كيف تحضّر مؤسستك لعالم ما بعد كورونا؟

3 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إلى جانب الأزمة الصحية والإنسانية الحادة الناجمة عن جائحة فيروس كورونا، يواجه المسؤولون التنفيذيون في جميع أنحاء العالم تحديات هائلة فيما يخص قطاع الأعمال، وعلى رأس هذه التحديات انهيار الطلب على المنتجات، والتعديلات الجذرية في القواعد التنظيمية، وتعطل سلسلة التوريد، والبطالة، والركود الاقتصادي، وتزايد الغموض. ويحتاج الجانب الاقتصادي إلى سبل للتعافي، شأنه شأن الجوانب الصحية والإنسانية للأزمة. تجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن الاستجابات التي تحاول وضع حلول خاصة بغرض محدد لن يُكتَب لها النجاح، بل يجب على المؤسسات منذ هذه اللحظة وضع الأساس الذي يؤهلها للتعافي.

اشتهر المنظّر الإداري هنري مينتزبيرغ بوضعه استراتيجية المحاور الخمسة: الخطة، الحيلة، النمط، المركز، التصور. وقد قمنا بإدخال بعض التعديلات على إطاره المقترح بحيث يتناسب مع استراتيجيتنا ذات المحاور الخمسة التالية: المركز، الخطة، التصور، المشاريع، الجاهزية. ويمكنك الاستعانة بالأسئلة التالية لإرشادك خلال رحلة النهوض مجدداً بعد الأزمة.

1. ما هو المركز الذي يمكنك بلوغه في أثناء الجائحة وبعدها؟

إذا أردت اتخاذ قرارات استراتيجية ذكية، فلا بد من فهم مركز مؤسستك في البيئة العامة التي تعمل بها. من أنت في السوق، وما الدور الذي تؤديه في المنظومة المحركة للبيئة التي تعمل بها، ومن هم منافسوك الرئيسيون؟ يجب أن تفهم أيضاً وجهتك. هل تستطيع إغلاق عملياتك التشغيلية وإعادة فتحها بعد الجائحة دون أن يطرأ عليها تغيير ملموس؟ هل يمكنك استعادة الأرض المفقودة؟ هل ستتعرض للإفلاس، أم تستطيع الخروج من الأزمة كشركة رائدة في السوق غذتها التطورات خلال فترة الإغلاق؟

نسمع عن العديد من الشركات التي تتساءل عن جدواها بعد الجائحة، كشركات السفر والضيافة وتنظيم الفعاليات. نسمع أيضاً عن شركات تتسارع فيها معدلات النمو بسبب ارتفاع الطلب على عروضها، كالشركات المختصة بتجهيز المكاتب المنزلية وأدوات التواصل والتعاون المدعومة بالإنترنت وخدمات توصيل الطلبات للمنازل، ونظراً لهذه العوامل، ستختلف قدرة الشركات على التحمل. ويجب أن تتخذ الخطوات اللازمة من الآن لتحديد مركزك المحتمل عندما تخف حدة الوباء.

2. ما هي خطتك للنهوض مجدداً؟

الخطة عبارة عن سلسلة إجراءات تحدد الطريق الذي يجب أن تسلكه للوصول إلى المركز الذي تأمل بلوغه. يجب أن توضح الخطة كل ما يجب عليك القيام به اليوم لتحقيق أهدافك غداً. والسؤال الذي يطرح نفسه في السياق الحالي هو: ما الذي يجب عليك فعله لتجاوز الأزمة وعودة شركتك من حيث انتهت؟

لن يؤدي عدم وجود خطة سوى إلى تفاقم الارتباك في موقف مربك أصلاً، لذا يجدر بك التفكير في المسألة من منظور أوسع وأعمق والنظر إلى المستقبل نظرة بعيدة عند تحديد الخطوات التي تنوي اتخاذها.

3. كيف ستتغير ثقافتك وهويتك؟

التصور هو الطريقة التي ترى بها المؤسسة العالم ونفسها، ومن المرجح أن تشهد ثقافتك وهويتك تغيراً ملحوظاً نتيجة للجائحة. قد تؤدي الأزمات إلى لم شمل الناس وتحفيز روح التعاون فيما بينهم لتحمل تبعاتها، لكنها قد تؤدي أيضاً إلى تمزق العلاقات بين الأفراد وفقدان الثقة ببعضهم البعض والانكفاء على أنفسهم بشكل أساسي. ومن هنا تأتي أهمية التفكير في كيفية تطور تصورك. ما مدى جاهزية مؤسستك ثقافياً للتعامل مع الأزمة؟ هل سيؤدي استمرار الوضع على ما هو عليه إلى إذكاء روح التعاون بين موظفيك أم تمزيق العلاقات فيما بينهم؟ هل سيرون المؤسسة بشكل مختلف عندما تنتهي الأزمة؟ تقطع إجاباتك بما يمكنك تحقيقه عندما تنتهي الجائحة.

4. ما المشاريع الجديدة التي يجب عليك إطلاقها وتشغيلها وتنسيقها؟

لا بد وأن إجاباتك عن الأسئلة السابقة أوحت لك بعدد من المشاريع لمعالجة المشاكل المرتبطة بفيروس كورونا، إلا أن التحدي الأساسي يكمن في تحديد أولويات المبادرات التي ستحمي مستقبل المؤسسة وحسن تنظيمها. احذر طرح كثير من المشاريع التي تعتمد كلها على الموارد الحيوية ذاتها، والتي قد تكون أفراداً معينين مثل كبار المدراء، أو أقسام محددة مثل قسم تقنية المعلومات. فإذا طرحت مبادرات جديدة بصورة أكثر من اللازم، فقد تقحم نفسك في حرب على الموارد تؤخر قدرتك الاستراتيجية على الاستجابة أو تعطلها.

5. ما مدى جاهزيتك لتنفيذ خططك ومشاريعك؟

يتعين عليك أخيراً تقييم مدى جاهزية مؤسستك. هل أنت مستعد ومؤهل لإنجاز المشاريع التي حددتها، لاسيما إذا تحولت معظم مؤسستك إلى العمل عن بعد؟ نلاحظ وجود اختلافات ملموسة من حيث الجاهزية على المستوى الفردي والجماعي والمؤسسي، بل وعلى المستوى الوطني، إذ تتباين الموارد المتاحة، إلى جانب سرعة وجودة عمليات صناعة القرار، تبايناً كبيراً، وسيحدد هذا التباين من يستطيع تحقيق النجاح ومن يعجز عنه.

وقد أعددنا ورقة عمل حول الأسئلة الاستراتيجية الخمسة، وباستخدامها يمكنك رسم تحركاتك الحالية والمستقبلية، واعلم أن المستهلكين لن ينسوا رد فعلك إبان الأزمة. فإذا رفعت الأسعار، مثلاً، لاستغلال نقص سلعة معينة، فقد يكون لذلك أثر سلبي كبير على علاقاتك بعملائك في المستقبل.

كان لفيروس كورونا آثار غير مسبوقة على العالم، والأسوأ لم يأت بعد، لذا يجب على الشركات أن تسارع اليوم قبل الغد باتخاذ الإجراءات اللازمة إذا أرادت النهوض مجدداً في المستقبل، وبهذه الطريقة سيتمكن العالم ككل من التعافي، ونأمل أن يغدو أكثر قدرة على التحمل خلال هذه العملية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .