تدفع الشركات عادة أجور فرق المبيعات على هيئة مزيج من الرواتب والعمولات والعلاوات، لكن المسؤولين التنفيذيين غالباً ما يتحيرون في أمر تحفيز فرق المبيعات بالعلاوة، واختيار نوعية الحوافز التي تولّد أفضل الدوافع لدى الموظفين. فيتساءلون على سبيل المثال، هل يجب أن ترتبط العلاوات بحصص المبيعات أم يتعين منحها بلا شروط؟ وهل من الأفضل في نظام الحصص توظيف العلاوات كمكافأة (منحها لأولئك الذين يحققون الحصص المطلوبة أو يتجاوزونها) أم كعقوبة (حرمان أولئك الذين يفشلون في تحقيق الحصة المطلوبة منها)؟
وأردنا، بدورنا، أن نحقق في هذه المسألة، فأجرينا تجربة ميدانية عشوائية في شركة هندية كبرى متخصصة في تصنيع منتجات استهلاكية مستدامة. وتضم فِرق المبيعات في هذه الشركة أكثر من 5,000 شخص مسؤول عن بيع منتجات صناعية متنوعة تشمل أجهزة تنقية المياه والهواء، ومكانس كهربائية، وأنظمة أمان، وخدمات مساعدة. وخصصنا برامج علاوات مختلفة لـ 80 مندوب مبيعات في هذه التجربة التي امتدت، على مدى ستة أشهر، في أربع مدن هندية كبيرة (ديلهي، بانغالور، مومباي، وحيدر آباد). كانت هذه العلاوات سخية، إذ مثلت حوالي 27% من الأجر الشهري لمندوب مبيعات عادي في الشركة، وتم منحها إما بشروط حسب الأداء، أو دون شروط.
تحفيز فرق المبيعات بالعلاوة
وزعنا مندوبي المبيعات على مجموعات مختلفة حسب نوعية العلاوة. إذ حصل بعضهم على علاوات مشروطة ترتبط بحصص المبيعات في إطار ثلاثة أنواع مختلفة من المعاملة: معيارية، وعقابية وعقابية حقاً. فقدمنا في المعاملة المعيارية علاوة على الأجر إذا حقق المندوب لحصة مبيعات أسبوعية تتجاوز بـ 20% حجم المبيعات التي حققها سابقاً. وكانت المعاملة العقابية مطابقة للمعيارية باستثناء ما يتعلق بالإطار: إذ قلنا لمندوبي المبيعات أن الفشل في الحصول على علاوة يعتبر عقوبة على الفشل في بلوغ حصصهم من المبيعات. وفي المعاملة العقابية الحقيقية كانت العلاوات تمنح في بداية الأسبوع، ثم تسحب من أولئك الذين لم يبلغوا حصصهم.
بينما حصل بعض الأشخاص على علاوات غير مشروطة بغض النظر عن أدائهم التجاري. وكان الهدف من هذا النوع من العلاوات هو تشجيع المعاملة بالمثل، أي أن يزيد مندوب المبيعات جهوده في العمل تقديراً للشركة التي كافأته بتعويضات مالية إضافية. ومُنحت هذه العلاوات هي الأخرى وفقاً لمعاملتين: مؤجلة وفورية. في المعاملة المؤجلة يتم إخبار مندوبي المبيعات بالعلاوات في بداية الأسبوع، ويتم دفعها في نهايته. بينما في المعاملة الفورية كان مندوبو المبيعات يُخبَرون بالعلاوات ويحصلون عليها في بداية الأسبوع.
اقرأ أيضاً: أين تكمن الصعوبة في جعل مجموعة عمليات المبيعات تعمل بشكل سليم؟
وبعد تحليل البيانات، وجدنا أن العلاوات المشروطة كانت في المتوسط أكثر فعالية بمعدل الضعف مقارنةً بالعلاوات غير المشروطة. إذ قادت هذه التعويضات المشروطة، في الواقع، إلى زيادة المبيعات بحوالي 24%. ولكن، ما أثار اهتمامنا حقاً، هو ما اكتشفناه بشأن وجود القليل من الأدلة على وجود فرق بين المعاملة المعيارية والعقابية. إذ يتعارض هذا الاستنتاج مع نظرية تجنب الخسارة التي تنص على أن رغبة الناس في تجنب الخسارة ستكون أقوى من رغبتهم في تحقيق الربح الموازي. كما أشارت نتائجنا أيضاً إلى أن العلاوة المشروطة يمكنها أن تثبط عزيمة مندوبي المبيعات بمرور الوقت: فقد كان أداء مندوبي المبيعات عالياً خلال الأسابيع الأولى معاملة العلاوات، لكنه أصبح متدنياً بعد أسابيع من هذه المعاملة. وتطابقت هذه النتيجة مع الأبحاث السلوكية السابقة التي وجدت أن الإفراط في الحوافز المادية يمكن أن يؤدي إلى تراجع الحوافز المعنوية.
أما فيما يخص العلاوات غير المشروطة، فاكتشفنا أنها كانت فعالة فقط عندما كانت توزع كمكافأة مؤجلة. فيما لم يكن لمكافأة مندوبي المبيعات بعلاوات في بداية فترة البيع أي تأثير واضح على أدائهم. بل من المحتمل أن يكون مندوبو المبيعات قد اعتبروا العلاوة الفورية تعويضاً عن أدائهم السابق وليست مكافأة على أدائهم المستقبلي، على الرغم من إخبارهم بعكس ذلك. وكان من بين أهم النتائج أيضاً أن فعالية العلاوات المؤجلة بدأت تضمحل مع تكرار برنامج المكافآت بمرور الوقت، حيث أصبح حجم التأثير هامشياً كلما اقتربنا من نهاية التجربة.