دفع الموظفين إلى الارتباط بالعمل يبدأ بتذكُّر الأسس التي تمثلها شركتك

5 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تُنفق المؤسسات أكثر من 100 مليار دولارٍ سنويّاً؛ لتحسين ارتباط الموظفين بالعمل، لكن بحسب غالوب؛ فإن 13% فقط من الموظفين يرتبطون بعملهم، أما الموظفون غير المرتبطين فيكلّفون الشركات الأميركية ما بين 450 مليار دولار و550 ملياراً سنوياً؛ إثر الإنتاجية المهدورة.

إن السبب وراء قصور معظم الجهود المبذولة لتعزيز الارتباط بالعمل، هو أنها مصممة لتنمية ارتباطهم من خلال طرقٍ إجماليةٍ عامةٍ؛ فهي تحاول جعل الموظفين يشعرون أنهم يعملون لحساب شركة مسؤولة، أو أن القادة في شركتهم يهتمون بأمرهم. لدينا منحى أكثر دقة وقوة يتمثل بارتباط الموظف بالعلامة التجارية؛ وهذا ما يُنشئ رابطاً مهماً بين الموظفين والعملاء.

يتحقق موضوع الارتباط بالعلامة التجارية للموظفين، عندما يكون الموظفون متحيزين للعلامة التجارية للمؤسسة ومنخرطين فيها، يتطلب الأمر أن تمتلك الشركة هوية للعلامة التجارية، معبّراً عنها بوضوحٍ، وأن يكوّن قادة الشركة ارتباطاً إيجابيّاً متعدد الأبعاد، بين الموظفين وهوية العلامة التجارية؛ والهدف المنشود هو التيقن من معرفة الموظفين ما تمثله العلامة التجارية، ومن التزامهم بتعزيزها من خلال أفعالهم.

اقرأ أيضاً: التنافس بين الموظفين

يختلف مفهوم ارتباط الموظف بالعلامة التجارية عن مفهومَيِ “العلامة التجارية لصاحب العمل”، و”العلامة التجارية للعمالة”، اللذين يشيران إلى جهود المؤسسة المبذولة لتحسين صورتها، ولجذب الموظفين الموهوبين والحفاظ عليهم في المؤسسة، كما أن ذلك المفهوم هو أكثر من مجرد مفهوم “التسويق الداخلي” أو مفهوم “الدعاية الداخلية“، وهما ما يمثلان ترويج الشركات علامتها التجارية لموظفيها، مثلما تفعل مع العملاء، وتوقّعها منهم “شراء” الرسالة التي تحاول “بيعها” لهم. لا يتعلق الأمر ببيع أيّ شيء، أو حتى بإخبار الموظفين بما يجب أن يفعلوه، بل يتعلق بإعلام الموظفين وإلهامهم وإشراكهم بالعلامة التجارية؛ حتى يرغبوا في دعمها وتعزيزها.

عندما يرتبط الموظفون بالعلامة التجارية فقط، سيفكرون ويتصرفون بالطرق المحددة المؤدية إلى النتائج المحددة التي تسعى إليها الشركة. على الموظفين استيعاب أهداف الشركة وقيمها؛ حتى يتخذوا قرارات تدعم تلك الأولويات بوضوح. في نهاية المطاف، سيصمّمون تجربة العملاء مع العلامة التجارية وتحقيقها؛ وهو ما يعزز المركز التنافسي للعلامة التجارية، ويعزز المساواة فيها.

يشتمل الارتباط بالعلامة التجارية للموظفين على ثلاثة أبعاد:

الالتزام الشخصي والعاطفي: على سبيل المثال، يشعر الموظفون بارتباط عاطفيّ بالعلامة التجارية، ويتصرفون على أنهم سفراء لها؛ فيتشاركون هم وأصدقاؤهم وعائلاتهم ومجتمعاتهم في المعلومات الإيجابية حولها، وينصحونهم باستخدامها.

فهم استراتيجية العلامة التجارية: يدرك الموظفون من هم العملاء المستهدَفون من قِبَل العلامة التجارية، وكيفية تركيز العلامة التجارية نسبة إلى المنافسين، وما الذي يجعلها فريدة وقيّمة من وجهة نظر العملاء.

الانخراط اليومي في العلامة التجارية: يستطيع الموظفون الحصول على الوصول المناسب إلى الأدوات والبيانات، المتعلقة بكيفية فهم العملاء للعلامة التجارية، وهم يغذّون العلامة التجارية ويعززونها على أساس يوميّ، عند كل نقطة اتصال بينهم وبين الزبائن. وحتى هؤلاء الموظفون الذين لا يتواصلون مباشرة بالعملاء، يفهمون دورهم في نقل تجربة العملاء مع العلامة التجارية، ويؤدونه كما يجب.

هذا النوع من الارتباط مفقود في معظم المؤسسات؛ إذ توضح دراسة نشرت في مجلة إدارة العلامات التجارية (Journal of Brand Management)، أن أربعة موظفين من كل عشرة، يبذلون جهداً للتمكن من وصف علامتهم التجارية، أو لشرح كيف يشعر العملاء – في رأيهم – بأن هذه المؤسسة مختلفة عن المؤسسات المنافسة. وتوضح استشارية العلامة التجارية تينيت بارتنرز (Tenet Partners)، أن 28% فقط من الموظفين يوافقون بشدة على أنهم يعرفون قيمة العلامات التجارية التابعة لشركتهم، وأن موظفاً واحداً من بين كل خمسة موظفين، يوافق بشدة على أن قادة الشركة يخبرون الموظفين بوجوب إظهار الموظفين قيم العلامة التجارية في عملهم.

من أجل تنمية ارتباط الموظف بالعلامة التجارية؛ خذ بعين الاعتبار النمط المتعدد الأبعاد الذي استخدمته ليليان توموفيتش، المسؤولة عن الخبرة، ومديرة التسويق في “منتجعات إم جي إم” (MGM Resorts) وفريقها؛ فقد أرادت “منتجعات إم جي إم” تغيير حجم عملها من مجرد شركة كازينو إلى شركة عالمية للترفيه والمنتجعات، وأرادت أن تكون مشهورةً بأماكنها الترفيهية وفنادقها التي لم تكن مركزاً لألعاب المقامرة، مثل “بيلاجيو” (Bellagio) و”أم جي أم غراند” (MGM Grand) في لاس فيغاس.

تعلمت توموفيتش هي وزملاؤها التنفيذيون أنهم لا يستطيعون توجيه جهودهم التحويلية إلى العناصر الخارجية فقط؛ فقد كان موظفو “فندق أم جي أم” بحاجةٍ إلى الارتباط بطموح الشركة؛ ليتمكنوا من تحقيقه؛ لذا، أطلقوا مشروع بذل جهودٍ من أجل الارتباط الداخلي، أطلقوا عليها اسم “وي أر ذا شو” (We Are the Show). لم يعزز هذا المشروع فقط هوية الشركة كعلامةٍ تجارية للترفيه، بل ساعد أيضاً على تطبيق معاني أوائل أحرف الكلمات التي شكلت كلمة “SHOW”، والتي لخّصت الثقافة المرغوبة للعلامة التجارية:

  • S أي (smile): تشير إلى الابتسام والترحيب بالنزيل.
  • H أي (hear): تشير إلى الاستماع إلى قصتهم.
  • O أي (own the experience): تشير إلى امتلاك التجربة.
  • W أي (wow): تشير إلى إبهار الضيف.

لقد أطلقوا مبادرة الارتباط بمؤتمر لأفضل 7,000 قائد في الشركة، شرحوا سبب بدء الشركة بمشروع التحول، وما يتطلبه الأمر لإنجاز المشروع، ثم عرضوا على هؤلاء القادة كيفية توجيه تقاريرهم المباشرة، مُدرجين الثقافة المرغوبة في جميع أنحاء المؤسسة، حيث يُدرّب جميع الموظفين البالغ عددهم 77,000 موظف بشكل شخصيّ، من قِبَل مديريهم، وفي مدة ثمانية أشهر.

يخضع الموظفون في هذه الدورات التدريبية لمنهج دراسيّ؛ من أجل تعرّف المواقف والسلوكات، التي جسّدت قيم العلامة التجارية لـ “منتجعات إم جي إم” الجديدة وتجربتها أيضاً. على سبيل المثال، وجّه القادة – من خلال توجيهات وتوقّعات تابعة للمؤسسة المعيّنة وللقسم المعيّن – الموظفين الذين يحتكّون بالزبائن، من خلال القول لهم: “كن ظاهراً أمام الزبائن ومتاحاً لهم، مع استخدامك لغة الجسد الإيجابية وتعبيرات الوجه الودية”. أُعطي القادة مجموعة من الأدوات التي تحسّن الارتباط بالعلامة التجارية، وتتضمن الأدوات كتاباً لاستراتيجيات القيادة و”جدول الارتباط”؛ من أجل مساعدتهم على التخطيط لمحتوى جلسات التدريب وتوقيتها. واستخدم القادة أيضاً الوسائل التعليمية لإشراك الموظفين في تمارينَ تفاعلية، مثل لعب الأدوار ومناقشات المجموعات؛ حتى يتمكنوا من ممارسة السلوكات المرغوبة، وتعلُّم الأفكار والنصائح المتعلقة بكيفية تحقيق قيم العلامة التجارية في تجربة العملاء.

طورت “أم جي أم” أيضاً حملة اتصالات شملت جميع الموظفين الموجودين في كل أقسام المؤسسة. تضمنت الحملة ملصقات تُظهر الموظفين وهم يعملون تحت عنوان “هذا هو مسرح عملي”، وتحديثات دورية للقادة عن أحدث الأنباء، ورسائل البريد الإلكتروني عن “تحديثات الفريق اليومية”؛ وذلك من أجل دبّ الحماسة في أوصال المؤسسة كلها، واللافتات لأقسام “العمل الداخلية”. وخلقت جهود التواصل هذه جهداً متكاملاً بزاوية 360 درجة، وأحاطت الموظفين برسائل حول العلامة التجارية؛ حتى لا تُتجاهَل أو تُنسى.

خلقت هذه الجهود كلها صلة وصل حيوية وقيّمة بين موظفي “أم جي أم” والعملاء؛ ونتيجة لذلك أنجزت الشركة تحولاً داخليّاً ناجحاً لثقافتها، وتحولاً خارجيّاً لعلامتها التجارية، كان إثبات ذلك في النتائج الإيجابية الظاهرة في استبيانات الموظفين والعملاء. كما أفادت الشركة بازدياد مكاسبها المالية بسبب هذه الجهود، مبلِّغةً عن زيادة الإيرادات، والعائدات من غرف الفندق، والدخل الصافي.

من المؤكَّد أهمية أن يشعر الموظفون بالحماسة والرضا عن عملهم، وأن يشعروا بالارتباط العاطفي بشركاتهم، يجب على القادة الاستمرار في العمل على تفعيل هذه الأسس، ولكن نظراً إلى سرعة تغيُّر الإدارة والاستراتيجيات وظروف السوق؛ فإن الارتباط العام للموظفين لا يكفي لإبقاء الجميع على المسار الصحيح، ولا حتى لبناء العلاقات المناسبة بالعملاء وبالطريقة الصحيحة. وخلاصة الأمر أن الشركات تحتاج إلى ارتباط أقوى وأكثر تركيزاً.

لا يَنتج عن الارتباط بالعلامة التجارية موظفون سعداء وملتزمون فقط؛ بل يَنتج عنه موظفون سعداء وملتزمون يحققون من خلال عملهم النتائج المطلوبة؛ عندئذ لا تبقى الشركة مكاناً رائعاً للعمل فحسب؛ بل يصبح العمل نفسه رائعاً، ولا تُظهر الشركة نفسها على أنها صاحبة عمل عظيمة فحسب؛ بل تضع الأسس المطلوبة من أجل بناء علاقات عظيمة بالعملاء.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .