حكاية الراهب الهندوسي

16 دقيقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في العام الماضي، استمتعتُ بفرصة نادرة لاستجماع أفكاري والقيام ببعض الأسفار، هذا بصفتي المشارك الأول في البرنامج الجديد لإجازات التفرغ الممتدة لستة أشهر، الذي تبنته مؤسسة “مورغان ستانلي” (Morgan Stanley). أمضيتُ الثلاثة أشهر الأولى في نيبال، حيث تمشّيت مسافة 600 ميل عبرتُ فيها 200 قرية في جبال الهيمالايا، وتسلقتُ حوالي 120 ألف قدم. وكان رفيقي الوحيد في الرحلة من البلدان الغربية عالمُ أنثروبولوجيا كان يقدم لي نبذات تعريفية عن الأنماط الثقافية السائدة في القرى التي مررنا بها.

خلال مسيرتنا الطويلة على الأقدام في نيبال، حدث أمر كان له تأثير قوي على تفكيري حيال أخلاقيات الشركات. وعلى الرغم من أن البعض قد يقول إن التجربة لا علاقة لها بالأعمال التجارية، إلا أنه كان موقفاً اقتحمتْ فيه معضلة أخلاقية أساسية، على حين غرة، حياةَ مجموعة من الأفراد. وتمثل استجابة المجموعة لهذا الموقف درساً للمؤسسات كلها، بغض النظر عن تعريفها.

الراهب الهندوسي

كانت تجربتنا في نيبال أكثر وعورة مما توقعت؛ إذ تستمر معظم الرحلات التجارية أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، وتغطي ربع المسافة التي قطعناها.

كنت أنا وصديقي ستيفن، عالم الأنثروبولوجيا، في منتصف الطريق خلال الجزء الذي يقع في جبال الهيمالايا من رحلتنا، ويمتد مسيرة 60 يوماً من المشي، عندما وصلنا إلى أعلى نقطة، وهي ممر يبلغ ارتفاعه 18 ألف قدم فوق قمة كان يتعين علينا اجتيازها للوصول إلى قرية موكتيناث، وهي مكان مقدس قديم يرتاده الحجاج.

قبل ست سنوات، عانيتُ من الوذمة الرئوية، وهي شكل حاد من أشكال داء المرتفعات، وكنتُ على ارتفاع 16,500 قدم بالقرب من مخيم قاعدة جبل “إفرست” (Everest). لذا، كان من الطبيعي أن ينتابنا القلق بشأن ما يمكن أن يحدث على ارتفاع 18 ألف قدم. فضلاً عن ذلك، كانت جبال الهيمالايا في ذلك الوقت تشهد فصل ربيع هو الأغزر أمطاراً خلال 20 عاماً. فالكمية الهائلة من الغبار والجليد دفعتنا بالفعل قبالة إحدى الحواف. وكنت أخشى، إذا فشلنا في عبور الممر، من إفساد النصف الأخير من هذه الرحلة التي لا تتكرر.

في الليلة السابقة لعبورنا الممر، خيّمنا في كوخ على ارتفاع 14,500 قدم. ويبدو وجهي في الصور التي ألتُقطت في هذا المخيم، شاحباً. وأصبحتْ آخر قرية مررنا بها على بُعد يومين من السير المتواصل، وقد نال مني التعب.

خلال فترة ما بعد الظهر، انضم إلينا سياح جوالون من نيوزيلندا، وقضينا معظم الليل مستيقظين في انتظار التسلق. وكان بوسعنا أن نرى، في الأسفل، نيران فريقين آخرين من السياح، اللذين تبين أن أحدهما يتكون من عائلتين سويسريتين والآخر نادٍ ياباني للسير لمسافات طويلة على الأقدام.

غادرنا عند الساعة 3:30 صباحاً لكي يتسنى لنا التغلب على الجزء ذي الانحدار الحاد في رحلة التسلق قبل أن تُذيب الشمس الخطوات المنحوتة في الجليد. غادر النيوزيلنديون أولاً، وتبعناهم أنا وستيفن برفقة حاملي أمتعتنا وخبراء الطريق من شعب الهيمالايا، ثم تبِعنا السويسريون، بينما بقي اليابانيون في مخيمهم. كانت السماء صافية، وكنا على ثقة أنه لن تهب عاصفة ربيعية في ذلك اليوم تؤدي إلى إغلاق الممر.

وعلى ارتفاع 15,500 قدم، بدا لي كما لو أن ستيفن كان يجرّ قدميه ويتعرج قليلاً، وهي أعراض داء المرتفعات، (تسبب المرحلة الأولى من داء المرتفعات الصداع والغثيان. ومع تفاقم الحالة، قد يواجه المتسلق صعوبة في التنفس وشعور بالتيه وفقدان القدرة على الكلام والشلل). كنت أشعر بالقوة – فقد كان مستوى الطاقة لديّ مرتفعاً – لكن كان يساورني الكثير من القلق حيال قدرتي في نهاية المطاف على عبور الممر. وكان اثنان من حاملي أمتعتنا يعانون أيضاً من الارتفاعات، وانتاب باسانغ، قائد خبرائنا، القلق.

بعد الفجر مباشرة، وأثناء توقفنا لأخذ استراحة على ارتفاع 15,500 قدم، عاد أحد النيوزيلنديين، الذين سبقونا في التسلق، يترنح سيراً نحونا وهو يحمل جسداً يتدلى بين كتفيه. وألقى عند قدميّ جسداً لرجل مقدس هندي – راهب هندوسي – كان حافي القدمين وشبه عارٍ. إذ وجد الحاج مُلقى على الجليد، وهو يرتجف ويعاني من انخفاض حرارة الجسم. أمسكتُ رأس الراهب الهندوسي بلطف ووضعته على الصخور. كان النيوزيلندي غاضباً؛ فقد كان يريد عبور الممر قبل أن تُذيب الشمس الساطعة الثلوج. وقال لي “اسمع، لقد فعلتُ ما يسعني، لديك حمالون وخبراء مرشدون من شعب الهيمالايا. يجدر بك أن تتولى أمره. نحن سوف نواصل طريقنا”. واستدار عائداً إلى أعلى الجبل للانضمام إلى أصدقائه.

قِست نبض الشريان السباتي ووجدت أن الراهب الهندوسي لا يزال على قيد الحياة. وقد حسبنا أنه ربما زار الأضرحة المقدسة في موكتيناث وكان في طريقه إلى دياره. ولم يكن من المجدي التساؤل عن سبب اختياره لهذا الطريق المرتفع بشدة بدلاً من طريق القوافل الآمن الذي يستخدمه الكثير من المسافرين عبر وادي كالي غانداكي، أو التساؤل عن سبب سيره حافي القدمين وبالكاد عاري الجسم، أو عن المدة التي قضاها في الطريق؛ فالإجابات لن تحل مشكلتنا بأي حال.

بدأ ستيفن والسويسريون الأربعة في خلع ملابسهم الخارجية وفتح حقائبهم. وسرعان ما دفَّأنا الراهب الهندوسي بالملابس من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه. لم يكن قادراً على المشي، لكنه كان لا يزال حياً. نظرتُ أسفل الجبل ورأيت المتسلقين اليابانيين يصعدون وبرفقتهم حصان.

أخبرتُ ستيفن وباسانغ، دون قدر كبير من التفكير، أنني كنت قلِقاً حيال تحمل المرتفعات التالية، وأردت تجاوز الممر. وتحركت بعد العديد من الحمالين الذين تقدموا أمامنا.

في الجزء ذي الانحدار الشديد من عملية الصعود، كنتُ أنزلق إلى الأسفل مسافة 3 آلاف قدم إذ كانت الخطوات المنحوتة على الجليد قد ذابت، وشعرت بالدوار. توقفت لالتقاط أنفاسي وأخذ استراحة. وهو ما سمح للسويسريين باللحاق بي. سألتهم عن الراهب الهندوسي وستيفن. أخبروني أن الراهب الهندوسي بخير، وأن ستيفن كان خلفهم مباشرة. وانطلقتُ مرة أخرى صوب قمة الجبل.

وصل ستيفن إلى قمة الجبل بعد ساعة من وصولي إليها. ركضتُ نحوه على المنحدر لأهنئه وأنا ما أزال مبتهجاً بالنصر الذي حققته. كان ستيفن يعاني من داء المرتفعات، وكان يتسلق لـ 15 خطوة ثم يتوقف، مكرراً هذه العملية حتى بلوغه القمة. وقد رافقه باسانغ طوال طريق صعوده. وعندما وصلت إليهما، حدّق ستيفن في وجهي وقال: “ما شعورك حيال المساهمة في وفاة أخيك الإنسان؟”

عندما وصلت إليهما، حدّق ستيفن في وجهي وقال: “ما شعورك حيال المساهمة في وفاة أخيك الإنسان؟”

لم أفهم تماماً ما كان يعنيه. سألته: “هل توفي الراهب الهندوسي؟”. أجابني: “لا، لكنه قطعاً سيموت!”.

بعد أن ذهبتُ، وتبعني السويسريون بعد فترة قصيرة، بقي ستيفن مع الراهب الهندوسي. وعندما وصل اليابانيون، طلب ستيفن استخدام حصانهم لنقل الراهب الهندوسي إلى الكوخ، لكنهم رفضوا. ثم طلب من باسانغ أن يتولى مجموعة من الحمالين حمل الراهب. عارض باسانغ الفكرة قائلاً إن الحمالين سيضطرون إلى بذل طاقاتهم كلها لعبور الممر. وكان يعتقد أنهم لا يستطيعون حمل رجل إلى الأسفل لمسافة ألف قدم إلى الكوخ، وتسلُّق المنحدر وعبور الممر بأمان من جديد قبل ذوبان الثلوج. وضغط باسانغ على ستيفن حتى لا نتأخر أكثر من ذلك.

حمل خبراؤنا المرافقون الراهب الهندوسي للأسفل إلى صخرة في بقعة مشمسة على ارتفاع حوالي 15 ألف قدم، وأشاروا إلى أنّ الكوخ على بعد 500 قدم أخرى إلى الأسفل. وأعطاه اليابانيون طعاماً وشراباً. وعندما رأوه آخر مرة، كان يرمي الحجارة بلا هوادة على كلب اليابانيين، الذي أخافه.

ولم نعرف بعدها ما إذا كان قد عاش أم مات.

وخلال الأيام والأمسيات العديدة التالية، ناقشت وتداولت مع ستيفن سلوكنا تجاه الراهب الهندوسي. فإن ستيفن عضو ملتزم بجماعة الأصدقاء الدينية، ويتسم برؤية أخلاقية عميقة. قال لي: “أشعر أن ما حدث مع الراهب الهندوسي مثال جيد على الفرق الفاصل بين الأخلاقيات الفردية والأخلاقيات المؤسسية. فما من أحد كان على استعداد لتحمل المسؤولية النهائية عن الراهب الهندوسي. وكان كل شخص على استعداد للقيام بواجبه بما أن ذلك لن يكلفه من العناء ما لا يطيق.

دافعتُ عن أفراد مجموعتنا جميعهم قائلاً له: “جميعنا اهتممنا بأمره، وقدمنا له العون والمساعدة، وكل شخص فعل ما عليه، فالنيوزيلندي حمله إلى الأسفل عبر الممر الثلجي، وأنا قِست نبضه واقترحتُ أن نعالج خفض حرارة جسمه، وأنت والسويسريون منحتموه ملابس والدفء، واليابانيون أعطوه الطعام والماء، وخبراؤنا من شعب الهيمالايا حملوه إلى منطقة مشمسة وحددوا الطريق السهل نحو الكوخ. وقد كان يتمتع بصحة طيبة لدرجة أنه كان يرمي الحجارة على الكلب. فماذا يمكننا أن نفعل أكثر؟”.

أجابني ستيفن: “ردك هذا يصف طريقة الأثرياء الغربيين الاعتيادية في الاستجابة لمشكلة ما، والمتمثلة في إعطاء المال، وفي حالتنا هذه، الطعام والسترات، ولكن ليس حل المسببات الأساسية!”.

قلت له: “ما يرضيك؟ نحن لسنا سوى مجموعة من النيوزيلنديين والسويسريين والأميركيين واليابانيين الذين لم يلتقوا قط من قبل، ونمر بذروة واحدة من أقوى تجارب حياتنا. ويكون الممر في بعض السنوات سيئاً للغاية بحيث لا يمكن لأحد عبوره. فما الحق الذي يمتلكه حاج شبه عارٍ يختار المسار الخطأ لتعطيل حياتنا؟ حتى خبراؤنا المحليون لم يكن لهم مصلحة في المخاطرة بخوض رحلة لمساعدته إلى ما بعد نقطة معينة”.

فنّد ستيفن كلامي بهدوء قائلاً: “أتساءل ما الذي كان يمكن أن يفعله الخبراء المحليون إذا كان الراهب الهندوسي من النيباليين الذين يرتدون ملابس أنيقة، أو ماذا سيفعل اليابانيون إذا كان هذا الراهب آسيوياً حسن الهندام، أو ما كنتَ أنت ستفعله إذا كان الراهب امرأة غربية حسنة الهندام؟”.

سألته: “حسب رأيك، ما حدود مسؤوليتنا في مثل هذا الموقف؟ إذ كانت سلامتنا الشخصية مثار قلقنا، ولم يكن خبراؤنا على استعداد لتعريضنا أو تعريض الحمالين للخطر من أجل الراهب. وما من شخص آخر على الجبل كان مستعداً لإلزام نفسه بما هو أبعد من حدود معينة يفرضها على نفسه”.

سألته: “ما حدود مسؤوليتنا في مثل هذا الموقف؟”

قال ستيفن: “بصفتنا أفراداً مسيحيين، أو أشخاصاً لديهم تقاليد أخلاقية غربية، لا يمكننا الوفاء بالتزاماتنا في مثل هذه الحالة إلا في ثلاث حالات: أولاً، إذا مات الراهب الهندوسي وهو تحت رعايتنا. ثانياً، إذا أظهر لنا أنه يمكنه تحمّل السير لمدة يومين إلى القرية. أو، ثالثاً، أن نحمل الراهب لمدة يومين إلى القرية ونقنع شخصاً هناك برعايته”.

أجبته قائلاً: “ترْكُ الراهب في منطقة مشمسة ومعه الطعام والملابس – وقد أظهر تناسقاً بين حركة العينين واليدين برمي الحجارة على الكلب – يقترب من الوفاء بالشرطين الأول والثاني. ولم يكن من المنطقي اصطحابه إلى القرية، حيث بدا أن الناس بَدَو أقل اهتماماً بكثير من خبرائنا المحليين، وبالتالي فإن الشرط الثالث غير عملي. هل تقول فعلاً إنه، بغض النظر عن الآثار المترتبة، كان ينبغي لنا، عند طرفة عين، تغيير خطتنا بكاملها؟”.

أخلاق الفرد مقابل أخلاق المجموعة 

على الرغم من براهيني التي سقتها، شعرتُ، وما أزال أشعر، بالذنب تجاه الراهب الهندوسي. فقد مررتُ حرفياً بمعضلة أخلاقية كلاسيكية دون التفكير ملياً في العواقب. وتتضمن أعذاري من أفعالي أنني كنتُ أتمتع بمستوى مرتفع من الطاقة وهدفاً سامياً وفرصة تتاح مرة واحدة في العمر، وهي عوامل شائعة في مواقف الشركات، وتعد – بصفة خاصة – عوامل مجهدة.

تتسم المعضلات الأخلاقية الحقيقية بالغموض، والكثير منا يخوض فيها، غير مدرك لوجودها. وعندما يُثير أحد الأشخاص قضية من إحدى هذه المعضلات، عادة بعد حدوثها، فإننا غالباً ما نستاء مما يطرحه. وفي كثير من الأحيان، عندما نستوعب بالكامل ما فعلناه (أو ما لم نفعله)، فإننا نتخذ موقفاً دفاعياً يصعب علينا تغييره. وفي حالات نادرة، يمكن أن نفكر في ما فعلناه من داخل السجن.

ولو كنا نحن متسلقي الجبال لا نعاني من الإجهاد الناجم عن الجهد الذي بذلناه والارتفاع العالي الذي صعدناه، لكنا قد تعاملنا مع الراهب الهندوسي بطريقة مختلفة. لكن ألا يشكل الإجهاد الاختبار الحقيقي للقيم الشخصية والمؤسسية؟ إن القرارات الفورية التي يتخذها المدراء التنفيذيون تحت الضغط تكشف أكثر عن الطابعين الفردي والمؤسسي.

من بين العديد من الأسئلة التي تتبادر إلى ذهني عندما أفكر في تجربتي مع الراهب الهندوسي: ما الحدود العملية للمخيلة والرؤية الأخلاقية؟ وهل هناك أخلاقيات جماعية أو مؤسسية تختلف عن أخلاقيات الفرد؟ وعلى أي مستوى من الجهد أو الالتزام يمكن للمرء أن يؤدي مسؤولياته الأخلاقية؟

ليست كل معضلة أخلاقية لها حل صحيح. غالباً ما يختلف الأشخاص العقلانيون، وإلا لن تكون هناك معضلة. لكن في سياق الأعمال، من الضروري أن يتفق المدراء على عملية للتعامل مع المعضلات.

تُقدم تجربتنا مع الراهب الهندوسي تجربة موازية مهمة للحالات التي تحدث في عالم الأعمال، فكانت الاستجابة الفورية إلزامية، وكان التقاعس قراراً بحد ذاته. فعلى الجبل، لم يكن متاحاً لنا الاستقالة وتقديم سيرتنا الذاتية إلى مدير توظيف. وعلى عكس الفلسفة، ينطوي مجال الأعمال على العمل والتنفيذ، أي إنجاز الأمور. يجب على المدراء التوصل إلى إجابات بناءً على ما يرونه وما يسمحون له بالتأثير على عملياتهم في اتخاذ القرارات. ولم يُدرك أي منّا، سوى ستيفن، ونحن على الجبل، الأبعاد الحقيقية للحالة التي تواجهنا.

كانت إحدى مشكلاتنا أن باعتبارنا مجموعة لم تكن لدينا عملية لتطوير التوافق في الآراء. لم يكن لدينا شعور بالهدف أو الخطة. وكانتْ مصاعب التعامل مع حالة الراهب الهندوسي معقدة لدرجة عدم تمكن أي شخص من التصدي لها. ونظراً لأن أطرافنا لم يكن لديها مجموعة من الشروط المسبقة التي يمكن أن توجّه عملها إلى قرار مقبول، فقد كان رد فعلنا غريزياً كأفراد. وقد أضافتْ طبيعة المجموعة المتعددة الثقافات مستوى آخر من التعقيد؛ فلم يكن لدينا قائد يمكن لنا جميعاً أن نميزه ونؤمن بهدفه. فقط ستيفن هو الذي كان على استعداد لتحمل المسؤولية، لكنه لم يستطع الحصول على الدعم الكافي من المجموعة لرعاية الراهب الهندوسي.

لم تكن لدينا، كمجموعة، عملية لتطوير التوافق في الآراء، ولم يكن لدينا شعور بالهدف أو الخطة.

تتمتع بعض المؤسسات بقيم تتجاوز القيم الشخصية لمدرائها. وعادة ما تتكشف هذه القيم، التي تتجاوز الربحية، عندما تكون المؤسسة تحت الضغط. إذ يقبل الأشخاص في أنحاء المؤسسة، عموماً، قيمها التي قد تكون غامضة إلى حد ما، نظراً لأنها لا تُقدَّم كقائمة جامدة من الوصايا. فتنقل القصص التي يتداولها الأشخاص، وليست المواد المطبوعة، تصورات المؤسسة بشأن السلوك الصحيح.

طيلة 20 عاماً، سُمح لي بالاطلاع على المستويات الإدارية العليا لمجموعة متنوعة من الشركات والمؤسسات. وإنه لأمر مدهش مدى السرعة التي يُمكن بها لأي شخص خارجي أن يستشعر مسار المؤسسة وأسلوبها، إلى جانب الدرجة المقبولة من الصراحة والحرية في الاعتراض على الإدارة.

وغالباً ما تتفكك المؤسسات التي ليس لديها إرث من القيم المشتركة والمقبولة بشكل متبادل أثناء الأوقات العصيبة، فينجو كل فرد بنفسه. وفي معارك الاستحواذ الكبرى التي شهدناها خلال السنوات الماضية، كانت الشركات التي لديها ثقافات قوية تُضيّق الخناق من حولها وتنازعها، في حين أن شركات أخرى شهدت نجاة مدراء تنفيذيين من الصراعات، بدعم من الترتيبات التعاقدية المبرمة لحمايتهم.

ونظراً لأن الشركات وأفرادها يعتمدون على بعضهم البعض، يلزَم الأفراد – حتى تكون الشركة قوية – تشارُك فكرة مسبقة عن السلوك الصحيح “أخلاقيات العمل” والتفكير فيها بصفتها قوة إيجابية وليست قيداً.

وبصفتي أعمل في مصرف استثماري، يحذرني المحامون والعملاء والشركاء أصحاب النوايا الحسنة أن أتوخى الحذر من التضارب في المصلحة. لكن، إذا كنت سوف أهرب من كل موقف صعب، فلن أكون مصرفياً فاعلاً؛ فيجب أن أشق طريقي خلال الصراعات. وبالمثل، لا يمكن للمدير الفاعل أن يهرب من المخاطر أيضاً، بل يجب عليه مواجهتها. وللشعور “بالأمان” في خوض هذه المواجهة يحتاج المدراء إلى مبادئ توجيهية لإرساء عملية ومجموعة من القيم المتفق عليها داخل المؤسسة.

بعد أن أمضيتُ ثلاثة أشهر في نيبال، قضيت ثلاثة أشهر بصفتي باحثاً تنفيذياً مقيماً في كل من كلية “ستانفورد للأعمال” (Stanford Business School)، و”جامعة كاليفورنيا” في مركز بيركلي للأخلاقيات والسياسات الاجتماعية التابع للاتحاد اللاهوتي للخريجين (California at Berkeley’s Center for Ethics and Social Policy of the Graduate Theological Union). أتاح لي قضاء تلك الأشهر الستة بعيداً عن وظيفتي وقتاً لاستيعاب 20 عاماً من الخبرة في العمل. وكثيراً ما تحولتْ أفكاري إلى معنى دور القيادة في أي مؤسسة كبيرة. فقد كان الطلاب في المدرسة الدينية يعتبرون أنفسهم مناوئين للأعمال، لكن عندما ناقشتهم، اتفقوا أنهم لا يثقون في المؤسسات الكبيرة جميعها، بما فيها مكان للعبادة؛ فقد اعتبروا المؤسسات الكبيرة كلها ذات طابع شخصي، ومتعارضة مع القيم والاحتياجات الفردية. لكننا جميعاً نعلم عن مؤسسات تحظى فيها قيم الأشخاص ومعتقداتهم بالاحترام، ويلقى فيها الأفراد التشجيع على التعبير عن أنفسهم. فما الذي يُحدث الفرق؟ هل يمكننا تحديد الفرق، ومن ثَم، نتولى الإدارة بدرجة أكثر فاعلية؟

متى نتخذ موقفاً؟

باون ماكوي (Bowen H. McCoy)

كتبتُ عن تجاربي متعمداً تقديم حالة غامضة؛ فإنني لم أكتشف أبداً ما إذا كان الراهب الهندوسي قد عاش أم مات. لكن يمكنني أن أشهد أن الراهب حي في قصته التي تُروى. فهو حيٌّ في صفوف الأخلاقيات التي أدرّسها كل عام في كليات إدارة الأعمال والكنائس. وحيّ في الفصول الدراسية في العديد من كليات إدارة الأعمال، التي درّس فيها الأساتذة هذه القضية لعشرات الآلاف من الطلاب. وحيٌّ في العديد من كتب الحالات الدراسية بشأن الأخلاقيات وفي مقاطع الفيديو التعليمية. وهو حيٌّ في مؤسسات مثل “الصليب الأحمر الأميركي” (American Red Cross) و”أيه تي آند تي” (AT&T)، التي تستخدم قصته في التدريب على الأخلاقيات.

عندما أفكر في الراهب الهندوسي الآن، بعد 15 عاماً من حدوث الواقعة، لا بد لي من أن أتساءل: ما الذي حدث بالفعل في منحدر الهيمالايا؟ عندما كتبت أول مرة عن هذا الحدث، ذكرت التجربة بأكبر قدر ممكن من التفاصيل التي أمكنني أن أتذكرها، لكنني صغتها بما يتوافق مع متطلبات المناقشة الجيدة في الفصل الدراسي. وبعد سنوات من قراءة قصتي ومشاهدتها على مقطع فيديو وسماع الآخرين يناقشونها، فإنني لست متأكداً من أنني أعرف ما حدث بالفعل على سفح الجبل في ذلك اليوم!

سمعت أيضاً مجموعة واسعة من الردود على القصة. على سبيل المثال، ربما لم يكن الراهب الهندوسي يريد منا مساعدته على الإطلاق؛ فقد يكون أراد لموته عن عمد أن يكون سبيله إلى القداسة، وإلا، فلماذا اتخذ طريقاً خطيراً عبر الممر بدلاً من طريق القوافل عبر الوادي؟ أخبرني رجال أعمال هندوس أننا في محاولة لمساعدة الراهب الهندوسي، كنا نمثل الأشخاص الغربيين بغطرستهم المعهودة الذين يفرضون قيمهم الثقافية على العالم.

وعلمتُ أنه في كل عام على طول الممر، يُترك عدد قليل من الحمالين النيباليين ليتجمدوا حتى الموت خارج خيام السياح الغافلين الذين استأجروهم. بل إن مجموعة من السياح الفرنسيين، قبل بضع سنوات، تركوا واحداً منهم، وهي امرأة شابة، لتموت هناك. ويبدو أن الممر الشاق يبرهن على وجود نسخة عكسية من قانون جريشام للعملة: فالممارسات السيئة للمسافرين السابقين طردت القيم التي ربما كان سوف يتبعها المسافرون الجدد إذا كانوا في ديارهم. ولعل ذلك يساعد في توضيح سبب تصرّف حمالينا على النحو الذي تصرفوا به، ولماذا كان من الصعب للغاية على ستيفن أو أي شخص آخر وضع نهج مختلف على الفور.

كان تركيز باسانغ، زعيم الخبراء المرشدين لنا، منصبّاً على مسؤوليته عن نقلنا إلى أعلى الجبل آمنين وسالمين، (إذ كان رزقه ومكانته في مجموعة الخبراء المرشدين يعتمدان على عودتنا بأمان). وقد كنا نشعر بالضعف وفريقنا منقسم، وكان الحمالون في طريقهم إلى القمة يحملون معداتنا وطعامنا كله، وكانت العاصفة ستفصلنا على نحو لا رجعة فيه عن قاعدتنا اللوجستية.

والحقيقة هي أننا لم تكن لدينا أي خطة للتعامل مع الحالة الطارئة المتمثلة في وضع الراهب الهندوسي. ولم يكن هناك شيء يمكننا فعله لتوحيد مجموعتنا ذات الثقافات المتعددة في الوقت القصير الذي كان متاحاً لنا. ما جرى هو أن معضلة أخلاقية حدثت بشكل غير متوقع، وعنصر من عناصر الدراما التي قد تفسر سبب استمرار قصة الراهب الهندوسي في جذب اهتمام الطلاب.

وكثيراً ما تُطلب مني المساعدة في تدريس القصة، وعادةً ما أنصح بالحفاظ على التفاصيل غامضة قدر الإمكان. إذ تتطلب المعضلة الأخلاقية الحقيقية اتخاذ قرار بين خيارين صعبين. وفي حالة الراهب الهندوسي، كان علينا أن نقرر مقدار التضحية بأنفسنا للاعتناء بشخص غريب. ونظراً للقيود المفروضة على رحلتنا، كان علينا اتخاذ قرار جماعي، وليس قراراً فردياً. فإذا انتهى الأمر بأغلبية كبيرة من الطلاب في الفصل إلى التفكير في أنني شخص سيئ بسبب قراري على الجبل، فقد لا يكون المحاضر أعطى القضية ما تستحق. وينطبق الأمر نفسه إذا كانت الأغلبية لا ترى مشكلة في الخيارات التي اتخذناها.

تعتمد ردود فعل أي فصل دراسي على السياق، سواء كانت كلية أعمال أو مكان للعبادة أو شركة. وقد وجدتُ أن الطلاب الأصغر سناً من المرجح أن ينظروا إلى القضية نظرة مبسطة بين خيارَي الصواب والخطأ، بينما غالباً ما يرى فيها الطلاب الأكبر سناً قواسم وعوامل مشتركة بين الخيارين. فرأى البعض تعارضاً بين الأساليب الأخلاقية المختلفة التي اتبعناها في ذلك الوقت؛ إذ شعر ستيفن أنه يتعين عليه بذل ما في وسعه لإنقاذ حياة الراهب الهندوسي، وفق أخلاقياته الدينية في التعاطف. بينما كان رد فعلي نفعياً، وتمثّل في القيام بأكبر قدر من الخير لأكبر عدد من الناس، وذلك بتقديم الكثير من العون لتقليل تعرض الراهب الهندوسي للخطر، ثم متابعة طريقنا.

يبقى السؤال الأساسي في المسألة هو: متى نتخذ موقفاً؟ متى نسمح للراهب الهندوسي باختراق حياتنا اليومية؟ القليل منا فحسب يستطيع تحمّل الوقت أو الجهد اللازمين لرعاية كل شخص محتاج نقابله. وما مقدار التضحية التي يجب أن نقدمها من وقتنا وجهدنا وراحتنا؟ وما مقدار تحضيرنا لشركاتنا ومؤسساتنا حتى تستجيب بشكل مناسب عند نشوب أزمة؟ وكيف يمكننا التأثير عليها إذا لم نتفق مع وجهات النظر الأخرى فيها؟

لا يمكننا الاستقالة من وظائفنا عند كل معضلة أخلاقية تواجهنا، لكن إذا تجاهلنا باستمرار شعورنا بالقيم، فما الشخصية التي سوف نصبح عليها؟ وكما سأل صحفي في مؤتمر عُقد مؤخراً بشأن الأخلاقيات: “ما الخندق الذي نحن على استعداد للموت فيه؟” الإجابة مختلفة بعض الشيء بالنسبة لكل واحد منا. إذ تحدد الطريقة التي نتصرف بها رداً على هذا السؤال هويتنا بشكل أفضل من أي شيء آخر، تماماً مثلما تحدد أفعالنا، بمفهوم جماعي، هوية مؤسساتنا. وفي واقع الأمر، فإن الراهب الهندوسي موجود دائماً، وعلى استعداد لتذكيرنا بالتجاذبات بين أهدافنا الخاصة ومطالب الأشخاص الغرباء.

كلمة “الأخلاق” منفّرة لأشخاص كثيرين، ومحيّرة لأشخاص أكثر. لكنّ مفاهيم القيم المشتركة والعملية المتفق عليها للتعامل مع الظروف المعاكسة والتغيير، وهو ما يعنيه الكثير من الأشخاص عندما يتحدثون عن الثقافة المؤسسية، يبدو أنها تقع في صميم المشكلة الأخلاقية. فيمكن للأشخاص المتواصلين مع معتقداتهم الأساسية ومعتقدات الآخرين والذين يحظون بدعمها أن يكونوا أكثر اطمئناناً في البقاء في الطليعة. وفي بعض الأحيان، فإن اتخاذ موقف صارم أو حاسم في دوامة من الغموض هو الشيء الأخلاقي الوحيد الواجب. لأنه إذا كان المدير غير حاسم بشأن مشكلة ويقضي وقتاً في محاولة معرفة الأمر “الصائب” الذي يجب عمله، فقد تضيع المؤسسة.

لأخلاقيات العمل، إذاً، علاقة بأصالة المؤسسة ونزاهتها. أن تتسم بالأخلاقيات يعني أن تتبّع الأعمال التجارية، وكذلك الأهداف الثقافية للشركة وأصحابها وموظفيها وزبائنها. ولا يُعد أولئك الذين لا يستطيعون خدمة رؤية الشركة رجال أعمال حقيقيين، ومن ثَم، فإنهم لا يتسمون بالأخلاقيات بمفهوم الأعمال.

في هذه المرحلة من تجربتي في الأعمال، لدي اهتمام كبير بالسلوك التنظيمي، إذ يدرس علماء الاجتماع بحماس شديد ما يسمونه قصص الشركات وأساطيرها وأبطالها بصفتها وسيلة تتمتع بها المؤسسات لنقل أنظمة القيم. بل إن شركات مثل “آركو” (Arco) عيّنت استشاريين لإجراء مراجعة لثقافتها المؤسسية. ففي الشركات، يكون القائد شخصاً يفهم نظام القيم بالشركة ويفسره ويتولى إدارته. وبالتالي، فإن المدراء الفاعلين هم أشخاص أصحاب توجه عملي يحلون النزاعات، ويُبدون مونة إزاء الغموض والتوتر والتغيير، ولديهم إحساس قوي بالهدف لأنفسهم ومؤسساتهم.

إذا كان هذا كله صحيحاً، فإنني أتساءل عن دور المدير المهني الذي ينتقل من شركة إلى أخرى، كيف يمكنه أن يستوعب بسرعة قيم المؤسسات المختلفة وثقافاتها؟ أو هل يوجد، في الواقع، فن في الإدارة يمكن نقله بالكامل؟ وبافتراض وجود مثل هؤلاء المدراء الذين يمكن أن ينتقلوا بين الشركات، هل من اللائق لهم التلاعب بقيم الآخرين؟

ماذا كان سوف يحدث لو أنني وستيفن حملنا الراهب الهندوسي لمدة يومين إلى القرية وانخرطنا مع سكان القروية في رعايته؟ ففي خلال أربع رحلات إلى نيبال، كانت تجربتي الأكثر إثارة للاهتمام في عام 1975 عندما عشتُ في منزل أحد الخبراء المرشدين من السكان المحليين في منطقة خومبو لمدة خمسة أيام بينما كنت أتعافى من داء المرتفعات. وتمثَّلت أهم لحظات رحلة ستيفن في دعوة تلقاها للمشاركة في جنازة عائلية في مدينة مانانج. ولم تكن لأي من التجربتين علاقة بتسلق الممرات العالية في جبال الهيمالايا. فلماذا ترددنا في الطريق الغامض المتمثل في العودة بالراهب الهندوسي إلى الأسفل؟ ربما لأنه لم يكن لدينا قائد يمكنه الكشف عن الهدف الأسمى من الرحلة بالنسبة لنا.

لماذا لم يختار ستيفن، برؤيته الأخلاقية، أن يأخذ الراهب الهندوسي تحت رعايته الشخصية؟ الجواب جزئياً هو أن ستيفن نفسه كان يعاني من ضغوط جسدية، وجزئياً لأن ذلك – دون وجود نظام دعم يشمل جماعتنا التي التقت بصورة قسرية وعرضية على الجبل – يتجاوز قدرته الفردية على القيام به.

أرى الاهتمام الحالي بالثقافة المؤسسية وأنظمة القيم المؤسسية بصفتها رد فعل إيجابي على التشاؤم مثلما هو رد ستيفن على تراجع دور الفرد في المؤسسات الكبيرة. إذ يوفر الأفراد الذين يعملون انطلاقاً من مجموعة مدروسة من القيم الشخصية الأساس للثقافة المؤسسية. فيمكن للتقاليد المتبعة في الشركات التي تشجع حرية الاستفسار وتدعم القيم الشخصية وتعزز حسن الدراية المركّز بالوجهة أن تُلبي الحاجة إلى الجمع بين الطابع الفردي والرفاه والنجاح للمجموعة. ودون هذا الدعم المؤسسي، يضيع الفرد.

هذا هو درس الراهب الهندوسي. يحتاج الفرد ويستحق، في الحالات المؤسسية المعقدة، دعم المجموعة. وعندما لا يجد الأشخاص مثل هذا الدعم في مؤسساتهم، فإنهم لا يعرفون كيفية التصرف. وإذا تحقق هذا الدعم، فسوف تكون للشخص مصلحة في نجاح المجموعة، ويمكن أن يضيف الكثير إلى عملية خلق الثقافة المؤسسية والحفاظ عليها. ويتمثل التحدي الذي يواجه الإدارة في ضرورة مراعاة الاحتياجات الفردية وصياغتها وتوجيهها وتركيزها لصالح المجموعة برمتها.

الراهب الهندوسي ما يزال حياً بالنسبة لكل منا. فهل ينبغي أن نتوقف عما نفعله ونتولى الاعتناء به أم يجب أن نستمر في السير نحو الأعلى؟ هل يجب أن أتوقف لوقت قصير لمساعدة الشخص المهمَل الذي أمرُّ بجانبه في الشارع كل ليلة أسير فيها بجوار نادي ييل في طريقي إلى محطة غراند سنترال (Grand Station)؟ هل أنا شقيقه؟ وما طبيعة مسؤوليتنا إذا اعتبرنا أنفسنا أشخاصاً أخلاقيين؟ ربما يتطلب الأمر تغيير قيم المجموعة حتى تتمكن، بمواردها كلها، من السير في الطريق الآخر.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .