ما المهام التي تستغني عنها إذا ما استنزفك العمل الإضافي؟

4 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

هل أنت مقتنع أنه لا غنى عنك وأن كل ما تفعله بالغ الأهمية؟ ومع ذلك، فإنك تشعر أنك لا تحظى بتقدير كافٍ وأنك عالق في منصبك الحالي وحائر بين إيلاء الأولوية لكل مهمة تنجزها والحفاظ على ديمومة سعادتك؟

تعرّف على هناء. بصفتها النائبة الأولى لرئيس التمويل والإدارة، فإنها تترأس مجموعة من المسؤولين التنفيذيين الموثوقين والمنظمين الذين درّبتُهم. وقد اعتادت الرد على رسائل البريد الإلكتروني خلال ساعة من تلقيها، وتفقد قائمة طويلة من بنود العمل يومياً، وهي حاضرة لأعضاء الفريق متى احتاجوا إليها، كما أنها تتمتع بخبرة في مجالها منذ فترة طويلة.

ما هي المشكلة إذاً؟

استمرت هناء في شعل المنصب نفسه أكثر من زملائها بعامين. واعتبرها مديرها قيّمة للغاية، لكن لم تسنح لهما الفرصة مطلقاً لإجراء محادثة معمّقة حول مسيرتها المهنية. كما احترمها زملاؤها لكنهم لم يشركوها في المحادثات الاستراتيجية. وبدلاً من ذلك، طلبوها لحل الأزمات آخر لحظة. تعيّن على هناء حل مشكلات أكثر من الآخرين لأن الجميع يعلم أنها ستتولى المسؤولية مهما تبلغ خطورة المسألة. عملت 7 أيام في الأسبوع دون توقف، وأهملت علاقاتها في المنزل، وأجلت التمارين الرياضية وكسبت بعض الوزن سنوياً. وكانت هناء التي أوشكت على أن تُستنزف تفكّر في ترك عملها.

أخيراً، ناقشَت وضعها مع مديرها. فدعم فكرة تخلّيها عن أداء بعض الأعمال، لذا قمت وإياها بعملية عصف ذهني لمسار يُفضي إلى شخصية جديدة لها أكثر اتساماً بالطابع الاستراتيجي وأكثر صحة وسعادة.

إذا بدا هذا الموقف مشابهاً لحالك، فقد لا تتعلّق المشكلة بمنصبك أو زملائك، بل فيما إذا كنت تنظر إلى عملك بطريقة صحيحة. لا يتطلب كل مشروع أو مهمة تضطلع بها، خاصة تلك التي يطلب منك الآخرون القيام بها، اهتمامك أو استجابتك الفورية. إذ يتعين عليك تقييم ما إذا كان العمل الموكول إليك مناسباً لك.

يستخدم عدد كبير من عملائي بمن فيهم هناء الأسئلة الستة التالية لتقييم ما إذا كان يجب أداء جميع الأعمال الموكلة إليهم أم لا، حتى إذا طلب منهم شخص ما القيام بها.

لماذا تعدّ هذه المهمة ضرورية؟

تفاجأت هناء عندما علمت أنه لا يوجد “سبب” مهم لربع قائمة مهامها. ولم تكن هذه البنود أولويات متفرّقة أو ضرورية لإبقاء الأمور تحت السيطرة. وكان بوسعها إلغاء أنشطة من قبيل اجتماع تحديث حالة قائمة، حيث كان إرسال بريد إلكتروني أسبوعي كافياً. يمكن للتأكد من “السبب” أن يضمن إيلاء الأولوية للمهام المهمة وتماشيها مع الصورة العامة بينما تُفوض المهام الأخرى إلى أشخاص آخرين أو تترك دون إنجاز.

هل تناسب المهمة “جدولي الزمني”؟

أوجد محفظة لأثمن مواردك: وقتك. قسّمت هناء أنشطتها الأساسية إلى 7 فئات: إدارة فريقها، والإشراف، وتتبع أهم 5 مشاريع، وإيجاد رؤية لدعم نمو الأعمال التجارية، ورعاية حساب زبون رئيسي وحضور مؤتمرين سنويين، والبريد الإلكتروني. ومن ثم قسّمت نسبة التوزع المثالية على هذه الفئات. ورسمت مخططاً للوقت الذي أُنفق على كل منها ووضعت أهدافاً لتحقيق الغايات المثلى. أدركت هناء أنها يجب أن تكون أكثر اقتصاداً فيما يتعلق بالوقت الذي تقضيه على بريدها الإلكتروني، وأن ترفض الأولويات الدنيا وتخصص المزيد من الوقت لما تقوم به بالفعل: أن تتسم بالاستراتيجية وتحدد توجهاً واضحاً. ومن خلال إيجاد ميزانية زمنية لفئات الأعمال الكبيرة، فأنت تصبح أكثر وعياً بالمسؤوليات التي تأخذها على عاتقك.

ماذا قد يحدث بعد مضي شهر من الوقت الحالي في حال لم تُنجز هذه المهام؟

شعرت هناء بالرضا عن استكمالها بنود العمل. وكانت تضيف مهاماً مكتملة بالفعل إلى قائمتها لكي تشعر بالرضا نتيجة إنهائها. لكن هل كانت ستستمد قدراً مماثلاً من البهجة عند التفكير في هذا العمل المنجز بعد مرور شهر واحد من الوقت الحالي؟ أصبح من الواضح أنها لن تتذكر، حالها في ذلك كحال أي شخص آخر، تأثير العديد من البنود حتى بعد انقضاء بضعة أيام من ذلك. قبل الموافقة على طلب ما على عجل، تخيّل تأثيره المستقبلي عليك وعلى أصحاب المصلحة وعلى شركتك. وقد تتجنب بذل جهود على أشياء يُفضّل أن تظل في طي النسيان المؤسساتي الآن.

من الشخص الذي يرغب في إنجاز هذه المهمة، ومن هو الشخص المناسب لأدائها؟

كانت هناء أول من يستجيب للطلبات الواردة عبر البريد الإلكتروني. وشعر مرؤوسوها المباشرون أنها غالباً ما تؤدي عملهم بالنيابة عنهم وتحرمهم من الظهور أمام الإدارة العليا. كما أدركت أنه عندما رغب زملاؤها بإنجاز شيء ما، فإن نظرة واحدة إليها كافية لدفعها إلى التطوع. لا تسأل نفسك عمن يستطيع الاضطلاع بالمهمة فحسب، بل عن الشخص المناسب لأدائها. ومن ثم خصص وقتاً من خلال تفويض المهام واسمح لزملائك في الفريق بأن يضطلعوا بأعمالهم بشكل مناسب.

كم عدد المرات التي أوليت فيها الأهمية لمهمة ما بدرجة تفوق قيمتها الفعلية؟

طلب أحد الزملاء من هناء إجراء نقاش مع ابن أخيه حول حياته المهنية. فرتّبت موعداً معه دون أن يأتي إليه مرتين. وأدركت في النهاية أن المسؤولية تقع على عاتق ابن الأخ، إذ لم يكن الموضوع عاجلاً بالنسبة له. قيّم افتراضاتك المتعلقة بسرعة مهامك وأهميتها. حدد مواضع المساءلة وركز على بنود العمل الملحة حقاً والتي تخصك أنت بالتحديد حتى إذا كانت خارج العمل.

ما هي الحكاية التي أرويها لنفسي؟

تخيّلت هناء عواقب وخيمة إذا لم تنجز كل شيء، بدءاً من تفكيرها بأن “الناس سيعتقدون أنني فظّة” ووصولاً إلى “موظفيي يشعرون بالإرهاق بالفعل” و”سأبدو غير كفؤة وضعيفة”. وأوجدنا سوياً قائمة الوقائع مقابل (الخوف والتردد والشك) لنوضح أسوأ شواغلها جنباً إلى جنب مع الواقع. إذا نشأت العديد من بنودك التي يلزم القيام بها من رواية حول ضرورة قيامك بالأمر، فأنشئ قائمة مماثلة لتختصر عملك.

تخطت هناء هاجسها المتمثل في الاضطلاع بجميع الأمور البسيطة، وهي تنجز المزيد حالياً فيما يتعلق بأمور جوهرية تتماشى أكثر مع العمل الذي وُظّفت للقيام به. وهي تشعر بسعادة أكبر في العمل وتتمتع بصحة أفضل في المنزل.

عندما تعتقد أنه يجب عليك إنجاز مليون مهمة، اطرح على نفسك هذه الأسئلة الستة، وقد تكتشف أن هناك أموراً أكثر أهمية للقيام بها، هذه الأمور من شأنها أن تزيد تأثيرك وتطيل عمرك في العمل والحياة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .