$User->is_logged_in:  bool(false)
$User->user_info:  NULL
$User->check_post:  object(stdClass)#7061 (18) {
  ["is_valid"]=>
  int(1)
  ["global_remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["number_all_post"]=>
  int(0)
  ["number_post_read"]=>
  int(0)
  ["is_from_gifts_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["all_gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_read_articles"]=>
  int(0)
  ["exceeded_daily_limit"]=>
  int(0)
  ["is_watched_before"]=>
  int(0)
  ["sso_id"]=>
  int(8938)
  ["user_agent"]=>
  string(9) "claudebot"
  ["user_ip"]=>
  string(10) "3.81.30.41"
  ["user_header"]=>
  object(stdClass)#7068 (45) {
    ["SERVER_SOFTWARE"]=>
    string(22) "Apache/2.4.57 (Debian)"
    ["REQUEST_URI"]=>
    string(137) "/%D9%85%D8%A7-%D9%8A%D9%81%D8%B9%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B8%D9%85%D8%A7%D8%A1%D8%9F/"
    ["REDIRECT_HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["REDIRECT_STATUS"]=>
    string(3) "200"
    ["HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["HTTP_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_ACCEPT_ENCODING"]=>
    string(8) "gzip, br"
    ["HTTP_X_FORWARDED_FOR"]=>
    string(10) "3.81.30.41"
    ["HTTP_CF_RAY"]=>
    string(20) "86b92b425a3307a0-FRA"
    ["HTTP_X_FORWARDED_PROTO"]=>
    string(5) "https"
    ["HTTP_CF_VISITOR"]=>
    string(22) "{\"scheme\":\"https\"}"
    ["HTTP_ACCEPT"]=>
    string(3) "*/*"
    ["HTTP_USER_AGENT"]=>
    string(9) "claudebot"
    ["HTTP_REFERER"]=>
    string(157) "https://hbrarabic.com/%D9%85%D8%A7-%D9%8A%D9%81%D8%B9%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B8%D9%85%D8%A7%D8%A1%D8%9F"
    ["HTTP_CF_CONNECTING_IP"]=>
    string(10) "3.81.30.41"
    ["HTTP_CDN_LOOP"]=>
    string(10) "cloudflare"
    ["HTTP_CF_IPCOUNTRY"]=>
    string(2) "US"
    ["HTTP_X_FORWARDED_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_X_FORWARDED_SERVER"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_CONNECTION"]=>
    string(10) "Keep-Alive"
    ["PATH"]=>
    string(60) "/usr/local/sbin:/usr/local/bin:/usr/sbin:/usr/bin:/sbin:/bin"
    ["SERVER_SIGNATURE"]=>
    string(73) "
Apache/2.4.57 (Debian) Server at hbrarabic.com Port 80
" ["SERVER_NAME"]=> string(13) "hbrarabic.com" ["SERVER_ADDR"]=> string(10) "172.21.0.4" ["SERVER_PORT"]=> string(2) "80" ["REMOTE_ADDR"]=> string(13) "162.158.86.62" ["DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["REQUEST_SCHEME"]=> string(4) "http" ["CONTEXT_PREFIX"]=> NULL ["CONTEXT_DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["SERVER_ADMIN"]=> string(19) "webmaster@localhost" ["SCRIPT_FILENAME"]=> string(23) "/var/www/html/index.php" ["REMOTE_PORT"]=> string(5) "54046" ["REDIRECT_URL"]=> string(49) "/ما-يفعله-المدراء-العظماء؟/" ["GATEWAY_INTERFACE"]=> string(7) "CGI/1.1" ["SERVER_PROTOCOL"]=> string(8) "HTTP/1.1" ["REQUEST_METHOD"]=> string(3) "GET" ["QUERY_STRING"]=> NULL ["SCRIPT_NAME"]=> string(10) "/index.php" ["PHP_SELF"]=> string(10) "/index.php" ["REQUEST_TIME_FLOAT"]=> float(1711645148.891611) ["REQUEST_TIME"]=> int(1711645148) ["argv"]=> array(0) { } ["argc"]=> int(0) ["HTTPS"]=> string(2) "on" } ["content_user_category"]=> string(4) "paid" ["content_cookies"]=> object(stdClass)#7069 (3) { ["status"]=> int(0) ["sso"]=> object(stdClass)#7070 (2) { ["content_id"]=> int(8938) ["client_id"]=> string(36) "e2b36148-fa88-11eb-8499-0242ac120007" } ["count_read"]=> NULL } ["is_agent_bot"]=> int(1) }
$User->gift_id:  NULL

ما يفعله المدراء العظماء

20 دقيقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

“أفضل مدير حظيت به”. هذه عبارة إما نطق بها أكثرنا وإما سمع بها في مرحلة ما. ولكن، ماذا تعني بالضبط؟ ما الذي يميز المدير العظيم عن المدير التقليدي؟ تزخر المؤلفات في هذا المجال بكتابات مثيرة حول خصال المدراء والقادة وما إذا كان الاثنان يختلفان. ولكن، لم يتناول كثيرون ما يحدث في آلاف التفاعلات والقرارات اليومية التي تسمح للمدراء باستخراج أفضل ما يميز موظفيهم ونيل إخلاصهم. فما الذي يفعله المدراء العظماء حقاً؟

في بحثي الخاص الذي يُستهل باستطلاع آراء 80 ألف مدير أجرته مؤسسة غالوب، واستمر خلال العامين الماضيين بدراسات متعمقة لقليل من أصحاب الأداء الأبرز، اكتشفت أنه على الرغم من أن عدد أساليب الإدارة لا يقل عن عدد المدراء، ثمة سمة واحدة تميز المدراء العظماء بحق عمن سواهم: ألا وهي أنهم يكتشفون ما يميز كل شخص ويستثمرونه. عموم المدراء يمارسون لعبة الضامة (أو الداما أو الدامة Checkers)؛ أما المدراء العظماء فيلعبون الشطرنج. والفارق في لعبة الضامة هو أن جميع القطع متناسقة وتتحرك بالطريقة نفسها، ويمكن أن تحل الواحدة منها محل الأخريات. بالتأكيد عليك تخطيط تحركاتها وتنسيقها، لكنها تتحرك كلها بالوتيرة ذاتها في مسارات متوازية. أما في الشطرنج، فكل قطعة تتحرك بطريقة مختلفة، ولا يمكنك اللعب إذا لم تكن تعرف كيف تتحرك كل قطعة. والأهم من ذلك أنك لن تنتصر إذا لم تفكر بعناية في كيفية تحريك القطع. ويعلم المدراء العظماء القدرات الفريدة وحتى الطباع غريبة الأطوار لموظفيهم ويقدرونها حق قدرها، ويتعلمون كيف يدمجونها على النحو الأمثل في خطة هجوم مُنسقة.

البحث:

هذا هو النقيض التام لما يفعله القادة العظماء. يكتشف القادة العظماء السمات العامة ويستثمرونها. ومهمتهم تنحصر في حشد الناس وتوجيههم نحو مستقبل أفضل. ويمكن أن ينجح القادة في ذلك فقط إذا كان بوسعهم تجاوز فروق النوع والعمر والجنسية والشخصية، وباستغلال القصص والاحتفاء بالأبطال، يستطيعون استغلال تلك الاحتياجات القليلة جداً التي نتشاطرها جميعاً. وفي المقابل، نجد أن مهمة المدير هي تحويل موهبة معينة للشخص إلى أداء. سينجح المدراء فقط عندما يكون بوسعهم تحديد أوجه الاختلاف بين الناس وتعميمها، حيث يَتَحدُّون مع كل موظف كي يتفوق بطريقته الخاصة. ولا يعني ذلك أن القائد لا يمكن أن يكون مديراً أو العكس. ولكن للتفوق في أحدهما أو كلاهما، لا بد أن تكون واعياً بالمهارات المختلفة تماماً التي يتطلبها كل دور.

“الأمر الوحيد” المحير

لعبة الشطرنج

كيف تبدو لعبة الشطرنج على الطبيعة؟ عندما قُمت بزيارة ميشيل ميلر، المديرة التي افتتحت فرع متجر وولغرينز رقم 4,000، وُجدتُ جدار مكتبها الخلفي مزداناً بجداول العمل. يعمل لدى متجر ميشيل في مدينة ريدوندو بيتش، كاليفورنيا، موظفون ذوو مهارات متباينة بوناً شاسعاً، وربما توجد فروق مزعزعَة في شخصياتهم. ولذلك، كان جزء أساسي من عملها يتمحور حول تعيين الموظفين في أدوار ونوبات تسمح لهم بالتميز والتفوق، وتفادي توظيف أصحاب الشخصيات المتصادمة معاً. وفي الوقت نفسه، فهي بحاجة إلى أن تجد سبلاً تساعد الأفراد على النمو والتطور.

هناك جيفري مثلاً “عاشق موسيقى الروك القوطية” الذي جزّ شعر رأسه من جهة وأطاله من الجهة الأخرى حتى غطى وجهه. كادت ميشيل تحجم عن تعيينه لأنه لم يستطع أن يتطلع إلى عينيها أثناء المقابلة الشخصية، لكنه أراد العمل في النوبة الليلية التي يصعب تغطيتها، فقررت أن تمنحه فرصة. وبعد شهرين، لاحظت أنها كلما كلفته بمهمة غامضة، مثل “ترتيب البضاعة في كل ممر”، كانت المهمة التي من المفترض أن تستغرق ساعتين تستغرقه الليل بطوله، ولم يكن ينجزها على النحو الأكمل. ولكن، إذا كلفته بمهمة أكثر تحديداً مثل “ترتيب الهدايا على الأرفف كلها استعداداً لموسم الأعياد”، كانت تجد جميع الأرفف مرتبة، وعلى كل منها السلعة الصحيحة بأسعارها وملصقاتها السليمة ووضعها السليم (حيث تكون مواجهة للزبون). إذا كلفت جيفري بمهمة عامة، فسيعاني في القيام بها. أما إذا كلفته بمهمة تجبره على أن يتحرى الدقة والتحليل، فسيتفوق على نفسه فيها. استخلصت ميشيل أن هذا هو مكمن قوة جيفري. وعليه، شأنها شأن أي مدير بارع، أطلعته على ما خلصت إليه بشأنه وأشادت بعمله الرائع.

لكان المدير البارع ليتخلى عن المسألة عند هذا الحد. لكن ميشيل كانت تعلم أن باستطاعتها أن تستفيد بقدر أكبر من جيفري. وبالتالي، فقد وضعت خطة لإعادة توزيع المسؤوليات في المتجر كله لاستغلال مكامن قوته الفريدة. في كل متجر من متاجر وولغرينز، ثمة مسؤولية تُعرف باسم “عمليات تغيير الأماكن والمراجعة”. وتنطوي عملية تغيير أماكن السلع والبضائع على تعبئة ممر بسلع جديدة، وهي المهمة التي عادة ما تصادف تغيراً متوقعاً في أنماط شراء الزبائن (في نهاية فصل الصيف مثلاً، ستضع المتاجر عقاقير الحساسية محل مراهم الوقاية من الشمس ومرطبات الشفاه). والمراجعة أقل استنفاداً للوقت لكنها أمر متكرر: استبدال عُلب معجون الأسنان هذه بأشكال جديدة متنوعة ومُحسَّنَة. اعرض هذا الخط الجديد من المطهرات في نهاية الصف. ويتطلب كل ممر شكلاً من أشكال المراجعة مرة واحدة في الأسبوع على الأقل.

في غالبية متاجر وولغرينز، “يملك” كل موظف ممراً لا يكون فيه مسؤولاً فقط عن خدمة الزبائن، وإنما أيضاً عن تغيير أماكن السلع والحفاظ على نظافة الممر وترتيبه ووضع ملصقات على الأغراض باستخدام مسدس تيلكسون وإجراء جميع عمليات إعادة تغيير الأماكن والمراجعة هذه. وهذا الترتيب بسيط وفعال، ويضفي على كل موظف إحساساً بمسؤوليته الشخصية. غير أن ميشيل قررت أنه طالما أن جيفري كان بارعاً جداً في عمليات إعادة تغيير الأماكن والمراجعة – ولم يستمتع بالتواصل مع الزبائن – فلا بد أن تكون هذه هي وظيفته المُتفرغ لها في كل ممر من الممرات.

كان الأمر تحدياً. فمراجعة السلع والبضائع لأسبوع كامل تحتاج لملف يبلغ سُمكه 3 بوصات. لكن ميشيل احتجت بأن جيفري لن يتحمس وحسب لهذا التحدي، وإنما سيزداد براعة تدريجياً بالممارسة، غير أن الموظفين الآخرين سيتحررون مما عدوه مهمة باعثة على الضجر وسيصبح لديهم مزيد من الوقت للترحيب بالزبائن وخدمتهم. وأثبت أداء المتجر صحة وجهة نظرها. فبعد عملية إعادة التنظيم، لم تشهد ميشيل زيادات في المبيعات والأرباح فقط، وإنما في أبرز مقياس للأداء على الإطلاق؛ ألا وهو رضا العملاء. وفي الأشهر الأربع التالية، حقق متجرها صافي درجات مثالية ضمن برنامج المتسوق السري لمتاجر وولغرينز.

كل شيء رائع جداً إلى الآن. ولكن، لم يستمر الموقف مع الأسف. فقد عوَّل هذا الوضع “المثالي” على بقاء جيفري راضياً عن حاله، لكنه لم يبقَ راضياً. ففي ظل نجاحه في إجراء عمليات تغيير أماكن السلع والبضائع ومراجعتها، زادت ثقته بنفسه، وبعد مرور ستة أشهر أراد الانتقال إلى الإدارة. لكن ميشيل لم تُصَب بالإحباط بسبب طلبه هذا، وإنما شعرت بالحيرة. فقد شهدت تطور جيفري عن كثب، وقررت بالفعل أنه ربما أبلى بلاء حسناً كمدير، ولو أنه لن يكون مديراً متعاطفاً تحديداً. فضلاً عن ذلك، شأنها شأن أي لاعب شطرنج، كانت ميشيل تفكر في خطوتيْن مقبلتيْن مقدماً.

في ممر مستحضرات التجميل، تعمل موظفة تُدعى جينوا. ورأت ميشيل أنها تمثل تهديداً مزدوجاً نوعاً ما. فلم تكن جينوا بارعة فقط في إشعار الزبائن بالراحة والطمأنينة – حيث لم تكن تنسَ أسمائهم وكانت تطرح الأسئلة الصحيحة وتُجيد الترحيب بالزبائن وعلى الرغم من ذلك كانت محترفة في ردودها على الهاتف – وإنما كانت أيضاً مولعة بالتأنق والتنظيم بشكل مَرَضيّ. كانت منتجات قسم المستحضرات التجميلية مواجِهَة للزبائن بشكل مثالي، وظل كل منتج متراصاً على النحو السليم، وكل شيء مرتباً على النحو ذاته. وكان ممرها مُغرياً حتى أنه يُشعرك بالرغبة في أن تمد يديك وتمس السلع.

ولاستثمار الموهبتيْن واستيعاب رغبة جيفري في الترقي، بدّلَت ميشيل الأدوار داخل المتجر مرة أخرى. فقسمت مهمة إعادة تغيير أماكن السلع والبضائع والمراجعة الخاصة بجيفري قسمين، وكلفت جينوا بالقسم الخاص بـ “المراجعة” بحيث يستفيد المتجر بأسره من قدرتها على ترتيب السلع بشكل مُغو للناظرين. غير أن ميشيل لم تُرد أن تحرم المتجر من موهبة جينوا في ميدان خدمة العملاء، وبالتالي فقد طلبت إليها التركيز على مهمة المراجعة بين الساعة الثامنة والنصف والحادية عشرة والنصف صباحاً، وبعدها عندما يبدأ المتجر يعج بالزبائن أثناء استراحات الغداء، ينبغي على جينوا أن تحول قِبلتها إلى الزبائن.

وأبقت ميشيل وظيفة إعادة تغيير أماكن السلع والبضائع مع جيفري. لا يُكلَّف المدراء المساعدون عادة بمسؤولية مستمرة في المتجر، لكن جيفري كان بارعاً جداً وسريعاً جداً الآن، بحسب حجة ميشيل، في تفكيك ممر كامل وإعادة بناءه حتى أنه باستطاعته إنجاز عملية كبرى لإعادة تغيير أماكن السلع والبضائع بسهولة في غضون خمس ساعات، وبالتالي ففي إمكانه التعامل مع عمليات إعادة تغيير أماكن السلع والبضائع فضلاً عن مسؤولياته الإدارية.

بحلول الوقت الذي تطالع فيه هذه المقالة عزيزي القارئ، من الأرجح أن وضع جيفري وجينوا قد تجاوز المنفعة المنشودة له، والأرجح أن ميشيل مضت قدماً في تصميم أوضاع أخرى فعالة ومبتكرة. إن القدرة على مواصلة تعديل الأدوار بغية استثمار تفرد كل شخص هو جوهر الإدارة العظيمة.

يمكن أن يتباين نهج المدير في استغلال أوجه الاختلاف تبايناً كبيراً من مكان إلى آخر. إذا دلفت إلى مكتب الدعم الإداري لفرع آخر من فروع متجر وولغرينز الكائن في مدينة سان خوسيه، كاليفورنيا، الذي يديره جيم كاواشيما، فلن تجد جدول عمل واحد قط. وإنما ستجد الجدران مُغطاة بأرقام وإحصاءات المبيعات، وأفضلها على الإطلاق مميز بدائرة حمراء بقلم ذي سن غليظ، وعشرات من الصور للفائزين بمسابقة المبيعات، وأغلبها لمندوبة خدمة عملاء تُدعى مانجيت.

تتفوق مانجيت على أقرانها باستمرار. وعندما سمعت بها أول مرة، كانت قد فازت تواً بإحدى مسابقات برنامج البيع الاقتراحي، حيث باعت أكبر عدد من وحدات مزيل الروائح جيليت في شهر واحد. كان المتوسط الشهري 300 وحدة، في حين أن مانجيت باعت 1,600 وحدة. وكان بوسعها بيع كل شيء، بما في ذلك الكاميرات أحادية الاستعمال ومعاجين الأسنان والبطاريات. وفازت مانجيت بالمسابقة تلو الأخرى على الرغم من أنها تعمل في مناوبة منتصف الليل من الساعة الثانية عشرة والنصف حتى الثامنة والنصف صباحاً، حيث التقت أثناء تلك المناوبة بعدد أقل بكثير من الزبائن مقارنة بأقرانها.

لم تكن مانجيت دائماً موظفة استثنائية الأداء، وإنما أمست ناجحة بشكل مذهل فقط عندما انضم جيم الذي اعتاد على إحياء المتاجر المتعثرة إلى المتجر. ما الذي فعله جيم وأحدث هذا التحول في مانجيت؟ سرعان ما رصد صفاتها المميزة الخاصة، واكتشف كيف يترجمها إلى أداء مذهل. على سبيل المثال، في الماضي كانت نانجيت رياضية في الهند، حيث مارست العدو ورفع الأثقال، ولطالما تحمست بشدة لتحدي الأداء المقاس. وعندما أجريتُ مقابلة شخصية معها، كان أول ما صرحت به أنه “يوم السبت، بِعت 343 قطعة حلوى قليلة الكربوهيدرات. ويوم الأحد، بِعت 367 قطعة. وأمس، بِعت 110. واليوم 105”. سألتها ما إذا كانت على دراية دوماً بجودة أدائها. فأجابت قائلة: “أجل، كل يوم أتفقد المخططات البيانية للسيد كيه. وحتى يوم عطلتي، أحرص على المجيء والتحقق من أرقامي”. تعشق مانجيت الفوز، وتستمتع بالتقدير العلني لجهودها. ولذلك، غطت الرسوم البيانية والأرقام جدران جيم، ودرجات مانجيت دائماً ما تُميَّز باللون الأحمر، وثمة صور تُوثِّق نجاحها. ولكان مدير آخر يطلب إلى مانجيت كبح جماح حماسها لأن تكون محط الأنظار وأن تعطي غيرها الفرصة. وجد جيم وسيلة لاستغلال حماسها.

ولكن، ماذا عن العاملين الآخرين لدى جيم؟ بدأ الموظفون الآخرون، بدلاً من الاستياء من التقدير العلني لمانجيت، يستوعبون أن جيم خصص الوقت اللازم ليدرس حالاتهم أفراداً ويقيّمهم وفقاً لمكامن قوتهم الشخصية. وأدركوا أيضاً أن نجاح مانجيت صب في نجاح المتجر ككل، ومن ثم فقد حفز نجاحها فريق العمل كله. وحقيقة الأمر أنه سرعان ما زاحمت صور موظفين آخرين من المتجر أيضاً صورة مانجيت. وبعد بضعة أشهر، صُنِّف فرع سان خوسيه رقم 1 من بين 4,000 فرع في برنامج وولغرينز للبيع الاقتراحي.

المدراء العظماء رومانسيون

لنرجع إلى ميشيل. قد يبدو تنسيقها للأدوار ملجأً أخيراً، ومحاولةً لاستغلال موظف سيئ الاستغلال الأمثل. لكنه ليس كذلك. فجيفري وجينوا ليسا موظفين متوسطي الأداء، واستثمار تفرد كل منهما أداة قوية بشكل مهول.

أولاً، يوفر تحديد الجانب الفريد لدى كل شخص واستثماره الوقت. فما من موظف، مهما بلغ من موهبة، متكامل من جميع الجوانب. كان من الممكن أن تنفق ميشيل ساعات لا حصر لها في تعليم جيفري وإقناعه بالابتسام في وجه الزبائن والتودد إليهم وتذكر أسمائهم، لكنها ربما لما كُللت جهودها سوى بنجاح محدود. لقد أمضت وقتها بشكل أفضل بكثير في ابتكار دور استغل القدرات الطبيعية لجيفري.

ثانياً، استثمار التفرد يجعل من السهل مساءلة كل شخص. فلم تغدق ميشيل الثناء على جيفري تقديراً لقدرته على تنفيذ مهام محددة. وإنما تحدته لأن يجعل هذه المقدرة ركيزة إسهامه في المتجر وأن يتحمل مسؤولية هذه القدرة ويمارسها ويصقلها.

ثالثاً، استثمار الجانب المتفرد لدى كل شخص يبني حساً قوياً بالجماعة، لأنه يخلق ضرباً من الاتكال المتبادل بين الأفراد. ويساعد ذلك الناس على تقدير مهارات بعضهم بعضاً الخاصة ومعرفة أن زملائهم في العمل يمكنهم سد أوجه القصور لديهم. خلاصة القول إن استثمار جوانب التفرد يجعل الناس بحاجة إلى بعضهم بعضاً. يفيد التعبير المأثور القديم بأن “الفردية” لا وجود لها في “الفريق”. ولكن، كما قال مايكل جوردان ذات مرة: “ربما لا وجود للفردية في الفريق، لكنها موجودة عند الفوز”.

وأخيراً، عندما تستثمر ما يتفرد به كل شخص، فإنك تخلق مستوى صحياً من الزعزعة في عالمك. إنك تبدل البنى الهرمية القائمة: إذا كان جيفري مسؤولاً عن جميع عمليات إعادة تغيير أماكن السلع والبضائع والمراجعة في المتجر، فهل من المفترض أن يحظى باحترام أكثر أم أقل مما يحظى به المدير المساعد؟ وإنك لتُبدِّل أيضاً الفرضيات الحالية عن الشخص المسموح له بأن يفعل كذا وكذا. إذا ابتكر جيفري أساليب جديدة لإعادة تغيير أماكن السلع والبضائع في أحد الممرات، فهل يتحتم عليه أن يطلب الإذن لتجربتها؟ أم باستطاعته تجربتها من تلقاء ذاته؟ وإنك لتُبدّل المعتقدات السائدة حول مكمن الخبرة الحقيقية. فإذا ابتكرت جينوا طريقة لترتيب البضاعة الجديدة تراها أكثر جاذبية من الطريقة التي يقترحها “مخطط توزيع السلع” المُرسل من المقر الرئيس لمتجر وولغرينز، فهل تفوق خبرتها المخططين في المقر الرئيس؟ إن هذه الأسئلة ستتحدى المعتقدات التقليدية لمتجر وولغرينز، ومن ثم فستساعد الشركة على أن تصبح أكثر حباً للاستطلاع وذكاءً وحيويةً، وأقدر، رغم حجمها، على التحرك بمرونة وتفادي الضربات في طريقها إلى المستقبل.

وبعد كل ما قيل، فإن سبب تركيز المدراء العظماء على التفرد لا يرجع فقط إلى أنه يتسق ومنطق العمل. وإنما يفعلون ذلك لأنهم لا يستطيعون مقاومة التفرد. إن المدراء العظماء، شأنهم شأن شيلي وكيتس شاعرا القرن التاسع عشر الرومانسيان، مفتونون بالتفرد بحد ذاته. والاختلافات الدقيقة في مستويات الشخصية، ولو أنها ربما كانت خفية على البعض ومحبطة للبعض الآخر، واضحة وضوح الشمس للمدراء العظماء ومحل تقدير وإجلال عندهم. لم يعد في وسعهم تجاهل تلك الفروق الدقيقة بقدر ما ليس بوسعهم تجاهل احتياجاتهم ورغباتهم. والتوصل إلى ما يحرك الناس ويُحفزهم يجري ببساطة في عروقهم.

إن الاختلافات الدقيقة في مستويات الشخصية، ولو أنها ربما كانت خفية على البعض ومحبطة للبعض الآخر، واضحة وضوح الشمس للمدراء العظماء ومحل تقدير وإجلال عندهم.

المحفزات الثلاث

على الرغم من أن الرومانسيين فٌتنوا بأوجه الاختلاف، يحتاج المدراء في مرحلة ما لأن يكبحوا جماح حب استطلاعهم، ويجمعوا ما يحيطون به علماً عن الموظف، ويستغلوا الخواص المميزة له. وتحقيقاً لهذا الغرض، هناك ثلاثة أشياء عليك أن تعرفها عن الشخص لتديره الإدارة السديدة: مكامن قوته والمحفزات التي تُفعِّل هذه المكامن وكيفية تعلمه.

استغل مكامن القوة الاستغلال الأمثل

يقتضي الأمر وقتاً وجهداً كي تقدر مكامن قوة شخص ما ومكامن ضعفه حق قدرها. والمدير العظيم ينفق فترة طويلة من الوقت خارج المكتب متجولاً هنا وهناك، ومراقباً انفعالات كل موظف للأحداث، ومنصتاً ومسجلاً ملاحظات غيبية حيال الأمور التي تستقطب كل شخص والأمور التي يعاني في التعاطي معها. ولا بديل عن هذا اللون من الملاحظة، ولكن بوسعك الحصول على معلومات كثيرة عن شخص ما بطرح القليل من الأسئلة البسيطة المفتوحة والإصغاء بعناية إلى الأجوبة. وثمة سؤالان تحديداً ثبت أنهما كاشفان أكثر من غيرهما متى تعلق الأمر بتحديد مكامن القوة والضعف، وإنني أوصي بطرحهما على جميع الموظفين الجدد، والرجوع إليهما بين الفينة والأخرى.

لتحديد مكامن قوة شخص ما، اسأله أولاً: “أي يوم عمل كان الأفضل بالنسبة لك خلال الأشهر الثلاث الماضية؟”. اكتشف ما كان يقوم به الشخص من عمل، والسبب في استمتاعه بعمله جداً. وتذكر أن مكمن القوة ليس شيئاً تبرع في القيام به فقط. الواقع أنه ربما كان شيئاً لست بارعاً فيه بعد. ربما كان ولعاً لديك وشيئاً تجده مرضياً بشكل فطري جداً لك لدرجة أنك تتطلع إلى القيام به مراراً وتكراراً وإجادته بمرور الوقت. سيدفع هذا السؤال موظفك إلى البدء في التفكير في اهتماماته وقدراته من هذا المنطلق.

لتحديد مكامن ضعف الشخص، اعكس السؤال لا أكثر ولا أقل: “أي يوم عمل كان الأسوأ بالنسبة لك خلال الأشهر الثلاث الماضية؟”. وبعد ذلك، ابحث عن التفاصيل المتعلقة بما يقوم به من عمل والسبب وراء استياءه منه إلى هذا الحد. إن مكمن الضعف، شأنه شأن مكمن القوة، ليس شيئاً لا تجيد القيام به وحسب (الواقع أنك ربما كنت بارعاً جداً في القيام به). وإنما هو شيء يستنفد قواك، ونشاط لم تتطلع قط إلى القيام به، وعندما تضطلع به لا يخطر ببالك شيء سوى أنك تود الإحجام عنه.

على الرغم من أنك ستظل منتبهاً لمكامن القوة والضعف على حد سواء، ينبغي أن تكون ركيزتك على مكامن قوتهم. الرأي السائد يفيد بأن الوعي بالذات أمر حسن، وأن مهمة المدير تكمن في تحديد مكامن الضعف ووضع خطة للتغلب عليها. لكن أبحاث ألبرت باندورا الأب الروحي لنظرية التعلم الاجتماعي أثبتت أن الثقة بالذات (التي يسميها أخصائيو علم النفس المعرفي “فعالية الذات”)، لا الوعي بالذات، هي أقوى مؤشر مُنبئ بقدرة المرء على وضع أهداف سامية والمثابرة في مواجهة التحديات والتعافي من النكسات متى ألمت به، وأخيراً تحقيق الأهداف التي يضعها. وفي المقابل، لم يثبت أن الوعي بالذات مؤشر مُنبئ بأي من هذه النتائج، وبدا في بعض الحالات أنه يعرقل تحقيقها.

يبدو أن المدراء العظماء يدركون ذلك بفطرتهم. فهم يعلمون أن مهمتهم لا تختص بتسليح كل موظف بفهم دقيق بلا تحيز لقيود مكامن قوتهم وأثقال مكامن ضعفهم، وإنما مهمتهم تنحصر في تعزيز ثقتهم بذواتهم. ولذلك ينصب تركيز المديرين العظماء على مكامن القوة. عندما تُكلَّل جهود شخص ما بالنجاح، لا يشيد المدير العظيم بكده في العمل. وحتى لو كان هناك شيء من المبالغة في قوله، فإنه يصرح له بأنه نجح لأنه أصبح بارعاً جداً في تعميم مكامن قوته المحددة. يعلم المدير أن هذا هو ما سيعزز ثقة الموظف بذاته، ويجعله أكثر تفاؤلاً ومرونة في مواجهة التحديات المقبلة.

إن نهج التركيز على مكامن القوة قد يخلق لدى الموظف قدراً يسيراً من الإفراط في الثقة بالنفس، لكن المدراء العظماء يخففون من وطأة هذا الأثر بالتأكيد على حجم أهداف الموظف ومدى صعوبتها. إنهم يعلمون أن غايتهم الأساسية هي خلق حالة ذهنية معينة لدى كل موظف؛ حالة تشتمل على تقييم واقعي لصعوبة العقبة المقبلة، ولكن على أن يلازمه اعتقاد متفائل بشكل غير واقعي بقدرته على التغلب عليها.

وماذا لو أخفق الموظف؟ على فرض أن الإخفاق لا يمكن أن يُنسب إلى عوامل خارجة عن سيطرته، فسر الفشل دوماً على أنه قصور في الجهد، حتى لو كان ذلك صحيحاً نوعاً ما. سيطمس ذلك عدم ثقته بنفسه وسيكفل له شيئاً يجتهد فيه بينما يتصدى للتحدي المقبل.

وبالطبع، قد يشير الإخفاق المتكرر إلى مكمن ضعف في الوقت الذي يتطلب فيه دور ما مكمن قوة. في مثل هذه الحالات، ثمة أربعة سبل للتغلب على مكامن الضعف. إذا كانت المشكلة ترقى إلى قصور في مهارة أو معرفة، فمن السهل حلها: ببساطة، قَدم التدريب ذي الصلة للموظف، وأتح الوقت اللازم للموظف لدمج المهارات الجديدة، وابحث عن مؤشرات التحسن. وإذا لم يتحسن أداؤه، فستعلم أن السبب في معاناته يرجع إلى افتقاره لمواهب محددة، وهو القصور الذي من المستبعد أن يصلحه أي تدريب على المهارات أو تلقين للمعارف. سيتعين عليك التوصل إلى طريقة لإدارة مكمن الضعف هذا بالتحايل عليه وتحييده.

ويسوقنا ذلك إلى الاستراتيجية الثانية للتغلب على مكمن ضعف الموظف. أيمكنك أن تجد له شريكاً يتحلى بمواهب قوية في الجوانب التي يفتقر فيها هو إلى الموهبة؟ إليك النحو الذي يمكن أن تبدو عليه هذه الاستراتيجية على أرض الواقع. اكتشفت جودي لانجلي من موقعها نائبة للرئيس لشؤون تسويق السلع في شركة آن تايلور لبيع الملابس النسائية أن أجواء التوتر تتصاعد بينها وبين واحدة من مديري تسويق السلع تُدعى كلاوديا (وهذا ليس اسمها الحقيقي). وتتسم كلاوديا بأن عقليتها التحليلية وطبيعتها القوية خلقت لديها “حاجة قاهرة للعلم والمعرفة”. إذا علمت كلاوديا شيئاً قبل أن يتسنى لجودي أن تراجعه معها، فكانت تصاب بخيبة أمل شديدة. وبالنظر إلى سرعة اتخاذ القرارات وجدول أعمال جودي المُزدحم، كثيراً ما كان هذا يحدث. وساور جودي القلق من أن يهدم استياء كلاوديا فريق المنتجات بأسره، ناهيك عن سمعة الموظف الساخط التي ستلتصق بها.

ربما حدد المدير العادي هذا السلوك على أنه مكمن ضعف، وألقى محاضرة على مسامع كلاوديا حول كيفية إحكام السيطرة على حاجتها للمعلومات. غير أن جودي أدركت أن “مكمن الضعف” هذا جانب من أعظم مكامن قوة كلاوديا: ألا وهو عقليتها التحليلية. لم تكن كلاوديا لتستطيع كبح جماح رغبتها هذه قط، على الأقل لا لفترة طويلة. وبالتالي، نقبت جودي عن استراتيجية تحترم حاجة كلاوديا للمعرفة وتدعمها، على أن تُوَجّهها في الوقت نفسه بشكل أكثر نفعاً. قررت جودي أن تؤدي دور شريكة كلاوديا المعلوماتية، وألزمت نفسها بإرسال رسالة صوتية لها نهاية كل يوم بتحديث موجز للأحداث. ولضمان أن شيئاً لم يفوتهما، أجريتا حوارين حيين أسبوعياً لتجاذب أطراف الحديث. ارتقى هذا الحل لتوقعات كلاوديا، وطمأنها على أنها ستحصل على المعلومات التي هي بحاجة إليها، حتى لو لم تكن في الوقت الذي تريده، على الأقل ستحصل عليها على فترات متواترة ومتوقعة. إن منح كلاوديا شريكاً عطَّلَ التجليات السلبية لقوتها، مما سمح لها بتركيز عقلها التحليلي على عملها. (بالطبع في أغلب الحالات يقتضي الأمر أن يكون الشريك شخصاً آخر بخلاف المدير).

وإذا كانت هناك صعوبة في العثور على الشريك المثالي، فجرب هذه الاستراتيجية الثالثة: أقحم في عالم الموظف أسلوباً يساعده عن طريق الانضباط على إنجاز ما يعجز عن إنجازه بغريزته. التقيت كاتب سيناريو ومخرجاً ناجحاً جداً كان يجد صعوبة شديدة في التصريح لغيره من أبناء المهنة، كالمؤلفين الموسيقيين ومخرجي التصوير، بأن عملهم لا يرقى للمستوى المنشود. وبالتالي، ابتكر خدعة ذهنية: إنه يتخيل الآن ما يريده “عمالقة الفن”، ويستخدم هذا التصور الخيالي كمصدر للقوة. وفي مخيلته، لم يعد يفرض رأيه على زملاءه، وإنما يُحدِّث نفسه (ويحدثهم) بأن ثمة طرف ثالث موثوق أدلى بدلوه.

إذا لم يتمخض التدريب عن أي تحسن، وإذا ثبت أن الشراكة التكميلية غير عملية، وإذا تعذر العثور على أسلوب انضباطي رائع، فسيتعين عليك تجربة الاستراتيجية الرابعة والأخيرة، وتنص على إعادة ترتيب عالم أعمال الموظف بغية تحييد مكمن ضعفه، كما فعلت ميشيل ميلر مع جيفري. تتطلب هذه الاستراتيجية منك أولاً الإبداع الضروري لتخيل وضع فعال، وثانياً الشجاعة التي تعينك على جعل ذاك الوضع ناجحاً. لكن المردود الذي يمكن أن يتجلى على هيئة إنتاجية ومشاركة أفضل للموظف، كما تجلى استناداً إلى خبرة ميشيل، يستحق العناء.

شجع على الأداء الجيد

إن مكامن قوة المرء ليست ظاهرة دوماً للعيان. فأحياناً ما تتطلب تحفيزاً دقيقاً لإشعال فتيلها. إذا ضغطت على الزناد الصحيح، فسيبذل الشخص المعني جهداً أكبر ويثابر في مواجهة المعوقات. أما إذا ضغطت على الزناد الخاطئ، فربما عطلته بالكامل. يمكن أن تكون هذه العملية شاقة لأن المحفزات تتخذ أشكالاً متعددة وغامضة. وقد يرتبط محفز الموظف بوقت ما خلال اليوم (لعله عاشق لليل ويطيل السهر، ومكامن قوته تتجلى بعد الثالثة صباحاً). وقد يتعلق محفز موظف آخر بالوقت الذي يمضيه معك أنت رئيسه في العمل (ولو أنه عمل معك لأكثر من خمس سنوات، فهو ما برح بحاجة إليك لتتفقد أخباره كل يوم، وإلا لشعر بالتجاهل). وقد يكون محفز موظف ثالث النقيض تماماً – وأعني الاستقلال (فهو لم يعمل لديك سوى لستة أشهر فقط، ولكن إذا تفقدت أمره ولو مرة واحدة في الأسبوع، لشعر أنك تدير أدق تفاصيل عمله).

إن أقوى محفز على الإطلاق هو التقدير لا المال. إذا لم تكن مقتنعاً بذلك، فابدأ في تجاهل أحد أعلى موظفيك راتباً، وراقب ما سيحدث. السواد الأعظم من المدراء على دراية بأن الموظفين يستجيبون بشكل إيجابي للتقدير والاعتراف بجهودهم. ويصقل المدراء العظماء هذه الرؤية الثاقبة ويوسعون نطاقها. إنهم يدركون أن كل موظف لديه جمهور مختلف يخاطبه. ولتتفوق كمدير، عليك أن تكون قادراً على المواءمة بين الموظف والجمهور الذي يكن له أعظم تقدير. وقد يكون جمهور الموظف أقرانه. في هذه الحالة، أفضل طريقة للإشادة به هي الاحتفاء بإنجازاته وسط زملاءه علناً. وقد تكون أنت شخصياً الجمهور المفضل لموظف آخر. وفي هذه الحالة، أفضل تقدير له على الإطلاق حوار وجهاً لوجه معك تصرح له فيه بهدوء ولكن بوضوح بالسبب الذي يجعله عضواً قَيِّماً في الفريق. ومع ذلك، قد يحدد موظف آخر نفسه بخبرته، فيكون أفضل أشكال تقديره مطلقاً لون من الجوائز المهنية أو الفنية. ولكن، ربما أقام آخر وزناً لتقويم الأداء فقط من الزبائن، وفي هذه الحالة يكون الشكل الأمثل للتقدير والعرفان صورة تُلتقط له برفقة أفضل زبون لديه.

نظراً لمدى الاهتمام الشخصي الذي يقتضيه الأمر، فإن صياغة الثناء بحيث تتماشى مع الشخص المعني غالباً ما تكون مسؤولية المدير. لكن المؤسسات تتأسى بذلك أيضاً. فما من سبب يمنع أي شركة كبرى من تبني هذا النهج الفردي تجاه التقدير والعرفان وتطبيقه على كل موظف لديها. من بين جميع الشركات التي صادفتها، أبلى فرع بنك آتش إس بي سي، ومقره الرئيسي لندن، في أميركا الشمالية البلاء الأحسن في هذا الصدد. ففي كل عام، يقدم البنك جوائز الأحلام لأبرز مقرضي العملاء على الإطلاق. وكل فائز يتلقى جائزة فريدة من نوعها. وخلال العام، يطلب المدراء إلى موظفيهم تحديد الجائزة التي يريدون استلامها حال فوزهم. وتُقدر قيمة الجائزة بـ 10,000 دولار بحد أقصى، ولا يجوز استرداد قيمتها نقداً. ولكن بخلاف هذين القيديْن، لكل موظف حرية اختيار الجائزة التي يريدها. في نهاية العام، تُقيِم الشركة احتفالية كبرى لجوائز الأحلام، وخلالها تعرض مقطعاً مرئياً للموظف الفائز والسبب وراء اختياره لجائزته المحددة.

يمكنك أن تتخيل أثر هذه الجوائز المخصصة على موظفي بنك آتش إس بي سي. فإنه لشيء أن تُستدعى إلى المنصة وتُعطى لوحاً تذكارياً، وإنه لأمر آخر تماماً أن تتلقى، فضلاً عن الاعتراف بأدائك علناً، تمويلاً للرسوم الدراسية الجامعية لابنك أو دراجة بخارية طراز هارلي ديفيدسون التي طالما حلمت بها أو – الجائزة التي يتحدث عنها الجميع بالشركة – تذاكر الطيران لك ولأسرتك التي ترجع بك إلى المكسيك لزيارة جدتك التي لم تقع عيناك عليها منذ سنوات.

صمم بما يتناسب مع أساليب التعلم

على الرغم من أنّ هناك العديد من أساليب التعلم، فالاستعراض الدقيق لنظرية تعَلم البالغين تكشف عن أن هناك ثلاثة أساليب سائدة. وهذه الأساليب لا يستثني بعضها بعضاً؛ فقد يعتمد موظفون محددون على مزيج من أسلوبين أو ربما على الثلاثة معاً. ومع ذلك، فالانتباه إلى أسلوب أو أساليب كل موظف على حدة سيساعد على تركيز تدريبك.

أولاً، لدينا عملية التحليل. كلاوديا من شركة آن تايلور محللة. فهي تستوعب المهمة التي بين يديها بتفكيكها وفحص عناصرها ثم إعادة بناءها عنصراً تلو الآخر. ولأن كل مكون من مكونات المهمة مهم في نظرها، فهي تتوق إلى المعلومات. إنها بحاجة إلى استيعاب جميع المعلومات المتاحة عن موضوع ما قبل أن يبدأ الشعور بالطمأنينة يغمرها. وإذا لم تشعر بأن لديها ما يكفي من المعلومات، فستمارس ضغوطاً حتى تحصل عليها. ستطالع مواد القراءة المُكلفة بها، وستحضر الحلقات الدراسية المطلوبة، وستدون ملاحظات سديدة وستدرس الموقف، ورغم ذلك ستكون لديها رغبة في تحصيل المزيد.

إن الطريقة المثلى لتعليم المحلل تكمن في منحه متسعاً من الوقت في الحلقة الدراسية. مارس تمرين لعب الأدوار وتمارين التشريح التالي للحدث. وقسّم أداءها إلى مكونات منفصلة بحيث تستطيع هي أن تُعيد إعادة بناءها بعناية. وأعطها دوماً فسحة من الوقت للإعداد. إن المحلل يكره الأخطاء. وثمة رأي شائع مفاده بأن الأخطاء تحفز التعلم، غير أن هذا لا ينطبق على المحلل. والواقع أن السبب وراء إعدادها وتجهيزها بكد واجتهاد هو حرصها على الحد من احتمالات وقوع أخطاء. وبالتالي، لا تتوقعنَّ أن تعلمها الكثير بالزج بها في موقف ومطالبتها بالارتجال.

والعكس صحيح بالنسبة لأسلوب التعلم السائد الثاني، ألا وهو “الفعل”. على الرغم من أن أقوى لحظات التعلم على الإطلاق بالنسبة للمحلل تنحصر فيما قبل الأداء، نجد أن أقوى لحظات التعلم بالنسبة للفاعل تأتي أثناء الأداء. والتجربة والخطأ جزء لا يتجزأ من عملية التعلم. فجيفري الذي يعمل في متجر ميشيل ميلر شخص فاعل. فهو يُحصِّل أكبر قدر من العلم أثناء اكتشاف الأمور من حوله بنفسه. والإعداد بالنسبة له نشاط جامد لا إلهام فيه. وبالتالي، بدلاً من ممارسة تمرين لعب الأدوار مع شخص كجيفري، اختر مهمة محددة بسيطة ولكن واقعية في سياق دوره، وأعطه نظرة عامة وموجزة عن النتائج التي تنشدها، واتركه وشأنه. وبعد ذلك، زد تدريجياً من درجة تعقيد كل مهمة حتى يتقن كل جانب من جوانب دوره. قد يقترف القليل من الأخطاء في تلك الأثناء، غير أن الأخطاء بالنسبة للشخص الفاعل هي المادة الخام للتعلم.

وأخيراً، لدينا المراقبة. فالمراقبون لن يتعلموا الكثير من طريق لعب الأدوار. ولم يتعلموا بالفعل أيضاً. بما إن غالبية برامج التعلم الرسمية تدمج هذه العناصر معاً، غالباً ما يُنظر إلى المراقبين على أنهم تلامذة فاشلون نوعاً ما. قد يكون ذلك صحيحاً، لكنهم ليسوا متعلمين فشلة بضرورة الحال.

يستطيع المراقبون تعلم الكثير عندما يُعطوا فرصة مراقبة الأداء الكلي. فدراسة الأجزاء الفردية لمهمة ما لا يقل مغزى بالنسبة لهم عن دراسة البكسلات الفردية لصورة فوتوغرافية رقمية. والمهم لهذا اللون من المتعلمين هو محتوى كل بكسل وموقعه بالنسبة لغيره من البكسلات كلها. والمراقبون بوسعهم أن يروا ذلك عندما يعاينون الصورة الكاملة.

ومن قبيل المصادفة أن هذا هو أسلوبي المفضل في التعلم. منذ سنوات، عندما شرعت في إجراء مقابلات شخصية، وجدت صعوبة ومشقة في تعلم مهارة وضع تقرير عن الشخص الذي التقي به بعد مقابلته. كنت أعي جميع الخطوات الضرورية، ولكن يبدو أنني لم أستطع أن أؤلف بينها. وبعض زملائي كان بوسعهم وضع تقرير في غضون ساعة واحدة. بالنسبة لي، كان التقرير يستغرق القسم الأكبر من اليوم. ظُهْر يوم من الأيام، بينما كنت مكتئباً شارداً في جهاز التسجيل الإملائي الخاص بي، تناهى إلى مسامعي صوت المُحلل في الغرفة المجاورة لي. كان يتكلم بوتيرة سريعة جداً لدرجة أنني حسبته يتحدث على الهاتف. ولم أدرك أنه يُملي تقريراً سوى بعدها ببضع دقائق. كانت هذه المرة الأولى التي أسمع فيها أحدهم “وهو يعمل”. سبق أن طالعت النتائج النهائية مرات لا حصر لها، حيث كانت مطالعة تقارير الآخرين هي الطريقة التي من المفترض أن نتعلم من خلالها، لكنني لم أسمع محللاً آخر فعلاً قط وهو منهمك في مرحلة وضع التقرير. كان الأمر بمثابة كشف لي. أخيراً أدركت كيف ينبغي أن تتآلف الأجزاء كلها لتشكل كياناً متجانساً. أذكر أنني أمسكت بجهاز التسجيل الإملائي الخاص بي، وحاكيت إيقاع جاري بل حتى لكنته، وشعرت بالكلمات تتدفق من بين شفتيْ.

إذا كنت تحاول أن تعلّم المراقب، فإن الأسلوب الأكثر فعالية إلى حد بعيد هو أن تُخرجه من الحلقة الدراسية. ابعده عن كتيبات التعليمات، واجعله يراقب أحد أكثر موظفيك خبرة عن كثب.

رأينا في قصص المدراء العظماء أمثال ميشيل ميلر وجودي لانجلي أن تقدير التفرد هو أبرز مكون يضمن لهم النجاح. وهذا لا يعني أن المدراء ليسوا بحاجة إلى مهارات أخرى. إنهم بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على إتقان اختيار الموظفين الجدد وتحديد توقعاتهم والتفاعل بشكل مثمر مع مدرائهم، على سبيل المثال لا الحصر. لكن ما يفعلونه بشكل بديهي هو لعب الشطرنج. يفترض المدراء التقليديون (أو يعقدون الآمال على) أن الأشياء نفسها ستحفز موظفيهم، وأن الأهداف عينها تُحرَّكهم جميعاً، وأنهم سيرغبون في أنواع العلاقات ذاتها وسيتعلمون بالطريقة نفسها تقريباً. إنهم يحددون السلوكيات التي يتوقعونها من الموظفين، ويملون عليهم العمل على السلوكيات التي لا يتحلون بها بفطرتهم. ويثنون على أولئك الذين بوسعهم التغلب على أساليبهم الطبيعية للامتثال لأفكار مُحددة مسبقاً. خلاصة القول إنهم يؤمنون بأن وظيفة المدير هي تشكيل أو تحويل كل موظف إلى النسخة المثالية للدور الذي يؤديه.

المدراء العظماء لا يحاولون تغيير أسلوب الشخص. ولا يحاولون أبداً إجبار حصان الشطرنج على أن يتصرف كما الفيل قط. إنهم يعلمون أن موظفيهم سيختلفون في طريقة تفكيرهم وكيفية إقامتهم للعلاقات ومدى تحليهم بالإيثار والصبر والجلد، وقدر الخبرة التي ينشدون تحصيلها، ومدى الجاهزية التي هم بحاجة للشعور بها، وما يحركهم ويحفزهم ويمثل تحدياً بالنسبة لهم، وماهية أهدافهم وغاياتهم. وأوجه الاختلاف هذه في السمات والمواهب هي أشبه بفصائل الدم: وتتخلل تلك الاختلافات التنويعات السطحية للعرق والجنس والعُمر، وترصد التفرد الجوهري لكل فرد.

أوجه الاختلاف هذه في السمات والمواهب هي أشبه بفصائل الدم: وتتخلل تلك الاختلافات التنويعات السطحية للعرق والجنس والعُمر، وترصد التفرد الجوهري لكل فرد.

وشأنها شأن فصائل الدم، غالبية هذه الاختلافات راسخة وعصية على التغيير. إن المورد الأغلى على الإطلاق للمدير هو الزمن، والمدراء العظماء يعرفون أن أكثر السبل فعالية لاستثمار وقتهم تتمثل في تحديد مدى اختلاف كل موظف بالضبط عن الآخرين، ثم التوصل إلى الطريقة المثلى لدمج تلك الخصائص المميزة الراسخة في الخطة الكلية.

ولتتفوق في إدارة الآخرين، لا بد أن تستغل هذه الرؤية الثاقبة في أفعالك وتفاعلاتك. وتذكر دائماً وأبداً أن الإدارة العظيمة تتعلق في جوهرها بإطلاق العنان لا بالتحويل. إنها تتعلق بضبط بيئتك على الدوام بحيث يتسنى إفساح المجال لذاك الإسهام الفريد والاحتياجات المتفردة والأسلوب المتفرد لكل موظف. وسيعول نجاحك كمدير بالكامل تقريباً على قدرتك على أن تفعل ذلك.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

Content is protected !!