$User->is_logged_in:  bool(false)
$User->user_info:  NULL
$User->check_post:  object(stdClass)#7065 (18) {
  ["is_valid"]=>
  int(1)
  ["global_remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["number_all_post"]=>
  int(0)
  ["number_post_read"]=>
  int(0)
  ["is_from_gifts_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["all_gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_read_articles"]=>
  int(0)
  ["exceeded_daily_limit"]=>
  int(0)
  ["is_watched_before"]=>
  int(0)
  ["sso_id"]=>
  int(11325)
  ["user_agent"]=>
  string(9) "claudebot"
  ["user_ip"]=>
  string(12) "54.224.90.25"
  ["user_header"]=>
  object(stdClass)#7072 (45) {
    ["SERVER_SOFTWARE"]=>
    string(22) "Apache/2.4.57 (Debian)"
    ["REQUEST_URI"]=>
    string(51) "/%D8%B3%D8%AA%D9%8A%D9%81-%D8%AC%D9%88%D8%A8%D8%B2/"
    ["REDIRECT_HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["REDIRECT_STATUS"]=>
    string(3) "200"
    ["HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["HTTP_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_ACCEPT_ENCODING"]=>
    string(8) "gzip, br"
    ["HTTP_X_FORWARDED_FOR"]=>
    string(12) "54.224.90.25"
    ["HTTP_CF_RAY"]=>
    string(20) "86ba6a0168870a89-FRA"
    ["HTTP_X_FORWARDED_PROTO"]=>
    string(5) "https"
    ["HTTP_CF_VISITOR"]=>
    string(22) "{\"scheme\":\"https\"}"
    ["HTTP_ACCEPT"]=>
    string(3) "*/*"
    ["HTTP_USER_AGENT"]=>
    string(9) "claudebot"
    ["HTTP_REFERER"]=>
    string(82) "https://hbrarabic.com/people_tag/%D8%B3%D8%AA%D9%8A%D9%81-%D8%AC%D9%88%D8%A8%D8%B2"
    ["HTTP_CF_CONNECTING_IP"]=>
    string(12) "54.224.90.25"
    ["HTTP_CDN_LOOP"]=>
    string(10) "cloudflare"
    ["HTTP_CF_IPCOUNTRY"]=>
    string(2) "US"
    ["HTTP_X_FORWARDED_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_X_FORWARDED_SERVER"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_CONNECTION"]=>
    string(10) "Keep-Alive"
    ["PATH"]=>
    string(60) "/usr/local/sbin:/usr/local/bin:/usr/sbin:/usr/bin:/sbin:/bin"
    ["SERVER_SIGNATURE"]=>
    string(73) "
Apache/2.4.57 (Debian) Server at hbrarabic.com Port 80
" ["SERVER_NAME"]=> string(13) "hbrarabic.com" ["SERVER_ADDR"]=> string(10) "172.21.0.4" ["SERVER_PORT"]=> string(2) "80" ["REMOTE_ADDR"]=> string(14) "162.158.87.144" ["DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["REQUEST_SCHEME"]=> string(4) "http" ["CONTEXT_PREFIX"]=> NULL ["CONTEXT_DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["SERVER_ADMIN"]=> string(19) "webmaster@localhost" ["SCRIPT_FILENAME"]=> string(23) "/var/www/html/index.php" ["REMOTE_PORT"]=> string(5) "52306" ["REDIRECT_URL"]=> string(19) "/ستيف-جوبز/" ["GATEWAY_INTERFACE"]=> string(7) "CGI/1.1" ["SERVER_PROTOCOL"]=> string(8) "HTTP/1.1" ["REQUEST_METHOD"]=> string(3) "GET" ["QUERY_STRING"]=> NULL ["SCRIPT_NAME"]=> string(10) "/index.php" ["PHP_SELF"]=> string(10) "/index.php" ["REQUEST_TIME_FLOAT"]=> float(1711658204.456513) ["REQUEST_TIME"]=> int(1711658204) ["argv"]=> array(0) { } ["argc"]=> int(0) ["HTTPS"]=> string(2) "on" } ["content_user_category"]=> string(16) "paid_subscribers" ["content_cookies"]=> object(stdClass)#7073 (3) { ["status"]=> int(0) ["sso"]=> object(stdClass)#7074 (2) { ["content_id"]=> int(11325) ["client_id"]=> string(36) "e2b36148-fa88-11eb-8499-0242ac120007" } ["count_read"]=> NULL } ["is_agent_bot"]=> int(1) }
$User->gift_id:  NULL

إقناع المتعنِّتين: دروس من العلم والشخصيات التي أثرت في ستيف جوبز

11 دقيقة
ستيف جوبز

شاع عن ستيف جوبز أنه استطاع تغيير حياتنا بقوة قناعاته، وتضيف القصة أن مفتاح عظمته يكمن في قدرته على إخضاع العالم لرؤاه، في حين أن القدر الأكبر من نجاح “آبل” يُعزى في الحقيقة إلى قدرة فريقه على إقناعه بالعدول عن مواقفه، أي أن جوبز ما كان ليغير العالم قيد أنملة لو لم يكن محاطاً بأشخاص يعرفون كيف يثنونه عن رأيه.

فقد أصر ستيف جوبز لسنوات على عدم الإقدام على خطوة صناعة الهواتف مهما حدث، وبعد أن أقنعه فريقه أخيراً بإعادة النظر في رأيه هذا، حظر استخدام أي تطبيقات خارجية على هواتف شركته، واستلزم الأمر عاماً آخر لإثنائه عن هذا الموقف. ونجح متجر التطبيقات “آب ستور” في تحقيق مليار عملية تنزيل خلال تسعة أشهر فقط، وبعد عقد من الزمان، حقق هاتف “آيفون” إيرادات بأكثر من تريليون دولار.

ما من قائد إلا ودرس عبقرية جوبز، ولكن المدهش في الأمر أن الأغلبية الكاسحة منهم لم يدرسوا عبقرية أولئك الذين تمكنوا من التأثير فيه. وقد أسعدني الحظ بحكم عملي خبيراً في علم النفس المؤسسي أن التقيت عدداً من الأشخاص الذين نجحوا في تحفيزه على إعادة النظر في أفكاره، وعملت على تحليل أساليبهم تحليلاً علمياً. المشكلة أن الكثير من القادة يثقون في أنفسهم لدرجة أنهم يرفضون الآراء والأفكار الوجيهة التي يقدمها الآخرون، ويرفضون التخلي عن آرائهم وأفكارهم السيئة. لكن ما يدعو إلى التفاؤل أنه بالإمكان حمل أكثر الأشخاص ثقة في أنفسهم وعناداً ونرجسية وتعنتاً على فتح عقولهم.

قد أثبتت الأدلة أن السمات الشخصية لا تتصف بالضرورة بالثبات في كل المواقف.

فقد أثبتت الأدلة أن السمات الشخصية لا تتصف بالضرورة بالثبات في كل المواقف، ولك أن تنظر مثلاً إلى المدير المحب لفرض السيطرة على مَنْ حوله ولكنه يخضع لآرائهم في بعض الأحيان، أو الزميل المفرط في التنافسية ولكنه يجنح إلى التعاون في بعض المواقف، أو الموظف الذي يستمرئ التسويف ولكنه يُنهي بعض المشاريع في وقت مبكر. وكل قائد يغير جلده بتغير المواقف من حوله لتنطبق عليه قاعدة التفرّع المشروط “إذا كان كذا وكذا… فإن كذا وكذا سيحدث”، بمعنى أنه يستجيب لسيناريوهات معينة بطرق معينة. فإذا كان المدير المحب لفرض السيطرة يتفاعل مع رئيسه… فستجده يخضع لرأيه. وإذا كان الزميل التنافسي يتعامل مع عميل مهم… فسيجنح إلى التعاون. وإذا كان لدى الموظف المسوّف موعد نهائي حاسم… فسيبذل كل جهد لإنهاء العمل في موعده.

يُشار في هذا السياق إلى أن برمجة الكمبيوتر ما هي إلا سلسلة من أوامر التفرّع المشروط. صحيح أن البشر أكثر فوضوية، لكن لديهم أيضاً استجابات متوقعة تخضع لقاعدة التفرّع المشروط. حتى الأشخاص الأكثر تصلباً يتصفون بالمرونة في بعض الأحيان، وحتى الأشخاص الأكثر انفتاحاً تمر عليهم لحظات ينغلقون فيها على آرائهم. لذا إذا أردت التفكير مع أشخاص يبدون غير منطقيين، فاحرص على الانتباه إلى الحالات التي يغيرون فيها رأيهم، هم أو مَنْ على شاكلتهم. وإليك بعض الأساليب التي يمكن أن تساعدك على تشجيع مُدعي المعرفة على إدراك أن هناك شيئاً ما يمكن تعلمه، وكذلك تشجيع الزميل العنيد على تغيير موقفه، والموظف النرجسي على إبداء قدر من التواضع، والمدير المتعنت على الاتفاق معك.

اطلب من مُدعي المعرفة توضيح كيفية عمل الأشياء

تعتبر الغطرسة هي العائق الأول أمام تغيير تصورات الآخرين وأفكارهم، ومن المؤكد أننا واجهنا جميعاً قادة يفرطون في الثقة في أنفسهم، بمعنى أنهم لا يعرفون ما لا يعرفون، وإذا صرحت بجهلهم مباشرة، فقد يجنحون إلى اتخاذ موقف دفاعي، لذا يُفضَّل أن تدعهم يتعرفون على الفجوات في طريقة فهمهم للأمور.

وقد أجرى علماء النفس سلسلة من التجارب طلبوا فيها من طلاب “جامعة ييل” تقييم معرفتهم بكيفية عمل الأشياء اليومية من حولهم، كأجهزة التلفزيون والمراحيض. كان الطلاب واثقين للغاية في معرفتهم بتلك الأمور، حتى طُلب منهم كتابة إيضاحاتهم خطوة خطوة. ولم تلبث ثقتهم المفرطة أن تلاشت وهم يكافحون من أجل توضيح كيفية نقل الصورة عبر التلفزيون، حتى أدركوا فجأة مدى ضحالة فهمهم.

قد تبدو محاولة شرح شيء معقد تجربة باعثة على التواضع، حتى بالنسبة لشخص مثل ستيف جوبز.

التقيتُ قبل بضع سنوات ويندل ويكس، الرئيس التنفيذي لشركة “كورنينغ” (Corning) التي تصنع زجاج هواتف “آيفون”. كانت هذه العلاقة قد نشأت عندما اتصل به جوبز وأبدى عدم رضاه عن الوجه البلاستيكي لنموذج “آيفون” الأوّلي بسبب سهولة تعرضه للخدش. أراد جوبز تغطية الشاشة بزجاج قوي، لكن فريقه في شركة “آبل” أخذ عينات من زجاج “كورنينغ” ووجده هشاً للغاية. وأوضح ويكس أن بإمكانه تطوير نوعية أفضل بثلاث طرق. فقال لجوبز: “لا أعرف ما إن كنت سأعقد معكم صفقة صناعة زجاج هاتفكم، ولكن يسعدني أن أتحدث مع أي من أعضاء فريقك ممن يملكون الدراية التقنية الكافية لمناقشة هذا الأمر”. فأجابه جوبز: “أنا أملك الدراية التقنية الكافية!”

عندما طار ويكس إلى مدينة كوبرتينو، حاول جوبز أن يخبره بكيفية صناعة الزجاج المناسب. لم يدخل معه ويكس في جدل لا طائل منه، بل طلب منه أن يشرح له طريقته المفضلة وكيفية عملها. وعندما بدأ جوبز الحديث، اتضح لكليهما أنه لا يفهم بدقة كافية كيفية تصميم وجه زجاجي غير قابل للشرخ. كانت تلك النقطة التي أراد ويكس الوصول إليها. فانتقل إلى السبورة وقال: “دعني أعلمك شيئاً، وبعد ذلك يمكننا إجراء محادثة رائعة”. أومأ جوبز موافقاً، ورسم ويكس في النهاية تركيبة الزجاج كاملة بكل جزيئاتها وتبادل أيونات الصوديوم والبوتاسيوم. وهكذا انتهى بهما الأمر بإقرار طريقة ويكس. تلقى ويكس في اليوم الذي تم فيه طرح “آيفون” في الأسواق رسالة من جوبز بَرْوَزها وهو يعلقها حتى الآن في مكتبه تقول: “لم نكن لنفعل ذلك من دونك”.

دع الشخص العنيد يتسلّم زمام الأمور

يعتبر العناد هو العقبة الثانية أمام تغيير آراء الآخرين. إذ يرى الأشخاص المتعنتون أن الاتساق واليقين فضيلتان يجب التمسك بهما. ويبدو أن عقولهم تصاب بالجمود بمجرد اتخاذهم القرار، لكن تصوراتهم تغدو أكثر مرونة إذا وضعتهم أمام محك حقيقي.

أجرى علماء النفس تجربة كلاسيكية قدموا خلالها استقصاء للطلاب حول معتقداتهم بشأن التحكم، طرحوا فيه السؤال التالي: هل يرون أن نجاحاتهم وإخفاقاتهم تتوقف بصورة أساسية على القوى الداخلية، مثل بذل الجهد وحُسن الاختيار، أم القوى الخارجية، مثل الحظ والقدر؟ ووُجد أن الطلاب العنيدين يميلون إلى الإيمان بالتحكم الداخلي، فهم يؤمنون بأن النتائج تخضع لإرادتهم في المقام الأول. ثم طُلب من الطلاب تقييم التغيير المقترح على نظام الدرجات في جامعتهم. قرأ ثلثهم حجة مقنعة بعض الشيء تفيد بأن النظام الجديد قد لاقى قبولاً واسعاً في كليات أخرى ويبدو أنه أحد أفضل الأنظمة المستخدمة على الإطلاق. بينما قرأ ثلثٌ آخر حجة أكثر قوة، كان هذا الإجراء جيداً لدرجة أنه يتعين عليهم تقييمه بدرجة عالية. أما الثلث الأخير فلم يطلعوا على أي حجة مقنعة. ثم قام جميع الطلاب بتقييم المقترح الجديد على مقياس من 1 (ضعيف جداً) إلى 10 (جيد جداً).

اعتمدت ردود فعلهم على معتقداتهم بشأن التحكم. ووُجد أن الحجج القوية بعض الشيء والحجج الأكثر قوة تولّد الشعور بالحماس بشأن النظام الجديد لدى الطلاب الذين قالوا إن نجاحاتهم وإخفاقاتهم تتوقف على قوى خارجية. فلم يجدوا غضاضة في تغيير رأيهم في مواجهة المؤثرات الخارجية. أما الطلاب الذين قالوا إن نجاحاتهم وإخفاقاتهم تتوقف على القوى الداخلية فلم يتأثروا بالحجج القوية بعض الشيء، بينما أقنعتهم الحجج الأكثر قوة باتخاذ مسار مغاير. بعبارة أخرى، عندما حاول أحدهم جاهداً إثناءهم عن أفكارهم، عاودوا الرجوع إليها من جديد كالشريط المطاطي تشده في اتجاه فيعود إلى وضعه كما كان.

ويمكن التوصل إلى حل لهذه المشكلة بالتعرف على نتائج دراسة أُجريت على كُتّاب السيناريو في هوليوود. فقد وجد الكُتّاب الذين عرضوا أفكاراً مكتملة الأركان على المنتجين صعوبة في قبول أفكارهم منذ اللحظة الأولى. وعلى النقيض من ذلك، فقد أدرك كُتّاب السيناريو الناجحون أن المنتجين في هوليوود يحبون الإسهام في حبك القصص. تعامل هؤلاء الكُتاب مع عرض السيناريوهات وكأنه لعبة المصيدة، وحرصوا على طرح أفكارهم على المنتجين كرؤى مبدئية يبنون عليها ثم يقذفونها إليهم من جديد لتطويرها.

تعرفت منذ فترة ليست ببعيدة على مهندس سابق في شركة “آبل” يدعى مايك بيل كان يجيد ممارسة لعبة المصيدة مع ستيف جوبز. كان بيل يستمع إلى الموسيقى على جهاز كمبيوتر “ماك” الخاص به في أواخر التسعينيات، وكان منزعجاً من فكرة حمله معه من غرفة إلى أخرى. وعندما اقترح صناعة صندوق منفصل للمقاطع الصوتية، ضحك منه جوبز ومن فكرته. وعندما اقترح بيل إضافة خاصية بث مقاطع الفيديو أيضاً، رد جوبز: “مَن ذا الذي يريد مشاهدة مقاطع الفيديو؟”

وأخبرني بيل أن جوبز غالباً ما كان يبدي اعتراضه عندما يقترح عليه الآخرون أفكارهم، لا لشيء إلا لتأكيد سيطرته. ولكن عندما كان جوبز هو من يولّد الأفكار، كان يبدو أكثر انفتاحاً على التفكير في البدائل. ومن هنا تعلم بيل أن يغرس بذور الأفكار الجديدة، على أمل أن يتحمس لها جوبز ويسمح لها بأن ترى النور.

وقد أثبتت الأبحاث أن طرح الأسئلة بدلاً من إعطاء إجابات بمقدوره التغلب على الروح الدفاعية التي قد تتلبس الآخرين. لذا، يُنصَح بألا تخبر مديرك بما يجب أن يفكر فيه أو يفعله، بل امنحه قدراً من التحكم في المحادثة، ومن ثم ادعه إلى مشاركة أفكاره. اطرح عليه أسئلة، مثل “ماذا لو فعلنا….؟” أو “هل يمكننا أن…؟” لتحفيز روح الإبداع من خلال إثارة فضوله حول ما هو ممكن.

تعمد بيل في أحد الأيام أن يشير وسط كلامه إلى إشكالية تشغيل المقاطع الصوتية والمرئية، نظراً لعدم وجود جهاز “ماك” في كل غرفة. ثم، وبدلاً من الإلحاح على حجية فكرته، طرح السؤال التالي: “ماذا لو صنعنا صندوقاً يتيح تشغيل المحتوى؟” كان جوبز لا يزال متشككاً في جدوى هذا المقترح، ولكنه حينما راح يزن الاحتمالات في مخيلته، بدأ ينظر إلى الفكرة بجدية وفي النهاية أعطى بيل الضوء الأخضر. يقول بيل عن هذه الحادثة: “علمت أنني نجحت عندما أخذ يناقش تصوري ويقترح المشروع الذي عرضته عليه. وفي النهاية طلب من زملائنا إفساح الطريق لي وعدم الوقوف أمامي”. أسهم هذا المشروع في تمهيد الطريق لطرح تطبيق “آبل تي في” (Apple TV).

ابحث عن الطريقة الصحيحة لإطراء النرجسيين

تعتبر النرجسية هي العقبة الثالثة في طريق تغيير آراء الآخرين. حيث يؤمن القادة النرجسيون بتفوقهم وتميزهم، ولا يتسامحون مع إخبارهم بأخطائهم، ولكن يمكنك إقناعهم بالاعتراف بعيوب أفكارهم وبأنهم غير معصومين من الخطأ من خلال انتقاء عباراتك بحذر وعناية.

كثيراً ما يقال إن المتنمرين والنرجسيين يعانون تدني تقدير الذات، لكن البحث يرسم صورة مختلفة، فقد توصل إلى أن النرجسيين يتمتعون في الواقع بدرجة عالية من تقدير الذات ولكنه معرض للتذبذب. فهم يتوقون إلى اكتساب مكانة مرموقة ونيل الاستحسان، ويتصفون بالعدائية إذا تعرض غرورهم الهش لأي تهديد، كأن يتعرضوا للإهانة، مثلاً، أو الرفض أو الخزي. ويمكنك التصدي لميولهم الخرقاء برفض الاختلاف معهم في الرأي واعتباره نوعاً من النقد غير المقبول من خلال مخاطبة رغبتهم في نيل الإعجاب. وقد أثبتت الدراسات التي أُجريت في كلٍّ من الولايات المتحدة والصين أن القادة النرجسيين قادرون على إظهار التواضع، أي يمكنهم الإيمان بموهبتهم مع الاعتراف بعيوبهم في الوقت ذاته. وما عليك إلا أن تؤكد احترامك لهم حتى تدفعهم في هذا الاتجاه.

في عام 1997، وبعد فترة ليست طويلة من عودته إلى “آبل” كرئيس تنفيذي، كان جوبز يناقش حزمة جديدة من التقنيات التكنولوجية في المؤتمر العالمي لمطوري البرمجيات بالشركة، وإذا به يُفاجأ خلال فقرة أسئلة وأجوبة الجمهور برجل يوجه انتقادات لاذعة بخصوص البرمجيات وجوبز نفسه، حيث أنّبه قائلاً: “إنه لأمر محزن، ومن الواضح من عدة نواحٍ أنك ناقشت شيئاً وأنت لا تعرف ما تتحدث عنه”. (موقف صعب).

قد تظن أن جوبز بادله الهجوم، أو اتخذ موقفاً دفاعياً، أو ربما سارع بطرد الرجل من الغرفة، لكنه بدلاً من ذلك أبدى التواضع، إذ أجابه: “أحد أصعب الأشياء أن تحاول إحداث تغيير حقيقي، ثم تصطدم بأشخاص مثل هذا الرجل المحترم ينطقون بالحق في بعض الجوانب”، ثم أردف: “وأعترف أمامكم أن هناك أشياء كثيرة في الحياة أخوض فيها وليس لديَّ أدنى فكرة عما أتحدث عنه. لذا أرجو أن تتقبلوا اعتذاري…. سنضع أيدينا على الأخطاء، وسنصلحها”. تصفيق حاد من الجمهور.

كيف أثار الناقد رد فعل هادئاً بهذا الشكل؟ لقد استهل الرجل تعليقاته بالإطراء: “السيد جوبز، أنت رجل عبقري ومؤثر”. وعندما ضحك الجمهور، أجاب جوبز: “ها قد بدأنا”.

تُثبت لنا هذه القصة أن القليل من الإطراء قد يكون ترياقاً شافياً لداء الشعور بالنقص لدى النرجسيين، لكن ليست كل مظاهر الاحترام فاعلة بالقدر ذاته. ولن يفيدك حشو النقد بين إطراءين: فمذاق شطيرة الآراء التقويمية ليس بهذه الروعة المتخيلة. ويُرجَّح أن تظل البدايات والنهايات عالقة في ذاكرتنا أكثر من الحشو الذي يتوسطها، وغالباً ما يتجاهل النرجسيون النقد تماماً.

يكمن مفتاح السر في إطراء الآخرين في جانب مختلف عن ذلك الذي تأمل تغيير رأيهم فيه. فإذا كنت تحاول إقناع قائد نرجسي بإعادة النظر في خيار سيئ، فمن الخطأ أن تقول له إنك معجب بمهاراته في صناعة القرار، بل يُفضَّل أن تثني على قدراته الإبداعية. إذ يمتلك كلٌ منا هويات متعددة، وعندما نشعر بالأمان حيال إحدى نقاط قوتنا، نصبح أكثر انفتاحاً لقبول نقاط ضعفنا في موضع آخر. وقد وجد علماء النفس أن النرجسيين يغدون أقل عدوانية وأنانية بعد تذكيرهم بأنهم رياضيون متميزون أو يمتلكون روح المرح.

ويبدو أن هذا الرجل الذي حضر مؤتمر مطوري البرمجيات بشركة “آبل” كان يعرف بحدسه نرجسية جوبز، فأثنى على عبقريته وأهميته حتى هدأت نفس جوبز واطمأن إلى الاعتراف بأنه لا يعرف كل شيء عن البرمجيات.

اختلف مع المتعنتين

يعتبر التعنت هو العائق الأخير أمام الإقناع، وهو سمة يتم التعبير عنها غالباً من خلال الجدل. يتصف المتعنِّتون بتصميمهم على سحق المنافسين سحقاً، وإذا حاولت حثهم على إعادة النظر في استراتيجيتهم، ضمُّوك إلى زمرة المنافسين. لكن إذا كنت على استعداد للوقوف في وجههم بدلاً من التراجع، فقد تكون لك اليد العليا في بعض الأحيان.

يتغذى المتعنِّتون على الصراعات، ومن ثم فهم لا يريدونك أن تنحني دائماً لإرادتهم من فورك، وذلك لأنهم شغوفون بالقتال. وعندما درس الباحثون أساليب الرؤساء التنفيذيين في اختيار المسؤولين التنفيذيين الذين يرشحونهم لمقاعد مجالس الإدارة في شركات أخرى، اتضح أن المرشحين الذين اعتادوا الجدال قبل الاتفاق مع رؤسائهم كانت فرصهم أكبر في نيل الموافقة. لقد أظهروا أنهم لم يكونوا إمَّعات، بل كانوا على استعداد للقتال من أجل أفكارهم وتغيير رأيهم. قرر قادة فريق “ماك” التابع لشركة “آبل” في ثمانينيات القرن الماضي منح جائزة سنوية لشخص واحد واتته الجرأة لتحدي ستيف جوبز. وفي النهاية، قرّر جوبز ترقية كل فائز ومنحه منصب إدارة أحد الأقسام الرئيسية في الشركة.

أُجريت مؤخراً دراسة حول الأفكار التي طرحها الأعضاء المنضمون مؤخراً إلى أحد فرق الرعاية الصحية، ووُجد أن كبار قادة الفريق قد رفضوا الغالبية العظمى من هذه الأفكار في البداية. وقد تم قبول 24% من الأفكار المطروحة وتنفيذها لأن مؤيديها ظلوا يناضلون من أجلها من خلال تحسين العروض وتكرارها، والاعتراف بنقاط الضعف ومعالجتها، وتقديم أدلة ملموسة تثبت صحة فكرتهم، وحشد الداعمين.

يتغذى المتعنِّتون على الصراعات، ومن ثم فهم لا يريدونك أن تنحني دائماً لإرادتهم من فورك، وذلك لأنهم شغوفون بالقتال.

وعندما طرح مهندسو “آبل” فكرة صنع هاتف، أعد جوبز قائمة بأسباب فشل هذه الفكرة. أحدها أن مصير الهواتف الذكية سيكون كمصير “واقي الجيب”. وافقه مهندسو شركته الرأي، لكنهم تحدّوه عندئذٍ، وسألوه: إذا صنعت “آبل” هاتفاً، فما مدى جماله وأناقته؟ كما أنهم استغلوا الطاقة التنافسية التي شعر بها تجاه شركة “مايكروسوفت”، فأردفوا: ألن يكون هناك هاتف يعمل بنظام “ويندوز” في النهاية؟ بدا جوبز مفتوناً لكنه لم يقتنع بعد. أخبرني طوني فاضل، مخترع الآيبود وأحد مصممي آيفون، أنه يتعين على أعضاء الفريق “العمل معاً كمجموعة، ليس في اجتماع واحد فقط ولكن ربما على مدار أسابيع متصلة، لإقناعه بتغيير رأيه أو حمله على رؤية الأمور من زاوية أخرى”. وقد استمر هذا الجدال لعدة أشهر في حالة آيفون. حيث نجح فاضل ومهندسوه في تحطيم مقاومة جوبز من خلال إعداد نماذج أوّلية في السر، وعرضها عليه، ثم تحسين تصاميمهم.

بقيت في النهاية نقطة محل اعتراض رئيسي، فقد سيطرت شركات اتصالات الهواتف الجوالة على الشبكات، وحاولت إرغام شركة “آبل” على صنع منتج دون المستوى المطلوب. وهنا خاطب الفريق ميول جوبز التعنتية من جديد: هل يمكنه حمل شركات الاتصالات على فعل ذلك بطريقته؟ حينها أمسك فاضل بطرف الخيط قائلاً: “لو كان لدينا جهاز قوي بما فيه الكفاية، لأمكنه حملهم على الانصياع لكل هذه الشروط وإزالة كل العقبات التي تقف في طريقنا”. رأى جوبز إمكانية تحقيق الفكرة وركض وراءها حتى فاز بتلك المعركة، وهو ما أكدته لي دونا دوبينسكي، الرئيسة التنفيذية السابقة لشركة “بام” (Palm) ومن مؤسسي شركة “هاندسبرينغ” (Handspring)، إذ قالت: “لقد نجح ستيف أيما نجاح في استعادة العلاقات مع شركات الاتصالات. لطالما شعرت بأن هذا كان أكبر إنجازاته”.

وبعد أن أشرف على طرح عدد من المنتجات التي اعتُبرت بمثابة عجائب فنية في حينها ولكنها حققت مبيعات ضعيفة، أُرغم ستيف جوبز في عام 1985 على ترك شركته. تركت هذه الحادثة في نفسه أثراً سيئاً، حتى إنه قال عنها عام 2005: “لقد كانت دواءً مُر المذاق، لكني أعتقد أن المريض كان بحاجة إليه”. وخرج من هذه التجربة بدرس لن ينساه بأنه مهما كانت قوة رؤيته، فلا بد أن هناك مواقف تفرض عليه إعادة النظر في قناعاته. وعندما عاد إلى منصبه رئيساً تنفيذياً للشركة، لم يكن الأمر يتعلق فقط بعقليته الانفتاحية الجديدة، بل تعداه أيضاً إلى تصميمه بصورة أقوى على توظيف أشخاص مستعدين لتحديه ومساعدته على التغلب على أسوأ غرائزه. وهو ما مهّد الطريق لعودة شركة “آبل” إلى النجاح.

وهكذا، تحتاج المؤسسات إلى مسؤولين تنفيذيين أقوياء وذوي رؤية مثل ستيف جوبز، لكنهم يحتاجون بجوارهم أيضاً إلى موظفين مثل طوني فاضل ومايك بيل، ومورّدين مثل ويندل ويكس، وأصحاب مصلحة مثل ذلك الرجل الذي وقف مفصحاً عن شكواه في مؤتمر مطوري البرمجيات بشركة “آبل”.. أشخاص يعرفون كيف يواجهون المدراء والزملاء الذين يتصفون بالثقة المفرطة أو العناد أو النرجسية أو التعنت. إذ لا يعتمد النجاح في هذا العالم المضطرب على القدرة المعرفية فقط، بل يعتمد أيضاً على المرونة المعرفية. وعندما يفتقر القادة إلى الحكمة التي تدعوهم إلى التشكيك في قناعاتهم، فيجب أن يتحلى مرؤوسوهم بالشجاعة الكافية لإقناعهم بالعدول عن رأيهم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

Content is protected !!