لماذا تصيبنا الرسائل الإلكترونية بالإرهاق رغم أنها لا تأخذ الكثير من وقتنا؟

3 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

من السهل أن نشعر بالتوتر لدى تعطّل بريدنا الإلكتروني. فقد أظهرت إحدى الدراسات أن المهنيين يقضون ما معدله 4.1 ساعة في اليوم يردّون فيها على رسائل العمل. ولكنني مؤخراً وفي أثناء تمرين لمراقبة كيفية قضاء وقتي، اكتشفت أنني عند الحد الأدنى، إذ أقضي 1.35 ساعة فقط يومياً على البريد الإلكتروني. ولكن، من الناحية النفسية يحمّلنا البريد الإلكتروني عبئاً غير متكافئ، فبغض النظر عن الوقت الذي أقضيه في التعامل مع البريد الإلكتروني، أشعر أنني دائماً متوترة حيال الرسائل التي لم أجب عنها في صندوق الوارد.

ومن أجل فهم أفضل لأسباب تحول البريد الإلكتروني إلى عبء، قمت بتجربة على مدى أسبوعين تتبعت خلالها كل رسالة إلكترونية تلقيتها وصنفتها. وقسّمت الرسائل إلى فئات مثل “الرسائل الواردة من مساعدتي”، و”تواصل مع عملاء”، و”علاقات عامة ودعوات إلى فعاليات”.

وبذلت في الوقت نفسه جهداً كبيراً لتحسين بريدي الإلكتروني، حيث بدأت استخدام خدمة مجانية اسمها “آنرول مي” (Unroll me) تلغي اشتراكي في العديد من النشرات الإلكترونية وتجمع النشرات الباقية في رسالة يومية واحدة. واحتسبت كل ما وصل إلى بريدي الإلكتروني: 1,161 رسالة خلال فترة أسبوعين. فيما يلي ثلاثة دروس مهمة تعلّمتها من هذه التجربة، قد تكون قيّمة لناحية جعل الوقت الذي ننفقه على البريد الإلكتروني أكثر فعالية أيضاً.

كل “نعم” نقولها تحمل لنا المزيد من العمل

أن نقول “لا” لأحدٍ ما إنما هو تحدٍ لكل واحدٍ منا: فنحن لا نريد ردّ الناس خائبين، وفي الوقت نفسه نحن نعلم أن أي فرصة قد تقود إلى نتائج إيجابية. ولكن تحليل الرسائل الإلكترونية التي تلقيتها، علّمتني درساً مهماً حول أهمية إصدار حكم صارم على الرسائل: كل “نعم” ستقود إلى شلال (عادة ما لا نتوقّعه) من العمل. فخلال فترة الأسبوعين تلقيت 64 رسالة مرتبطة بمقابلات إعلامية، وبودكاست، وندوات إلكترونية سبق أن وافقت عليها. وكان عدد ضئيل من الرسائل يضم الدعوات الأصلية وعدد أكبر كانت رسائل تذكير وطلب صور لي أو لكتابي الأخير، وأحياناً روابط لاستمارات معقدة (إحداها ضمّت 24 سؤالاً!) لملئها قبل المقابلة.

وافقت أيضاً على المساعدة في الترويج لإطلاق دورة تعليمية إلكترونية لاثنين من زملائي خلال تلك الفترة وتلقيت 46 رسالة منهما تحتوي على روابط لنماذج رسائل إلكترونية وتتبّع “المتصدرين” الذين حققوا أكبر عدد من الإحالات ورسائل أكثر أيضاً. بالنتيجة، وجدت أن الموافقة على مقابلة مسجلة عبر البودكاست لن تأخذ مني ساعة واحدة فقط ولا الموافقة على الترويج لمشروع لزميل تعني تلقي رسالة إلكترونية واحدة. لذلك، عند تقييم أي قرار علينا اتخاذه، من الضروري أن ندرك عواقبه وتأثيراته النهائية على وقتنا.

من الأسهل أن نقول “لا” حين نعرف عدد الأشخاص الذين يطلبون منا شيئاً ما

أثار دهشتي عدد الرسائل التي تلقّيتها والتي شكّلت في الواقع 12% من مجموع الرسائل في بريدي، والتي يطلب فيها الناس مني أن أقوم بأمور معينة. في بعض الحالات، كان سهلاً أن أقول لا. فقد تلقيت 34 عرضاً من غرباء يطلبون مني الكتابة في مدونتي عن مدرائهم أو عملائهم أو تجربة تطبيقهم الجديد. وكان هناك أيضاً 26 دعوة من غرباء أو أشخاص لا أعرفهم كثيراً لحضور فعاليات أو “تحديد موعد اتصال للحديث عن كيفية التعاون”. في الوقت نفسه، كان من الصعب تجاوز العديد من الطلبات الأخرى بينها 75 رسالة من زملاء يطلبون خدمة، سواء كان ذلك دعماً لكتابهم أو تعريفهم بشخص ما أو الربط بأحد معارفهم. حتى أن ثلاثة أشخاص طلبوا مني المال لقضايا خيرية مختلفة.

في المجمل، تلقيت 69 طلباً خلال أسبوع أو حوالي 10 أيام. وبالفعل، احتجت قوة جبارة وإرادة صلبة لأقول لا، ولكن العدد الهائل للرسائل في بريدي الإلكتروني، سهّل علي القرار. وكما قال أحدهم: إن بريدنا الإلكتروني ليس سوى قائمة أمور نفعلها للآخرين. فحين فكرت بكم الطاقة التي سأخصصها لتنفيذ 69 طلباً من طلبات الناس كل أسبوع، استطعت أن أركز من جديد وأدرك أنني لن أتمكن من ترك أثر إلا إذا ركزت على أولوياتي الخاصة.

التركيز يجب أن ينصبّ على الرسائل القليلة التي تتصدر قائمة الأولويات

ما الذي يعتبر رسالة مهمة؟ سأعتبر الرسائل المهمة هي التي تصدر عن عملاء، والتي تحمل استفسارات عن تعاقدات جديدة. بناءً على هذا المقياس، تبيّن لي أن 10.5% من الرسائل التي تلقيتها خلال فترة الأسبوعين كانت مهمة.

الجواب إذاً، هو تفادي الضياع في السيل اللامتناهي من الرسائل والتركيز بدلاً من ذلك على النسبة الضئيلة من الرسائل التي تهمنا أكثر، أي الرسائل الواردة من عملاء أو عملاء محتملين. وحتى في الأيام الحالكة التي تتدفق علينا فيها الرسائل الإلكترونية، إذا أجبرنا أنفسنا على وضع “نجمة” على الرسائل ذات الأولوية القصوى، غالباً ما يمكننا التعامل مع هذا الكمّ بنجاح.

وعلى الرغم من ظهور تقنيات مثل “سلاك” (Slack)، سيبقى البريد الإلكتروني في المستقبل المنظور معنا دائماً، لا بل يتوقع البعض أن يستمر عدد الرسائل الإلكترونية التي نتلقاها في الازدياد بمعدل سنوي مركّب يبلغ 15%. لذلك، فإن قضاء المزيد من الوقت في الرد على الرسائل (وهو وقت مقتطع من أولوياتنا الخاصة) ليس حلاً مستداماً. كما أن الطلب من الناس إزالتنا من لوائحهم البريدية أو إخراجنا من المحادثات التي تضم آخرين غيرنا، هي معركة خاسرة. لذلك كي نوفر الوقت، علينا ألا نجيب.

بدلاً من ذلك، يمكن لإدراكنا نسبة الرسائل المهمة بين الكمّ الكبير من الرسائل الواردة إلى بريدنا والسهولة التي يوجّه فيها الآخرون طلبات إلينا (غالباً ما تكون مرهقة) تأخذ من وقتنا، أن يجعلنا نتخذ قرارات أكثر ذكاءً حيال هدف تركيزنا واهتمامنا.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .