هل يغير المناخ المدمر الذي نراه اليوم الشركات كما فعل إعصار كاترينا؟

4 دقائق
تأثير المناخ على الشركات
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قبل 12 عاماً، اجتاح إعصار كاترينا مدينة “نيو أورليانز”. وقبل 11 عاماً، أطلقت شركة “وول مارت” (Walmart) مبادرة الاستدامة لمعرفة تأثير المناخ على الشركات والتي أثرت بشكل عميق على طريقة سير الأعمال من ذلك الحين. ولم يكن الأمر صدفةً.

فقد ارتبكت الحكومة خلال الإعصار وبعده مباشرة، على جميع الأصعدة، بسبب الاحتياجات الاقتصادية والإنسانية. ولم تستطع توفير خدمات أساسية كالماء. لكن الشركات الكبرى تمكنت من المضي قدماً بفضل خبراتها اللوجستية ومواردها الواسعة. واكتشفت شركة “وول مارت”، في ذلك الوقت، قدراتها الحقيقية.

اقرأ أيضاً: الشباب يتولون زمام قضية التغيّر المناخي وعلى الشركات توخي الحذر

فبدأت عملاقة البيع بالتجزئة “وول مارت” تحولاً مهماً في نهج إدارة أعمالها التجارية مع ظهور الرئيس التنفيذي حينها، لي سكوت، والذي عبر عن ذلك كتابةً في بيانه المعنون بـ “قيادة القرن الواحد والعشرين”. إذ اكتشف سكوت أن على الشركة أن تلعب دوراً في المجتمع أكبر من مجرد الاقتصار على تسليم منتجات منخفضة التكلفة يومياً، وتوفير الوظائف. وبالفعل، خلال العقد التالي، وفرت “وول مارت” مليارات الدولارات من خلال تخفيض كبير في استهلاك الطاقة، ومضاعفة كفاءة طاقمها، لتصبح أحد أكبر المشترين من القطاع الخاص للطاقات المتجددة في العالم. والأهم من ذلك أن شركة “وول مارت” أجبرت الموردين على تحسين أدائهم البيئي.

وقد يناقش الكثيرون مدى نجاح شركة “وول مارت” في ذلك، أو إن كانت أرباحها البيئية قد تقلصت بسبب الطريقة التي دبرت بها جوانب أخرى من مسألة استدامة الأعمال التجارية على المدى البعيد، مثل العمالة والأجور. لكن في الوقت ذاته، لا يمكن إنكار تأثير “وول مارت” على شركات أخرى، وكذلك على النقاش العام حول دور الشركات في المجتمع. فلقد خلقت هذه الشركة العملاقة موجة من المبادرات المماثلة.

تأثير المناخ على الشركات

إن العواصف حول العالم اليوم – من إعصاري هارفي وإيرما إلى الرياح الموسمية المدمرة في مومباي – تعتبر أكبر وأكثر تدميراً وأخطر حتى من إعصار كاترينا. لقد أصبحت تلك الفوضى المناخية فوق رؤوسنا. فهل ستغير وجه الشركات مرة أخرى؟

بالنسبة للشركات الذكية، فالإجابة هي “نعم، وفوراً”. إذ ستطرح هذه الشركات أسئلة متعددة، على نحو فضفاض، كما هو وارد أدناه، أو ستتوسع في العمل الذي بدأته سلفاً.

  • ارتفاع منسوب مياه البحار والطقس القاسي (الأصول والعمليات):

هل نمتلك – أو يمتلك موردونا أو زبائننا الأساسيون – أصولاً مهمة في مناطق منخفضة حول العالم؟ ما حجم المخاطر التشغيلية والمالية التي نواجهها خلال سلسلة القيمة الخاصة بنا بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر والعواصف العملاقة أو بسبب الجفاف أو مشكلات جودة المياه؟

  • انتظارات متزايدة:

ما الذي ينتظره منا أصحاب المصلحة الرئيسيون – الموظفون، الزبائن، المجتمعات، وحتى المستثمرون – فيما يتعلق بالعمل على قضية التغير المناخي؟

  • شمس ساطعة:

هل تعتبر أهدافنا لتخفيض انبعاثات غاز الكربون أو استخدام الطاقات المتجددة مؤثرة بما يكفي؟ هل تتطابق هذه الأهداف مع النظريات العلمية التي أصبحت أكثر صرامة فيما يخص كمية الغازات التي يجوز للعالم إصدارها؟

  • تغيير الحقائق السياسية حول تأثير المناخ على الشركات:

هل نحن بصدد اتخاذ موقف عام والتأثير على السياسات (في الولايات المتحدة وخارجها) للحفاظ على توجه العالم نحو العمل على قضية المناخ؟ إذ لم يعد عدم المشاركة في ذلك خياراً ممكناً. فعلى سبيل المثال، ضغطت العديد من الشركات الكبرى على الرئيس ترامب لإبقاء الولايات المتحدة ضمن اتفاق باريس للمناخ، ونشرت لأجل ذلك إعلاناً على صفحة كاملة بصحيفة “وول ستريت جورنال” (Wall Street Joural)، ثم بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، أعلنت مئات الشركات في بيان لها أنها لا تزال ملتزمة بالاتفاق.

  • تقديم المساعدة:

ما الذي تستطيع شركتنا فعله للمساعدة في مثل هذه الظروف الصعبة؟ هل لدينا خبرة خاصة في الخدمات اللوجستية أم أننا نستطيع تحويل بعض المنتجات والعمليات مؤقتاً؟ لاحظوا كيف قامت شركة “أنهايزر بوش” (Anheuser-Busch) بتحويل الإنتاج إلى منشأة بجورجيا من أجل تعبئة مياه الشرب في عبوات تحسباً لحالات الطوارئ كالتي تسبب فيها إعصار هارفي. إن لدى الشركات الحجم الكافي لتقديم المساعدة في الظروف الصعبة مثلما اكتشفت ذلك شركة “وول مارت” (Walmart) قبل 12 عاماً مضت.

اقرأ أيضاً: إلزام الشركات بكشف المخاطر المتصلة بالمناخ يعود بالفائدة على الجميع

  • إيرادات متزايدة:

كيف يمكن أن تستفيد شركتنا؟ هذا سؤال مقبول – إذ ليس المقصود منه استغلال أوضاع مريعة لتحقيق الامتيازات. فنحن في حاجة إلى أن تساعد الشركات في الاستعداد للظروف الصعبة، والمساهمة في التعافي بعد هذه الظروف. على سبيل المثال، يعتبر إعادة التأهيل مباشرة بعد الكارثة أمراً مهماً، وستتزايد مبيعات الأثاث والسيارات وغيرها من الاحتياجات. وعلى مدى أبعد يمكن لقطاع البناء أن يعمل بشكل جيد مثله مثل مزودي خدمات الطوارئ ومصادر الطاقة المحمولة. وهناك أيضاً فرص رائعة لإعادة بناء مجتمعات أذكى وأكثر مرونة واستدامة. وتستطيع الحكومات والشركات الاستثمار فيما يسمى البنية التحتية الخضراء مثل المناطق الطبيعية الرطبة للحد من العواصف (بدلاً من البنية التحتية التقليدية “الرمادية” كالسدود والحواجز المائية)، وفي المزيد من الطرق والأسطح الإسفنجية للتحكم في الفيضانات.

خلاصة القول هي إن التغير المناخي لم يعد مجرد نقاش نظري بعد الآن. وإنما هو واقع، وتأثيره على مجال الأعمال مرئي وحقيقي للغاية. وهذا واضح ولا غبار عليه، لكننا نحتاج إلى التأكيد على أن: المدن والمناطق الواقعة تحت المياه، أو المدمَرة، أو تلك التي تم إجلاء سكانها وإنقاذهم لا تساعد في خلق اقتصاد سليم.

اقرأ أيضاً: أهمية تضمين ممارسات حشد التأييد في إجراءات الشركات بشأن التغير المناخي

وإذا لم نر التحول الدرامي لكيفية تشغيل الشركات ونوعية المنتجات والخدمات التي توفرها – أو كيفية عمل الحكومات والمجتمع المدني على جميع المستويات – فإن العالم لن يبقى مستقراً بتاتاً لأي نوع من التجارة، ولا لأي باحث عن الازدهار بسبب عدم الاهتمام بموضوع تأثير المناخ على الشركات حول العالم. لقد أصبحت الأمور جادة جداً. وحان الوقت كي نرى المزيد من الشركات في هذا المضمار.

اقرأ أيضاً: هل يتعين أن نكون أكثر تفاؤلاً إزاء مكافحة التغير المناخي؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .