ماذا تفعل عندما تكتشف أن راتب زميلك في العمل أعلى من راتبك؟

7 دقائق
الراتب الأعلى للزميل
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

المعلومات المتعلقة بأجور الموظفين غير علنية في معظم الشركات. وبذلك معظمنا لا يعلم الرواتب التي يتقاضاها زملاؤه في العمل. لكن ماذا يحدث لو اكتشف أحدنا – ولو صدفة – أن زميله في العمل يتقاضى راتباً أعلى من راتبه؟ كيف يكون رد فعله؟ هل يتعين عليه إخبار زميله بأنه علم بالأمر؟ أم يواجه مديره بذلك؟ كيف يمكن استخدام هذه المعلومة للمطالبة بزيادة الراتب؟ كيف يمكن الرد على تساؤل الموظف التالي: لماذا راتب زميلي في العمل أعلى من راتبي؟

ماذا يقول الخبراء؟

في الحقيقة أن الأجور الممنوحة نظير الوظائف، كما تقول كارين ديلون “ليست متساوية تماماً”. وكارين هي مؤلفة مشاركة في كتاب “كيف تقيس جودة حياتك؟” (?How Will You Measure Your Life). هناك الكثير من الأمثلة على ذلك: مثل حصول موظف على مكافأة “رابطة اللبلاب للجامعات” (رابطة رياضية تجمع 8 جامعات من أشهر وأقدم جامعات الولايات المتحدة)، أو حصول موظف على امتيازات التعاقد الخارجي، أو أن الموظف صاحب الأجر الأعلى كان صديقاً لرئيس الشركة قبل تعيينه. ناهيك عن القضايا الكبرى التي تمس حال معظمنا مثل فارق الأجور بين الجنسين وزيادة الدخل غير العادلة. تقول تانيا مينون “الراتب المجزي مسألة نسبية”. ومينون أستاذة مساعدة في كلية فيشر للأعمال بجامعة ولاية أوهايو (Ohio State University’s Fisher College of Business)، ومؤلفة مشاركة في كتاب بعنوان “توقف عن إنفاق المال وابدأ بإدارة الأعمال” (Stop Spending, Start Managing). عندما نعلم أن أحد الأشخاص يؤدي العمل ذاته الذي نؤديه لكن راتبه أكبر من راتبنا، فإن ذلك – كما تقول تانيا مينون- “سيجعلنا نشعر بالغضب أو ينتابنا الشعور بالإحباط، وهذا أمر طبيعي. لكن المطلوب هو تجاوز هذه المشاعر والانتقال إلى كيفية الحصول على تلك الزيادة في نهاية الأمر”. إليكم هذه النصائح للحصول على ذلك المطمَح.

كيف أتصرف إذا علمت أن راتب زميلي في العمل أعلى من راتبي؟

حافِظ على رباطة الجأش

قد يقودنا انفعالنا في هذه الحال إلى الاندفاع نحو مكتب المدير والمطالبة بتلك الزيادة في الأجر. أو ربما نلجأ إلى العبوس في وجه زميلنا هذا كلما مررنا به ساخرين منه: “هل أنتَ حقاً؟ أنت!” ولا يُنصح بهذه الأفعال مطلقاً. ولكن كما تقول كارين: “خذ نَفَساً عميقاً.  إلجَأ إلى المشي قليلاً. ولا تكن أفعالك رد فعل متسرّعاً، ولا تندفع لمواجهة أي شخص”. وتتفهَّم تانيا مينون أنه قد يشعر أحدنا “بألم نفسي” نوعاً ما، وربما يفكر في هذه الظنون “أن الشركة لا تقدّر جهدي” أو “أن الشركة غير عادلة في أفعالها تجاهي”. ويستحسن في هذا المقام ألا تراودنا مثل هذه الأفكار. وتضيف “علينا التسليم بوجود هذه المشاعر ومراعاتها”، ثم الانطلاق في هذه المرحلة إلى الخطوة التالية. “علينا في هذه الحال تغيير الطريقة التي نتحدث بها إلى أنفسنا”.

خذ وقتاً لتحليل ما حدث

توصي مينون بالتفكير في الموضوع من وجهة نظر المدير لاستيعاب الأمر، “والتفكير في سبب صدور بعض قرارات الأجور الخاصة”. ربما يكون الموظف الذي يتقاضى أجراً أعلى من أجري صاحب أقدمية عليّ في العمل، وقد تكون لديه خبرة أكبر من خبرتي، أو لديه مؤهلات أكثر مما لديّ. وقد يكون منتدَباً من شركة أخرى. عليك بالتفكير أيضاً في الأداء والإنتاجية والمساهمة الفعلية في العمل. والهدف مما سبق – كما تقول ديلون – أنه يتعيّن عليّ أن أسأل نفسي السؤال التالي “هل نسبياً أتقاضى الأجر الذي أستحقه؟” فإن كان الجواب “نعم” أتقاضى الأجر الذي أستحقه، ورُوعي كل شيء جيداً في تقدير الراتب. “فاستخدِم هذه المعرفة ليكون عندك حجة أفضل في المرحلة القادمة عند مناقشة تقييم الأداء”. وإن كان الجواب: لا، إنني لا أتقاضى الأجر الذي أستحقه، فأنت في حاجة إلى التحدث مع مديرك المباشر. ومن الأفضل عدم مناقشة الأمر مع الموظف الذي راتبه أعلى من راتبك، إلا إذا كان حوارك معه يهدف إلى الحصول على “الدعم والتوجيه العام منه”، كما تقول ديلون.

تحدَّث في الأمر مع مديرك

الطريقة التي اكتشفت بها هذا الفارق في الأجور أمرٌ غير مهم فلا تُشر إليها، سواء أكان ذلك عن طريق الإشاعات أم وجدت عن طريق الصدفة نسخة من مستند الأجور تُركت خطأ في ماكينة تصوير المستندات. لكن معرفتك بوجود فارق في الأجور بين الموظفين هي القضية الجوهرية لديك. وعندما تتحدث إلى مديرك قل له على سبيل المثال – كما تقترح ديلون – “علمتُ أن أحد الموظفين يتقاضى أجراً أعلى من أجري ونحن نؤدي العمل ذاته”. وتوضح ديلون بقولها “عندما تتحدث مع مديرك فلا يكن أسلوبك عدائياً أو لحوحاً، أنت فقط تخبره بأنك تعلم بالأمر”. قل له عبارة مثل: “إنني أعمل بجد وأحب العمل في هذه الشركة، فكيف يمكنني تحسين وضعي لأكسب زيادة جيدة على راتبي عندما يحين تقييمي القادم؟”. بهذا الأسلوب، “أعلمتَ مديرك بالأمر وأنك لن ترضى بزيادة قليلة. والمهم ألا تذكر اسم زميل محدد، ما استطعت إلى ذلك سبيلاً”، وفقاً لنصيحة مينون. وتنصح مينون أيضاً بأن “يدور النقاش عن وضعك أنت وما تؤديه من عمل في الشركة، وكيف تكسب الأجر الذي ترغب فيه مقابل عملك”.

احصل على مزيد من المعلومات بخصوص ذلك من قسم الموارد البشرية

أنت لا تريد تقويض علاقتك مع مديرك. وكما تصف ديلون الأمر “فهو الشخص الذي يجب أن تبقى علاقتك وطيدة معه”. ومن أجل تعزيز موقفك في الحوار للحصول على الزيادة، فأنت في حاجة – ما أمكن – إلى معرفة الكثير عن الأمور المتعلقة بذلك. وتوصي ديلون بالتواصل مع قسم الموارد البشرية في المؤسسة لبحث الأمر، بعد موافقة مديرك. “ومن المفترض أن يجري معك هذا القسم نقاشاً تفصيلياً عن حدود جدول الأجور، ويمنحك فكرة أفضل عن مستوى الأجور للوظائف التي تماثل وظيفتك”. وبهذا تعرف موقعك في التصنيف، هل هو في القمة أم في الوسط أم في الحدود الدنيا. وتفهم بشكل أفضل مجال التطوير لديك. وتضيف مينون “وتعرف متى تكون شركتك قادرة على منحك العلاوة”. كما تنصح مينون بأن يدور ذلك النقاش من جانب “حب الاستطلاع والتعاون” وأن يكون لديك “أسئلة جاهزة ومحددة ومدروسة” أثناء النقاش معهم. “وألا توجّه اتهاماً إلى أي شخص، ولا تكن متعجرفاً”. وإذا وجدت وضعك أنك في “الفئة الدنيا من قائمة الأجور، في حين عملك في مستوى أعلى، فيُعدّ بحث الأمر للتوضيح من مسؤولية قسم الموارد البشرية وذلك احتراماً للشفافية بينكما”.

كن واقعياً

حين يأتي موعد مناقشة الرواتب بشكل رسمي، من المهم أن “تكون واقعياً بشأن ذلك في حدود الإمكان”، كما تذكر ديلون. وفي الحقيقة “حدوث تغيير جوهري في دخلك من الشركة أمر بعيد المنال ما لم تحصل على ترقية أو منصب جديد تماماً”. وهذه هي سياسة الشركات. تقول مينون “إن لم يكن من المرجح حدوث زيادة كبيرة في الراتب، فعليك التفكير في طرق أخرى لإصلاح الفجوة بينك وبين الشركة”. قد تكون الزيادة مكافأة لمرة واحدة على حسن أداء العمل، أو أسبوعاً إضافياً للإجازة السنوية، أو إضافة عنصر داعم لفريقك. وستكون “مكافأة واعترافاً بجهودك”. وإن لم تنفع تلك البدائل، فهذا هو الوقت المناسب للبحث عن عمل آخر. ومن خلال عملية البحث هذه “ستعرف قيمتك في سوق العمل” و”تعرف ما تستحقه من أجر”، وفقاً لرأي مينون.

مبادئ يجب ألا تغيب عن بالك

الأمور التي يُنصح بفعلها

فكّر في وجهة نظر مديرك.

فكِّر في أمور أخرى خلّاقة لسد الفجوة إن لم يكن في الأفق زيادة كبيرة وفورية في الراتب.

حاول الحصول على مزيد من التفاصيل من قسم الموارد البشرية.

الأمور التي لا يُنصح بفعلها:

أن تدع الإحباط يدفعك إلى التهور. وإن كان هذا الشعور بالإحباط طبيعياً، لذلك افعل ما في وسعك لتبقى هادئاً وذهنك خالياً من أي أفكار سيئة.

أن تذكر اسم زميلك الذي راتبه أعلى من راتبك في مقابلة نقاش الأجور، بل ركِّز على الخدمة التي تقدمها للشركة.

البقاء في منصبك إن رفض صاحب العمل إعطاءك ما تستحق من أجر وفقاً لقيمتك في سوق العمل ولما تؤديه من جهد.

دراسة حالة (1): هل بحثت عن مستوى الأجور قبل قبول أي وظيفة؟

منذ سنوات، كان أدارش تامبي يعمل بشكل ناجح في مجال التسويق، أو على الأقل كان يظن ذلك. وكان محباً لعمله وصديقاً للعديد من زملائه وكاسباً لأجر جيد، كما اعتقد. وفي حقيقة الأمر، تضاعف راتبه عن عمله السابق إلى الضعف تقريباً. لكن بدأت الأمور تتغير عندما اعترف له أحد زملائه بأنه حصل على 30% زيادة في دخله، وأنه حصل أيضاً على حوافز “خيارات الأسهم” من الشركة. يقول أدارش “أصابتني الصدمة لأني كنت أكثر خبرة منه وشعرت أنه يتم استغلالي”.

ورغم ذلك فإن أدارش لم يتصرف أي تصرف طائش. ويقول “لم يكن لديّ الكثير لأفعله”. وكانت الشركة قد قررت أن الرواتب من الأمور التي يجب عدم الإفصاح عنها، لذلك لم يكن التحدث إلى مديره بهذا الشأن بالخيار المتاح. واعتقد أن قدراً من اللوم سيقع عليه. وقال في نفسه “كان يتعين عليّ أولاً معرفة الرواتب قبل قبول العمل” والاطلاع على ما تدفعه الشركة إلى الموظفين من أجور.

وعندما حان وقت المقابلة لمناقشة الأجور، أكد أدارش على طلب زيادة في الأجر. ولم يكشف عن علمه بزيادة أجر زميله. لقد كان يركز في حديثه على أدائه المميز في العمل. فقرر مديره إعطاءه 5% زيادة على راتبه. لم يكن ذلك بالمبلغ الكبير بالنسبة إلى أدارش، لكنه حقّق جزءاً مما تمناه. بعد فترة وجيزة ترقى إلى رئيس قسم التسويق، ولكنه لم يبقَ في الشركة طويلاً بعد ذلك.

يقول: إن التجربة علمته أن يكون في المستقبل مستعداً بشكل جيد لمفاوضات الراتب. كما يقول “إن الشركات لديها نطاق محدد مسبقاً من الأجور للوظائف التي يشغّلون على أساسها الموظفين. ويجب على الموظف توقّع معرفة حدود الأجور من موقع الشركة على الإنترنت أو بالتحدث إلى الموظفين الموجودين في الشركة”. ويضيف “باستخدام هذه المعرفة كنتُ قادراً على التفاوض لزيادة تصل إلى 200% في وظيفتي التالية، وانتهيت إلى نيل أجر عالٍ بشكل كبير يفوق ما يكسبه زملائي”.

وفي الوقت الحاضر، يدير أدارش شركة “ليدفيري” (LeadFerry) وهي شركة برمجيات لأتمتة تسويق المحتوى، ويقول “هناك لا توجد سرية في مناقشة الرواتب الشهرية، والموظفون مخيرون بالتطرق إلى هذا الموضوع، وأعتقد أن هذا أيضاً يحمّل مدير تشغيل الموظفين مسؤولية إعطاء أجور متساوية بين الموظفين”.

دراسة حالة رقم (2): تحدَّث إلى رئيسك المباشر في العمل من أجل الطرق الأخرى لتعويض الفارق في الراتب

عادت إيرين إنغستروم من إجازة أمومة لتنال ترقية وزيادة في الراتب، وإضافة عضو جديد في فريق العمل الذي تقوده. تقول إيرين “أعطتني رئيستي المباشرة ملف الموظف الجديد وفيه عقد العمل الخاص به، وكم كانت مفاجأتي عندما رأيت أن راتبه أعلى من راتبي”. يجدر الإشارة إلى أنها كانت تعمل في التعليم العالي في ذلك الوقت. كما أنها حاصلة على شهادة ماجستير ولديها خبرة أكبر من مرؤوسها المباشر، فهو حاصل على شهادة البكالوريوس فقط. تقول إيرين إنها شعرت بالإهانة، وكأنها في الجانب السيئ لهذا التحيز المؤسسي ضد المرأة.

لم تصبر طويلاً حتى تحدثت إلى مديرتها في هذا التناقض، وكم كان الرد مفاجئاً لها. تقول “لم يبدُ عند المديرة أن هذا التناقض مهم”. وأخبرتها رئيستها المباشرة بأنها منذ تلقيها تلك الزيادة لا يمكن أن تحصل على شيء آخر حتى موعد مقابلة نقاش الراتب في غضون عام من ذلك الوقت. وأضافت المديرة أنها تود لو تستطيع إعطاءه (الموظف الجديد) راتباً أعلى مما تكسبه هي. وأنها تُولي أهمية كبيرة لقيمته ومهاراته.

كانت إيرين محبطة، وقررت ألا ترفع الأمر إلى قسم الموارد البشرية لأن “مديرتي أخبرتني بأن القسم سيعطيني الجواب ذاته الذي تلقيته منها، وفي نهاية المطاف كنت أثق في كلامها”.

بعد أسابيع، طلبت إيرين من مديرتها العمل من خلال المنزل ليومين في الأسبوع بدلاً من يوم واحد. ظلّت المديرة تؤجل الرد على طلبها لأكثر من شهر، لذلك قررت البحث عن فرصة عمل أخرى. تقول إيرين “توصلت إلى قرار بترك طلب مغادرة العمل على طاولة المديرة والمغادرة قبل انتظار الجواب، وتلك كانت مسألة خلافية”.

تعمل إيرين الآن في شركة “ريكروتربوكس” (Recruiterbox)، وهي شركة برمجيات للتوظيف عبر الإنترنت وإدارة السير الذاتية، وتقول إنها تنصح الشركات بأن تكون أكثر شفافية في شأن الرواتب. وتضيف “الشفافية التامة في أمور الرواتب أمر صعب، لكن علينا أن نبيّن للجميع حدود الأجور لكل وظيفة على الأقل، وأن يظهر ذلك في إعلانات الوظائف، ويكون معلوماً بين الموظفين الحاليين للتخلص من القول المستمر بأن راتب زميلي في العمل أعلى من راتبي”. وتختتم إيرين حديثها بالقول “لنضمن أن المرشحين للوظائف والموظفين الحاليين يعرفون الحد المطلوب من الخبرة والأقدمية للوصول إلى الدرجة العليا من حدود الأجور”.

اقرأ أيضاً: كيف تواجه مديرك وتبين أحقيتك بزيادة راتبك؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .