التمارين الرياضية المنتظمة تساعدك في الموازنة بين العمل والعائلة

3 دقائق
التمارين الرياضية للعمل
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أظهرت أبحاث أجريناها أنا ومجموعة من زملائي أهمية التمارين الرياضية للعمل وكشفت عن وجود علاقة واضحة بين النشاط البدني “المدروس، والمنظّم، والمتكرر، والهادف” – بحسب التعريف العلمي لممارسة التمارين الرياضية – وبين قدرة الإنسان على إدارة التفاعل بين العمل والحياة العائلية.

فقد قمت أنا وزملائي بإجراء مسح شمل مجموعة من البالغين العاملين لاستطلاع آرائهم حول عاداتهم في ممارسة التمارين الرياضية وتجربتهم في تلبية متطلبات الحياة المهنية والشخصية. وكان المشاركون في الاستبيان الذين أفادوا عن ممارستهم للتمارين الرياضية بانتظام  أقل عرضة لمواجهة تضارب بين هذين الدورين.

أهمية التمارين الرياضية للعمل

تبدو هذه النتيجة مخالفة للحدس نوعاً ما، فوجود نظام لمماسة التمارين الرياضية هو في نهاية المطاف استنزاف إضافي لوقت المرء النادر أصلاً. فكيف يمكن لهذه الممارسة التي تُضاف إلى جدول أعمال مثقل أصلاً أن تساعد في حل التناقضات الموجودة بين متطلبات العمل والحياة الشخصية.
لقد أسهمت أبحاثنا في توضيح الأمور. أولاً، تبيّن الأبحاث وبما لا يدعو إلى أي دهشة أنّ التمارين تقلل من التوتر، علماً أنّ انخفاض منسوب التوتر يجعل الوقت الذي يقضيه المرء في المكتب أو المنزل مدعاة لقدر أكبر من الإنتاجية والمتعة.

ثانياً، اكتشفنا أنّ التمارين الرياضية تساعد في تحقيق التكامل بين العمل والمنزل من خلال زيادة “الفعالية الذاتية”. وهذه العبارة الأخيرة تشير إلى إحساس المرء بأنه قادر على تولّي زمام الأمور وإنجاز ما هو مطلوب منه. وعلى الرغم من أنّ الفعالية الذاتية هي مسألة تقوم على نظرة المرء إلى ذاته، إلا أنّ لها تأثيراً حقيقياً في الواقع. فوفقاً لعالم النفس آلبيرت باندورا، الأشخاص الذين يتمتّعون بفعالية ذاتية عالية لديهم احتمال أقل بتحاشي المهام الصعبة، إذ يرون في هذه المهام على الأرجح تحديات ينبغي التصدي لها. كما تشير أبحاثنا إلى أنّ الذين يمارسون التمارين الرياضية بصورة دورية يتمتّعون بقدر أكبر من الفعالية الذاتية، وهذه الثقة تنتقل لتتجلّى في حياتهم المهنية والعائلية.

إذاً، كل ما سبق ذكره يجب أن يدفعكم للتمسك بالتعهد الذي توصلتم إليه في رأس السنة الجديدة بأن تمارسوا التمارين الرياضية. أما إذا كنتم من الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام، فإننا ننصحكم بالبحث عن الشكل الأنسب لكم من النشاط البدني، إذ يمارس بعض الناس هذه التمارين على سبيل العادة قبل البدء بيوم عملهم، لأن لديهم الكثير من الأسباب التي يسوقونها لعدم ممارسة الرياضة في وقت لاحق خلال النهار، بينما يعمد آخرون إلى الرياضة أثناء استراحتهم في النهار، ولاسيما إذا أُتيحت لهم فرصة الاستفادة من مرافق خاصة بالتمارين في مكان العمل. وثمة نمط ثالث من الناس يفضّل ممارسة التمارين بعد العمل على سبيل الاسترخاء والراحة من عناء اليوم الطويل. ولكن بغض النظر عن الوقت والمكان اللذين المفضل لممارسة الرياضة، وسواء أكان الأمر على شكل جري لمسافات طويلة صباحاً، أو الانضمام إلى درس يوغا مسائي، تُعتبر القضية الرئيسية هي الانخراط في مستوى من التمارين يؤدي إلى تبديد التوتر ويضفي عليكم إحساساً بالقدرة على الإنجاز.

ويتعيّن على المدراء والمختصّين في الموارد البشرية الالتفات إلى هذا الأمر. إذ أنه من المهم بالنسبة لأداء أي مؤسسة أن يكون العاملون فيها قادرين على إيجاد سبل لتحقيق التكامل ما بين متطلبات العمل والحياة الشخصية. تشير أبحاثنا إلى أنّ الشركات ستحقق مكاسب فعلية إذا سهّلت لموظفيها ممارسة التمارين الرياضية. وإحدى الطرق التي يمكن للشركات أن تفعل بها ذلك هي تطبيق ساعات عمل مرنة. بل يمكن لأصحاب العمل أن يمضوا أبعد من ذلك، من خلال التشجيع على عادات جديدة مثل الاجتماعات التي تعقد سيراً على الأقدام. وبوسع الشركات أن تقدم ما يسمى “الاستراحات التنشيطية” التي تشجع الموظفين على قضاء ما بين 10 دقائق و15 دقيقة في تمارين شد الجسم، أو التنفس، أو التمارين الهوائية الخفيفة.

ربما، وأكثر من أي شيء آخر، بوسع أصحاب العمل تقديم يد العون من خلال إخبار الموظفين بأنّ التمارين ليست ضرباً من ضروب الانغماس في الملذات التي تتطلّب بعض التضحية سواء على جبهة العمل أو في الحياة العائلية. فقد أثبتت أبحاثنا أنّ هناك دعماً هائلاً لوجود علاقة إيجابية بين الممارسة المنتظمة للتمارين الرياضية وقدرات الموظفين المحترفين على النجاح في إيجاد التوازن بين عملهم وحياتهم الشخصية. فلا يقتصر الأمر على أنّ التمارين الرياضية تدعم الصحة البدنية للأفضل، إنما تقوم التمارين الرياضية بزيادة زيادة الفعالية الذاتية، وتقلل من الضغوط النفسية، وتقود أيضاً إلى تحقيق تكامل أفضل بين حياتنا العملية والشخصية.

يمكن القول أنّ بداية عام جديد هو الوقت الأنسب دائماً للتفكير في الطرق التي تساعدنا على تحسين حياتنا. فإذا شعرت بأنك منقسم ما بين الرغبة في ممارسة التمارين الرياضية وفي أن تكون أباً أو شريكاً زوجياً أو عاملاً أفضل، فإنّ ما سقناه هنا يجب أن يقع عليك برداً وسلاماً: فأنت تستطيع الجمع بين الأمرين معاً، وممارسة التمارين الرياضية للعمل وتحقيق أقصى استفادة.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .