كيف تدير التقلبات العاطفية التي تصاحب عملية البحث عن وظيفة؟

4 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في مرحلة ما من مسارنا المهني، سيجري معظمنا عملية بحث عن وظيفة، إن لم يكن الكثير من الوظائف، وعلى الرغم من أنها قد تكون فترة مفعمة بالحماس والأمل في فرص جديدة مرتقبة، فقد تكون أيضاً فترة مشوبة بالشك والقلق الشديدين، إذ لن يقتصر الأمر على إحساسك بكل أنواع الانفعالات المحتملة خلال فترة بحثك عن فرصة عمل بشكل عام، بل ربما تمر كذلك بالعديد من التقلبات العاطفية في غضون يوم واحد أو أسبوع واحد، فقد تشعر بالابتهاج للحظة معينة عندما تعلم أنك من أقوى المرشحين لتولي المنصب الذي تنشده، لكنك تشعر بعدها بخيبة أمل بعد أن تعلم أن هذه الوظيفة ذهبت لشخص آخر، أو ربما تشعر بالحزن على أدائك في مقابلةالعمل، ولكنك تشعر ببعض الارتياح بعدها عندما تعلم أنك قد وصلت إلى المرحلة التالية من المقابلات.

إن عملية البحث عن الوظيفة مفعمة بالتقلبات، فضلاً عن مشاعر القلق والشك التي تتسلل إليك بشأن مستقبل مسارك المهني وسبل كسب قوت يومك، لذا إليك بعض الاستراتيجيات التي تساعدك على إدارة التقلبات العاطفية لعملية البحث عن الوظيفة:

كُن على علم بما أنت مقبل عليه. إن البحث عن وظيفة هي عملية يمكن أن تكون قصيرة وتستغرق عدة أسابيع أو تطول على الأرجح لعدة أشهر، وتتأرجح صعوداً وهبوطاً شأنها شأن أي عملية أخرى، فخلال أسبوع واحد يكون لديك العديد من مقابلات العمل والاجتماعات المقررة مع شبكة علاقاتك المهنية، حيث يستجيبون لرسائل البريد الإلكتروني التي ترسلها، فتشعر بالتشجيع والأمل، ثم ينقطع الاتصال بينك وبينهم، ما يجعلك تشعر بالارتباك والإحباط والعجز، وحينما تعرف من البداية أنك ستمر بتلك التقلبات في النشاط والعاطفة، فهذا من شأنه أن يسهم في تهيئتك لتوقعها والتعامل معها على نحو أفضل عند ظهورها. وعندما تواجه الجانب السلبي من هذه الدورة بصفة خاصة، يمكنك أن تقول لنفسك: “كنت أعلم أنه ستمر أيام دون أن يحدث شيء، وأنني سأشعر بالإحباط، واليوم ما هو إلا أحد هذه الأيام”، فعندما تكون على علم بما أنت مقبل عليه، ستكون أقل ذهولاً أو تضرراً منه، ولن تأخذه على محمل شخصي في الغالب، ما يسمح لك بالعودة سريعاً إلى حالتك الطبيعية ومواصلة بحثك بسهولة أكبر.

عالج مشاعرك. يمكن للانخراط في بعض الأنشطة، من قبيل التأمل الواعي أو كتابة المذكرات اليومية، أن يسهم في معالجة المشاعر السلبية عند ظهورها، فبدلاً من تجنب مشاعرك أو قمعها أو اجترارها – تلك السلوكيات التي ثبت أنها ترتبط بالقلق والاكتئاب – فإن معالجتها من خلال التأمل الواعي أو تسجيل اليوميات ينطوي فعلاً على الشعور بهذه الانفعالات بشكل كامل، فهذه هي القدرة على مواجهة عواطفنا دون الحكم عليها أو محاولة تغييرها، ما يتيح لنا تجاوزها بسرعة أكبر وبفاعلية. في دراسة كلاسيكية قضى مهندسون عاطلون عن العمل 20 دقيقة فقط يومياً لمدة خمسة أيام في تسجيل يوميات تتناول أفكارهم ومشاعرهم المتعلقة بكونهم عاطلين عن العمل، وبعد ثمانية أشهر وجد 52% منهم وظائف جديدة، مقارنة بـ 18.6% فقط من مجموعات الضبط المشتركة. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لجلسة سريعة من التأمل الواعي أن تخلق معالجة عاطفية محسَّنة وتقلل من التفاعلية العاطفية، كما ثبت أنها تعزز معالجتنا العاطفية، حتى ولو كنا لا نمارس التأمل.

احصل على الدعم. يمكن للتحدث إلى شخص ما، مثل مدرب مهني أو معالج، أو مجموعة عمل متخصصة في البحث عن الوظائف، خلال عملية البحث عن الوظيفة أن يوفر لك دعماً عاطفياً أنت في أمس الحاجة إليه، بالإضافة إلى الأصدقاء وأفراد الأسرة، كما يمكن للمدرب المهني المتمرس في عملية البحث عن الوظائف أن يساعدك على رؤية أن كل ما تمر به وتشعر به أمر طبيعي في جميع مراحل عملية بحثك، كما يمكن أن يمثل لك مسباراً رائعاً تهتدي به عندما تشعر بانعدام الثقة في نفسك أو فيما ينبغي لك فعله في الخطوة التالية. وعلى غرار المدرب المهني، يمكن لمجموعة عمل البحث عن الوظائف أيضاً أن تمنحك شعوراً بالمشاركة، ما يساعدك على التخفيف من حدة الشعور بالوحدة التي قد تظهر في عملية البحث عن فرصة عمل، وينمّي لديك الإحساس بالانتماء الاجتماعي ويقدم لك مساعدة ملموسة على المضي قدماً في عملية البحث.

انخرط في أنشطة محفزة. احرص على ممارسة أنشطة محفزة لك، مثل التمارين الرياضية، أو الاستماع إلى الموسيقى المفضلة لديك، أو أي من الأنشطة الأخرى التي تنعشك وتجدد طاقتك، إذ ستظهر حالتك المزاجية ومستوى طاقتك العامة على تفاعلاتك مع الآخرين، سواء كانت هذه التفاعلات عبارة عن مقابلة مع زميل سابق لتناول القهوة، أم فعالية بناء العلاقات، أم مقابلة شخصية. إن ممارسة التمارين الرياضية على وجه الخصوص لا تؤثر في الحالة المزاجية تأثيراً إيجابياً فقط، بل تزيد تقدير الذات، والميل إلى التواصل الاجتماعي، والتحفيز، والإدراك، كما يمكن أن تساعدك على أن تكون في أفضل حالاتك، وقد أخذ مروان، أحد عملائي، يمارس التمارين الرياضية يومياً خلال عملية بحثه عن وظيفة، فلم يفقد 15 رطلاً من وزنه وثلاث بوصات من خصره فقط، بل شعر بأنه صار أقوى ذهنياً وجسدياً أيضاً، وتعاظم لديه الإحساس بالمسؤولية، وكان أكثر ثقة في مقابلات العمل.

فكّر في الأمور من منظور مختلف. ما أسهل أن تشعر بالعجز والإحباط عندما لا تسير الأمور في عملية البحث عن فرصة عمل على النحو الذي تريده، فربما لم تقدم لك جهة اتصال عرضاً مهماً حتى الآن كما وعدتك، أو لم يرد عليك أحد المسؤولين عن التوظيف خلال الفترة الزمنية التي حددها في البداية. وعلى الرغم من أنه يمكنك إرسال رسالة تذكير ودية، فعليك أن تتراجع خطوة إلى الوراء وتفكر بشأن أولوياتهم الأخرى المحتملة، فقد لا تكون عملية بحثك عن وظيفة ضمن أولوياتهم الخمس الكبرى كل يوم. إن رؤية الأمر من هذا المنظور قد يساعدك على عدم أخذ الموقف على محمل شخصي، والتخفيف من حدة الانفعالات السلبية المحيطة بك.

شعرت هند، عميلة أخرى عندي، باكتئاب شديد عندما استغرقت عملية بحثها عن وظيفة عاماً كاملاً بعد أن فقدت وظيفتها المالية خلال فترة الركود الأخيرة. وعلى الرغم من أن اكتئابها أمر طبيعي، فقد خلق لها حلقة مفرغة من الأفكار والمشاعر السلبية التي أبقتها عاجزة خلال بحثها، فسألتُها: “ماذا ستقولين في المستقبل بعد 20 عاماً عن عامك هذا الذي واجهتِ فيه البطالة”، ودون تردد أجابت قائلة: “حسناً، سأرى أنها كانت محنة قصيرة ومضت”. لقد أتاح منظور “المحنة القصيرة” هذا لهند التخلص من مشاعر الاكتئاب التي انتابتها، ليس فقط لكي تتصور مستقبلاً أكثر نجاحاً، بل حتى تكون قادرة على المضي قدماً لتكون أكثر إنتاجية، وفي النهاية حصلت على وظيفة أخرى عملت فيها شريكة بإحدى كبرى شركات إدارة الاستثمارات. إن المشاعر مؤقتة، مثل العديد من المواقف التي تخلقها (كعملية البحث عن وظيفة)، ورؤية التحديات على أنها غير دائمة يعتبر جزءاً أساسياً من عملية تبني التفاؤل، المصحوب بمستويات أعلى من التحفيز والإنجاز والرفاهة، ومستويات أقل من أعراض الاكتئاب.

بالاستعانة بالاستراتيجيات السابقة، يمكن المساهمة في جعل هذه التقلبات العاطفية التي تحدث خلال عملية البحث عن وظيفة أكثر قابلية للإدارة، كما تساعدك على أن تظل متحفزاً ومُنتجاً طوال هذه العملية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .