أسئلة القراء: كيف أجري محادثة مع موظف يشتكي منه الآخرون؟

6 دقائق
التعامل مع موظف عنيد
shutterstock.com/Andrii Yalanskyi
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

سؤال من قارئ: تشكل إدارة واحدة من مرؤوسيّ المباشرين تحدياً كبيراً بالنسبة لي، فهي تتمتع بأداء ممتاز، ولكن اشتكى عدد من زملائها في الفريق من بعض تصرفاتها مما أثار مخاوف بشأنها، واقترب موعد مراجعة الأداء نصف السنوية وأنا لا أعرف ما إذا كان علي ترقيتها. فكيف يمكن حل مشكلة التعامل مع موظف عنيد؟ إذ التقيت بهذه المرأة للمرة الأولى عندما كانت تعمل لدى أحد عملائنا، ووظفناها لدينا منذ ما يزيد عن العام، ولكن لم يكن مستوى الراتب كما أرادت. وأثناء هذه المرحلة الأولى من علاقتنا، كان هناك شيء ينفرني منها، ولكني أردت تفادي أي نوع من تحيزات التوظيف، ولذلك تجاهلت الأمر. وللعلم، نحن متماثلتان بلون البشرة الأبيض وبالعمر والخلفية الاجتماعية الاقتصادية أيضاً. وحتى الآن، تميزت في جميع جوانب دورها التي يجري تقييمها وفق تقويم الأداء بطريقة 360 درجة. وهي تنتج عملاً عالي الجودة، وتجلب عملاء جدد، وتدير بعض أكثر علاقاتنا تعقيداً، وهي الآن جديرة بالترقية وفق سياستنا المطبقة، إلا أن الكثيرين من زملائها قد اشتكوا في الفريق من طريقة كلامها القاسية وأسلوب إدارتها المتطلب وافتقادها الوعي الذاتي. فهي تهيمن على المحادثة ويمكن أن تنسى دينامية السلطة. على سبيل المثال، غالباً ما تفترض أن مرؤوسيها متفقون معها، إلا أنهم في الحقيقة مرتبكون ومستاؤون ويشعرون بالألم بسبب تقييماتها. أما مع رؤسائها، فقد تبدو صراحتها الشديدة نوعاً من قلة الاحترام، يبدو أنها غير قادرة على فهم الأولويات التي تتنافس مع أولوياتها، وعندما لا توافق القرارات رأيها، تتوجه بالمسألة نحو الإدارة بسرعة وبصخب، وهذا يتطلب كثيراً من الوقت والانتباه. وسؤالي هو:

أولاً، هل أمنحها الترقية؟ فهي تتخطى أهدافها، كما أنها أخبرتني أنها ستبحث عن وظيفة أخرى إذا لم تحصل على منصب في الإدارة العليا بحلول هذا الخريف. ولكن، كيف سيفهم بقية أفراد الفريق حصولها على الترقية على الرغم من شكواهم؟ ثانياً، كيف أستطيع التحدث معها بشأن حاجتها الحقيقية إلى بناء الذكاء العاطفي؟ فهذا موضوع شخصي وحساس جداً، ولست واثقة من امتلاكي المهارات اللازمة لدعمها، ولكني أعتقد أن هذه المحادثة ستساعدها على المدى الطويل، حتى إذا غادرت شركتنا.

يجيب عن هذا السؤال:

دان ماكجين: مقدم برنامج “ديير آتش بي آر” من هارفارد بزنس ريفيو.

أليسون بيرد: مقدمة برنامج “ديير آتش بي آر” من هارفارد بزنس ريفيو.

جينيفر غولدمان ويتزلر: أخصائية في علم النفس التنظيمي ومؤلفة كتاب “النتائج المثلى: حرر نفسك من النزاعات في العمل والمنزل والحياة” (Optimal Outcomes: Free Yourself from Conflict at Work, at Home, and in Life).

جينيفر غولدمان ويتزلر: أولاً، بما أنها تمكنت من إدارة بعض أكثر العلاقات تعقيداً مع العملاء، فهذا يعني أنها قد تملك هذه المهارات فعلاً ولكنها لا تطبقها داخل الشركة. وذلك ليس مفاجئاً في الواقع، نظراً لما قالته صاحبة الرسالة عن عدم إجراء تقييم للموظفين فيما يتعلق بالإدارة الداخلية.

أليسون بيرد: لقد خضعت للتقويم بطريقة 360 درجة، ولكن من الواضح أن الشركة لا تقيم الذكاء العاطفي مع الزملاء. وهو أمر يخالف جميع أنواع التقويم بطريقة 360 درجة.

دان ماكجين: إنها تتمتع بالمهارات ولكنها لا تملك حافزاً لتطبيقها بصورة تعاونية مع زملائها.

 جينيفر غولدمان ويتزلر: قد تكون لديها هذه المهارات بالفعل، أو قد لا تتمتع بها. هناك فروق دقيقة بين المهارات اللازمة لبناء علاقات قوية مع العملاء، والمهارات اللازمة لبناء علاقات داخلية قوية ضمن مؤسستك، والمهارات اللازمة لبناء علاقات مع رؤسائك وتلك اللازمة لبناء علاقات مع مرؤوسيك. تندرج جميع هذه المهارات ضمن عائلة واحدة، إلا أن هناك اختلافات بسيطة بينها. ويبدو أن أحد العوامل المحركة هنا هو احتمال أن تكون هذه المرأة مدركة لعدم تقييم المؤسسة لها وفق معيار محدد، ولذلك فقد خسرت هذه المهارات. وهذا احتمال واقعي جداً.

أليسون بيرد: إذن، في غياب تجديد نظام إدارة الأداء بأكمله في هذه الشركة، ماذا يجب على صاحبة السؤال فعله؟

جينيفر غولدمان ويتزلر: أود إعادة صياغة هذه المشكلة، بدلاً من اعتبارها مشكلة ذكاء عاطفي، سأعتبرها مشكلة تتألف من ثلاثة عناصر ذكرتها صاحبة الرسالة، وهي التواصل، وإمكانية الإدارة أو القدرة عليها، والوعي الذاتي، هذا فيما يخص المدى الطويل. أما على المدى القصير فيما يخص سؤالها عما إذا كان عليها ترقية هذه الموظفة، أرى أن أفضل وسيلة هي إجراء محادثة صريحة، وقد تكون صعبة. ليس من واجب صاحبة السؤال توفير جميع الموارد التي قد تحتاج إليها هذه الموظفة إذا كانت المشكلة تتعلق بفجوة مهارات. ولكن يمكن لها كمديرة أن توجهها نحو الموارد وتقديم التقييمات.

دان ماكجين: يمكنها أن تقول: “اسمعي، لقد استوفيت جميع المعايير التي تؤهلك للترقية، ولكن ما زالت هناك مشكلة كبيرة واحدة بعد، وهي أنك غير قادرة على التعاون مع زملائك بفعالية، وهذا الأمر يهمنا. ولذلك سننتظر مدة ستة أشهر، ونود أن تركزي أثناءها بشدة على هذه الناحية من الأداء”. وبهذه الطريقة، لن ترسل إشارة سلبية عن طريق ترقية شخص لا يجيد التعاون مع زملائه، وفي نفس الوقت ستتمكن من إخبار الموظفة ما يجب عليها فعله تحديداً، وستمنحها إطاراً زمنياً قصيراً يمكنها العمل ضمنه على تطوير نقطة ضعفها، ولا يمكن اعتبار هذا الأمر عقوبة فعلاً.

أليسون بيرد: أقترح تغييراً بسيطاً بناء على بعض المقالات التي تمعنت فيها، وجدت أن ريتشارد بوياتزيس من جامعة “كيس وسترن ريسرف” (Case Western Reserve University)، يركز فكرته بأكملها على الإرشاد بأسلوب التعاطف، وافتراض أنه ليس بالإمكان إحداث تغيير في شخص ما بالإجبار، وإنما يجب التحدث إليه بشأن رؤيته المستقبلية. وفي هذه الحالة، يجب على صاحبة الرسالة التحدث مع الموظفة عن المكان الذي ترى نفسها فيه في المستقبل، ومدى التقدم الذي تأمل تحقيقه في هذه الشركة. ثم يمكنها مساعدة الموظفة على إدراك أن هذه الخصائص الثلاث، التواصل والإدارة والوعي الذاتي، هي ما سيساعدها على تحقيق هدفها. أي أن تقول لها نوعاً ما: يجب أن تحققي نمواً في هذا الاتجاه من أجل تحقيق الأهداف التي حددتها لنفسك.

جينيفر غولدمان ويتزلر: هناك أمر واحد لم تذكره صاحبة السؤال، ولكني أرى أنه يتمتع بأهمية كبيرة في هذه المسألة، وهو جزء لا يتجزأ من المحادثة، ألا وهو الثقافة ضمن المؤسسة. وسبب معارضتي لترقية هذه الموظفة هو وجود قواعد أو حدود غير رسمية وغير منطوقة في المؤسسة، وهي قواعد قد لا نجدها في مراجعة الأداء الرسمية ولكن الجميع يعرفونها من الألف إلى الياء، وحصول موظف لا يلتزم بها على ترقية سيلحق ضرراً كبيراً بثقافة المؤسسة، فهناك موظفون آخرون يراقبون ما يحدث. وبصفتي أخصائية في علم النفس التنظيمي، لا أحبذ أن يتلقى الموظفون رسالة مفادها أنه لا بأس في أن تكون شخصاً بغيضاً وتنال ترقية لأنك تنجز مهام وظيفتك بصورة جيدة.

دان ماكجين: ولكن هناك مؤسسات وثقافات وحتى قطاعات معروفة بتسامحها الشديد مع أصحاب الأداء العالي الذين هم في الواقع زملاء سيئون. وقطاع الخدمات المالية هو أحدها. كما يمكن أن يكون قطاع المحاماة نموذجاً عنها أيضاً.

جينيفر غولدمان ويتزلر: وهل الموظفون سعداء في هذه المؤسسات؟ الموظفون الذين تفكر فيهم؟ ولكن أعتقد أن هذا السلوك بدأ بالتراجع قليلاً اليوم، حتى في تلك القطاعات.

أليسون بيرد: يبدو أننا جمعينا متفقون على ضرورة إدخال هذه الموظفة إلى نوع من خطة تعليم قبل منحها الترقية. ولكن، ماذا إذا قالت: “لست مضطرة لكل هذا، سأجد فرصاً كثيرة في أماكن أخرى، وقد أخبرتك أني سأبحث عن وظيفة أخرى، وسأفعل”. وكيف ستفسر صاحبة السؤال لرؤسائها أنها خسرت هذه الموظفة ذات الأداء المتميز؟

جينيفر غولدمان ويتزلر: أفضل طريقة للتعامل مع هذا الموقف هو إخبار الحقيقة، وأن تقول: “كان علينا الاختيار بين أن نحتفظ في الفريق بموظفة يلبي أداؤها المعايير الرسمية، ولكنه لا يلبي المعايير غير الرسمية. ولذلك، فهي تسبب دينامية لا نرغب بها في الثقافة، وعندما تحدثت معها عن الأمر اتخذت موقفاً دفاعياً شديداً وهددت بترك العمل من دون الاستعداد للاستماع للتقييمات ولا قبول فرصة التعلم”. أعتقد هذا ما سيحدث إذا كنت فعلاً مهتمة بالشخص نفسه، وبصفتي أخصائية في علم النفس التنظيمي، أريد لهذه الموظفة أن تتعلم وتنمو، وما آمل أن تريده مديرتها، صاحبة الرسالة، هو مساعدتها كي تتعلم ذلك.

دان ماكجين: ما أثار إعجابي في السؤال حقيقة، أن صاحبة السؤال لديها مرؤوسة تنفّرها دائماً ومنذ البداية، ولذلك يبدو جلياً أن المرؤوسة لا تتصرف على نحو جيد، ومع ذلك، تحاول صاحبة السؤال التعامل مع المسألة من باب اللطف والإرشاد وتحاول مساعدة الموظفة وتسعى لتطويرها. لا أعتقد أن جميع المدراء قادرين على التصرف بهذا الشكل.

أليسون بيرد: إذاً، أعتقد أن صاحبة السؤال محقة في اعتبار أن هذه النقاط علامات تحذيرية، فالتواصل والإدارة والوعي الذاتي هي مهارات ضرورية لمن يرغب في الارتقاء ضمن أي مؤسسة. على المدى الطويل، يجب أن تقيّم الشركة هذه المهارات ضمن برنامج التقويم بطريقة 360 درجة. وفي غياب هذه التقييمات، نرى أن صاحبة السؤال بحاجة إلى إجراء محادثة صريحة جداً مع الموظفة، من المحتمل أنها تتمتع بالذكاء العاطفي، فهي تتفاعل على نحو جيد مع العملاء، ولكنها لا تطبقه بصورة جيدة في المكتب. نود أن توجه صاحبة السؤال تلك الموظفة إلى الموارد اللازمة لمساعدتها على تطوير الذكاء العاطفي، ويمكنها أيضاً وضعها ضمن خطة أداء على مدى ستة أشهر كي تحصل على الترقية التي تسعى لها. لا نعتقد أنه يجب منحها الترقية إلا إذا أبدت استعداداً للتغير في هذا الاتجاه. وإذا تركت الشركة، فلا بأس في ذلك برأينا لأنه أفضل بالنسبة لصحة المؤسسة على المدى الطويل في سبيل التعامل مع موظف عنيد قادم.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .