Seiyu)، الشركة الفرعية لمجموعة سيزون غروب (Saison Group) اليابانية لتجارة التجزئة، شركة جديدة باسم موجيروشي ريوهين (Mujirushi Ryohin) أو موجي (Muji) بوصفها متخصصة بالأدوات المنزلية والأطعمة والألبسة في العام 1980، كانت الفكرة الأساسية من ذلك إنتاج وبيع منتجات جميلة ورخيصة الثمن –من دون زخرفة وتصاميم معقدة- يمكن أن يحتاجها كل مستهلك ياباني. وفي الواقع تعني عبارة موجيروشي ريوهين باليابانية “بضائع ذات نوعية جيدة من دون ماركة”.

ولم يكن الهدف في البدء النمو والتوسع، بل تحقيق الفكرة الأساسية. ولكننا كنا على قناعة بأن منتجاتنا التي لا تحمل ماركة مميزة –لكنها تحمل قيمة- ستلقى رواجاً خارج اليابان أيضاً.

وفي نهاية الثمانينيات، اختبرنا عالم ما وراء البحار: فقد شاركت موجي في معرض للمنتجات اليابانية في لندن وأثارت اهتماماً بالغاً بين تجار التجزئة البريطانيين. ومع أن متاجر هارولدزالمشهورة كانت أول من عرض تبني خط الأعمال هذا، فقد رفض أسلافي المدراء ذلك، انطلاقاً من اعتقادهم بأن ثقافة تلك المتاجر لا تتفق مع ثقافة شركتنا. وعوضاً عن ذلك، أطلقنا شراكة أعمال مع شركة ليبرتي (Liberty) البريطانية، وهي عبارة عن متجر كبير يركز اهتمامه على التصاميم. ولقد شجعتنا هذه الشراكة واكتشفنا هدفاً جديداً: ألا وهو نشر ثقافتنا وفكرتنا الأساسية في توفير منتجات ذات جودة عالية وأسعار معقولة وتصاميم مستدامة في أرجاء العالم كافة.

مبدئياً، عندما تكتشف شركة ما مؤشرات على توفر طلب أجنبي لمنتجاتها، عادة ما تسارع إلى التوسع لتلبية ذلك الطلب. غير أنه لم يكن لدينا منافسين صاعدين في ذلك الوقت، وكان ينقصنا بعض الموظفين من ذوي الخبرة، وأجبرتنا أنظمة الشركة الصارمة على أن نكون أكثر حذراً وتأنياً. وهكذا بدأنا بإبرام الشراكات الخارجية بحذر وروية مقصودتين.

وفي العام 1991،أي بعد سنة واحدة على انتقال موجي من ملكية شركة سايو إلى ملكية شركة ريوهين كايكاكو المنشأة حديثاً، افتتحنا متجرين مستقلين في كل من لندن وهونغ كونغ. وانتظرنا حتى العام 1998 لافتتاح متاجر لنا في بقية أوروبا وحتى العام 2005 للدخول إلى بر الصين الرئيسي، مع أنها كانت قد برزت قبل ذلك بسنوات عدة بوصفها أهم سوق لتجارة التجزئة في العالم. وفي العام 2007 افتتحنا أول متجر لنا في الولايات المتحدة.

وبوصفنا كنا لا نزال شركة صغيرة، حافظنا على سرعة نمو بطيئة وثابتة، وذلك بسبب انضباطنا المالي أيضاً: فلم نكن نفتتح متجراً جديداً في منطقة ما إلا بعد أن تكون متاجرنا الأخرى في تلك المنطقة قد باتت مربحة، ولم نكن ننفق المال على الدعاية. كنا نريد أن نفهم البلد الذي نرغب في العمل فيه، ونتعرف على تفاصيل سوقه للبيع بالتجزئة، ونعالج أية معيقات تشغيلية محتملة، ونبني سمعة جيدة من خلال زبائن متجرنا الأول أنفسهم، قبل التوسع وافتتاح متاجر أخرى في ذلك البلد.

فبما أن منتجاتنا طويلة الأمد، كنا نريد أن تكون متاجرنا أيضاً طويلة الأجل.

وعلى مدار العقود الثلاث الماضية اكتشفنا فعلاً أن هنالك سوقاً كبيراً لمنتجات موجي في مختلف أرجاء العالم. لقد حافظنا على نمونا المحلي وبات لدينا 418 متجر في اليابان، كما أصبحنا نملك اليوم أيضاً 403 متاجر في 27 بلداً موزعاً بين أوروبا وأميركا الشمالية وأستراليا وآسيا والشرق الأوسط. وتحت مظلة شركة ريوهين كايكاكو التي أدرجت في سوق بورصة طوكيو العام 1998، تبقى موجي شركة يابانية. غير أننا فخورون بأن لنا اسماً مميزاً على مستوى العالم بأسره.

بداياتنا العالمية

لقد التحقت بشركة سايو سنة 1976 وانتقلت إلى ريوهين كايكاكو سنة 1993. وكوني سلكت مساري المهني عبر قسم الأدوات المنزلية، كنت مهتماً على الدوام في تقديم ما تنتجه شركة موجي إلى باقي أجزاء العالم. غير أن منحنى تعلمنا كان بالطبع قاسياً.

فانطلاقتنا الأولى في بريطانيا-من خلال شراكتنا مع شركة ليبرتي- لم ترضنا. وذلك ليس لأن منتجاتنا لم تكن تباع على النحو الذي نأمل؛ فمبيعاتنا كانت جيدة. بل إن المشكلة تمثلت في عدم التطابق في ما بيننا من حيث النظرة الاستراتيجية. لقد كانت لدينا رؤية واضحة حول كيفية تقديم وتوزيع منتجات موجي في الخارج، واعتقدنا أن بوسعنا الاستفادة من موارد شركة ليبرتي للقيام بذلك. غير أننا قررنا في نهاية المطاف أن افتتاح متاجر خاصة بنا نشغلها بأنفسنا ووفق مبادئنا قد يكون النهج الأمثل لتقديم فكرتنا الأساسية ومنتجاتنا للزبائن. لقد احتفظنا بشراكتنا مع شركة ليبرتي بوصفها شريكاً لديه خبرة في بريطانيا وافتتحنا متجراً في شارع ريجنت بالقرب من سيرك أكسفورد في العام 1991. لم تتعد مساحة متجرنا 155 متراً مربعاً، لكن عروضنا بتصاميمها غير المزخرفة وأحادية اللون والتي لا تحمل علامات تجارية، كانت فريدة ومتميزة ولاقت رواجاً منقطع النظير.

غير أننا وقعنا في بعض الأخطاء. ففي بادئ الأمر أرسلنا إلى المتجر موظفي بيع يابانيين يجيدون اللغة الإنكليزية بامتياز وموجهين نحو الكفاءة في العمل. غير أننا سرعان ما اكتشفنا بأنهم لم يكونوا فعالين تماماً. فمع أنهم زودوا المتجر بأكثر منتجاتنا مبيعاً، لكنهم لم يخبروا الموظفين المحليين كيفية عرض تلك المنتجات وتنسيقها وفق الطريقة الخاصة بشركة موجي. وهكذا ظهر المتجر بشكل مختلف تماماً عما كنا قد خططنا وتوقعنا.

وبما أن شركة ريوهين كايكاكو لم تكن قد استقلت إلا قبل وقت قصير، فلقد كانت في ذلك الحين ضعيفة من الناحية التشغيلية. فصحيح أن مجموعة سيزون غروب كانت تقوم ببعض عمليات التصدير، غير أنها لم ترسل أياً من المدراء التنفيذيين ذوي الخبرة المناسبة إلى متجرنا في الخارج، ولذلك كان علينا الاعتماد بقوة على شركة ليبرتي في الأمور الإدارية واللوجستيات. ولقد أدى ذلك في نهاية المطاف إلى مواجهة بعض الصعوبات. فمدراء شركة ليبرتي كان لهم مهامهم واهتماماتهم الخاصة ولم يكن متجرنا على رأس أولوياتهم. كما أننا كنا مرغمين على إدخال تكاليف التشغيل المرتفعة في أسعار منتجاتنا، فخسرت سمة “الثمن الرخيص” التي كانت إحدى دعائم فكرتنا الأساسية.

غير أن استجابة الزبائن بقيت مشجعة. وهكذا أنهينا الشراكة مع شركة ليبرتي في العام 1994 وأنشأنا شركة فرعية في أوروبا لإدارة متجرنا الأول في لندن، ومن ثم الثاني، والثالث وبعد ذلك متجرنا الأول في البر الأوروبي: موجي سان سولبيس في باريس.

لم تكن لدينا في ذلك الوقت استراتيجية أو معايير واضحة حيال مكان توسعنا . لقد بحثنا ببساطة عن مساحات ضمن المدن، تصلح لأن تكون مناطق تسوق كونها تعج بالناس الذين من المرجح أن يشتروا منتجاتنا. ولقد كانت محاولات الانتقاء المدروس هذه مثمرة، الأمر الذي مهد الطريق لمزيد من النمو في عموم أوروبا بعد ذلك بسنوات عدة.

التوسع في آسيا

لقد كنا أثناء التسعينيات نتوسع أيضاً –على نحو غير منتظم- في الجوار الأقرب لمقرنا الرئيس، ليس فقط في اليابان، بل في مناطق أخرى من آسيا. فلقد افتتحنا أول متجر لنا في هونغ كونغ بشراكة مع شريك محلي أيضاً، تزامن مع افتتاحنا لمتجرنا الأول في لندن تقريباً في العام 1991. وقد تجاوزت مبيعاتنا القيمة المخطط لها منذ العام الأول، وعلى مدار السنوات الأربع اللاحقة توسعنا في أماكن متعددة من المدينة. وفي العام 1995 توجهنا إلى وجهة آسيوية أخرى ألا وهي سنغافورة. فأنشأنا شراكة أخرى وافتتحنا متجراً في تقاطع بوغيس. وفي كلتا الحالتين كان الشريك المحلي إما مرتبطاً بالشركة الأم سايو في ذلك الوقت أو مختاراً من قبلها.

ومع أن زبائننا في تلك الأسواق أعجبهم ما كنا نعرضه وإيراداتنا كانت قوية، فقد واجهنا مشاكل مشابهة لتلك التي واجهناها في المملكة المتحدة. فالشركات الآسيوية لم تكن مربحة. ولما كنا إلى جانب شركائنا نجد صعوبة بالنمو في الاقتصاد الياباني الذي كان يعاني من الركود، قررنا في العام 1998 الانسحاب من كل من هونغ كونغ وسنغافورة.

غير أن غيابنا لم يطل. ففي العام 2000 جرى اختيار سلفي تاداميتسو ماتسوي رئيساً لشركة ريوهين كايكاكو وبدأ بتنظيف إدارة شركة موجي وعملياتها. وبحلول العام 2001 وصلنا إلى درجة كافية من الاستقرار المالي لكي نعيد إحياء طموحاتنا في التوسع في عموم آسيا. فأنشأنا شركة فرعية في هونغ كونغ في العام 2001 وبدأنا بافتتاح متاجرنا هناك من جديد بمعدل متجرين في العام الواحد. وفي العام 2003 قمنا بنفس الأمر في سنغافورة. وفي العام 2004 أسسنا شركة موجي كوريا. (ولقد انطلقنا من جديد للتوسع في أوروبا في الوقت ذاته تقريباً، فعقدنا صفقات للحصول على تراخيص في الدول الاسكندنافية وأسسنا شركة موجي إيطاليا).

ثم دخلنا إلى بر الصين الرئيسي. فلقد لاحظنا في بداية الألفية الثالثة أنه على الرغم من تسجيل شعارنا وماركتنا في البلاد، إلا أن شركات أخرى كانت تستخدمهما -نفس الأحرف ونفس العبارات اليابانية- وذلك لكي تبيع منتجات ملونة ورخيصة وذات تصاميم سيئة لا تشبه منتجاتنا في شيء. ولقد كان لأحد الشركات المزوِّرة 14 متجراً، بعضها في هونغ كونغ .

وبوصفي عايشت لمدة عشرين سنة منتجات شركتنا حتى غدت قريبة جداً من روحي، وكنت في ذلك الوقت مديراً إدارياً مشرفاً على عمليات التسويق والإعلان والترويج والمبيعات في ريوهين كايكاكو، فقد كنت أشعر بالأذى كلما رأيت واحداً من تلك المتاجر. فلم يكن بمقدورنا رؤية بلد كامل من المستهلكين يظنون أن تلك البضائع المزورة هي منتجات موجي. فأقمنا دعوى قضائية ضد المزورين، لكننا لم نكن على ثقة بأن القضاء الصيني سيقف إلى جانبنا، ولذلك قررنا بأن نأخذ زمام الأمور بأيدينا: أن نأتي بمنتجات موجي الحقيقية إلى الصين، وهكذا افتتحنا متجراً في شانغهاي في العام 2005.

كان موضوع ضمان الجودة لا يزال يشكل مشكلة بالنسبة إلينا، وبخاصة بالنظر إلى الاتساع الجغرافي الهائل للسوق الصينية. ومع تباعد متاجرنا عن بعضها البعض، لم يكن بمقدورنا إرسال مدرائنا التنفيذيين وموظفي البيع اليابانيين في شركتنا لكي يشرفوا على جميع تلك المتاجر. وهكذا، عندما جرى انتقائي رئيساً لشركة ريوهين كايكاكو العام 2008، كان على رأس أولوياتي ضمان أن يشعر الزبائن بخبرة موجي نفسها –بدءاً بالدخول إلى المتجر وانتهاءً بشراء المنتج واستخدامه- في كل أنحاء العالم بغض النظر عن مكان المتجر.

لقد أنشأنا قسماً متخصصاً بوضع القواعد والمعايير لتصميم المتاجر وترتيبها وتخطيط عمليات التسويق والبيع. وبدأنا بتوحيد تدريبات الموظفين في الخطوط الأمامية واستقدام مدراء المتاجر المحليين إلى طوكيو لتلقي التعليمات. كما قمنا بتنظيم عملياتنا في التوزيع والمحاسبة والتسويق والبيع، بحيث تمكنا من تشارك نفس البيانات. مع أننا بتنا الآن نصنع ونبيع أكثر من 7,000 منتج، فإننا لا نعتمد إجراءات تكييف أو مواءمة خاصة في أي بلد أو منطقة.

وكما يطيب لي أن أقول دائماً، فإنني أرغب في أن تكون منتجات موجي كالماء، لها نفس المواصفات العالمية في كل مكان. وأعتقد أن هذا الالتزام بالرؤية والتنفيذ الموحدين كان أحد العوامل الأساسية لنجاحنا في السنوات الأخيرة، ليس فقط في البر الصيني، حيث لدينا 200 متجر، وفي هونغ كونغ ، حيث لدينا 17 متجراً، بل في باقي أسواق ما وراء البحار.

السوق الأميركية

على الرغم من نمو أعمالنا عالمياً في منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة، إلا أننا اقتربنا من السوق الأميركية بشيء من الخوف. فمن ناحية، هذه السوق بعيدة جداً عن اليابان؛ ومن ناحية أخرى، أخافتنا جداً ثقافة التقاضي السائدة في أميركا بين المستهلكين والشركات. فعلى سبيل المثال، أذكر أنني سمعت قصة (وربما مجرد خرافة) في الوقت الذي كنا نناقش فيه انطلاقتنا في السوق الأميركية، حول رجل حاول تجفيف قطته المبللة بالماء في جهاز مايكروويف ورفع دعوى قضائية ضد الشركة المصنعة لذاك الجهاز لتحصيل تعويض عن الضرر الذي لحق بقطته! فكيف لأية شركة تتعامل مباشرة مع الزبائن أن تبقى على قيد الحياة في بيئة عمل كهذه؟

بالطبع، ندرك في السياق العام مدى أهمية السوق الأميركية بالنسبة إلينا –ليس فقط بسبب الإيرادات الإضافية التي توفرها هذه السوق، بل أيضاً لكي ننشر مبادئنا قدر المستطاع. وفي الأماكن المتخمة بالمواد التي يمكن شراؤها وتجار التجزئة الذين يحاولون بيعك المزيد والمزيد منها، نعتقد أن منتجاتنا يمكن أن تكون ذات فائدة مميزة.

ولقد كانت مدينة نيويورك بالطبع خيارنا الأول للانطلاق منها، وقد اخترنا منطقة سوهو العامرة بالشباب والحيوية لافتتاح أول متجر لنا في أميركا في العام 2007. وبعدما شعرنا أن سوق مانهاتن قد يكون مفيداً لنا، قمنا بافتتاح خمسة متاجر إضافية في تلك المنطقة ومحيطها حتى الآن. كما قمنا باختبار كاليفورنيا أيضاً ومن ثم توسعنا فيها فبات لنا متاجر في سانتا مونيكا وسان جوزيه وهوليوود وبالو ألتو. وفي العام 2017 افتتحنا متجراً في بوسطن. قد يبدو افتتاح عشرة متاجر في عشرة أعوام بطيئاً، غير أننا ملتزمون بتطوير متاجرنا بخطى واثقة وانتظار الوقت المناسب للتحرك دون عجلة.

ولقد ركزنا اهتمامنا حتى الآن على مناطق المدن والجامعات والأماكن التي تنجح فيها تجارتنا الإلكترونية. غير أن الأسواق الأميركية الناضجة كالتي اخترناها تمثل تحدياً لأسباب عدة. فبما أن إنتاجنا لا يزال بغالبيته في آسيا، نضطر إلى شحن منتجاتنا عبر المحيط للوصول إلى نقاط البيع في أميركا. إلا أننا نأمل في غضون الخمس إلى عشر سنوات المقبلة مع نمو آثار أقدامنا في أميركا، بأن نصنع بعض منتجاتنا –مثل أنظمة التخزين المنزلي- في القارتين الأميركيتين. وعلاوة على ذلك، بما أن تكاليف الاستئجار وأجور العمل والإنشاء مرتفعة، وبخاصة في الأماكن التي فيها اتحادات نقابية، لا يمكننا بناء متاجر كبيرة وعرض منتجاتنا بكثرة كما يحلو لنا، أو بيعها بأسعار منافسة. غير أننا نحاول تجاوز هذه التحديات من خلال الخبرة في الاختيار: فنحن نفتخر بانتقائنا تشكيلة المنتجات المثالية لكل متجر من متاجرنا.

من المؤكد أن المنافسة في هذه المدن شرسة، ولا شك في أن عدم لجوئنا إلى الترويج –الأمر الذي يشكل دعامة من دعائم فلسفتنا في الابتعاد عن الزخرفة – يعيق تقدمنا بعض الشيء. ومع ذلك فلقد وجدنا أن بإمكاننا الاعتماد على جودة منتجاتنا وفريق البيع في شركتنا كما على الدعاية الشفهية لزبائننا لكي نتميز عن سوانا. وتتمثل إحدى الطرائق لإنجاز ذلك في إدخال أساليب جديدة للبيع بالتجزئة إلى السوق الأميركية. فعلى سبيل المثال، قمنا في متجرنا الرئيس في نيويورك، الجادة الخامسة، بتوفير خدمة التصميم الذاتي للزيت العطري الخاص واللوحة التطريزية الخاصة.

في مواجهة النزعة التجارية البحتة

كيف نجحنا في إنجاز هذا التوسع العالمي وحافظنا في الوقت ذاته على نمونا محلياً في بيئة اقتصادية لا تزال هشة؟ لطالما نظر المستهلكون إلى شركة موجي بوصفها قيمة يمكن شراؤها بالمال، ولذلك فقد أبلينا بلاءً أفضل من غالبية الشركات الأخرى في فترة تراجع الاقتصاد الياباني. ولقد أجرينا تجارب على فئات متعددة من المنتجات في سوقنا المحلية –فلدينا في اليابان الآن مقاهٍ ومنازل ومخيمات على سبيل المثال أثبتت نجاحاً كبيراً. واليوم نبحث عن مساحات صغيرة وبعيدة من بلدنا كانت في يوم من الأيام مراكز تسوق مزدهرة وباتت اليوم مدناً شبحية، نطلق عليها اسم “الشوارع المغلقة” لأن نوافذ جميع المتاجر فيها مغلقة. إننا نعتقد أننا من خلال افتتاح متجر أو مقهى موجي هناك، قد نتمكن من بث الروح في تلك الأماكن الميتة.

وفي خارج البلاد، نستمر بالتحرك بحذر متى كان الوقت مناسباً. وما زلنا متمسكين بسياستنا بألا نفتح متجراً جديداً إلا بعد التأكد من أن متاجرنا المفتوحة في البلد أو المنطقة المعنيين قد باتت تعمل بربح، كما إننا نثق بالمعلومات التي يزودنا بها مدراؤنا المحليون. ولدينا ثلاثة مدراء إقليميين –لمنطقة أوروبا وشمال أميركا؛ ومنطقة شرق آسيا (الصين، وهونغ كونغ ، وكوريا الجنوبية، وتايوان)؛ ومنطقة جنوب وغرب آسيا وأوقيانوسيا (أستراليا، والهند، وإندونيسيا، وماليزيا، والشرق الأوسط، والفيليبين، وسنغافورة، وتايلاند) – مسؤولون مباشرة عن رؤساء الفروع في البلدان المختلفة. ويقوم المدراء الإقليميون باقتراح افتتاح متاجر جديدة أثناء اجتماعات لجنة تخطيط المتاجر التي يحضرها أيضاً رئيس شركة موجي ساتورو ماتسوزاكي وأنا (بوصفي رئيساً الآن). وهنا يتم اتخاذ القرارات النهائية بناءً على القواعد التي وضعناها سنة 2003. وتشمل الأسواق التي دخلناها مؤخراً: المملكة العربية السعودية، والبحرين، والهند، والتي افتتحنا فيها أولى متاجرنا سنة 2016.

لقد باتت عملياتنا خارج اليابان تشكل اليوم 35% من حجم أعمالنا، ونسعى إلى التوسع أكثر عالمياً. غير أن هدفنا لا يتمثل في النمو قدر المستطاع، بل في أن نسعى بدأب وثبات للوفاء بعهود شركة موجي في أن نقدم فائدة لحياة الناس في أرجاء العالم كافة. فذلك هو تعريفنا لنجاح شركتنا في مقابل المبالغة في النزعة التجارية البحتة. إننا نسعى إلى جعل المنتجات الجيدة والتي تدوم طويلاً متاحة لأكبر عدد ممكن من المستهلكين والشروع معهم بحوار ذي مغزى حول أهمية مفهوم الاستدامة.

لقد قمنا، في أحدث خطة استراتيجية لشركتنا، بتسليط الضوء على الكلمة اليابانية “كانجي إي كوراشي”. من الصعب ترجمتها إلى العربية، بيد أنها تعني مبدئياً العيش كجزء من الجماعة ببساطة وضمير حي وانسجام. إننا نطمح إلى رؤية هذه الفكرة تتغلغل في أكثر الأماكن اكتظاظاً بالسكان كما في أكثرها نأياً عن مراكز المدن.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .