دراسة حالة: عندما يسود الشقاق بين صفوف فريق الإدارة العليا

13 دقيقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تعرض دراسات الحالة التي تصيغها هارفارد بزنس ريفيو على هيئة قصص خيالية لمشاكل يواجهها القادة في الشركات الحقيقية وتقدّم الحلول التي يراها الخبراء. وتستند هذه الحالة إلى دراسة جرت في كلية هارفارد للأعمال بعنوان “بليك سبورتس آباريل وسويتش آكتيف وير: التأليف بين قلوب أعضاء الفريق” (“Blake Sports Apparel and Switch Activewear: Bringing the Executive Team Together”)، من تأليف بوريس غرويسبرغ وكاثرين كونولي بادين.

كان يفترض ألا تتضمن الآراء التقويمية الواردة في مراجعات الأداء بطريقة 360 درجة ذكر أسماء من أدلوا بها.

لقد كان واضحاً تماماً من هو الشخص الذي ذكر التعليقات السلبية بحق أحد التنفيذيين في معرض تقويم أدائه.

كان لانس بيست، الرئيس التنفيذي لشركة “باركر سبورتس آباريل” (Barker Sports Apparel)، المتخصّصة في الملابس الرياضية، في اجتماع مع نينا كيلك، المستشارة العامّة في الشركة، والمشرفة أيضاً على الموارد البشرية. كان نهاراً طويلاً في المقر الرئيس للشركة في برمنغهام بإنكلترا، وفي بداية المساء كان الاثنان يجريان مراجعة لتقويمات أداء كل مرؤوس مباشر يعمل تحت إمرة لانس الذي ذُهِلَ لما رآه في ملف المدير المالي ديمون إيون. كانت معظم الآراء حيادية، وكان ذلك مُنتظراً. ورغم أنّ ديمون كان لامعاً ويحظى باحترام كبير، إلا أنّه لم يكن أكثر الزملاء لطفاً. لكنّ واحداً من الأشخاص كان قد منحه أدنى درجات التقويم الممكنة، وبناءً على الملاحظات المكتوبة كان لانس يعلم أنّها صادرة عن أحمد لوند، رئيس قسم المبيعات في الشركة. إحدى الملاحظات كانت: “لم يسبق لي البتّة أن عملت في حياتي مع شخص مهووس بالسيطرة مثله”.

“هذه تعليقات لئيمة جدّاً”، قال لانس.

“هل فوجئت بها؟” سألت نينا.

“كلا لم أفاجأ بها”، أقر لانس.

كان هناك نزاع بين المدير المالي ورئيس قسم المبيعات لديه منذ فترة. كما تضمّنت الآراء الواردة في مراجعة أداء أحمد بضع شكاوى واضحة حول أسلوب عمله، ولا شكّ أنها كانت صادرة عن ديمون.

تنهّد لانس. فقبل خمس سنوات، عندما تولّى منصبه، كان يركّز على تنمية الشركة التي كان والده إيريك، الرئيس التنفيذي السابق، هو من أسّسها. كانت باركر قد حصلت على ترخيص بحقوق وضع شعارات الدوريّات الرياضية على البضائع ودخلت في شراكة مع كبريات العلامات التجارية لإنتاجها وطرحها في أسواق تجارة التجزئة، وعندما تولّى لانس قيادة الشركة، كانت إيراداتها بحدود 100 مليون جنيه استرليني. وسرعان ما أبرم عقداً مع أكبر شريك لديه، ألا وهي شركة “هاويل” (Howell). اتّسمت المفاوضات في هذه الصفقة مع الشركة صاحبة العلامة التجارية العالمية بالتحدّي، لكنّها زادت من حجم النشاط التجاري إلى الحد الذي جعل لانس ومرؤوسيه المباشرين يشعرون أنهم لا يمتلكون ما يكفي من الساعات في اليوم لإنجاز كل شيء. وبالتأكيد لم يكن لديهم الوقت الكافي لنزاعات داخلية من هذا القبيل.

“ما الذي يجب علينا فعله بهذه المعلومة؟” سأل لانس.

هزّت نينا كتفيها وقالت: “هذه هي المرّة الأولى التي اطلع فيها على هذه العملية بنفسي”.

“صحيح، لكن من الواضح أنني يجب أن أفعل شيئاً ما. أعلم أنّ أحمد وديمون ليسا على وفاق، لكنّ أتوقع منهما أن يتصرّفا بأسلوب حضاري”.

أومأت نينا برأسها موافقة، لكنّ لانس شعر أنّها قد لجمت لسانها عن الكلام. “بوسعك أن تصارحيني بالحقيقة يا نينا. فأنا بحاجة إلى مشورتك”.

“حسناً”، قالت نينا بتردّد، “أعتقد أنّ ذلك جزء من المشكلة. هناك توقّع بأن نتصرّف بأسلوب حضاري، لكنّ ذلك لا يُترجم على شكل تعاون. نحن جميعنا نثق بك، لكن ليس هناك الكثير من الثقة بين أعضاء الفريق”.

“هل هذا يعني أنّ الجميع يعتقدون أنّ ديمون شخص مريع؟” سأل لانس، مشيراً إلى التقرير.

هزّت نينا رأسها بالنفي وقالت: “الأمر لا يقتصر عليه فقط. بوسعك أن ترى من الآراء التقويمية أنّ أحمد ليس ملاكاً أيضاً. فهو يتقاتل مع ديمون، وهناك توتّر بينهما، وبين فريقيهما، ترك تبعاته علينا جميعاً. هناك توجيه لأصابع اللوم. يبدو أنّ الجميع مهتمّ بمصالحه فقط”.

رغم أنّ لانس كان يكره سماع هذه الكلام، إلا أنه لم يكن خبراً جديداً بالنسبة له. كان يحاول إقناع نفسه وحسب أنّ المشاكل كانت تتحوّل إلى معاناة متزايدة وستحلّ نفسها بنفسها. ففي نهاية المطاف، غالباً ما يكون هناك تنافر بين قسمي المبيعات والمالية في المؤسسات، ولم يسبق له أن ترك أثراً كبيراً على إيرادات باركر التي كانت قد نمت بنسبة 22% في العام السابق و28% في العام الذي سبقه.

بطبيعة الحال، لم يكن هذا النمو قد تحقّق بسهولة، ومن المؤكّد أن الشركة كانت قد فوّتت بعض الفرص. كانت باركر قد تلقت استفسارات من عدد من أصحاب متاجر التجزئة المهتمّين بالحصول على منتجاتها لكنها أخفقت في الرد عليها نتيجة لضعف التنسيق الذي أدّى إلى التأخّر في إيصال تلك الاستفسارات إلى نظام الشركة بسرعة. أمّا الآن، فقد أدرك لانس أنّ ذلك قد يكون مؤشراً على المزيد من المشاكل التي ستحصل. كان بحاجة إلى إصلاح هذا الوضع. “لطالما أراد والدي إقامة رحلات عمل ترفيهية تهدف إلى بناء روح الفريق4″، قال لانس. كانت هذه نكتة يتداولها التنفيذيون في باركر منذ سنوات. كلّما كان إيريك يشعر بوجود توتّر، كان يذكر تلك الفكرة لكنّه لم ينّفذها قط.

ضحكت نينا قائلة: “للأسف، أعتقد أننا قد تجاوزنا تلك النقطة”.

الفوضى العارمة

في صباح اليوم التالي، كان لانس في مكتبه عندما تلقّى رسالة نصيّة قصيرة من جومبا بهانداري، رئيسة قسم المنتجات والسلع، تقول فيها: “هل بوسعك الحديث؟”

بما أنّه كان يعرف أنّ ثمّة خطب من وراء هذه الرسالة، اتصل بها فوراً.

تجاوزت جومبا الرسميات وشرعت بالحديث قائلة: “أنت بحاجة إلى تحقيق التوافق بينهما”. لم يكن لانس بحاجة إلى أن يسأل من المقصود بالحديث. “أحمد وعد بتقديم عيّنات عن الخط الجديد على حساب كلاركسون لكنّ طلبيته تتجاوز الحد الذي فرضه قسم المحاسبة، لذلك نحن بحاجة إلى موافقة ديمون وتوقيعه، وهو لن يوقّع”.

كان هذا النزاع متكرّراً. فأحمد اتهم ديمون بإلقاء العوائق في الطريق واستغلال صلاحياته لتقويض قسم المبيعات. أمّا ديمون فقد كان يرد بالقول إنّ أحمد كان يقود باركر إلى الإفلاس من خلال توزيع المنتجات يمنة ويسرة. أمّا لانس فقد كان يتناوب في انحيازه إلى هذا الطرف أو ذاك بحسب من كان سلوكه أسوأ لكنّه لم يكن يرغب بالتدخّل مجدّداً. لماذا لا يتمكّنان من التوصّل إلى حل وسط؟

قرأت جومبا ما يدور في ذهنه وقالت: “سيظلان في حالة صدام إلى الأبد إذا تركتهما وشأنهما. يبدو الأمر وكأنّ كل واحد منهما قد تموضع في خندقه الصغير. هما يتصرّفان كما لو أنّهما ليسا جزءاً من الفريق ذاته حتى”.

“هل فاتحتيهما بهذه المسألة؟”

“بخصوص مسألة كلاركسون؟ بالتأكيد تحدّثت إليهما عنها. لكنّني لم أفلح. الفوضى عارمة”.

جاءت العبارة الأخيرة بمثابة صفعة. لم يكن الفريق مثالياً، لكنّه كان ما يزال يعمل بمستوى رفيع.

“سيكون من المفيد لو تحدّثت إليهما”، توسّلت جومبا إليه بلطف.

تذكّر لانس آخر مرّة جلس فيها مع أحمد وديمون. كان كل واحد منهما قد جلب معه رزمة أوراق ورسائل إلكترونية مطبوعة كانا قد تبادلانها بخصوص فرصة مبيعات ضائعة، الأمر الذي دفع لانس إلى التعجّب من حجم الوقت الذي بذله كلّ منهما في التحضير، عدا عن الأوراق المهدورة.

قال لانس: “دعيني أنظر في المسألة”. وهذه باتت استجابته المعتادة في تلك الحالات.

قالت جومبا: “هل لي أن أخبرك ما كنت لأفعله لو كنت مكانك؟ كنت سأطردهما معاً”.

رغم أنّ لانس كان يقدّر صراحتها على الدوام، إلا أنّه فوجئ بكلامها هذا. “كنت أمزح”، أضافت جومبا بسرعة. “ما رأيك أن نعيّن مرشداً ليساعدهما؟ أقصد أننا جميعاً يمكن أن نستفيد من وجود شخص يساعدنا في خوض حوار حول كيفية التعامل مع النزاعات ووضع بعض القواعد الجديدة”.

تساءل لانس عما إذا كان حديث جومبا عن طردهما مجرّد نكتة، لكنّه ترك الأمر يمر، وقال: “تحدّثت العام الماضي إلى تلك الشركة المتخصّصة بتطوير القادة. لديهم بعض البرامج التدريبية التي بدت جذّابة، لكننا اتفقنا جميعاً على أننا كلنا مشغولون في إدارة الحسابات الجديدة”.

“حسناً، ربما يجب أن نخصّص الوقت لذلك الآن”، أجابت جومبا.

بعد أن أغلق لانس الخط، كان ما يزال يفكّر في التخلي عن أحمد وديمون. ورغم أنّ الفكرة كانت مخيفة، إلا أنّها كانت تبعث على الارتياح. فقد سبق له أن سمع برؤساء تنفيذيين نظفوا شركاتهم واستبدلوا عدداً من كبار التنفيذيين في الوقت ذاته. بوسعه الاحتفاظ بجومبا، ونينا، وبضعة أشخاص آخرين وإدخال دماء جديدة إلى الشركة. وستكون تلك طريقة مؤكّدة لإطلاق ديناميكية جديدة في أوساط الفريق.

الأمور على ما يُرام

في وقت لاحق بعد ظهر ذلك اليوم، وفي نهاية اجتماع دوري مع الفريق المالي، طلب لانس من ديمون البقاء في الغرفة بعد مغادرة الآخرين.

“سمعت أنّ هناك خلافاً بخصوص عيّنات كلاركسون” قال لانس.

“هذا هو الوضع المعتاد. يحتاج قسم المبيعات إلى تقليص الطلبية. وحالما يفعل أحمد ذلك، سأوافق على الطلبية وأوقع عليها”، قال ديمون بهدوء.

“لا يبدو أنّ أحمد سيتنازل”.

“بل سيتنازل”.

فقرّر لانس التدّخل قائلاً: “هل أموركم على ما يُرام؟”

“الوضع على حاله. لماذا؟ ما الذي يجري؟ الأرقام تبدو رائعة في هذا الربع المالي. الأمور على ما يُرام”.

“من جهة أنا اتفق معك في الرأي، ولكن اختلف معك من جهة أخرى. تستغرق عملية التعارف مع العملاء الجدد ستّة أشهر في وقت يتقاتل فيه الجميع عليهم”.

“هل تقصد تقويم الأداء بطريقة 360 درجة؟ حاولت أن أكون منصفاً في رأيي”، قال ديمون وهو يبدي موقفاً دفاعياً نوعاً ما.

“الآراء المقدّمة لا تتضمّن ذكراً لمن أدلى بها، لذلك لا أعلم من قال ماذا، لكنّ التوتر بينك وبين أحمد واضح للعيان”.

“بالطبع واضح. فأنا المدير المالي وهو المسؤول عن المبيعات. إذا كان كل منا يؤدّي واجبه على ما يُرام، فسيكون هناك نزاع. هذا ما أفعله. أنا أؤدّي واجبي. أنا المسؤول عن الإيرادات، وهذا يعني أنّني سأتصادم مع عدد من الأشخاص. سبق للانس أن سمع منه هذا الكلام من قبل، لكنّ ديمون تمادى قليلاً هذه المرّة. “عدم ارتياحك للتعامل مع النزاع لا يسهّل هذا الأمر”.

جلس الاثنان بهدوء لدقيقة. كان لانس يعلم أنّه وفي إطار هذه العملية يجب أن يُراجع قيادته. لقد كان تقييم أدائه بطريقة 360 درجة مثيراً للدهشة. فقد وصفه بعض الموظفين برائد الأعمال الشغوف وصاحب الرؤية، لكنّهم علقوا على تفضيله لإدارة كل فرد بمفرده عوضاً عن توجيه الفريق كله معاً، وعلى ميله إلى تفضيل النظر إلى الصورة الأوسع على حساب التركيز على التفاصيل.

قال لانس: “حسناً، أنا أتفهّم هذه النقطة. دع الأمر لي. لكن يجب عليك أيضاً أن تفكّر بما بوسعك فعله لتحسين الوضع. ثمّة فرق بين النزاع الصحي والنزاع غير الصحّي، وحالياً يبدو أن النوع الثاني هو الطاغي لدينا”.

رؤيتنا قد تنهار

“هل درست إمكانية إقامة إحدى رحلات العمل الترفيهية الهادفة إلى بناء روح الفريق؟” سأل والد لانس عندما تحدّثا تلك الليلة. “أعلم أنكم جميعاً لم تأخذوني على محمل الجد”.

قهقه لانس قائلاً: “لأنك لم تحجز أي رحلة من هذه الرحلات!”.

“لكنّني ما زلت أعتقد أنها فكرة جيدة”، مضى إيريك في الكلام، مضيفاً: “لا أحد يعلم بالضبط كيف يخوض نزاعاً منتجاً في مكان العمل. هذه ليست مهارة فطرية، بل يجب أن تتعلّمها”.

“أنا أدرس الأمر يا ابتاه. لكنّني لست واثقاً أنّ ذلك سيكون كافياً في الوقت الحاضر”.

“ماذا عن التعويضات؟” هذه كانت مسألة أخرى يطرحها إيريك بصورة روتينية. فخلال عهده كرئيس تنفيذي، أدرك أن تعويضات من يشغلون مناصب الإدارة العليا لم تكن مصمّمة للتشجيع على التعاون. كانت العلاوات المقدّمة إلى المدراء تعطي وزناً يبلغ 25% للأداء الفردي، و70% لأداء القسم التجاري، و5% لأداء الشركة.

“ربما حان الوقت لرفع نسبة الـ 5% إلى 10% على الأقل أو 20% حتى”، قال إيريك.

“أرغب بإجراء هذه التغييرات، لكنّني بحاجة إلى مساعدة ديمون لإنجازها، وهو غارق في العمل”، قال لانس. “إضافة إلى ذلك، يقول العديد من الخبراء أنّ الكثير من الناس ينظرون إلى التعويضات بوصفها مطرقة وإلى كل مشكلة على أنها مسمار. الرؤساء التنفيذيون يتوقعون أن تصلح التعويضات أي شيء، لكنّك عادة تحتاج إلى أدوات أخرى. ربما يجب عليّ أن أفعل شيئاً ما أكثر جذرية”.

“أنت لا تفكّر في طرد أحد، أليس كذلك؟” كان إيريك شخصياً هو من عيّن جميع كبار التنفيذيين العاملين ضمن فريق لانس، وكان ولاؤه لهم لا يقل عن ولائه لأفراد عائلته.

“بصراحة كان الموضوع يدور في ذهني. لكنني لست واثقاً ماذا سأفعل دون أحمد أو ديمون، فهما سبب أساسي للنتائج التي نحققها كل عام. وهما يساعداننا على الفوز. لكنّني أنظر إلى الوراء وأتساءل كيف أنجزنا ما أنجزناه ونحن نعمل بهذه الطريقة. أنا بحاجة إلى فريق يعمل أفراده معاً للوصول إلى أهدافنا على المدى البعيد. عندما تقاعد إيريك، كان هو ولانس قد وضعا هدفاً يتمثّل في إيصال الإيرادات إلى 500 مليون جنيه استرليني بحلول 2022. “لكنّ هذه المجموعة تجعلك تشعر وكأنها سينفك عقدها في أي لحظة، كما أنّ رؤيتنا قد تنهار معها”.

“أنا آسف”، قال إيريك. “هل تشعر أنّك ورثت كومة من المشاكل من والدك المسن؟”

“كلا، أشعر أنّني نوعاً ما أنا من خلق هذه المشكلة، أو على الأقل جعلها تصبح أسوأ”.

“حسناً، هناك شيء واحد مؤكّد: أنت المدير الآن ولذلك تقع على عاتقك مسؤولية تقرير ما يجب فعله”.

[su_accordion] [su_spoiler title=”ملاحظات على دراسة الحالة” open=”no” style=”default” icon=”plus” anchor=”” class=””]
  1. تُجري شركات كثيرة مدرجة على قائمة “فورتشن 500” مراجعات للأداء بطريقة 360 درجة، لكنّ الباحثين شكّكوا بفائدة البيانات الناجمة عن هذه المراجعات.
  2. وفقاً لدراسة أجرتها “سي بي بي غلوبال” (CPP Global)، فإنّ 36% من الموظفين الأميركيين يقولون إنهم يتعاملون مع النزاعات في مكان العمل دائماً أو بصورة متكرّرة.
  3. ما أهمية وجود الثقة بين صفوف أعضاء الفريق؟ كشفت دراسة أجرتها “مارس إنك” (Mars Inc.) أنّ الدافع الفردي كان أكثر أهمية في تعزيز التعاون من الثقة والعلاقات.
  4. هل تقود الأنشطة التي يشارك فيها الفريق عملياً إلى تعاون أفضل؟ أم أنها بمعظمها عبارة عن تمارين وبرامج تهدف إلى شعور من ينفّذها بالرضا ولا تترك أثراً دائماً؟
  5. توصّل بحث أجرته “آر إيتش آر إنترناشيونال” (RHR International) إلى أنّ الرؤساء التنفيذيين الذين استبدلوا أعضاء فريق القيادة العليا لديهم تمنّوا لو كانوا قد أقدموا على هذه الخطوة في وقت أبكر.
  6. هل يجب على قسمي المبيعات والمالية أن يكونا على طرفي نقيض؟ هل يمكن للتوتّر الناجم عن ذلك أن يكون عاملاً منتجاً بالنسبة للمؤسسة؟
  7. هل بوسعك أن تكون رئيساً تنفيذياً فاعلاً إذا كنت غير مرتاح للتعامل مع النزاع؟
  8. النزاع على كيفية إنجاز مهمّة معيّنة يمكن أن يقود إلى حوار بنّاء ويحسّن القرارات. لكنّ النزاع على القضايا الشخصية يمكن أن يؤدّي إلى تآكل الثقة بين أعضاء الفريق الواحد.
  9. توصّلت دراسة أجريت في جوجل إلى خمسة مفاتيح أساسية لفاعلية الفريق: الأمان النفسي، والقدرة على الاتكال على الآخرين، والتنظيم والوضوح، والمعنى، والأثر.
  10. هل كان هذا النزاع سيتجلّى بطريقة مختلفة لو لم تكن باركر شركة عائلية؟
[/su_spoiler] [/su_accordion]

رأي الخبراء

كيف يجب على لانس أن يتعامل مع النزاع الدائر بين ديمون وأحمد؟

لا تكمن مشكلة لانس في الموظفين، بل في الثقافة. فهو يجب أن يقلّل تركيزه على النزاع الدائر بين أحمد وديمون بشكل محدد، وأن يصبّ اهتمامه أكثر على الصوامع المنعزلة التي يعمل التنفيذيون لديه ضمنها، وهو من مكّن هذه الصوامع من الظهور، لا بل ربما شجّع عليها. تُعتبر الحوافز، والاستعانة بمرشد خارجي، والبرامج الهادفة إلى بناء الفريق كلها مفيدة، لكنّها لن تنجح ما لم يكن لانس واضحاً بشأن التعاون الذي يريد رؤيته.

فالعمل الجماعي لا يتحقق إلا عندما يفهم الموظفون أنّ أهدافهم مترابطة مع أهداف زملائهم ومتداخلة معها. فليس بوسع المدير المالي وحده ضمان نجاح المؤسسة؛ هو بحاجة إلى التوافق مع رئيس قسم المبيعات حول أفضل أنواع النمو، ومع رئيس قسم الموارد البشرية حول المواهب التي يحتاج إليها، ومع المستشار العام حول شروط العقود. قد يبدو الأمر بمثابة أسطوانة مكرّرة، لكنّ منظومة الإدارة العليا هي منظومة متكاملة وليست خنادق متقابلة.

قبل أربعة أعوام، عندما تولّيت منصب الرئيس التنفيذي لشركة “أيه بي إم إندستريز” (ABM)، وهي واحدة من أكبر شركات تخديم المنشآت في الولايات المتحدة الأميركية، كانت الشركة تضمّ أقساماً منعزلة إلى حد كبير. لذلك وضعتُ قاعدة تنصّ على أنّ أيّ قرار لا يمكن أن يُتّخذ دون وجود ثلاثة أشخاص على الأقل في الغرفة. وعندما كان المدير المالي يأتي إليّ بتوصية ما، كنت أقول له: “دعنا ندعو مسؤول الموارد البشرية لنستمع إلى رأيه”. كنت ومازلت أعتقد أنّ الحصول على قدر أكبر من الآراء يقود إلى اتّخاذ قرارات أفضل. وسأعترف أنّ الأمر كان غريباً في بادئ الأمر. فقد كان الموظفون يعتقدون أنني لا أثق بقدرتهم على أداء وظائفهم. ولكن في غضون ستّة أشهر، تبنّوا التغيير. كان المدير المالي يأتي إلى مكتبي برفقة مسؤول الموارد البشرية والمستشار العام. وبات من النادر الآن أن يأتي شخص ما إليّ دون أن يكون قد ناقش المسائل المعنيّة مع بضعة زملاء على الأقل.

لا يقود النجاح التجاري إلى ثقافة إيجابية، بل العكس هو الصحيح.

ليست الفكرة هي خلق عمل إضافي. فلانس يجب أن يكون حذراً بكل السبل الممكنة في كيفية التعامل مع وقت أعضاء فريقه. لكن أنا لا أنادي بعقد مشاورات موسّعة أو اجتماعات مطوّلة للبحث في كل شاردة وواردة. وإنما أدعو إلى حوار أكثر انفتاحاً بين أحمد وديمون والجميع بحيث يكون بمقدور المجموعة تجنّب النزاع واتخاذ قرارات ذات جودة أعلى معاً.

بوسع لانس أن يبدأ بعقد اجتماعات للموظفين كل أسبوعين يمكن لأفراد المجموعة أن يتحدّثوا فيها بصراحة عن أهداف المؤسسة وكيف يمكن إنجازها جماعياً. وربما يمكنه أيضاً أن يطلب منهم جميعاً العمل على مشروع معيّن، مثل إصلاح نظام التعويضات، بحيث يكون لديهم سبب تجاري ملموس للتعاون.

بعد فترة وجيزة من استلامي لشركة أيه بي إم إندستريز، أعدنا تنظيم الشركة من العمل على أساس خطوط الخدمة إلى التركيز على زبائن في قطاعات صناعية محدّدة، وانتقلنا إلى نموذج مركز الخدمات المشترك. وأسّست لجنة توجيهية مؤلفة من كبار قادة الشركة لتساعدنا في إنجاز هذه العملية. أخبرتهم أنّني أنتظر منهم النقاش والحوار والمساجلة، ولكن بعد أن نتّخذ القرار، لن يكون من المقبول الاعتراض أو توجيه الانتقادات بأثر رجعي. كان معظمهم قادراً على الالتزام بهذه القواعد، ولكن كانت هناك قلّة ممّن استمرّوا في إثارة النزاعات وتقويض جهودنا واضطررنا في نهاية المطاف إلى تسريحهم.

قد يحتاج لانس إلى فعل الشيء ذاته مع أحمد وديمون إذا كان التوتر السائد بينهما يمنعهما من العمل معاً. لكن ينبغي عليه بادئ ذي بدء أن يشجّع صراحة على المزيد من العمل الجماعي بين صفوف كبار المدراء التنفيذيين. “ضخ الدماء الجديدة” لن يحل المشكلة إذا ظلت الثقافة تعاني من الخلل.

سكوت سالميرز: المدير العام والرئيس التنفيذي لشركة “أيه بي إم إندستريز” (ABM Industries).

ديل وينستون: رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة باتاليا وينستون المتخصّصة في البحث عن التنفيذيين.

اتفق في الرأي مع جومبا أنّ الوضع فوضوي للغاية! هل غضّ لانس الطرف حقاً عن هذه المشكلة منذ تولّيه لمنصب الرئيس التنفيذي قبل خمسة أعوام؟ هو محظوظ أنّ باركر قد حافظت على نموّها لأنّ هذا النوع من التقاتل على النفوذ يمكن أن يعوّق عمل أيّ مؤسسة. وأنا أعتقد أنّه إذا لم يعالج التوتّر بين أحمد وديمون عاجلاً، فإنّ الحظ لن يظلّ واقفاً إلى جانبه.

عند هذا الحد، تبدو المساعدة الخارجية مطلوبة. يجب على لانس الاستعانة باستشاري ومرشد متخصّص في العمل مع المؤسسات لتحليل الوضع وتشخيصه بموضوعية، ووضع توصيات بخصوص كيفية معالجته.

إذا طرد لانس أحدهما أو كليهما، فإنّه سيبدو شخصاً ضعيفاً وقليل الحيلة.

ربما يحتاج ديمون إلى إرشاد حول أسلوبه في التواصل، أو إلى الحوار مع أحمد حول مقاربتيهما المتضاربتين. خلال السنوات السبع والعشرين التي قضيتها في إدارة شركة “باتيليا وينستون” (Battalia Winston)، وهي واحدة من أكبر الشركات التي تمتلكها سيدة ومتخصّصة بالبحث عن التنفيذيين في الولايات المتحدة الأميركية، استعنت بالعديد من المرشدين لمساعدة التنفيذيين في فهم كيفية تأثير أساليبهم في العمل على الأشخاص المحيطين بهم.

كما حالفني النجاح عندما طبّقت الأنشطة الهادفة إلى بناء الفريق التي اقترحها إيريك. إذ تُعتبرُ رحلات العمل الترفيهية فرصة عظيمة للابتعاد عن القضايا والتشنّجات اليومية، ومناقشة أساليب العمل، وكيف يريد الناس التعاون. كما أنها تسهم عموماً في تكوين حالة توافق أكبر بين الجميع. ومع وجود الميسّر الصحيح، وهذا أمر حاسم على الدوام، بوسع لانس دفع فريقه إلى التجديف لتوجيه المركب في الاتجاه الصحيح، وهذا التمرين سيفيد جميع الأعضاء حتى لو كان بعض الناس بحاجة إليه أكثر من الآخرين.

من المؤكّد أنني لا أوصي لانس بطرد كل من أحمد أو ديمون الآن. فعندما لا يجيد مديران تنفيذيان العمل معاً بانسجام في حقل التجارب، من الحتمي أن يبدأ الموظفون بالانحياز إلى هذا الطرف أو ذاك. فإذا ما طرد لانس أحدهما أو كليهما ببساطة لأنّهما يتشاجران معاً، فإنّه سيبدو شخصاً ضعيفاً وعديم الحيلة في إدارة النقاشات الصحّية ضمن صفوف فريقه.

هناك نزاعات تعصف بكل مؤسسة. وديمون على حق في أنّ أقسام المبيعات غالباً ما تعطي الأولوية للإيرادات على الربحية، وفي أنّ وظيفة المسؤول المالي هي أن يقاوم. معظم النزاعات التي رأيتها بين صفوف كبار المدراء لدينا على مدار السنين كانت تخصّ مناطق النفوذ، والزبائن، والاستئثار بالفضل عن أعمال قام بها الآخرون. لكن لطالما تمكّنا من معالجة هذه القضايا، وضمان عدم تحوّلها إلى معارك شخصية هدّامة، من خلال التشديد على أخلاقيات فرقنا، وإطلاع مستشارينا كيف يسهم عمل الجميع في نجاحنا الجماعي.

ارتكب لانس خطأ بترك هذه المسألة تتفاقم. وبوصفه رئيساً تنفيذياً حديث العهد، كان يجب عليه مواجهة هذه المشكلة من أساسها. لكن لم يفت الأوان بعد. فمع تجديده للالتزام بالتعاون على أرفع المستويات وحصوله على مساعدة من خبير، أعتقد أنه قادر على التخفيف من التوتّر بين ديمون وأحمد، وآمل أن يتمكّن نتيجة لذلك من تحقيق الإيرادات المستهدفة الخاصة بشركة باركر.

تعليقات مجتمع هارفارد  بزنس ريفيو

أداء دور الوسيط

يحتاج لانس إلى استدعاء أحمد وديمون معاً للحديث عن الاحترام المتبادل وحثّهما على الحديث بانفتاح حول الأشياء المحبطة التي يعاني منها كل واحد منهما وسبب ذلك. هذه المعلومة سوف تمكّنهما من التوصّل إلى طريقة جديدة للتواصل.

سارة كونيغ، نائب رئيسة شركة آدفانتيج هوم هيلث سيرفيسيز

التركيز على العملاء

أدعوا إلى استدعاء بعض العملاء المتأثّرين جرّاء حالات عدم الكفاءة الناجمة عن هذا الصراع التنافسي، ومطالبتهم ضمن مجموعة مركزة بالتعبير عن مخاوفهم وما يشغل بالهم. المأمول هو أن يتفهّم ديمون وأحمد التهديدات التي تتعرّض لها الشركة بأكملها وأن يقوّما كيف يمكن لأفعالهما أن تؤدّي إلى تآكل ثقة العملاء.

لانري أديجون، استشاري إدارة أوّل في فيرايزون

تشجيع المُديْرَيْن على التركيز على السياق الأوسع

يجب على لانس أن يجتمع مع كلا الرجلين وجهاً لوجه وأن يسألهما إذا ما كان هناك هدف أسمى بوسعهما التكاتف معاً لتحقيقه. فإذا ما رفض أي منهما الانضمام إلى هذا المسعى، يجب على لانس أن يطرده.

جيسيكا ليو، مديرة مشاريع في آي جي تي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .