ما الأخبار التي يحيط بها الرؤساء التنفيذيون عمليات الاندماج والاستحواذ؟

5 دقائق
الإعلان عن الاندماج والاستحواذ
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تُعدّ عمليات الاندماج والاستحواذ من بين القرارات الاستراتيجية التي يترتب عليها أكثر الآثار تبعية من بين القرارات التي يتخذها المدراء، إلا أنه غالباً ما تستجيب الأسواق بصورة سلبية لإعلانات الاستحواذ، مما يعني أن المستثمرين متشائمون حيال الصفقات وشروطها أو الحوافز الإدارية، فكيف يمكن الإعلان عن الاندماج والاستحواذ بشكل صحيح؟

تُشير الأبحاث المسبقة إلى أن هذا التشاؤم قد يكون له أسباب تبرره، إذ أنه خلال الفترات الربع السنوية التي تلي عمليات الاستحواذ، يزداد احتمال قيام الرؤساء التنفيذيين في الولايات المتحدة بممارسات الخيارات بنسبة 28% ويزداد احتمال بيعهم الأسهم بنسبة 23.5% بالمقارنة مع الفترات ربع السنوية التي لا تلي عمليات الاستحواذ. يُشير هذا السلوك إلى انخفاض ثقة الرؤساء التنفيذيين في خلق القيمة لصفقاتهم، وأن حوافزهم قد تنبع من المصالح الشخصية أو الضغوط الخارجية أكثر من محاولات تحسين استثمار المساهمين.

اقرأ أيضاً: ماذا تعني صفقة استحواذ “سي في إس” على “أتنا”؟

حاولنا أن نتعرف على مدى ثقة الرؤساء التنفيذيين في قيمة الاستحواذات في فترة أبكر، وهي عندما تعلن عنها الشركة. تُعدّ عمليات الاستحواذ أحداثاً استراتيجية، تحصل فيها الشركة على كمية كبيرة من المعلومات غير المتوفرة للعامة حول الهدف والعملاء المرتقبين للشركتين المجتمعتين، ويؤدي ذلك إلى عدم تناظر كبير من جهه المعلومات بين المدراء ومستثمري الأسواق، وقد يعني مؤشر على انخفاض ثقة الرؤساء التنفيذيين بالنسبة للمستثمرين دليلاً مبكراً حول تغيرات محتملة تتوقعها الشركة في الصفقة.

الإعلان عن الاندماج والاستحواذ

قررنا أن ننظر إلى اتصالات الشركات بالقرب من وقت الإعلان عن الاستحواذ، لأن هذا يوفر إحدى الفرص لقيام الرؤساء التنفيذيين بإدارة الانطباعات حول الشركة واستراتيجيتها، وبشكل أكثر تحديداً، درسنا حالات “موازنة الانطباعات” وهو تكتيك تدبير انطباعات تقوم الشركات عند استخدامه بإصدار أخبار إيجابية غير ذات صلة بجانب الإعلانات الاستراتيجية، وخصوصاً تلك التي تكون فيها توقعات خلق ثروة المساهمين أقل تأكيداً. تتمثل الفكرة العامة في تشتيت انتباه الأسواق باستخدام الأخبار الجيدة، وكشفت الأبحاث السابقة أن الشركات تتوقع رد فعل سلبي من الأسواق حيال إعلانات الاستحواذ وأنها تستخدم بنجاح موازنة الانطباع لأجل التقليل هذه الاستجابات السلبية.

على سبيل المثال، بإمكاننا أن ننظر إلى قضية شركة إعلان “شيفرون” (Chevron) عن الاستحواذ على شركة “يونوكال” (Unocal) في 2005، إذ أعلنت شركة “شيفرون” في اليوم التالي للاستحواذ عن ثلاثة أخبار إيجابية غير ذات صلة، وهي صفقة توريد، وصفقة زيادة حجم الغاز، وتحقيق أحد المنتجات متطلبات أحد المعايير الجديدة. بقصد تنفيذ الاستحواذ، كان على شركة “شيفرون” استثناء أحد مقدمي العروض من المنافسين، ولربما كانت تتوقع تمحيصاً يتعلق بالسعر المرتفع الذي دفعته في نهاية المطاف، ولربما كان إصدار إعلانات الأخبار غير المتصلة تلك بقصد تشتيت المستثمرين.

نستكشف في دراستنا ما إذا كانت موازنة الانطباعات دليلاً على انخفاض ثقة الرؤساء التنفيذيين، والتي نقيسها بالاعتماد على ممارسات الخيارات بعد عمليات الاستحواذ، ولأجل دراسة هذه السؤال، جمعنا البيانات حول عمليات الاستحواذ التي أعلن عنها وفق مؤشر شركات ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500) بين عامي 1995 و2009.. قمنا بعدها بتضمين البيانات الإضافية حول الشركات المستحوِذة، والشركات الهدف، والرئيس التنفيذي للشركة المستحوذة، ونشاط الإعلانات الصحفية، ومعاملات العارفين بالمجال وأسعار الأسهم، وركزنا على عمليات الاستحواذ على الأهداف المتداولة في العلن، بما أنه كان بإمكاننا جمع بيانات أكثر شمولاً حول الأداء وحول خواص الشركات، وذلك للمساعدة في استبعاد التفسيرات البديلة، كما قمنا بتضمين ضوابط عددية للتحكم في المتغيرات الأخرى في العلاقات المعروفة في سياق عمليات الاستحواذ.

اقرأ أيضاً: ما الذي يميّز حقاً الشراكات عن عمليات الاندماج والاستحواذ؟.

افترضنا أنه سيزيد احتمال أن تُصدر الشركات المستحوذة أخباراً صحفية إيجابية غير ذات صلة عندما يكون رؤساؤها التنفيذيون مدفوعين بمصلحة شخصية أو دوافع خارجية لتنمية الشركة وزيادة الإيرادات، وعندما قد لا تصب عمليات الاستحواذ في أفضل مصالح حاملي الأسهم. كما أن هنالك عدة عوامل تميل إلى جعل عمليات الاستحواذ تبدو أكثر خطراً بالنسبة للرؤساء التنفيذيين، إذ يميل الرؤساء التنفيذيون الأقدم إلى تصوِّر خطر أكبر بالمقارنة مع الأصغر سناً منهم، لأنهم أكثر تنبهاً إلى الفقدان المحتمل في ثرواتهم الشخصية كلما اقتربوا من سن التقاعد. إضافة إلى ذلك، قد يتوقع الرؤساء التنفيذيون في الشركات الشهيرة أن يُمحّصَ حملة الأسهم قراراتهم المتعلقة بالاستحواذ أكثر من تدقيقهم في عمليات الاستحواذ التي تقوم بها الشركات الأقل شهرة، كما يشهد الرؤساء التنفيذيون في القطاعات الديناميكية وسريعة التطور، مثل التكنولوجيا الحيوية أو برامج الكمبيوتر، منافسيهم يتحركون بسرعة كبيرة لدرجة تجعل التوقع الدقيق لاحتمال الاستحواذ أمراً أكثر صعوبة بالمقارنة مع الأسواق الأقل ديناميكية، وبالتالي، قد تجعل هذه العوامل الرؤساء التنفيذيين يفكرون أن صفقاتهم المقبلة ستكون محفوفة بالمخاطر، وبالتالي قد تجعلهم يرغبون في استخدام بعض موازنة الانطباع.

اخترنا ما إذا كانت موازنة الانطباعات في وقت الاستحواذ مرتبطة بممارسات خيارات أوسع لاحقة يقوم بها قبل المدير التنفيذي في الشركة المستحوذة في الربع التالي، واختبرنا ما إذا كانت هذه العوامل الثلاث قد ضخّمت العلاقة، مثل عمر الرئيس التنفيذي، وسمعة الشركة، وديناميكية الصناعة.

أظهرت نتائجنا في بحث سيتم نشره في مجلة أكاديمية الإدارة (Academy of Management Journal) أن المدراء التنفيذيين الذين تُصدر شركاتهم أخباراً إيجابية غير ذات صلة أكثر بالقرب من وقت الاستحواذ يُمارسون خيارات أكثر بنسبة 6.7%، أي ما يُعادل مبلغ 220,000 دولار أميركي في المتوسط في الربع التالي بالمقارنة مع رئيس تنفيذي لم تُصدر شركته أخباراً إيجابية غير ذات صلة، ويُظهر ذلك أن موازنة الانطباعات قد تُشير إلى انخفاض ثقة الرؤساء التنفيذيين في الصفقة.

اقرأ أيضاً: متى يجب على الشركات التحالف ومتى يجب عليها الاستحواذ؟.

قد تُصبح هذه العلاقة أكثر قوة عندما تكون هنالك تصورات محتملة لمخاطر أعلى، فعلى سبيل المثال، مارس الرؤساء التنفيذيون خيارات أكثر بنسبة 27.6% ممن أصدرت شركاتهم أخباراً إيجابية أكثر غير ذات صلة، بالمقارنة مع الرؤساء التنفيذيين الأصغر سناً الذين أصدرت شركاتهم مثل هذه الأخبار، وهو فرق يبلغ 850,000 دولار أميركي. كما مارس الرؤساء التنفيذيون أيضاً في الصناعات سريعة التطور خيارات أكثر بنسبة 61.3% بالمقارنة مع الرؤساء التنفيذيين في الصناعات الأكثر ثباتاً، وهو فرق يبلغ 1.7 مليون دولار أميركي. عندما تعلق الأمر بالرؤساء التنفيذيين من الشركات الأكثر والأقل شهرة، ظهر الفرق عندما لم تقم شركاتهم بنشر الأخبار الإيجابية، فعندما لم تكن هنالك موازنة للانطباعات، مارس الرؤساء التنفيذيون من الشركات الشهيرة خيارات أقل بنسبة 90% بالمقارنة مع الرؤساء التنفيذيين من الشركات الأخرى، وهو فرق يبلغ 3 مليون دولار أميركي. يعني هذا أن الرؤساء التنفيذيون من الشركات الشهيرة يميلون أكثر نحو إما استخدام موازنة الانطباعات وممارسة الخيارات في وقت لاحق، أو عدم القيام بأي منهما، مما يُشير إلى أن شعورهم بوجود المخاطر كان له تأثير أكبر على قراراتهم.

توفر اكتشافاتنا استنتاجات مهمة للمستثمرين ومهنيي علاقات الإعلام ومجالس الإدارة التي تُصمم حزم التعويض التنفيذية، ويمكن أن يعثر المستثمرون، من خلال متابعة الإعلانات الأخرى، التي تُصدرها الشركات حول وقت الاستحواذ، على أدلة على انخفاض ثقة الرئيس التنفيذي في وقت الإعلان. بينما تُوفر الأبحاث السابقة طريقةً لكشف انخفاض ثقة الرؤساء التنفيذيين بعد حصول الواقعة. يبدو أن معاينتنا للإعلانات الإيجابية غير ذات الصلة قد تمنح المستثمرين مؤشراً أبكر على انخفاض ثقة الرؤساء التنفيذيين في عملية الاستحواذ.

يُعدّ هذا الاكتشاف أيضاً مثالاً حول كيف تُقارب الشركات الاتصالات الخارجية بشكل استراتيجي، إذ إن محتوى الإعلانات يصبح مهماً بقدر أهمية توقيتها، ومن الممكن أن يستفيد المستثمرون من خلال أن ينظروا إلى إعلانات الشركات على أنها جزء من الاستراتيجية الشاملة للشركة. وفي المقابل، قد يرغب مهنيو علاقات الإعلام في تقدير مخاطر ما إذا كان انكشاف قيامهم بتدبير الانطباعات ستكون له نتائج سلبية كما ثبت أنه يحصل في حالات الأفراد.

تُبين اكتشافاتنا بالنسبة لمجالس الإدارة ولجان التعويض أن الرؤساء التنفيذيين كانوا على دراية بالمخاطر المالية الشخصية المرتبطة بتعويضهم، وأنهم يعملون بشكل فعال لحمايته، وتحاول الشركات العامة التوفيق بين حوافز المدراء وحوافز حاملي الأسهم، وهو سبب ربطهم التعويض التنفيذي بأداء أسهم الشركة. لكن إذا كان الرؤساء التنفيذيون قلقين حيال انخفاض سعر الأسهم، كما قد يكون عليه الحال عند وجود مخاوف متعلقة بالاستحواذ، فقد يتخذون خطوات للحفاظ على ثروتهم، فعلى سبيل المثال، عندما تنخفض ثقتهم في عمليات الاستحواذ، يستخدم الرؤساء التنفيذيون إعلانات صحفية إيجابية غير ذات صلة لتدبير الانطباعات وحماية أسعار الأسهم، وبالتالي حماية خيارات الأسهم لفترة طويلة تكفي لممارستها بسعر أعلى بالمقارنة مع الرؤساء التنفيذيين الموجودين في أماكن مشابهة.

اقرأ أيضاً: لماذا يجب عليك تقييم أمن بيانات الشركة قبل عملية الاستحواذ عليها؟

وفي نهاية الحديث عن الإعلان عن الاندماج والاستحواذ في الشركات، يوجد هنالك أيضاً أسئلة إضافية لنطرحها، فهل تُشير موازنة الانطباعات إلى انخفاض الثقة في الأنواع الأخرى من الإعلانات مثل التحالفات والمنتجات الجديدة أو توقّعات الأرباح؟ وما هي الإشارات الأخرى غير المقصودة التي تصدر عن الشركات سواء كان تفاؤلية أم تشاؤمية؟ وبعد أن وضّحنا تكتيك موازنة الانطباعات هذا، هل ستبدأ الأسواق في معاقبة الشركات عند استخدامها هذه التكتيك؟ يبحث عملنا الجاري عن أجوبة.

اقرأ أيضاً: ما الأخبار التي يحيط بها الرؤساء التنفيذيون عمليات الاندماج والاستحواذ؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .